رئيس الاتحاد الأوروبي يوجه لنتنياهو إنذارًا أخيرًا قبل فرض تسوية

إسرائيل تستخف بتهديدات أبو مازن وتعدها محاولة لاستقدام ضغوط دولية

الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلن يصافح رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تسك بعد اجتماعهما أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلن يصافح رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تسك بعد اجتماعهما أمس (أ.ف.ب)
TT

رئيس الاتحاد الأوروبي يوجه لنتنياهو إنذارًا أخيرًا قبل فرض تسوية

الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلن يصافح رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تسك بعد اجتماعهما أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلن يصافح رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد تسك بعد اجتماعهما أمس (أ.ف.ب)

أكدت مصادر إسرائيلية أن رئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، الذي بدأ أمس، جولة في إسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية، حاول إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بتقديم مبادرة سياسية جدية، تتيح استئناف العملية السلمية بين إسرائيل والفلسطينيين والعرب. وقال توسك، إن «دول الاتحاد الأوروبي قلقة من حالة الجمود القائمة حاليا، وإنها واثقة من أن الوضع لن يستمر طويلا وسيؤدي إلى تدهور خطير».
وأضافت هذه المصادر، أن «رئيس الاتحاد الأوروبي جاء ليعطي نتنياهو إنذارا أخيرا»، قبل أن يضطر الاتحاد الأوروبي إلى التوجه إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار جديد يثبت فيه التسوية على أساس مبدأ دولتين للشعبين، بحيث تكون الحدود بينهما على أساس ما قبل حرب 1967، مع تعديلات طفيفة اضطرارية، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية. وتابعت، أن «توسك أوضح لمضيفه، أن الامتناع عن خطوات جادة تحدث الانعطاف، سيضطر دول العالم إلى فرض تسوية في المنطقة، لأن التوتر القائم في الشرق الأوسط بسبب هذا الصراع، يهدد مصالح السلام والأمن والاقتصاد في أوروبا وسائر دول الغرب والمنطقة».
وكان توسك قد وصل إلى تل أبيب، أمس، واجتمع بعد الظهر مع نتنياهو، ثم مع رئيس الدولة، رؤوبين ريفلين، وسيتوجه إلى رام الله ليلتقي الرئيس الفلسطيني، محمود عباس. وذكر ناطق بلسان نتنياهو، أن محادثات رئيس الاتحاد الأوروبي تمحورت حول تنشيط عملية السلام في المنطقة، ومنع الفلسطينيين من الإقدام على خطوات احتجاج حادة، مثل إلغاء اتفاقيات أوسلو، كما يعلنون في رام الله، وكذلك حول الأوضاع الإقليمية المتدهورة. وأكدت أن نتنياهو حاول وضع الموضوع الإيراني في رأس سلم الاهتمام، مؤكدا أنه لا يوجد خطر على المنطقة أكبر من الخطر الإيراني.
ورفض مسؤول سياسي كبير في إسرائيل تهديدات الرئيس عباس، بأنه سيعلن عن استقالته وعن إلغاء اتفاقيات أوسلو، خلال خطابه أمام الأمم المتحدة، في نهاية هذا الشهر. وقال: إن «الفلسطينيين ليسوا في (الواجهة) الآن في الأمم المتحدة، وما يفعله أبو مازن هو مجرد استعراض. ففي كل مرة لا يحصلون فيها على ما يريدون، يهددون بالقفز من أعلى الجرف». وقال هذا المسؤول، إنه «إذا ألغى أبو مازن اتفاقيات أوسلو فإنه سيسبب الضرر للفلسطينيين أولا، وسيعيدهم سنوات إلى الوراء». وحسب مسؤولين آخرين في القدس، فإن لدى أبو مازن الكثير مما سيخسره، لأن الفلسطينيين يتعلقون جدا بالتعاون الأمني مع إسرائيل، ويعرفون جيدا أنه من دونه ستقوم حماس بإسقاطهم خلال أسابيع. ولهذا فإن ما يفعلونه هو استفزاز ولن يحسن من أوضاعهم بتاتا، تماما كما لم يساعدهم ترقية السلطة إلى دولة مراقبة في الأمم المتحدة قبل ثلاث سنوات. أبو مازن يبحث عبثا عن طريق للعودة إلى الرأي العام الدولي، لأن العالم كله ينشغل الآن باللاجئين السوريين وبإيران، ولم يعد أحد يهتم بالفلسطينيين». وتدعي جهات إسرائيلية أن تهديدات أبو مازن بالاستقالة وبتفكيك السلطة الفلسطينية، نابعة أولا، من معايير سياسية داخلية، ومن الإحباط في أعقاب الجمود السياسي.
وقال مسؤول إسرائيلي، إن «حكومته لم تتأثر من الأنباء التي تحدثت عن تهديد الفلسطينيين باتخاذ خطوات أحادية متطرفة في الأمم المتحدة، متهما السلطة الفلسطينية بممارسة سياسة حافة الهاوية»، في حين تؤكد إسرائيل على استعدادها للاستئناف الفوري لمفاوضات السلام الثنائية.
من جهة أخرى، يرى الفلسطينيون أن إسرائيل تحاول إيجاد تبريرات للامتناع عن الإقدام على خطوات لتسوية الصراع. وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن «إسرائيل خرقت التزاماتها في اتفاق أوسلو الذي يعتبر، أصلا، اتفاقا مرحليا كان يجب أن ينتهي منذ سنوات، بإعلان الدولة الفلسطينية على أساس حدود 67». وأضاف في حديث لصحيفة «هآرتس» العبرية: «إسرائيل خرقت سلسلة الالتزامات بشكل فظ، بدءا من اتفاقيات أوسلو وحتى التفاهمات الأخيرة بشأن إطلاق سراح قدامى الأسرى، ووقف البناء في المستوطنات، ووقف الاعتداءات اليومية على الفلسطينيين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.