السجن 11 عامًا لـ«داعشي فرجينيا السوداني»

وسط انتقادات لـ«قسوة» الحكم على المراهق

السجن 11 عامًا لـ«داعشي فرجينيا السوداني»
TT

السجن 11 عامًا لـ«داعشي فرجينيا السوداني»

السجن 11 عامًا لـ«داعشي فرجينيا السوداني»

وسط انتقادات بأنه قام بدور ثانوي وأنه مراهق، قابلتها ردود بأنه يجب أن يكون درسا لغيره، حكمت محكمة فيدرالية في ولاية فرجينيا أول من أمس على شكري أمين (17 سنة)، المهاجر من السودان، بالسجن 11 عاما لنشاطاته لحساب تنظيم داعش.
وعندما نطق القاضي بالحكم، لم تظهر أي علامات انفعال على وجه أمين، وقبيل صدور الحكم عليه قرأ في هدوء ودون انفعال أيضا بيانا قصيرا جاء فيه: «لم أطلب عطفا، ولم أتوقع عطفا. اتخذت القرار الذي اتخذته، وأنا مستعد لتحمل كل نتائجه».
وأعلن جو فلاد، محامي أمين، أنه أصيب بخيبة أمل بسبب «القسوة على مراهق»، لكنه أثنى على القاضي لأن الادعاء كان طالب بالسجن مدى الحياة.
بدورها، قالت دانا بويني، ممثلة الادعاء، إن الحكم «يرسل رسالة مهمة جدا بأن هذه الجرائم الإرهابية تهدد أمن المجتمع، ونحن مصممون على التعامل معها بقسوة».
ولد أمين في السودان، وجاء إلى الولايات المتحدة مع والدته عندما كان عمره سنتين فقط، وفي وقت لاحق، حصل على الجنسية الأميركية، حسب خطابات وسجلات طبية ومواد أخرى قدمها محاميه إلى المحكمة. جاء في مرافعة المحامي: «كانت الحياة في الولايات المتحدة ليست دائما سهلة بالنسبة لموكلي»، مشيرا إلى أن موكله تربى في ولاية فرجينيا وأصيب بمرض «كرون» وصار يتقيأ أحيانا أمام زملائه في المدرسة، وكان قريبا من والدته التي كتبت أنه كان ينام في السرير معها حتى بلغ الـ13 من العمر.
غير أن زواج والدة أمين مرة ثانية أضاف إلى مشكلاته، وجعله يقطع علاقاته مع كثير من أفراد عائلته، ثم صار مستاء مما عده «وحشية ضد المسلمين في الشرق الأوسط»، وانكب على الإنترنت لمعرفة المزيد عن الأحداث، وعن الإسلام.
في الوقت نفسه، كان أمين جيدا في المجال الأكاديمي، ودخل في برنامج أكاديمي ابتكاري صارم. لكن، عندما زادت مشكلاته الصحية، خرج من البرنامج في أوائل عام 2014، وبدأ يقضي وقتا أكبر داخل الإنترنت.
في الربيع الماضي، اعتقلت شرطة مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) أمين وقالت إنه سيحاكم لمساعدته تنظيم داعش، وإنه كان «خبير (داعش) في شؤون العملة الإلكترونية (بيتكوين)»، وإنه ساعد زميله رضا نيكنجاد، الصبي المهاجر من إيران، في الانضمام إلى «داعش»، وفعلا نقله إلى المطار عندما سافر نيكنجاد إلى سوريا (لا يعرف مصيره في الوقت الحاضر).
وكان أمين يدير صفحة «أميركان ويتناس» (شاهد أميركي) في موقع «تويتر» على الإنترنت، وهو الموقع الذي وصل عدد متابعيه إلى أكثر من 4 آلاف خلال أشهر قليلة. ومما كتب عن العملة الإلكترونية «بيتكوين» أن «لهذا النظام القدرة على إحياء سنة التبرع.. هذه سنة فاضلة، لكن نسيها المسلمون. إنها عملية بسيطة وسهلة. ونسأل الله أن يعجل استخدامها بالنسبة لنا».
وحسب مركز «سايت» الأميركي، الذي يتابع نشاطات الإرهابيين، فإن «بيتكوين» تسمى أيضا «كربتكو كارنسي» (العملة المشفرة). وخلال السنوات القليلة الماضية، صارت عملة لامركزية تستعمل على نطاق واسع في العالم، وصارت الكبرى من نوعها، وصار ملايين الناس يستخدمونها منذ إنشائها في عام 2008.
وقال مساعد وزيرة العدل لشؤون الأمن الوطني، جون كارلن، إن جهود أمين ليتبنى «داعش» استخدام هذه العملة الإلكترونية «مثال لقدرة جماعة إرهابية على الوصول إلى الشباب، خاصة باستخدام وسائل الإعلام الاجتماعية».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.