مجلس الأمن يطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار في جنوب السودان

هدد بفرض عقوبات على الأطراف التي تنتهك اتفاق السلام

مجلس الأمن يطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار في جنوب السودان
TT

مجلس الأمن يطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار في جنوب السودان

مجلس الأمن يطلب وقفًا فوريًا لإطلاق النار في جنوب السودان

دعا مجلس الأمن الدولي، مساء أول من أمس، إلى «وقف فوري ودائم لإطلاق النار» في جنوب السودان، مهددًا بفرض عقوبات على الأطراف المتحاربة التي تنتهك اتفاق السلام الذي وقع الأربعاء الماضي في جوبا.
وقال المجلس في إعلان تبنته الدول الـ15 الأعضاء فيه، إنه «يشيد بتوقيع» هذا الاتفاق من قبل رئيس جنوب السودان سلفا كير، بعد أسبوع من توقيعه من قبل خصمه رياك مشار، داعيًا الجانبين إلى «التطبيق الكامل للاتفاق». وأعرب أعضاء المجلس عن «قلقهم من أي تصريح صادر من أي جهة كانت، يدل على نقص في الرغبة في تطبيق الاتفاق»، وذلك في تلميح مبطن إلى التحفظات الكثيرة الصادرة عن الرئيس كير عند توقيعه الاتفاق.
كما طالب المجلس «كل الأطراف ذات الصلة باحترام وقف فوري ودائم لإطلاق النار»، معبرًا عن «التصميم على اتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان تطبيق كامل وتام للاتفاق»، في إشارة إلى احتمال فرض عقوبات.
ويمكن أن تكون هذه العقوبات عبارة عن «حظر على الأسلحة»، أو «عقوبات محددة الأهداف»، أي تجميد أرصدة ومنع من السفر، وفي هذا الصدد عبر المجلس في البيان عن «استعداده للنظر في وضع إجراءات مناسبة»، بما في ذلك «فرض حظر على الأسلحة وعقوبات محددة الأهداف».
وكانت الولايات المتحدة قد أحالت على مجلس الأمن مشروع قرار ينص على فرض حظر على الأسلحة، وعقوبات في حالة عدم احترام اتفاق السلام، وحدد المجلس مهلة تنتهي الثلاثاء للتأكد من رفع كير تحفظاته واتخاذ قرار على الأرجح، بينما أكد إعلان المجلس مجددًا أن المسؤولين عن حدوث انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان «سيحاسبون».
ونص اتفاق السلام الموقع الأربعاء على سريان بدء وقف إطلاق النار أمس. لكن كير أعلن أنه أمر جيشه بوقف المعارك مع المتمردين منذ الجمعة. ويفترض أن ينهي الاتفاق 20 شهرًا من الحرب الأهلية في جنوب السودان التي خلفت عشرات آلاف القتلى، وأجبرت 2.2 مليون نسمة على الفرار من منازلهم. وخلال هذا النزاع الذي شهد مجازر وفظاعات، تم إبرام ما لا يقل عن سبعة اتفاقات لوقف إطلاق النار كانت في كل مرة تنتهك في غضون ساعات فقط، أو أيام على أبعد تقدير.
وتبادل المتمردون والجيش في جنوب السودان، أول من أمس، للمرة الثانية خلال أسبوع الاتهامات بشن هجمات، ولكنها جاءت هذه المرة بعد يوم واحد من توقيع الرئيس سلفا كير على اتفاق سلام يبدو هشًا.
وفي هذا الشأن، قال المجلس إنه «يعترف بأن هذا الاتفاق هو الخطوة الأولى لإنهاء الوضع السياسي والاقتصادي الصعب والكارثة الإنسانية والأمنية الناجمة عن هذه الأزمة». بينما قال جوي أوجو، المندوب الدائم لنيجيريا لدى الأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن في دورته الحالية، إن المجلس «يدعو الأطراف بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى تنفيذ الاتفاق بشكل كامل».



للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
TT

للمرة الأولى منذ عقود... مقاتلات فرنسا تغادر سماء تشاد

جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)
جنود فرنسيون يودعون أقرانهم التشاديين خلال مغادرة المقاتلات الفرنسية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

سحب الفرنسيون من تشاد، الثلاثاء، مقاتلات عسكرية من طراز «ميراج 2000»، ليصبح البلد الأفريقي مترامي الأطراف والحبيس في قلب القارة السمراء، خالياً من أي مقاتلات فرنسية لأول مرة منذ أن نال استقلاله عن باريس قبل 6 عقود.

اليوم، أصبحت سماء تشاد هادئة من أزيز «الميراج» الفرنسية، وأغمضت العين الفرنسية التي ظلّت لعقود طويلة رقيباً لا يغفل على أرض تشاد الشاسعة، الممتدة من صحراء أوزو الحارقة شمالاً، وصولاً إلى أحواض بحيرة تشاد الرطبة في أقاصي الجنوب.

