قصة حب فرنسية رباعية تجري في الهند

المخرج كلود لولوش في أحدث أفلامه {واحد + واحدة}

كلود لولوش أثناء التصوير
كلود لولوش أثناء التصوير
TT

قصة حب فرنسية رباعية تجري في الهند

كلود لولوش أثناء التصوير
كلود لولوش أثناء التصوير

هل ما زالت أفلام الحب والرومانسية تجد من يشتريها في السوق؟ إذا لم يأتِ الرهان من فرنسا، البلد الذي يتميز أهله بالتطرف العاطفي، فمن أين يأتي؟ أما الذي يقف وراء الكاميرا فهو كلود لولوش، المخرج الذي قدم قبل 50 عامًا تحفة صغيرة من النوع الرومانسي تتمثل بفيلم «رجل وامرأة» الذي حاز شهرة عالمية.
تستقبل الشاشات الفرنسية، هذا الأسبوع، آخر أفلام لولوش وعنوانه: «واحد زائد واحدة». وكما جرت العادة، فإن الجمهور ينتظر الفيلم الجديد الذي يشترك في بطولته اثنان من أقدر الممثلين، هما جان دوجاردان وإلزا زيبرشتين، بالإضافة إلى كريستوف لامبير وأليس بول. ومن الجدير بالذكر أن دوجاردان انتظر طويلاً قبل أن يرتقي إلى مرتبة النجومية. وبعد سنوات من أداء أدوار عادية والظهور في مسلسل عائلي تلفزيوني يومي، جاءته الفرصة ليقوم ببطولة فيلم صامت بالأبيض والأسود، على سبيل تأدية التحية للأفلام الأميركية ونجومها الذين سبقوا ظهور السينما الناطقة. وكانت المفاجأة أن الفيلم لقي موزعًا كبيرًا في الولايات المتحدة ولفت انتباه النقاد، الأمر الذي جعل من دوجاردان أول ممثل فرنسي ينال «أُوسكار» أفضل ممثل، عام 2012. لكن النجاح في المهنة ترافق مع فشل في الحياة الخاصة؛ فقد انفصل الممثل عن زوجته ألكسندرا لامي، رفيقة درب الفن التي شاركته الظهور التلفزيوني لسنوات طوال.
قصة الحب التي يقترحها لولوش على المشاهدين في فيلمه الجديد، تتحدث عن رجل متزوج مشغول بعمله بحيث إنه لا ينتبه لما يجري حوله في دنياه ولا إلى المحيطين به. لا شيء له أهمية سوى العمل. لكن القصص السينمائية لا تجتذب أحدًا دون ظهور المفاجآت. والمفاجأة هي لقاء البطل بامرأة تمكنت من اختراق الخط الأحمر الذي كان قد رسمه حول حياته. بعد ذلك تسير الأحداث بشكل يجمع بين الطرافة والحميمية. وهناك نفحة رومانسية تناسب عمري البطلين اللذين تجاوزا الأربعين، ستلقى صداها لدى الفئة العمرية من المشاهدين الذين نشأوا على ذكريات فيلم «رجل وامرأة» وموسيقاه الخفيفة الشهيرة.
يقوم الزوجان برحلة طويلة إلى الشرق، مع ثنائي آخر، في نوع مما يُسمى بسينما الطريق، حيث يصل الجميع إلى الهند التي تصبح، بثرائها ومناظرها، شخصية خامسة في الفيلم، ما بين مومباي ودلهي. ومن خلال قصة الحب الرباعية هذه، يبدو واضحًا كم يحب لولوش أن يختار ممثليه من أولئك الذين يجمعون في شخصياتهم بين الجد والطرافة. وهو بهذا يستمتع بتحدي ممثليه لكي يبدعوا ويكشفوا عن مواهبهم ويقدموا الوجوه المتعددة لكل واحد منهم.
يأتي الفيلم الجديد بعد 9 أشهر فقط على عرض «نحبك يا وغد»، آخر أفلام لولوش. وهذا معناه أنه بدأ تصوير الفيلم الجديد في الأسبوع الأول من العام الحالي، حسب تصريحاته التي نشرتها الصحف. وقد استغرق التصوير 6 أسابيع في الهند. ودار أول مشاهد التصوير على متن طائرة تابعة للخطوط الفرنسية، قبل إقلاعها. وقد تعب المخرج البالغ من العمر 77 عامًا لكي يحصل على الموافقة على التصوير في طائرة تقوم برحلة حقيقية. لكنه المخرج الفرنسي الذي يكفي أن يطرق الأبواب فتفتح له.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».