روسيا تبدأ بتنفيذ الخطة «ب» المتعلقة بسوريا: «كانتون» محمي بأسطولها

شكوك غربية بتحسين موسكو وضعها على الأرض قبل «طاولة المساومات» الدولية

مقاتلون من المعارضة السورية أثناء معركة الأسبوع الماضي ضد قرية الفوعة بريف إدلب التي يسيطر عليها حزب الله اللبناني (غيتي)
مقاتلون من المعارضة السورية أثناء معركة الأسبوع الماضي ضد قرية الفوعة بريف إدلب التي يسيطر عليها حزب الله اللبناني (غيتي)
TT

روسيا تبدأ بتنفيذ الخطة «ب» المتعلقة بسوريا: «كانتون» محمي بأسطولها

مقاتلون من المعارضة السورية أثناء معركة الأسبوع الماضي ضد قرية الفوعة بريف إدلب التي يسيطر عليها حزب الله اللبناني (غيتي)
مقاتلون من المعارضة السورية أثناء معركة الأسبوع الماضي ضد قرية الفوعة بريف إدلب التي يسيطر عليها حزب الله اللبناني (غيتي)

قالت معلومات مسربة من المعارضة السورية نقلا عن مصادر روسية، إلى أن روسيا تقوم حاليا بسحب العتاد العسكري الروسي والمقاتلين والمرتزقة الروس من مقاطعة الدونباس الواقعة شرق أوكرانيا وتحديدا في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، حيث أنشأت فيهما دويلة (كانتون) موالية لموسكو، بعد تأكدها بأن الجيش الأوكراني لم يعد يشكل خطرا عليهما، وتستعد لإرسالهم إلى سوريا وتحديدا إلى الساحل السوري لتنفيذ الخطة (ب) المتعلقة بسوريا، نظرا لمعرفتها حسب التقارير الواردة من دمشق، بأن نظام بشار الأسد على وشك الانهيار.
وتقضي الخطة (ب) بتشكيل كانتون (دويلة) في الساحل السوري موال لروسيا يمتد من مرفأ طرطوس إلى مدينة اللاذقية مرورا بمدينتي بانياس وجبلة، تحت حماية الأسطول الروسي المرابط بشكل دائم أمام السواحل السورية. ولتنفيذ هذه الخطة أرسلت روسيا إلى الساحل السوري طلائع من المرتزقة والمقاتلين الروس بالإضافة إلى العتاد العسكري المتطور لتهيئة البنية التحتية لقدوم بقية القوات، حيث تتضمن البنية التحتية تهيئة المرافئ والمطارات وأماكن السكن وشبكة المواصلات والاتصالات ومستودعات الأسلحة وغيرها من الوسائل اللوجستية اللازمة لهذا الكانتون. وهو ما أكدته صحيفة «كومرسانت» الروسية (الليبرالية)، أمس، بنشرها خبر سحب المقاتلين والعتاد الروسي من شرق أوكرانيا، بحسب ما قال مصدر سوري معارض مطلع على الأوضاع في موسكو لـ«الشرق الأوسط»، مفضلا عدم الكشف عن اسمه.
ويؤمن تنفيذ الخطة «ب» المتعلقة لروسيا، موطئ قدم دائما كبيرا نسبيا بالغ الأهمية الإستراتيجية في حوض البحر الأبيض المتوسط في ظروف عودة الحرب الباردة المستعرة حاليا بين روسيا وحلف الناتو. وسيؤمن لروسيا السيطرة على جزء مهم من منابع الغاز والنفط الضخمة المكتشفة في المنطقة البحرية المقابلة للسواحل السورية واللبنانية والفلسطينية والقبرصية والمصرية، التي تطمح شركات النفط والغاز الروسية العملاقة «غاز بروم» و«روس نفط» و«لوكيل» في استثمارها.
وفي حديثه لـ«لشرق الأوسط»، يذكّر مصدر سوري معارض مطلع على الأوضاع في موسكو، بأن موسكو عملت منذ انهيار الاتحاد السوفياتي على استغلال الصراعات بين الدول الحليفة لها سابقا، وقامت باقتطاع مناطق (كانتونات) من هذه الدول ووضعتها تحت حمايتها كمستعمرات تابعة لها، مثل إقليم بريدنستروفه المولدافي الواقع بين مولدافيا وأوكرانيا، وإقليم ناغورني قراباخ الواقع بين أذربيجان وأرمينيا وإقليم أوسيتيا الجنوبية الواقع بين روسيا وجورجيا وإقليم أبخازيا الجورجي المطل على البحر الأسود.