الطائرة التي تُمثّل فخر الصناعة العسكرية الفرنسية، ظلّت لسنوات طويلة صاحبة الكلمة الأولى في السماء التشادية، والسلاح الحاسم الذي تدخّل لقلب موازين السياسة أكثر من مرة، خصوصاً حين حاصر المتمردون القادمون من الشمال الرئيسَ الراحل إدريس ديبي في 2006 و2019.

بداية الرحيل

طائرة «ميراج» فرنسية وهي تغادر قاعدة «غوسي» التشادية الثلاثاء (الجيش الفرنسي)

في حدود منتصف نهار الثلاثاء، كان الجنود الفرنسيون في قاعدة «غوسي» العسكرية في عاصمة تشاد إنجامينا، يتبادلون الابتسامات الباهتة مع أقرانهم التشاديين، فطغت على أجواء الوداع حميمية مصطنعة، وهم يستعدون لركوب طائرات «الميراج»، في رحلة ذهاب دون عودة، نحو فرنسا.

رفع الطيار العسكري الفرنسي يده بتحية عسكرية صارمة، من وراء زجاج طائرته النفاثة، وألقى نظرة أخيرة، ثم حلّق عالياً لتكون بذلك بداية انسحاب فرنسي من بلد دخله أجداده مستعمرين مطلع القرن العشرين، أي قبل 120 عاماً.

الجيش الفرنسي قال في بيان مقتضب تعليقاً على سحب طائراته العسكرية، إن القرار جاء بعد أن قررت تشاد إنهاء العمل باتفاقية التعاون الأمني والعسكري مع فرنسا، يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. وأضاف أن «وجود هذه الطائرات كان تلبية لحاجة سبق أن عبّر عنها الشريك (التشادي)».

فيما قال مصدر فرنسي إن وجود المقاتلات الفرنسية في تشاد لم يعُد مبرّراً بعد إنهاء التعاون العسكري بين البلدين، وأضاف أن «فرنسا تنهي نشر مقاتلاتها في قاعدة (غوسي) الجوية في إنجامينا. والجيش الفرنسي اتخذ قراراً بسحب طائراته الحربية».

رحيل تدريجي

وزير خارجية تشاد، عبد الرحمن كليم الله، نشر تغريدة مقتضبة على موقع «إكس»، قال فيها: «إنه بعد الانسحاب النهائي لمقاتلات (الميراج) الفرنسية وطائرة الدعم والإسناد، نفذت المرحلة الأولى من سحب القوات الفرنسية في تشاد».

كما نشرت الخارجية التشادية بياناً قالت فيه: «إن هذا الحدث يُمثل خطوة كبيرة في تنفيذ الجدول الزمني المتفق عليه بين الطرفين» بخصوص مغادرة القوات الفرنسية، قبل أن تشير إلى أنه «سيتم الترحيل التدريجي للقوات البرية خلال الأسابيع المقبلة».

ويوجد في تشاد نحو ألف جندي فرنسي، كانوا موجودين بموجب اتفاق تعاون عسكري موقع منذ عقود، وجرى تجديده عام 2019، ولكن تشاد قررت الشهر الماضي أن تنهيه من جانب واحد من أجل «تجسيد السيادة» على أراضيها.

وفي هذا السياق، قالت الخارجية التشادية إن الشعب التشادي «يتطلّع إلى مستقبل تحظى فيه السيادة الوطنية بالاحترام الكامل، وتتولى فيه القوات المسلحة الوطنية بشرف وكفاءة الدفاع عن أراضيها وأمن مواطنيها».

ولكنها في الوقت نفسه، شدّدت على «فكّ الارتباط (مع فرنسا) يتم بروح من الاحترام المتبادل والحوار البنّاء للحفاظ على العلاقات الثنائية بين تشاد وفرنسا في المجالات الاستراتيجية الأخرى ذات الاهتمام المشترك».

لجنة مشتركة

جنديان تشاديان خلال مناورات مع سلاح الجو الفرنسي (أرشيف الجيش الفرنسي)

ورغم أن البلدين لم يُعلنا أي تفاصيل حول الجدول الزمني لسحب القوات الفرنسية، فإن المصادر تؤكد تشكيل «لجنة مشتركة» تتولّى الإشراف على العملية، وقد عقدت هذه اللجنة اجتماعها الأول يوم الجمعة الماضي، دون إعطاء أي تفاصيل.

في هذه الأثناء، وصفت صحف فرنسية واسعة الانتشار من بينها «لوموند» ما يجري بأنه «صفعة موجعة» تتلقّاها فرنسا في بلد ظلّ لعقود يمثل حليفاً استراتيجياً في أفريقيا، واليوم يُعدّ آخر مركز نفوذ لفرنسا في منطقة الساحل الأفريقي، حيث سبق أن انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

ويصر الفرنسيون على أن ما يحدث في تشاد مختلف عما جرى في دول الساحل الأخرى؛ حيث وقعت قطيعة تامة مع باريس.

ويقول مصدر وصفه الإعلام الفرنسي بأنه قريب من الملف: «إن التشاديين لم يطلبوا سحب القوات بشكل فوري، وبهذه السرعة»، وأضاف: «نحن من أراد التحكم في الانسحاب» تفادياً لأي مفاجآت.