ميونيخ تصل إلى الحد الأقصى في قدراتها على استقبال اللاجئين وتقترب من «كارثة إنسانية»

وزير النقل الألماني يدين «الإخفاق الكامل» لـ«الأوروبي» في السيطرة على حدوده

ميونيخ تصل إلى الحد الأقصى في قدراتها على استقبال اللاجئين وتقترب من «كارثة إنسانية»
TT

ميونيخ تصل إلى الحد الأقصى في قدراتها على استقبال اللاجئين وتقترب من «كارثة إنسانية»

ميونيخ تصل إلى الحد الأقصى في قدراتها على استقبال اللاجئين وتقترب من «كارثة إنسانية»

أدان وزير النقل الالماني الكسندر دوبرينت، اليوم (الأحد)، "الاخفاق الكامل" للاتحاد الاوروبي في السيطرة على حدوده الخارجية في مواجهة تدفق اللاجئين، مطالبا بـ"اجراءات فعالة" في هذا المجال، حسب ذكره.
وقال دوبرينت في بيان له ان "من الضروري اتخاذ اجراءات فعالة لوقف تدفق" المهاجرين في مواجهة "الاخفاق الكامل للاتحاد الاوروبي" الذي "لم تعد حماية حدوده الخارجية تعمل". مضيفا ان المانيا "بلغت الحدود القصوى من قدراتها" على استقبال اللاجئين.
وتواصل تدفق المهاجرين على المانيا عبر ميونيخ (جنوب) التي اعلنت اليوم انها وصلت الى "الحد الاقصى" من طاقتها على استقبال اللاجئين؛ وذلك غداة اطلاقها نداء لطلب المساعدة لايوائهم، مؤكدة انها "لا تستطيع هي وبافاريا التصدي لهذا التحدي الكبير بمفردهما".
من جانبها، أكدت الشرطة المحلية اليوم ان المدينة وصلت الى "الحد الاقصى" من قدراتها على استقبال اللاجئين، موضحة ان 12 الفا و200 شخص وصلوا نهار أمس (السبت) وحده.
وصرح ناطق باسم قيادة شرطة ميونيخ انه "نظرا للارقام التي سجلت (السبت) من الواضح اننا بلغنا الحد الاقصى لقدراتنا" لتولي طالبي اللجوء الذين يتدفقون من البلقان عن طريق المجر ثم النمسا.
وفي المدينة التي تشكل نقطة دخول المهاجرين عن طريق البلقان، الى الاراضي الالمانية وبات عدد الواصلين يفوق طاقتها، اضطر عشرات اللاجئين للنوم في الخارج على فرش عازلة للحرارة لأنه لم يعد هناك اماكن كافية لهم، كما ذكرت محطة التلفزيون البافارية (بي ار).
واكدت المحطة على موقعها الالكتروني ان المدينة "اقتربت بشكل كبير من كارثة انسانية".
وفي المجر سجل رقم قياسي جديد أمس تمثل بوصول 4330 لاجئا الى هذا البلد الذي تحول الى رمز للتشدد في مواجهة تدفق المهاجرين، خلافا لالمانيا. وتنوي بودابست اغلاق حدودها مع صربيا اعتبارا من 15 سبتمبر (ايلول) بخطين من الاسلاك الشائكة.
وسيبحث وزراء العدل والداخلية الاوروبيون يوم غد (الاثنين) في بروكسل في اجتماع طارئ، أزمة الهجرة التي "اتخذت ابعادا غير مسبوقة"، كما ورد في بيان لحكومة لوكسمبورغ التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد.
ومن لندن الى كوبنهاغن، تظاهر عشرات الآلاف من الاوروبيين السبت دعما للاجئين، الا ان آلافا آخرين خصوصا في وارسو وبراغ نزلوا الى الشارع ايضا مطالبين بالحد من هذه الهجرة.
ففي لندن سار عشرات الآلاف وراء لافتات مثل "نعم لفتح الحدود" و"اللاجئون الى الداخل والمحافظون الى الخارج"، بينما أكد الرئيس الجديد لحزب العمال البريطاني جيريمي كوربن في كلمة امام المتظاهرين ان "هدفنا يجب ان يكون ايجاد حلول سلمية لمشاكل هذا العالم".
وفي الدنمارك التي تسعى سلطاتها الى وقف تدفق المهاجرين، سار نحو ثلاثين ألف شخص في شوارع كوبنهاغن ومئات آخرون في مدن دنماركية اخرى. وفي مدريد كان المتظاهرون الداعمون للهجرة بضعة آلاف ونحو ألف في كل من استوكهولم وهلسنكي ولشبونة.
في فرنسا كان عدد المشاركين قليلا، إذ جمعت تظاهرة نيس في جنوب البلاد نحو 700 متظاهر بينما لم تجمع تظاهرة باريس سوى مائة شخص.
وكانت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي يسميها عدد كبير من اللاجئين "ماما" منذ ان قررت فتح البلاد لاستقبالهم، طلبت من اليونان بذل مزيد من الجهود لحماية الحدود الخارجية للاتحاد الاوروبي. كما تأمل المانيا التي تتوقع استقبال 800 الف لاجئ هذه السنة، في ان يتم "بسرعة" تعزيز الحوار مع تركيا التي يمر عبرها عدد كبير من المهاجرين القادمين خصوصا من سوريا.
يذكر أن المانيا - التي تواجه تدفقا كبيرا للاجئين في السنوات السبعين الاخيرة - تشهد موجات هجرة كان معظمها مؤلما. وفي ثمانينات القرن الماضي، بدأت المانيا الاتحادية استقبال المتحدرين من المانيا القادمين من الاتحاد السوفياتي (روسيا وكازاخستان) وكذلك من رومانيا. وادى انهيار الاتحاد السوفياتي الى تسريع حركة الهجرة هذه. ومنذ 1989 وصل حوالى ثلاثة ملايين من هؤلاء "العائدين" الى المانيا. كما كانت البلاد الوجهة الاولى للاجئين الهاربين من حروب يوغوسلافيا. وفي 1992 وحدها وصل اكثر من 400 الف طالب لجوء. وحتى تلك السنة كان هذا الرقم قياسيا.
ولم يتوقف النزوح من البلقان يوما وان كانت فرص حصول مواطني هذه البلدان على وضع لاجء شبه معدومة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.