أسرة أميركية تنقذ ابنها من الانضمام لـ«داعش»

«إف بي آي» وجهت إلى خان اتهامات بالتآمر ومحاولة تقديم دعم مادي للتنظيم الإرهابي

أشر عبيد خان (واشنطن بوست)
أشر عبيد خان (واشنطن بوست)
TT

أسرة أميركية تنقذ ابنها من الانضمام لـ«داعش»

أشر عبيد خان (واشنطن بوست)
أشر عبيد خان (واشنطن بوست)

جلس أشر عبيد خان داخل مطار أتاتورك في إسطنبول يفكر في خطوته التالية - التي كانت إما الانتقال إلى سوريا للالتحاق بصفوف «داعش»، الجماعة المسلحة التي اجتذبته نحو إمكانية الموت في سبيل الله أو العودة إلى تكساس وأسرته التي استبد بها الخوف ويمتلئ بريده الصوتي بمناشدات منها.
وبعد أن حسم قراره، أمسك خان، 19 عامًا، بالهاتف وأخبر والده: «أريد العودة للوطن».
وفي غضون ساعات، استقل خان طائرة وعادة إلى موطنه، تحديدًا ضاحية هوستون داخل تكساس. ورغم أن أسرته نجحت في إنقاذه من مصير مجهول في سوريا، فإنه يواجه خطر المحاكمة داخل الولايات المتحدة.
بعد خمسة عشر شهرًا، تحديدًا مايو (أيار) 2015، وجه مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف. بي. آي) اتهامات لخان بالتآمر ومحاولة تقديم دعم مادي إلى «داعش». وبدلاً من العيش تحت لواء الخلافة، يواجه خان الآن إمكانية السجن لمدة تصل إلى 30 عامًا.
بالنسبة لأسرته ومحاميه، لا يعدو خان كونه مراهقًا سقط ضحية سذاجته وتضليل «داعش» له. ويؤكد محاميه، توماس بيرغ، أن خان تراجع عن قرار لا رجعة فيه، وعاد منذ ذلك الحين إلى نهج ديني معتدل.
وأوضح بيرغ أنه: «عاد للوطن وفعل الصواب. وإذا كانت الحكومة ذكية، عليها استغلال هذا الأمر. مثلاً، يمكن له ارتياد المساجد والحديث عن عودته لصوابه».
وأضاف أنه حال تعرض بيرغ للسجن، فإنه لن يبقى بذلك حافز أمام الشاب التالي الذي تراوده أفكار الانضمام لـ«داعش» كي يحول مساره ويعود للوطن. وأشار إلى أن السياسة الحكومية لا تترك مجالاً للعودة.
جدير بالذكر أن بيرغ لم يسمح لموكله بالحديث إلى أي جهة صحافية.
في المقابل، فإن خان من وجهة نظر «إف بي آي» يمثل مصدر مخاطرة مجهولة العواقب من الأفضل الحد منها عبر تقديمه للمحاكمة. وتجسد هذه القضية التوجه الأميركي حيال مواجهة «داعش»، فبينما قررت بعض الدول الأوروبية التعامل مع الشباب الراديكالي العائدين من سوريا باعتبارهم متطرفين بحاجة لخوض برامج استشارية وتعليمية وتوظيفية للقضاء على التوجهات الراديكالية بداخلهم، تتعامل الولايات المتحدة مع مجندي «داعش»، حتى من لا يتجاوزون في رحلتهم إليها أعتاب المطار، باعتبارهم إرهابيين مشتبها بهم.
ومنذ تصنيف واشنطن لـ«داعش» كتنظيم إرهابي عام 2014. ألقى «إف بي آي». القبض على مشتبه بهم بصورة تكاد تكون أسبوعية على صلة بالتنظيم، ينتمي كثيرون منهم إلى سن الشباب وجرى اجتذابهم لأفكار راديكالية عبر الإنترنت. وقد وجهت اتهامات لأكثر من 60 شخصًا بتقديمهم دعما ماديا لـ«داعش» واتهامات أخرى.
وقد اعترف 12 منهم بالاتهامات الموجهة إليهم، بينهم فتى في الـ17 من عمره من فيرجينيا صدر ضد حكم بالسجن 11 عامًا ووضعه قيد المراقبة بقية حياته ومراقبة نشاطاته عبر الإنترنت.
جدير بالذكر أن مدير «إف بي آي»، جيمس بي. كومي، كان قد دعا الأسر والقيادات الدينية المسلمة للتعاون مع المكتب للحيلولة دون تحول الشباب المسلم إلى أفكار راديكالية، مؤكدًا أن «مصالحنا مشتركة».
