الوالدة دوابشة تلتحق بعائلتها بعد 40 يومًا على محرقة عائلتها

عباس يعلن الحداد 3 أيام.. ونتنياهو يعزي ويتعهد بـ«القبض على الإرهابيين»

فلسطينيات يرفعن صورة الراحلة ريهام دوابشة في جنازة كبيرة حيث دفنت في قرية دوما أمس (إ. ب. أ)
فلسطينيات يرفعن صورة الراحلة ريهام دوابشة في جنازة كبيرة حيث دفنت في قرية دوما أمس (إ. ب. أ)
TT

الوالدة دوابشة تلتحق بعائلتها بعد 40 يومًا على محرقة عائلتها

فلسطينيات يرفعن صورة الراحلة ريهام دوابشة في جنازة كبيرة حيث دفنت في قرية دوما أمس (إ. ب. أ)
فلسطينيات يرفعن صورة الراحلة ريهام دوابشة في جنازة كبيرة حيث دفنت في قرية دوما أمس (إ. ب. أ)

في قبر صغير حفر على عجل، إلى جانب قبر الرضيع الصغير علي (18 شهرا) ووالده سعد (30 عاما)، سجي جثمان الوالدة والزوجة، ريهام دوابشة (26 عاما)، بعدما فارقت الحياة في مستشفى إسرائيلي متأثرة بجراحها التي أصيبت بها في الحريق المتعمد الذي أشعله مستوطنون في منزل العائلة في يوليو (تموز) الماضي، لتصبح الضحية الثالثة للجريمة البشعة.
لم تستطع الأم دوابشة الصمود أكثر على قيد الحياة وقلبها معلق بين اثنين، زوجها ورضيعها الصغير، اللذين رحلا تباعا محترقين بنار الكراهية، وابنها الآخر (أحمد 4 سنوات) وهو الوحيد الناجي الآن من المحرقة الصغيرة يقاوم جراحه.
وقضت ريهام دوابشة في ذكرى ميلادها، ونقل جثمانها إلى مستشفى جامعة النجاح في نابلس، وخضع للتشريح بعد موافقة ذويها، لأغراض قانونية تتعلق بمحاكمة إسرائيل، قبل أن يوارى الثرى.
واستقبل آلاف من الفلسطينيين الغاضبين في قرية دوما جثمان المربية ريهام ورفعوا صورها وصور زوجها ورضيعها عاليا وهتفوا ضد «الإرهاب اليهودي» ودعوا للانتقام فورا، في جنازة كبيرة وضخمة تشهدها القرية الصغيرة للمرة الثالثة في غضون 40 يوما فقط.
وقال عبد السلام دوابشة رئيس المجلس القروي في دوما: «هذه فاجعة للعائلة والقرية وللشعب الفلسطيني». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «دوما لن تنسى هذه الجريمة البشعة».
وكان مستوطنان أحرقا منزل سعد دوابشة في 31 يوليو، مما أدى إلى وفاة ابنه علي (18 شهرا) على الفور، قبل أن يلتحق به والده سعد في التاسع من أغسطس (آب) ومن ثم تفارق الأم ريهام (27 عاما) الحياة.
وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس الحداد الرسمي لمدة ثلاثة أيام، على روح الوالدة دوابشة، بينما نعاها أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات واصفا إياها «بضحية الإرهاب الإسرائيلي وضحية التخاذل الدولي والإنساني في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي العسكري عن فلسطين للأبد». وأعرب عريقات باسم القيادة والشعب الفلسطيني عن حزنه العميق بهذا المصاب الجلل، وعن «غضب شعبنا من الممارسات الاحتلالية التي تمارس على مرأى ومسمع دول العالم، والتي تودي بحياة أمهاتنا وأطفالنا وأبناء شعبنا حرقًا وقتلاً وتدميرًا».
وقال عريقات في بيان: «في هذه الأوقات العصيبة نشاطر عائلة دوابشة مصابها الأليم ونتقدم بأحر التعازي للعائلة ولأبناء شعبنا الفلسطيني كافة». وحذر عريقات من أنه «في حال لم يتم محاسبة إسرائيل وإخضاعها للمساءلة القانونية ولجم اعتداءاتها الممنهجة ضد شعبنا الأعزل، فلن تكون ريهام الضحية الأخيرة، وإن اغتيال عائلة دوابشة بدم بارد جسّد الصلة الوثيقة بين خطاب الكراهية والتحريض التي تقوده حكومة الاحتلال وبين الحقائق التي يفرضها الاحتلال من خروقات منظمة في مقدمتها التوسع الاستيطاني إضافة إلى ثقافة الحصانة الممنوحة لإسرائيل من قبل المجتمع الدولي».
