تطور استخدام النبات في استخلاص عقاقير طبية

محاكاة إنتاج جينات النباتات النادرة معمليًا

تطور استخدام النبات في استخلاص عقاقير طبية
TT

تطور استخدام النبات في استخلاص عقاقير طبية

تطور استخدام النبات في استخلاص عقاقير طبية

تستخدم النباتات في استخلاص الكثير من العقاقير المهمة لكن بعض النباتات الطبية إما مهددة بالانقراض وإما يجري الاحتيال من أجل زراعتها.. وبالنسبة إلى بعض العلماء فإن التوصل إلى سبل لسهولة استخلاص هذه العقاقير بات يكتسب أولوية قصوى.
وقال الباحثون إنهم وضعوا أيديهم على الجينات التي تمكن نباتًا ينمو في منطقة جبال الهيمالايا من إنتاج مادة كيميائية تستخدم على نطاق واسع في تصنيع عقار للعلاج الكيماوي للأورام ثم أدخلوا هذه الجينات إلى نبات تسهل زراعته معمليًا لصناعة هذه المادة الكيميائية.
وينتج هذا النبات المهدد بالانقراض - المسمى التفاح الهندي وهو من الفصيلة الباذنجانية - مادة كيميائية أولية تستخدم في تصنيع عقار ايتوبوزايد للعلاج الكيماوي للأورام الذي يستخدمه كثيرون من مرضى سرطان الرئة والخصية والمخ والجهاز الليمفاوي وسرطان الدم وأنواع أخرى من الأورام.
وبالاستعانة بتقنيات الهندسة الوراثية قام الباحثون معمليًا بزراعة نبات «نيكوتيانا بنثاميانا»، وهو من الأقارب البرية لنبات الطباق أو التبغ، الذي استخدم في إنتاج المادة الكيميائية المطلوبة.
وقالت إليزابيث ساتلي أستاذة الهندسة الكيميائية بجامعة ستانفورد التي أشرفت على هذه الدراسة المنشورة بدورية «ساينس»: «الكثير من العقاقير التي تستخلص من النبات لا توجد بكميات كبيرة في الطبيعة ومن العسير زراعتها بالمعامل».
وأضافت: «محاكاة الطريقة التي تلجأ إليها الطبيعة في إنتاج هذه الجزيئات من البدائل المبشرة بالخير لكن يتعين لإتمام ذلك رصد الجينات. يمثل هذا تحديا كبيرا لأن جينومات النبات يمكن أن تكون ضخمة للغاية مما يتعذر معه الوصول إلى الجينات».
وقال الباحثون إنهم اكتشفوا ستة جينات في نبات التفاح الهندي والتي إذا تم ضمها إلى أربعة جينات معروفة من قبل يمكن إنتاج المادة الكيميائية المستخدمة في العلاج الكيماوي للأورام.
وقالت ساتلي: «استخدمنا هذه الجينات في الهندسة الوراثية لأحد الأقارب النباتية للطباق لإنتاج مادة العقار الأولية ونحن نعتقد أن بإمكاننا استخدام هذه الجينات في إنتاج العقار في كائنات أخرى سهلة الزراعة مثل فطر الخميرة».
ولدى نبات الطباق أو فطر الخميرة القدرة على إنتاج العقار في تجربة معملية يمكن التحكم فيها.
وأفادت دراسة نشرت نتائجها الشهر الماضي قام بها عالم آخر من جامعة ستانفورد بأن العلماء ابتكروا طريقة سريعة لاستنباط مسكنات قوية للألم من مشتقات الأفيون بالاستعانة بفطر الخميرة المحور وراثيا.
وقالت ساتلي: «إنتاج عقاقير مشتقة من النبات في نباتات يمكن زراعتها بسهولة أو في خميرة الخباز ستكون أكثر كفاءة في الكثير من الحالات لإنتاج هذه العقاقير».
وأضافت: «يجري القيام بذلك حاليا بالنسبة إلى عقار ارتيميزينين (وهو عقار لعلاج الملاريا مشتق من نبات الشيح أو الدمسيسة) وقد تكون الطريقة التي سننتج بها المورفين (المشتق من نبات الخشخاش) مستقبلا».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».