بيد أن قضية خان - والعشرات مثلها - تترك لدى بعض أعضاء المجتمع المسلم داخل الولايات المتحدة انطباعًا بأنه لا بديل للسجن من وجهة نظر المحققين الفيدراليين و«إف بي آي».
وفي هذا الصدد، أعرب مصطفى تاميز، أحد القيادات المسلمة في هوستون، الذي تعاون مع وزارتي الخارجية والأمن الداخلي بخصوص مواجهة التطرف العنيف، عن اعتقاده بأنه: «لا يصبح أحد عميلا خاصا بارزا لمجرد حديثه إلى أب وأم حول أخطار الانضمام إلى تنظيم إرهابي، وإنما تحقق مكانة كبيرة فقط من خلال إلقائك القبض على مجرم خطير. لذا، علينا أن نغير نظام الإثابة».
واستطرد بأنه بينما ينبغي تحويل بعض القضايا إلى المحاكمة، فإن الولايات المتحدة «يجب أن نواجه الخطاب المتطرف وبناء القدرة على حماية هؤلاء الصبية وإبقائهم بعيدًا عن الجماعات الإرهابية. علينا إعادة النظر في التوجه الذي نتبعه».
في المقابل، قال مسؤولون أميركيون، رفضوا الكشف عن هويتهم لأنهم يناقشون تحقيقات جارية، إنه كانت هناك الكثير من القضايا التي تعاون خلالها العملاء الفيدراليون مع الأسر للحيلولة دون سقوط أبنائهم في براثن أفكار راديكالية، وبالفعل تم تجنب توجيه اتهامات جنائية للأبناء. وأضاف المسؤولون أن هناك مؤشرات مثيرة للقلق، وإن لم تكن قاطعة، بأن خان لم يتخل عن أفكاره الراديكالية بعد عودته إلى الولايات المتحدة.
وذكر مسؤولون لدى «إف بي آي» أن خان أخبر صديقا له بعد شهور من عودته من تركيا بأنه ينبغي عليه النظر إلى «داعش» بذهن منفتح. كما علم مسؤولو المكتب أن مخاوف تصاعدت داخل المسجد الذي يرتاده خان، حيث يتولى تدريس دراسات إسلامية لتلاميذ الصف السابع من التعليم خلال عطلات نهاية الأسبوع.
وبعد إلقاء القبض على خان في مايو تلقى إم. جيه. خان، الذي لا تربطه صلة بخان، ويتولى رئاسة الجمعية الإسلامية في هوستون الكبرى، رسالة عبر البريد الإلكتروني، حصلت «واشنطن بوست» على نسخة منه، من أحد القيادات الدينية بالمسجد يقول فيه: «أخبرني البعض بأنه كانت لديه بعض الأفكار أو التعاطف تجاه جماعات بعينها تعتبر غير صحية».
وذكر «إف بي آي» أن أفرادًا من المسجد أخبروا عملاء للمكتب أن خان يعتقد أن الولايات المتحدة تمثل «الدجال».
في المقابل، وصف عمران موتون، ناظر مدرسة الأحد، خان بأنه «فتى مثالي» التزم بالمنهج الدراسي المقرر. وقال إن أحدًا لم يذكر أبدًا أن خان أبدى تعاطفه تجاه «داعش».
يذكر أن والدي خان قدما إلى الولايات المتحدة من باكستان منذ أكثر من عقدين، واضطر الوالدان للعمل بثلاثة وظائف - بمحطة وقود و«بيتزا هت» و«وول مارت» - لإعالة أبنائهما الأربعة، وجميعهم من الذكور، الذين التحقوا بمدارس عامة. وكانت الأسرة ترتاد مسجد السلام، وهو مسجد ضخم يخدم قرابة 400.000 مسلم، وهو المجتمع المسلم الأكبر في الولاية.
ومن بين أصدقاء خان بالمسجد، مع اقترابه من التخرج في المدرسة الثانوية، فتى مكسيكي اعتنق الإسلام يدعى سيكستو راميرو غارسيا، وأصبح يطلق على نفسه عبد الله علي.
وبدأ غارسيا وخان في مشاهدة مقاطع فيديو راديكالية عبر الإنترنت، حسبما تذكر وثائق المحكمة. وبدأ خان يشدد على ضرورة ارتداء النساء الحجاب، وتوترت علاقته بأسرته، واعترض على قرار والديه العمل بأماكن تبيع الخمور.
في أكتوبر (تشرين الأول) 2013 بعد شهور قلائل من تخرجه، سافر إلى سيدني بأستراليا للعيش مع أسرة عمه، وانضم إلى «حزب التحرير»، تنظيم إسلامي دولي يرمي لإقامة خلافة إسلامية. وبدأت تراوده فكرة الذهاب إلى سوريا.