وحمل أمين سر التنفيذية حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم، مشيرًا إلى تعمدها عدم محاسبة المجرمين وجلبهم إلى العدالة، وأضاف: «لقد مر أكثر من شهر، ولم تقم الحكومة الإسرائيلية بعد باعتقال منفذي الاعتداء الإرهابي ومحاسبتهم. وقد شهدنا في الفترة الأخيرة تصعيدًا خطيرا في تصريحات الحكومة الإسرائيلية التي تغذي التطرف والعنصرية، إضافة إلى تسارع وتيرة العمليات الإرهابية المنظمة التي يمارسها مستوطنوها المتطرفون بدعم وحماية الحكومة الإسرائيلية».
وجدد عريقات دعوته إلى المجتمع الدولي إلى توفير الحماية الدولية العاجلة لشعبنا الفلسطيني الأعزل الذي لا يزال يقبع تحت الاحتلال الجائر لما يقارب نصف القرن، وتابع: «لا بد من إنهاء ثقافة الإفلات من العقاب التي تشجع حكومة الاحتلال على مواصلة عدوانها على شعبنا وارتكاب مخالفات وانتهاكات جسيمة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني».
ولم تعتقل إسرائيل أي من المستوطنين الذين نفذوا عملية الحرق في دوما حتى أمس. واكتفى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتعزية عائلة الدوابشة في «وفاة ريهام الدوابشة التي أصيبت بجراح بالغة في العملية الإرهابية التي ارتكبت في قرية دوما في الضفة الغربية». وأكد نتنياهو أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية «تبذل قصارى جهودها من أجل إلقاء القبض على الإرهابيين وتقديمهم للعدالة».
لكن هذه التعزية والوعود لم تقنع الفلسطينيين بأي حال. وحمّلت الخارجية الفلسطينية نتنياهو مجددًا «المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة البشعة التي حصدت أرواح أسرة بأكملها». وقالت الخارجية في بيان: «إن أكثر من (40) يومًا مَرَّت على هذه الجريمة النكراء دون أن تعلن شرطة الاحتلال عن نتائج تحقيقاتها في هذه الجريمة. إن هذه المماطلة المقصودة في وضع اليد على المتورطين فيها، والمعروفين لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، يشكل أكبر دليل على الغطاء الذي توفره وتعطيه الحكومة الإسرائيلية بشكل رسمي وعلني لقطعان المستوطنين المتطرفين، الذين يعيثون فسادًا وتنكيلاً وحرقًا للفلسطينيين وممتلكاتهم في طول البلاد وعرضها، دون أي رادع قانوني أو أخلاقي».
وأكدت الخارجية على أن ملف هذه الجريمة على طاولة المحكمة الجنائية الدولية، وأنه يحظى باهتمام كبير من قبل الرئيس محمود عباس، وأنها تتابع كل التفاصيل القانونية المتعلقة بهذه الجريمة.
وطالبت المجتمع الدولي ومؤسسات الأمم المتحدة ومنظماتها المختصة بمساءلة الحكومة الإسرائيلية للكشف عن مدى تورطها في مثل هذه الجرائم، ومحاسبة المجرمين ومن يقف خلفهم ويدعمهم بكل الأشكال.
من جهتها، دعت حركة حماس، إلى القيام بعمليات نوعية، في الضفة لتأديب المستوطنين، ردا على جريمة إحراق عائلة دوابشة. وقال الناطق باسم حركة حماس، حسام بدران، في بيان: «نحن على يقين بأن شعبنا لن ينكسر، وأن جذوة المقاومة لن تنطفئ، وأن تصاعد المقاومة في الضفة لن يتراجع وصولاً إلى المواجهة الشاملة المباشرة مع المحتل من أجل تغيير الوقائع على الأرض». وأضاف: «لقد بات واضحًا أن التحركات السياسية والاعتماد على المواقف الدولية لتوفير حماية لشعبنا أمام إجرام المحتل لم يأتِ على شعبنا إلا بالانتكاسات والنتائج الفاشلة، وما من سبيل سوى التحرك الذاتي في الضفة، وقيام شعبنا بمقاومة الاحتلال بما امتلكوا من أدوات».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.