علماء الدين اليمنيون يتفقون في الرياض على توحيد الصف بين الطوائف الدينية

آل الشيخ لـ {الشرق الأوسط}: هناك إدراك في الداخل لخطورة المرحلة المقبلة

علماء الدين اليمنيون يتفقون في الرياض على توحيد الصف بين الطوائف الدينية
TT

علماء الدين اليمنيون يتفقون في الرياض على توحيد الصف بين الطوائف الدينية

علماء الدين اليمنيون يتفقون في الرياض على توحيد الصف بين الطوائف الدينية

قال وزير الشؤون الإسلامية السعودي الشيخ صالح آل الشيخ لـ«الشرق الأوسط» إن علماء اليمن الشرعيين أكدوا على نبذ العنف وتوحيد الخلافات والصف بين الشعب اليمني شمالا وجنوبا، وذلك في ظل استشعارهم بوجود عدو واحد مشترك، مشيرًا إلى أن علماء اليمن يدركون خطورة المرحلة المقبلة، وأن ما حصل في بلادهم هو ظلم كبير، وسط تأييد من علماء الدين اليمنيين.
وأوضح آل الشيخ، عقب حضوره الاجتماع الثاني لبرنامج التواصل مع علماء اليمن، بالرياض أول من أمس، أنه لا يستبعد ظهور جماعات دينية جديدة، تختلف في أسمائها وتتفق مع الجماعات الحالية في أهدافها الرئيسية، وهي التمرد على الشرعية اليمنية، مشيرًا إلى أن علماء الدين اليمنيين أخذوا في الحسبان ظهور جماعات تمثل الميليشيات الحوثية، وكذلك إيران، ولكن بأسماء جديدة.
وأضاف آل الشيخ أن علماء اليمن متابعون لهذا الأمر وما يستدعي تحوله، وذلك لتوضيحه للشعب اليمني، في حال وقوعه.
وأشار وزير الشؤون الإسلامية السعودية أن علماء اليمن الذين اجتمعوا في العاصمة السعودية الرياض اتفقوا على توحيد الصف، وإذابة الجليد بين 16 فئة من الفئات اليمنية الحاضرة لتمثيل جميع الطوائف الدينية باليمن، الذين عزموا على المضي وفق رؤية واحدة، مؤكدًا أن ما حصل في اليمن من اعتداء من قبل الميليشيات الحوثية، ومن يقوم بمعاونتهم، كان ظلمًا كبيرًا للشعب اليمني. وأضاف: «العلماء اليمنيون يدركون صعوبة المرحلة المقبلة، في ما يتعلق بالخطاب الإرشادي في اليمن، واتفقوا على التركيز على حث المقاومة الشعبية، وشحذ هممهم لأداء الواجب تجاه بلادهم، وأن عاصفة الحزم آتت ثمارها وكسرت جزءًا كبيرًا من قدرات المعتدين الذين أضروا باليمن».
وكان الوزير آل الشيخ تحدث في مؤتمر صحافي في الوزارة بالرياض، قال فيه إن العلماء الذين حضروا وتفاعلوا مع البرنامج أكدوا على ضرورة نبذ الخلافات وتوحيد الكلمة والصف، ودعوة المجتمع اليمني إلى ذلك، في ظل استشعارهم وجود عدو واحد مشترك، وأن الخطر الذي داهم أمن واستقرار اليمن وأهله ومقدراته، في الوقت الذي يمثل هذا الاجتماع جميع العلماء اليمنيين من مختلف الأطياف.
وحول برامج التواصل مع علماء الدين في اليمن وآلية تطبيقه، أوضح وزير الشؤون الإسلامية أن هذا البرنامج يأتي ضمن برنامج تتبناه الوزارة، تحت إطار التواصل مع العالم الإسلامي، وتنفذه عبر نسخ متعددة بحسب احتياج البلدان الإسلامية، وأن الاجتماع الذي سبق المؤتمر الصحافي خصص لاستعراض البرامج التي يرغب علماء اليمن في تنفيذها، إلى جانب طريقة العمل المستقبلية، وبرنامج التواصل مع علماء اليمن ليس مرتبطًا بمرحلة معينة، بل مرحلي يمتد لسنوات طويلة وفق الخطط المرسومة.
من جهة أخرى، قال الشيخ عبد الوهاب الدليمي، وزير الشؤون الإسلامية السابق وعضو هيئة علماء اليمن، هناك دعوة لمقاومة الفكر المتطرف، وتوحيد الكلمة بين العلماء وكل أطياف الشعب اليمني من جنوبه إلى شماله لحقن الدماء ووقف الدمار وإعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.