* خدمة «واشنطن بوست»



بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
TT

بلينكن يبدأ جولة في 3 دول لاتينية يحكمها رؤساء يساريون

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الاثنين، إلى كولومبيا في مستهل جولة تشمل أيضاً تشيلي والبيرو، في محاولة لترسيخ شراكات الولايات المتحدة في أميركا اللاتينية التي تعد فناءها الخلفي الجيوسياسي، في مواجهة الطموحات الصينية المتزايدة في منطقة شهدت انتخاب عدد من الرؤساء اليساريين أخيراً.
وخلال جولته التي تستمر أسبوعاً في الدول الثلاث، سيحضر كبير الدبلوماسيين الأميركيين أيضاً قمة وزارية. ويقر المسؤولون في واشنطن بأن هناك ضرورة لإظهار اهتمام الولايات المتحدة بجيرانها الجنوبيين، «باعتبارهم أولوية سياسية رغم التركيز على قضايا جيوسياسية كبرى، مثل الحرب الروسية في أوكرانيا، وتهديد الصين لتايوان». وتأمل إدارة الرئيس جو بايدن في أن يحافظ الزعماء اليساريون الجدد في أميركا اللاتينية «على نهج صديق للمشروعات الحرة وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة، وألا يجنحوا إلى الشغب الآيديولوجي في حكمهم».
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأميركي براين نيكولز، في إحاطة للصحافيين، بأن بلينكن يزور ثلاث دول «كانت منذ فترة طويلة شريكة تجارية حيوية للولايات المتحدة، ولديها اتفاقات تجارة حرة مع الولايات المتحدة (…). نحن نركز على تعزيز علاقاتنا مع تلك الحكومات». وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، أن بلينكن سيلتقي في بوغوتا الرئيس اليساري غوستافو بيترو، وهو متمرد سابق، ووزير الخارجية ألفارو ليفا لمناقشة الأولويات المشتركة بين البلدين، بما في ذلك «الدعوة إلى ديمقراطيات قوية في كل أنحاء المنطقة، ودعم السلام والمصالحة المستدامين، والتصدي للهجرة غير النظامية كأولوية إقليمية، ومكافحة الاتجار بالمخدرات، وتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ومعالجة أزمة المناخ».
وأضافت أن بلينكن سيجدد دعم الولايات المتحدة لاتفاق السلام الكولومبي لعام 2016 خلال مناسبة مع نائبة الرئيس فرانسيا ماركيز، على أن يزور مركزاً لدمج المهاجرين في سياق دعم سياسة الوضع المحمي المؤقت في كولومبيا للمهاجرين الفنزويليين، الذي يعد نموذجاً في المنطقة. وكان بيترو، سخر خلال حملته، من الحرب التي تقودها الولايات المتحدة على المخدرات، معتبراً أنها «فاشلة»، علماً بأن هذه الدولة في أميركا الجنوبية هي أكبر منتج للكوكايين في العالم، ولطالما واجهت ضغوطاً من واشنطن للقضاء على محاصيل المخدرات. كما تحرك بيترو لإعادة التعامل دبلوماسياً واقتصادياً مع حكومة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، رغم جهود الولايات المتحدة لعزل الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك).
واستخدم مسؤولو إدارة بايدن نبرة تصالحية في الغالب حيال بيترو، مركزين على مجالات الاتفاق في شأن قضايا مثل تغير المناخ واستشهدوا بمناشداته لمادورو للعودة إلى المحادثات مع المعارضة الفنزويلية. وفيما يتعلق بدعوات بيترو لإنهاء الحرب على المخدرات، قال نيكولز إن واشنطن تدعم بقوة «النهج القائم على الصحة والعلم» لمكافحة المخدرات، مضيفاً أن هذا «ينعكس في سياستنا لدعم التنمية الريفية والأمن الريفي في كولومبيا. ونعتقد أن الرئيس بيترو يشارك بقوة في هذا الهدف». لكنّ مسؤولاً أميركياً أكد أن واشنطن تراقب عن كثب، ما إذا كان تواصل كولومبيا مع السلطات في فنزويلا المجاورة يخالف العقوبات الأميركية على حكومة مادورو.
وتأتي جولة بلينكن أيضاً، بعد عملية تبادل أسرى بين الولايات المتحدة وفنزويلا، ما يعكس تحسناً حذراً للعلاقات بين الدولتين، رغم عدم اعتراف واشنطن بإعادة انتخاب مادورو رئيساً لفنزويلا عام 2018... وقال نيكولز: «نحن لا نحكم على الدول على أساس موقعها في الطيف السياسي، بل على أساس التزامها بالديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان».
ويحمل كبير الدبلوماسيين الأميركيين في رحلته هذه، جدول أعمال مثقلاً لمنظمة الدول الأميركية. ويتوجه الأربعاء إلى سانتياغو، حيث سيعقد اجتماعاً مع رئيس تشيلي اليساري غابرييل بوريتش البالغ 36 عاماً من العمر، الذي تولّى منصبه في مارس (آذار) الماضي. وأخيراً، يتوجه إلى ليما الخميس والجمعة، للقاء الرئيس الاشتراكي بيدرو كاستيو الذي ينتمي لليسار الراديكالي والمستهدف بتحقيقات عدة بشبهات فساد واستغلال السلطة منذ وصوله إلى الرئاسة قبل أكثر من عام. وسيشارك في الجمعية العامة السنوية لمنظمة الدول الأميركية. وسيدرس المجتمعون قراراً يطالب بإنهاء «العدوان الروسي على أوكرانيا»، رغم أن بعض الدول الأميركية اللاتينية عبرت عن تحفظها، بالإضافة إلى قرارات بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في نيكاراغوا والوضع الاقتصادي والسياسي المتردّي في هايتي.