تحية إلى أم كلثوم من «مهرجانات بيت الدين» بصوت ريهام عبد الحكيم

بمناسبة مرور 40 سنة على رحيل «كوكب الشرق»

حفل ختام «مهرجانات بيت الدين»  -  ريهام عبد الحكيم تغني لكوكب الشرق
حفل ختام «مهرجانات بيت الدين» - ريهام عبد الحكيم تغني لكوكب الشرق
TT

تحية إلى أم كلثوم من «مهرجانات بيت الدين» بصوت ريهام عبد الحكيم

حفل ختام «مهرجانات بيت الدين»  -  ريهام عبد الحكيم تغني لكوكب الشرق
حفل ختام «مهرجانات بيت الدين» - ريهام عبد الحكيم تغني لكوكب الشرق

المسك كان خاتمة «مهرجانات بيت الدين» بحفل خصص لـ«كوكب الشرق» أم كلثوم، تحية لها بمناسبة مرور 40 سنة على رحيلها. بصوت ريهام عبد الحكيم، التي ترعرعت في كورال أطفال أوبرا القاهرة، وغنت الكلثوميات مبكرا جدا، استمعت الجماهير، التي احتشدت في هذه الأمسية، إلى أربع أغنيات من عيون ما تركته سيدة الغناء العربي، تمايلوا وصفقوا وانتشوا، حتى بدا أن مسًّا من الانشراح الغامر خيم على القصر الشهابي التاريخي العريق.
البداية كانت بفيلم وثائقي، يروي حكاية أم كلثوم منذ كانت طفلة في الريف، مرورا بانتقالها إلى القاهرة، وتربعها على عرش الغناء العربي الأصيل وبلوغها ما لم تصل إليه مطربة عربية قبلها.
الحكاية تبدأ منذ 1936، حيث كانت مصر تتململ للتخلص من الاحتلال. تاريخ أم كلثوم مرتبط بالمسار الوطني العام. هزيمة 1948 وغناؤها في زمن الملك فاروق، هي محطات أخرى يرويها الوثائقي، ومن ثم انقلاب الضباط الأحرار وحجب صوتها عن الإذاعة المصرية، وسؤال عبد الناصر عن سبب غيابها، ليجيب القيمون أنها من زمن الملك فاروق، فما كان من عبد الناصر يومها إلا أن سأل: «وهل هدمنا الأهرامات أو استغنينا عن النيل؟ هل تريدون للناس أن ينقلبوا علينا؟ أعيدوا صوت أم كلثوم إلى الإذاعة».
الفيلم يتابع حكاية أول خميس من كل شهر، حيث تحولت تلك الأمسيات إلى إدمان عربي على حفل أم كلثوم الذي كانت تنقله الإذاعة المصرية، وينتظره العرب في كل مكان. عبد الناصر كان يمتنع عن إلقاء أي خطب يمكن أن يتضارب موعدها مع حفلات السيدة المنتظرة. ارتبط صوت أم كلثوم بالأحداث الوطنية المصرية، ومنها تأميم قناة السويس و«هزيمة 67»، ليست أم كلثوم صوتا عابرا، إنها الوجدان العربي في صعوده وهزائمه وآلامه الطوال.
الفرقة الموسيقية بقيادة الشهير الأمير عبد المجيد، عزفت المطلع الموسيقي الرائع لأغنية «ألف ليلة وليلة».. هذا اللحن الذي يعد من بين أجمل ما وضعه بليغ حمدي. بدت الموسيقى فتية، حيوية، بعد 46 عاما على ولادتها. «هوا العمر إيه غير ليلة زي الليلة.. زي الليلة»، لازمة بقيت تثير تصفيقا حارا كلما أعادتها ريهام عبد الحكيم، مختتمة مقطعا جديدا من قصيدة مرسي جميل عزيز، هذه التي لا تني تحرك قلوب عشاق أم كلثوم.
«فكروني» من كلمات عبد الوهاب محمد وألحان محمد عبد الوهاب، كانت الأغنية الثانية، حيث دخل الحضور في مفردات أم كلثوم الأكثر تكرارا في أغنياتها، على وقع «الحيرة» و«النار» و«العذاب» و«الغيرة» و«الخصام» و«الهجر» و«الحنان» و«الحب». لعل بعض من حضر هذا الحفل خاصة من الجيل الجديد، نادرا ما تسنى له أن يستمع لأغنيات كاملة لأم كلثوم، هذه مناسبة لاكتشاف طرب لم يعد له متسع من الوقت أو حتى من الصبر. التحية أرادتها «مهرجانات بيت الدين» ليس لتسجيل موقف عابر، إنها دعم وزاد لمن لا يعرف كوكب الشرق بالقدر الكافي، كي يعيش مناخات أغنياتها وأدائها، وخياراتها الشعرية والموسيقية. بين من جاء تحكمه «نوستالجيا» إلى أيام زمان، ومن حثه الفضول على معرفة أعمق بهذا الركن من أركان الطرب العربي، قدمت الألحان دون كبير تجديد أو توزيع، كأنما أريد للحضور أن يستعيد أم كلثومه أقرب ما تكون إلى النسخة الأصل. وقد نجحت الفرقة الموسيقية بمهارة بعزف نظيف، نقي، محترف وممتع.
