السيستاني لخاطفي العمال الأتراك: عملكم غير أخلاقي ونطالب بإطلاقهم

الصدر يعرض التعاون مع الحكومة لإنهاء ملف من وصفهم بـ«الأسرى»

لقطة من فيديو نشره خاطفو العمال الأتراك لرهائنهم أول من أمس (أ.ب)
لقطة من فيديو نشره خاطفو العمال الأتراك لرهائنهم أول من أمس (أ.ب)
TT

السيستاني لخاطفي العمال الأتراك: عملكم غير أخلاقي ونطالب بإطلاقهم

لقطة من فيديو نشره خاطفو العمال الأتراك لرهائنهم أول من أمس (أ.ب)
لقطة من فيديو نشره خاطفو العمال الأتراك لرهائنهم أول من أمس (أ.ب)

تصاعدت وتيرة جرائم الخطف بشكل مخيف في بغداد، حيث يعاني سكان العاصمة العراقية من انتشار عصابات الخطف التي طالما تطالب بفدية لقاء إطلاق سراح المخطوفين من أبناء العائلات الميسورة، وشهدت المدينة خلال الأيام القليلة الماضية نشاطًا لعصابات أخرى أقوى نفوذًا وأوسع عملاً تمثلت باختطاف 18 عاملاً تركيًا وبعدها بأربعة أيام تم اختطاف وكيل وزارة العدل العراقية.
وطالب المرجع الشيعي الأعلى في النجف، علي السيستاني، أمس الميليشيا المسلحة التي تطلق على نفسها «فرق الموت» التي تبنت أول من أمس خطف العمال الأتراك بإطلاق سراحهم والكف عن هذه الممارسات. وقال مصدر مسؤول بمكتب المرجع: «إننا إذ نؤكد على أن التعرض لأولئك الأبرياء الذين لا دور لهم في أحداث المنطقة ومآسيها عمل غير أخلاقي وعلى خلاف الضوابط الشرعية والقانونية وهو مدان ومستنكر جدًا، نطالب بإطلاق سراح المختطفين والكف عن هذه الممارسات التي تسيء إلى صورة الدين الإسلامي الحنيف (..) وتؤدي إلى إسقاط هيبة الدولة وإضعاف الحكومة المنتخبة». ودعا المصدر الحكومة العراقية والقوى السياسية إلى «مساندة القوى الأمنية والعمل ما بوسعها لوضع حدّ لجميع الممارسات الخارجة عن القانون التي تخل بالأمن والاستقرار في البلد».
وأعلنت مجموعة تطلق على نفسها «فرق الموت» أول من أمس مسؤوليتها عن اختطاف العمال الأتراك من موقع مشروع بناء في مدينة الصدر ببغداد. وطالبت المجموعة في شريط فيديو بث على مواقع التواصل الاجتماعي، تركيا بتنفيذ عدة مطالب للإفراج عن المختطفين. وأظهر شريط فيديو نشر في مواقع التواصل الاجتماعي خمسة رجال ملثمين والعمال الأتراك يجلسون على الأرض، حيث يطالب أحد العمال باللغة التركية من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بتلبية مطالب المجموعة المسلحة العراقية.
وعرض الشريط عددًا من مطالب المجموعة المسلحة، منها «إيقاف تدفق المسلحين من تركيا إلى العراق، وفك الحصار الذي يفرضه مقاتلون معارضون، بينهم إسلاميون، على قرى شيعية في شمال سوريا، وإيقاف سرقة النفط عبر إقليم كردستان».
من جانبه، اعتبر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، اختطاف العمال الأتراك «جريمة نكراء»، وفيما طالب بإطلاق سراحهم، أبدى استعداده للتعاون مع الحكومة لإنهاء ملف «الأسرى» الأتراك. وقال الصدر: «إن خطف العمال الأتراك في حد ذاته جريمة نكراء يندى لها جبين الإنسانية والإسلام». وطالب الصدر باسمه واسم محبي السلام والإسلام بـ«إطلاق سراحهم مهما كانت خلفها من دوافع سياسية أو مالية أو صراعات أخرى ومهما كان الخاطف وأيًا كان». وتابع الصدر: «إن كان هناك خلاف مع الجارة تركيا فهذا لا يعني خطف عمال أبرياء لا ذنب لهم سوى طلب قوت يومهم تحت شركات تريد إعمار البلد بصورة رسمية، وبدل أن تخطفوا الأبرياء صبوا جام غضبكم على المحتل وأذنابه أيها الجاهلون».
في سياق متصل، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي النائب حاكم الزاملي: «إن لجنته هيأت وقدمت مشروع حمل وحيازة الأسلحة لرئاسة البرلمان، الأمر الذي سيحد من امتلاك العصابات المسلحة والميليشيات لها، وسيساهم في القضاء على نشاطها في العاصمة بغداد وبقية مدن العراق».
وأضاف الزاملي: «إن عصابات الخطف طالما تكثف من حركتها قبل مواسم الأعياد والمناسبات من أجل كسب مبالغ مالية أكبر، حيث تشهد المدن حركة تجارية أوسع مما يدفع تلك العصابات إلى توسيع نشاطاتها الإجرامية». وأشار الزاملي إلى ضعف عمل نقاط السيطرة والتفتيش المنتشرة في العاصمة بغداد رغم عددها الهائل ووصفها بأنها «أصبحت تعرقل سير المواطنين فقط وكذلك تعرقل حركة القوات الأمنية لملاحقة عصابات الجريمة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.