دراسة أميركية تنصح بمزيد من الحزم لعلاج ارتفاع ضغط الدم

تغيير الخطوط الإرشادية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض معدلات الوفاة بالأزمات القلبية والجلطات

تسعة وسبعون مليون بالغ في أميركا يعانون من ارتفاع ضغط الدم
تسعة وسبعون مليون بالغ في أميركا يعانون من ارتفاع ضغط الدم
TT

دراسة أميركية تنصح بمزيد من الحزم لعلاج ارتفاع ضغط الدم

تسعة وسبعون مليون بالغ في أميركا يعانون من ارتفاع ضغط الدم
تسعة وسبعون مليون بالغ في أميركا يعانون من ارتفاع ضغط الدم

بعد إعلانها عن التوصل إلى معلومات قد «تساهم في إنقاذ حياة المرضي»، كشف مسؤولو هيئة الصحة الفيدرالية الأميركية، أول من أمس (الجمعة)، أنهم أجروا دراسة منذ أكثر من عام مضى أجابت على سؤال حير أطباء القلب لعقود؛ والسؤال هو إلى أي حد يجب أن يهبط قياس ضغط الدم؟
وكانت الإجابة: أقل بكثير من الخطوط الإرشادية المتعارف عليها الآن.
ولسنوات طولية حار الأطباء في تحديد الدرجة القصوى الممكنة لمريض ارتفاع ضغط الدم الوصول إليها، وبالتأكيد كان الهدف هو تخفيض الضغط، غير أن الحد الأدنى المفترض الوصول إليه ظل لغزًا. تُجرى بعض المفاضلات حول تقييم كم المخاطر والأعراض الجانبية للأدوية، وظل هناك بعض الأسئلة المثارة ما إذا كان المرضى من كبار السن يحتاجون إلى رفع ضغط الدم كي يندفع الدم إلى المخ.
وتوصلت الدراسة إلى أن المرضى المفترض أن ينخفض ضغطهم لمستوى دون 120 درجة، وهي الدرجة التي تقل بكثير عن 140 درجة المتعارف عليها حاليًا و150 درجة المتعارف عليها بالنسبة لمن هم فوق 60 سنة، فقد تراجعت احتمالية إصابتهم بالأزمات القلبية والسكتة القلبية، وانخفض معدل ضربات القلب بواقع الثلث، وتقلصت احتمالية الموت بواقع الربع.
وخضع للدراسة التي أطلق عليها «سبرينت» أكثر من 9300 رجل وامرأة فوق سن الخمسين من المعرضين للإصابة بأمراض القلب أو ممن يعانون بالفعل من أمراض الكلى إلى أحد اختبارات ضغط الدم؛ وهو ضغط الدم دون مستوى 120 درجة الذي يعتبر أقل من أي مستوى متعارف عليه، أو أقل من 140 درجة (ضغط الدم الانقباضي هو الأعلى بين نوعي ضغط الدم ويعني ضغط الدم في الأوعية عند انقباض عضلة القلب).
وكان يُتوقع للدراسة أن تنتهي في 2017، ولكن نظرًا لنتائجها بالغة الأهمية للصحة العامة، فقد قام المعهد الوطني للقلب والرئتين والدم والأوعية الدموية الأميركي بإعلان نتائج الدراسة، صباح أول من أمس (الجمعة)، حيث أشار إلى أن بحثًا يشمل كل التفاصيل سوف ينشر خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقال الدكتور غاري غيبونز، مدير المعهد، في تصريح يعلن فيه القرار أن «الدراسة تشتمل على معلومات من شأنها إنقاذ حياة الإنسان».
تسعة وسبعون مليون بالغ في هذا البلد، بواقع واحد من بين كل ثلاثة بالغين، يعاني من ارتفاع ضغط الدم، ونصف من يعالجون من ارتفاع الضغط يعانون من ارتفاع الضغط الانقباضي فوق 140 درجة.
وتوقع الدكتور جي مايكل، أستاذ الطب بجامعة هارفارد، الذي لم يشارك في الدراسة، أن «تقلب الدراسة الأمور رأسًا عل عقب»، وتوقع أن يكون للدراسة نفس التأثير على تفكير الناس فيما يخص ضغط الدم، مثلما كان لخفض الكولسترول نفس التأثير على تفكير الناس عندما تم الإعلان أنه كلما انخفضت نسبة الكولسترول كلما كان ذلك أفضل لصحة الإنسان، على عكس ما اعتقده الجميع في السابق.
وصرح الدكتور مارك كريغر، رئيس مؤسسة القلب الأميركية ومدير وحدة القلب والأوعية الدموية بمركز دارتموث هتشكوك الطبي، الذي لم يشارك في الدراسة، أن «الأخبار رائعة»، مضيفًا: «سوف تكون نتائج الدراسة بمثابة خارطة طريق وسوف تساهم في إنقاذ عدد كبير من الأرواح».
إذا كانت المبادئ التوجيهية المتعارف عليها قد تغيرت بسبب تلك الدراسة، كما يتوقع خبراء ضغط الدم، فسوف يتراجع معدل الوفيات الناتج عن الأزمات القلبية والسكتات القلبية أكثر وأكثر، حسب الدكتور جاسون رايت، خبير ضغط الدم بجامعة كيس ويسيترن، وأحد المشاركين في الدراسة، مضيفًا: «وبما أن أمراض القلب والأوعية الدموية ما زالت تشكل السبب الرئيسي للوفيات في الولايات المتحدة الأميركية، فقد تقلل دراسات ضغط الدم من معدل الوفيات في البلاد».