كان لا بد من انتظار الجزء الثاني من الحفل، بعد الاستراحة، ليتجلى صوت ريهام عبد الحكيم، بكامل قوته وبهائه مع أغنية «أنت عمري» التي كانت فاتحة التعاون بين قطبي الغناء العربي أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، والتي ستثمر بعد ذلك روائع فنية لا يزال العرب يتفاخرون بها. الكلمات البديعة لأحمد شفيق كامل، تردد صداها في جنبات ساحة القصر، بينما كان الجمهور يسابق ريهام تارة، ويغني بمعيتها تارة أخرى: «اللي شفته قبل ما تشوفك عنيا، عمر ضايع يحسبوه إزاي عليا، انت عمري اللي ابتدى بنورك صباحه. يا أغلى من أيامي، يا أحلى من أحلامي، خدني لحنانك خدني، عن الوجود وابعدني، بعيد بعيد أنا وانت، بعيد بعيد وحدينا».
وبلغ الحفل الذروة مع رائعة أم كلثوم «الأطلال» للشاعر إبراهيم ناجي، التي صار بعض مقاطعها من أشهر أبيات الشعر العربي بفضل صوت أم كلثوم، وما كتب لهذه القصيدة من شهرة حين غنتها بعد 13 سنة من وفاة كاتبها: «هل رأى الحب سكارى مثلنا، كم بنينا من خيال حولنا، ومشينا في طريق مقمر، تثب الفرحة فيه قبلنا، وضحكنا ضحك طفلين معا، وعدونا فسبقنا ظلنا».
تسلطنت ريهام وهي تؤدي «الأطلال»، وأجادت الفرقة في تقديم هذا اللحن السنباطي الخالد، وبدا أن الحفل يحتاج لأن يمتد أطول، فيما كانت لسعة البرد الجبلية تزداد حدة. وعلى وقع تصفيق الحضور، عادت ريهام، لتعيد مرة أخرى خاتمة هذه الأغنية الجميلة والمؤثرة مع الجمهور: «يا حبيبي كل شيء بقضاء، ما بأيدينا خلقنا تعساء. ربما تجمعنا أقدارنا ذات يوم بعدما عز اللقاء. فإذا أنكر خل خله وتلاقينا لقاء الغرباء، ومضى كل إلى غايته، لا تقل شئنا.. فإن الحظ شاء».
بكلمات هذه القصيدة التي باتت وشما محفورا في الذاكرة العربية، اختتمت مهرجانات هذه السنة، مسجلة لمنظميها شجاعة وإصرارا على الضرب بكل المعوقات عرض الحائط، في سبيل إبقاء صيف لبنان هانئا، متعة لمن يريد أن يستمتع، بعيدا عن الاحتجاجات والمظاهرات.
وهذه هي المرة الثانية التي تحتفي فيها «مهرجانات بيت الدين» بأم كلثوم، فقد كانت المرة الأولى عام 2009، بمناسبة مرور مائة سنة على ولادتها، بصوت آمال ماهر، التي قدمت حفلا متميزا جدا يومها مع مختارات من أغنيات كثيرة لكوكب الشرق، بتوزيع جديد. لكن آمال ماهر التي كان جمهور «بيت الدين» على موعد معها للمرة الثانية هذه السنة، اشترطت بعد الإعلان عن حفلها غناء بعض من أغنياتها الخاصة، وهو ما لم توافق عليه لجنة المهرجانات، على اعتبار أن الحفل هو تحية لأم كلثوم فقط، مما تسبب بانسحاب ماهر، واستبدال ريهام عبد الحكيم بها.
ثلاثون شمعة أطفأتها «مهرجانات بيت الدين» هذه السنة، بزخم لا يزال مشتعلا، والاتصالات بدأت من الآن للاتفاق مع فنانين جدد لحفلات العام الحادي والثلاثين، وصيفه الذي يؤمل أن يكون آمنا وطربا.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)