الأمم المتحدة تتبنى قرار إمكانية تعيين امرأة لمنصب الأمين العام

بعد أن تعاقب على رئاستها 8 رجال خلال 79 عامًا

الأمم المتحدة تتبنى قرار إمكانية تعيين امرأة لمنصب الأمين العام
TT

الأمم المتحدة تتبنى قرار إمكانية تعيين امرأة لمنصب الأمين العام

الأمم المتحدة تتبنى قرار إمكانية تعيين امرأة لمنصب الأمين العام

تبنت الأمم المتحدة أمس قرارا ينص على إمكانية تعيين امرأة في منصب الأمين العام، وأنه يترتب على المرشح المقبل أو المرشحة المقبلة لهذا المنصب الخضوع لمقابلة لتقييم كفاءاته، أو كفاءاتها، قبل التعيين مثل أي مسؤول كبير آخر. وتنتهي مهام الأمين العام الحالي بان كي مون في نهاية 2016 على رأس المنظمة الدولية.
وبحسب مشروع القرار، فإن مجلس الأمن والجمعية العامة سيوجهان إلى الدول الأعضاء الـ196 رسالة تدعو إلى تقديم مرشحين، ومن المقرر إعلان أسماء المرشحين من رجال ونساء وسيرتهم الذاتية، على أن يخضعوا لاستجواب أمام الجمعية العامة.
ومنذ إنشاء المنظمة الدولية عام 1945 كان يجري اختيار الأمين العام للأمم المتحدة في الكواليس، بالتداول بين الدول الـ15 أعضاء في مجلس الأمن، وداخل هذا المجلس كانت الدول الخمس الدائمة العضوية التي تملك حق الفيتو (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين) هي التي لها الوزن الأكبر في عملية الاختيار.
وتعاقب 8 رجال على هذا المنصب خلال 79 عاما، وعلى الرغم من أنه ليس هناك ما يحول مبدئيا دون ترشيح امرأة، إلا أن قرارا يعود إلى العام 1946 يشير إلى «رجل رفيع القيمة»، إذ لم يكن من الوارد في تلك الحقبة اختيار امرأة. لكن لأول مرة ستكون الأمم المتحدة واضحة بهذا الصدد، إذ نص القرار على أن الجمعية العامة تدعو الدول الأعضاء إلى التفكير في تقديم مرشحات لهذا المنصب».
لكن من غير الوارد القيام بتمييز إيجابي لصالح النساء، حيث تبقى الأولوية لـ«تعيين أفضل مرشح ممكن».
لكن الكثيرين يرون أن الوقت حان لتتولى امرأة رئاسة المنظمة، وقد حصلت عريضة أطلقتها كولومبيا على تأييد 40 دولة حتى الآن. وفي مجلس الأمن أعربت بريطانيا صراحة عن تأييدها لترشيح امرأة تتحلى بكل المواصفات المطلوبة. وفي هذا الصدد وردت بعض الأسماء القوية، مثل رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة هيلين كلارك، ورئيسة تشيلي ميشيل باشليه، والمديرة العامة لليونيسكو إيرينا بوكوفا، والمفوضة الأوروبية كريستالينا جورجيفا، والأخيرتان بلغاريتان.
غير أن أيا منهن لم تطرح رسميا بعد، وليس هناك إجماع على أي منهن.
وقال السفير الروسي فيتالي تشوركين: «سيكون أمرا رائعا أن تكون هناك امرأة، لكن يجب ألا نحد خياراتنا»، مؤكدا أن أوروبا الشرقية «على ثقة بأن دورها جاء» لقيادة الأمم المتحدة. فيما قال ويليام بايس، المسؤول عن تكتل من المنظمات غير الحكومية التي تطالب بمزيد من الشفافية في اختيار الأمين العام، إن الاختيار هذه المرة «سيكون مختلفا كثيرا عما كان عليه منذ 1945».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.