إلى ذلك، أكدت مصادر الكرملين أمس دعم موسكو للحكومة السورية من أجل مواجهة الأبعاد الهائلة التي يمثلها تنظيم داعش. في الوقت الذي يقول فيه دبلوماسيون غربيون في موسكو، إن إحجام روسيا عن رسم معالم محددة توضح نطاق وجودها العسكري في سوريا يجعل الغرب في حالة قلق مستمر من احتمال قيامها بحشد كبير يكسبها وضعا أقوى على طاولة المساومات، حين تجلس القوى العالمية للتحدث عن الأزمة السورية. وهذه المحادثات قد تنعقد قريبا جدا ربما هذا الشهر حين يأتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للولايات المتحدة للمرة الأولى منذ نحو ثماني سنوات، للتحدث في الدورة السنوية للجمعية العامة للمنظمة الدولية.
وقال ديميتري بيسكوف الناطق الرسمي باسم الكرملين إن «الجيش السوري يمثل اليوم القوة الوحيدة القادرة على مواجهة تنظيم داعش الإرهابي بصورة فعالة»، فيما أضاف قوله: «إن القوة الوحيدة القادرة على التصدي لتقدم داعش هي القوات المسلحة السورية. ولا توجد في سوريا أي قوة منظمة وفعالة أخرى، ولذلك ترى روسيا أن مهمتها تتمثل في دعم السلطات السورية في مكافحة هذه الظاهرة».
وحول ما يُقال بشأن مشاركة خبراء عسكريين روس في القتال بسوريا، نقلت وكالة أنباء «سبوتنيك» عنه بيسكوف: «إن الرئيس فلاديمير بوتين سبق وقال في الأسبوع الماضي إنه من السابق لأوانه الحديث عن مشاركة روسيا في العمليات الميدانية لمكافحة الإرهاب في سوريا»، فيما أكد نفيه لحدوث أي تعديل في موقف موسكو بهذا الصدد.
وقالت الوكالة الروسية إن بيسكوف كشف عن أن الرئيس فلاديمير بوتين سوف يركز في خطابه الذي سوف يلقيه في الدورة المقبلة للجمعية العامة للأمم المتحدة على جوانب وتداعيات الأزمة السورية ومكافحة تنظيم داعش، وكذلك على قضية اللاجئين.
ورغم نفيه لاتخاذ روسيا أي خطوات إضافية لتعزيز وجودها العسكري في سوريا، قال سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية إن «هناك خبراء من روسيا في الأراضي السورية تتمثل مهمتهم في تدريب العسكريين السوريين على استخدام المعدات الروسية». كما عاد لافروف وأكد أنه «إذا ظهرت ضرورة لاتخاذ مثل هذه الخطوات، فستعمل روسيا على هذا المسار بما يتطابق بالكامل مع القانون الدولي والتزامات روسيا الدولية». وأضاف لافروف في معرض مؤتمر صحافي مشترك عقده مع نظيريه من السودان إبراهيم غندور وجنوب وبرنابا بنجامين. وأضاف قوله: «إذا أصبحت مثل هذه الخطوات ضرورية، فسنتخذها بمراعاة تامة لقوانيننا وللقانون الدولي والتزاماتنا الدولية، كنا أننا لم نقدم على ذلك إلا بطلب وبموافقة الحكومة السورية، أو حكومات دول أخرى في المنطقة، إذا كان الحديث يدور عن دعم هذه الدول في مكافحة الإرهاب».
وذكر لافروف أن الخبراء الروس يعملون في الأراضي السورية منذ زمن بعيد، مؤكدا أن وجودهم لا يعد وجودا عسكريا روسيا في سوريا.
ودعا لافروف إلى التخلي عن الكيل بمكيالين فيما يخص مكافحة تنظيم داعش، مؤكدا أن موسكو لا تريد تكرار «السيناريو الليبي» في سوريا، ولذلك تزود الجيش السوري بما يحتاج إليه. وتابع أن الجهود الروسية في هذا الاتجاه لا تقتصر على سوريا، إذ تورد موسكو أسلحة للدول الأخرى التي تواجه الإرهاب في الخطوط الأمامية، بما في ذلك العراق، الذي يتعاون معه الجانب الروسي دون أي شروط سياسية.
ويقول دبلوماسيون غربيون في موسكو إن إحجام روسيا عن رسم معالم محددة توضح نطاق وجودها العسكري في سوريا يجعل الغرب في حالة قلق مستمر من احتمال قيامها بحشد كبير يكسبها وضعا أقوى على طاولة المساومات حين تجلس القوى العالمية للتحدث عن الأزمة السورية.
وهذه المحادثات قد تنعقد قريبا جدا (ربما هذا الشهر)، حين يأتي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للولايات المتحدة للمرة الأولى منذ نحو ثماني سنوات، للتحدث في الدورة السنوية للجمعية العامة للمنظمة الدولية.
