مصممة غرافيك تدمج سحر الماضي في أيقونات عصرية

«كوكب الشرق» تطل بشكل جديد عبر تصاميم الفن الرقمي

نقل الروح العربية إلى المفروشات والأقمشة بشكل عصري  -  سحر خاص في صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم  -  دمج بين تعريف الكلاسيكية والحداثة في استخدام الألوان
نقل الروح العربية إلى المفروشات والأقمشة بشكل عصري - سحر خاص في صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم - دمج بين تعريف الكلاسيكية والحداثة في استخدام الألوان
TT

مصممة غرافيك تدمج سحر الماضي في أيقونات عصرية

نقل الروح العربية إلى المفروشات والأقمشة بشكل عصري  -  سحر خاص في صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم  -  دمج بين تعريف الكلاسيكية والحداثة في استخدام الألوان
نقل الروح العربية إلى المفروشات والأقمشة بشكل عصري - سحر خاص في صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم - دمج بين تعريف الكلاسيكية والحداثة في استخدام الألوان

سحر خفي يجذب محبي الفن والتصميم في الوقت المعاصر إلى عقدي الستينات والسبعينات، تلك الحقبة التي شهدت أرقى الأعمال الفنية والأدبية وقدمت إلى العالم العربي رصيدا من الذكريات يومض من وقت إلى آخر في نوبات من النوستالجيا المشدودة إلى عبق الماضي وارتباطه بالحواس البصرية والسمعية.
ربما هذا ما دفع مصممة الغرافيك الفلسطينية منار منجد إلى طرح مجموعتها الجديدة من تصاميم، تدمج بين تعريف الكلاسيكية والحداثة في استخدام الألوان، عبر أسلوب الريترو وهو يضم كل ما هو كلاسيكي معتق، يحمل نكهة عقدي الستينات والسبعينات.
وقالت منجد لـ«الشرق الأوسط» إنه منذ فترة طويلة ويدور الحديث بيني وبين الأصدقاء من متذوقي الفن والموسيقي، حول تلك العلاقة الحميمة التي تجمع بين الموسيقي والألوان وصور «الأرت وورك» (غلاف الألبوم) التي تظهر مع أجهزة الهواتف الذكية والتي يرتبط بها بشدة محبو الموسيقي.
وتضيف: «هناك سحر خاص في صوت كوكب الشرق السيدة أم كلثوم، هذا السحر ربما لا يقع في صوتها فقط، بل في الوجود في مجالها وتكوينها، من تفاصيل تعبر بك إلى الجانب الآخر من الزمن، كلما أتقنت التركيز فيها وهي تشدو بأجمل القصائد والأغاني».
وتابعت: «جاءت الفكرة في إحدى الليالي، باستخدام أسلوب الريترو، وهو اتجاه شائع استخدامه في مجال التصميم منذ بداية السبعينات تقريبا، للربط بين أغاني السيدة أم كلثوم، خاصة وأن فترة الستينات والسبعينات من القرن الماضي، كانت الأكثر إنتاجا للقصائد والأغاني المستمر وجودها حتى الآن».
وتضيف منجد: «استخدمت التصاميم القديمة ذات الطابع التقليدي، ميكروفونًا قديمًا، وشرائط الكاسيت، ورق الجدران ونماذج لسيارات قديمة وأجهزة تليفون». فتجد عبارة «على بلد المحبوب وديني» بجانبها سماعة هاتف سوداء، أو تلك الجملة رائعة التكوين التي يقولها مقدم الحفل «السيدة أم كلثوم تشدو رائعتها يا مسهرني»، وهي تخرج من غرامافون قديم وعتيق.
ثم تطورت الفكرة، من مجرد تصاميم لأغلفة أقراص مدمجة لأغاني كوكب الشرق، إلى طباعتها على أغطية الوسائد، ولوحات من القماش المشدود على الخشب، وكذلك طباعتها على قواعد فناجين القهوة.
وكان من أكثر الفئات إقبالا على المنتجات، الشباب الذين يقضون سهراتهم في سماع أغاني أم كلثوم عبر أثير الراديو، بحثا عن ممر للزمن الجميل، الذي لم تسعفهم الفرصة للاستمتاع بالحياة فيه.
وتعي منجد أنها تعبر عن مظاهر الحياة من زاوية خاصة، فتحرص دائما على أن تكون ألوانها مرئية، حيث يطغى على أعمالها الطابع الشرقي العربي والاهتمام بالخط العربي، كما تتميز أعمالها أيضًا بالتنوع من ناحية الألوان والموضوعات، حيث تحرص على أن تعكس أعمالها الصورة المعاصرة للحياة في العالم العربي والتي تتمازج كثيرًا مع أسلوب الحياة الغربي والتكنولوجي، بالإضافة إلى التعبير عن حنين واهتمام الجيل بالإرث الفني والثقافي الذي تركه لنا الجيل السابق.
وتسعى المصممة عبر مشروعها الأخير إلى نقل الروح العربية إلى المفروشات والأقمشة بشكل عصري، وهو مشروع تعمل عليه حاليًا لتصميم مجموعة من المفروشات العصرية ذات الطابع الشرقي العربي تحديدًا.
تؤمن منار أن الفن لا يستطيع أحد حبسه أو وضعه في قوالب معينة، خاصة الفن المرئي، الذي تجده منفذًا لإيصال الأصوات والتعبير عن أسلوب الحياة، وكذلك التوثيق للمرحلة التي يعيشها الإنسان، وكأنها ألبوم كامل للأحاسيس والأفكار والمطالب والعادات، التي يعيشها الإنسان عبر واقعه اليومي الراهن. ولم تتخل منجد عبر تصاميمها، عن هويتها العربية التي تظهر بوضوح عبر إقامتها بين القاهرة ودبي، حيث تميز أسلوبها بتعبيرية رمزية شديدة البساطة والشفافية، برزت على نحو خاص في تصويرها، مستخدمة الحروف العربية، وهو ما يشكل عاملا مشتركًا بين التصاميم.
ولا يقف الأمر عند كوكب الشرق، بل تضم المجموعة نماذج من الفنانين والرموز العربية من مصر وبلاد الشام ودول الخليج، هؤلاء الرموز الذين أثروا الحياة الفنية والأدبية. إلى جانب ذلك، تطمح منجد لتقديم مجموعة أخرى عن التصاميم الداخلية للمقاهي والمسارح الفنية، تلك الساحات النابضة بالحس الشرقي.
وقدمت منجد قبل ذلك تصاميم عبارة عن مجموعة عبارات إيجابية، وصور ملونة تحمل رسائل مشجعة للعمل والإنتاج، وللتفكير بإيجابية في مختلف شؤون الحياة بشكل عام. وتحلم منجد بعرض أعمالها في معرض بريو دي جانيرو أو نيويورك، ليشاهد العالم الشخصيات المؤثرة في العالم العربي، بعد أن تكتمل المجموعة، وأن يكون معرضًا للفن الرقمي والغرافيك، لأنها ترى أن الطريقة الرقمية الآن هي نوع من أنواع الفنون التي يسعى إليها الجميع.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».