تعمقت الدراسة في مناطق غير مألوفة قد يجدها البعض مخيفة إلى حد ما، ربما كان قياس الضغط الانقباضي العادي البالغ 120 درجة جيدًا، غير أن خفض الضغط بمعدل كبير بشكل اصطناعي عن طريق العقاقير شيء آخر تمامًا؛ حيث إن الوصول لمستوى الضغط المنخفض المستهدف يعني إعطاء الناس المزيد من العقاقير، وسوف تعمل الأعراض الجانبية على إلغاء أي فوائد مرجوة.
يعتبر كبار السن أكثر عرضة للأعراض المرضية المصاحبة لانخفاض ضغط الدم الشديد على اعتبار أن الكثير منهم يتناول الكثير من الأدوية لعلاج الحالات المزمنة، ويتسبب الانخفاض الشديد في ضغط الدم في الدوار والسقوط؛ حيث إن 28 في المائة ممن شملتهم الدراسة الجديدة فوق سن 75 سنة.
منذ أقل من عامين، سارت هيئة الأطباء بمعهد القلب والرئتين والدم والأوعية الدموية في الاتجاه المعاكس، فقد طُلب ممن خضعوا للدراسة الوصول لضغط الدم الانقباضي عند 140 درجة، غير أن هيئة الأطباء طلبت استهداف درجه 150 درجة بالنسبة لمن هم فوق سن 60 على اعتبار أنه ليس هناك دليل مقنع على أنه كلما قل الضغط كلما كانت النتيجة أفضل.
وحتى الآن يعتقد الكثير من خبراء ضغط الدم أن أداءهم كان على أفضل ما يرام، فقد تراجعت السكتة القلبية، التي تعتبر النتيجة الأخطر لارتفاع ضغط الدم، بواقع 70 في المائة منذ عام 1972، وكانت المشكلة الرئيسية هي أن الكثيرين ممن يعانون من ارتفاع ضغط الدم لم يتعاطوا الدواء أو أن الدواء الذي تناولوه لم يكن بالقوة الكافية.
لم يكن من السهل على من شملتهم الدراسة الوصول لضغط الدم المستهدف، فقد تناول من طلب منهم خفض ضغط الدم لمستوى دون 140 درجة، نوعين من الدواء، في حين أن من طلب منهم خفض الضغط إلى ما دون 120 درجة، تناولوا ثلاثة أنواع. ليست الكلفة أمرًا جوهريًا دائمًا بالنسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم، لأن نحو 90 في المائة من أدوية ضغط الدم متوفرة بسعر زهيد ومن دون علامة تجارية.
تساءلت الدراسة كذلك ما إذا كان من الممكن لضغط الدم المنخفض مساعدة مرضى الكلى، وما إذا كان بمقدور الناس التفكير بشكل أكثر وضوحًا، وبدرجة خرف أقل. كان ذلك إحدى الفرضيات، غير أنه كان من الممكن أيضًا طرح فرضية أن انخفاض ضغط الدم يعني انخفاض كمية الدم التي تصل إلى المخ والكلى وما يمثله ذلك من نتائج ضارة. وحسب تصريح معهد القلب الجمعة، لا تزال تأثيرات انخفاض ضغط الدم على الكليتين والمخ تخضع للتحليل.
وقالت الدكتورة سوزان أوبرايل، خبيرة ضغط الدم بجامعة ألاباما بمدينة برمنغهام، التي شغلت منصب الرئيس المشارك للجنة معهد القلب، في رسالة بالبريد الإلكتروني: «يجب أن نبتهج لنتائج دراسات ضغط الدم»، مضيفة أن «الدراسة تبدو إيجابية جدًا، ونحن في غاية السعادة بها».
كما هو الحال في كل التجارب الطبية، خضع كل هذا الكم من البيانات للدراسة الدورية عن طريق لجنة معنية بالأمان والفحص. تحتفظ هذه اللجان بالنتائج حتى تتضح إيجابيتها أو سلبيتها وإلى أن يتبين أن الوقت قد حان لإيقاف التجارب.
وحسب ديفيد ريبوسين، أستاذ الإحصاء الحيوية بمركز ويك فوريسن بابتيست الطبي وكبير المحققين في المركز الذي يتولى إجراء الدراسة، قامت اللجنة بإبلاغ مديري معهد القلب بضرورة إيقاف مرحلة التجارب.
وتفحص مدير المعهد والباحثين البيانات ووافقوا على القرار. الخطوة التالية التي تسبق أي إعلان رسمي هي إخطار المشاركين في الدراسة، وقد تم إخطارهم بتوقف الدراسة وطلب منهم مواصلة عملهم الطبي حتى الزيارة القادمة لمرضاهم.
وقال الدكتور وليم كوشمان، رئيس وحدة الطب الوقائي بمعهد «في إيه الطبي» بولاية مامفيس وعضو اللجنة القيادية للتجارب، إن محققي الدراسة لم يتوقعوا توقفها فجأة بعد مضي سنوات قليلة من بدايتها، مضيفًا: «كانت المفاجأة كبيرة بالنسبة لي ليس فقط بسبب النتيجة الكبيرة، لكن لأنها حدثت في مرحلة مبكرة نسبيًا من عمر الدراسة».
وقال الدكتور ربيوسين، لا يجب على مرضى ارتفاع ضغط الدم أن يقلقوا؛ إذ لم يعد يتوجب عليهم الهرولة إلى عيادة الطبيب كي يطلبوا تغيير الدواء فجأة، فارتفاع ضغط الدم يأخذ مجراه ببطء، «وليس هناك أحد معرض لخطر داهم هنا».

* خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».