ومطلب روسيا الرئيسي الآن هو إشراك حليفها القديم الرئيس السوري بشار الأسد في المساعي الدولية لاحتواء تنظيم داعش الذي يسيطر على مساحات شاسعة من سوريا.
وهذا سيعتبر تصعيدًا خطيرًا ويضع روسيا في موقع الشريك المباشر في ارتكاب الجرائم بحق الشعب السوري. ولعل هذا التحرك الروسي يشير بشكل مباشر إلى أنهم باتوا على قناعة بأن الأسد لم يعد قادرًا على المحافظة على حكمه وبات آيلا للسقوط، وكان لا بد من تدخلها المباشر لضمان مصالحها ونفوذها في أي اتفاق سياسي مقبل.
وفي لبنان، ذكرت مصادر أن قوات روسية تشارك في القتال بسوريا حيث يواجه الأسد ضغوطا متزايدة. وقال أحد الدبلوماسيين بعد أن طلب مثل غيره من المصادر عدم الإفصاح عن هويته: «الأمر كله يتعلق بالجمعية العامة».
وأضاف: «إذا حدثت بداية جديدة حقيقية في الحوار بين روسيا والولايات المتحدة، فسيكون لدينا موقف جديد بالكامل ومستوى نوعي جديد».
وكانت موسكو قد أشارت أكثر من مرة في الأسابيع الأخيرة إلى اهتمامها بعقد اجتماع بين بوتين والرئيس الأميركي باراك أوباما في نيويورك. وقال البيت الأبيض إنه لا يعلم بأي اجتماع مزمع في الوقت الراهن. وستعمل موسكو على تسليط الضوء في الداخل على مثل هذا الاجتماع لإظهار بوتين كصانع سلام وشريك لا غنى لواشنطن عنه في معالجة الأزمات الدولية، حتى في توقيت يشهد توترا شديدا بسبب أوكرانيا.
وقال المحلل الدفاعي بافل فيلجنهاور: «تزيد روسيا من الضغوط وتلعب لعبة ابتزاز»، مشيرا إلى اقتراح روسي - تضاءلت قوته الدافعة - بتشكيل تحالف مناهض لتنظيم داعش يضم الأسد.
ويزداد القلق الغربي إزاء الخط الرفيع الذي يفصل بين «الخبراء العسكريين» والمدربين أو القوات القادرة على المشاركة في القتال بشكل مباشر.
ونقلت شبكة «فوكس نيوز» عن خبراء عسكريين متمركزين في منطقة الشرق الأوسط أن وزارة الدفاع الأميركية رصدت عدة رحلات شحن عسكرية روسية إلى سوريا، شملت 7 مقاتلات من طراز «An - 124» كوندور إلى قاعدة جوية خارج مدينة اللاذقية. ونقلت شبكة «فوكس» عن مسؤول بالبحرية الأميركية أن اثنين من سفن الإنزال الروسية نقلت دبابات روسية وعربات مدرعة، وما يقرب من 100 من مشاة البحرية الروسية إلى ميناء طرطوس حيث تملك روسيا قاعدة بحرية كبيرة.
وباتت قطع من البحرية الروسية تروح وتغدو لسوريا. ويمعن أصحاب المدونات في روسيا النظر في روايات متناقلة على وسائل التواصل الاجتماعي عن ذهاب جنود روس بينهم أفراد من مشاة البحرية إلى المنشأة البحرية الروسية في ميناء طرطوس بسوريا على البحر المتوسط.
وقال إيفان كونوفالوف خبير شؤون الدفاع في موسكو إن المشكلات المتعلقة بتأمين طرق الرحلات الجوية الروسية إلى سوريا ربما كانت وراء زيادة النشاط البحري.
وكانت موسكو قد قالت في فترات سابقة - منها أوقات كانت فيها أحداث الصراع السوري على أشدها - «إن طرطوس ليس فيها منذ فترة طويلة إلا أقل عدد ممكن من القوات». لذا من شأن أي حشد هناك أن يدل على طفرة في استراتيجية روسيا في الصراع.
وعلى الساحة الداخلية الروسية يرى دبلوماسيون أنه في حالة تمكن روسيا من تحسين وضعها التفاوضي فيما يتعلق بتحركاتها بسوريا، فإنها قد تحاول إبرام اتفاق سياسي مقابل تنازلات غربية على صعيد آخر.. هو أوكرانيا. واستبعد آخرون هذا الاحتمال تماما. لكن الفكرة لم تغب عن أذهان المواطنين الروس الذين تناقلوا نكتة على «تويتر» عن أم جندي روسي تسأل ابنها بدافع القلق عن أحواله على خطوط الجبهة في أوكرانيا. فيجيب الابن «لا تقلقي يا أماه. فأنا في دمشق».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.