البرلمان العراقي يقرّ أول قانون للأحزاب.. وينظم الحياة السياسية

بعد 13 عامًا من المماطلة والتسويف وتأجيل قوانين أخرى

البرلمان العراقي يقرّ أول قانون للأحزاب.. وينظم الحياة السياسية
TT

البرلمان العراقي يقرّ أول قانون للأحزاب.. وينظم الحياة السياسية

البرلمان العراقي يقرّ أول قانون للأحزاب.. وينظم الحياة السياسية

أقر البرلمان العراقي بالإجماع قانون الأحزاب السياسية المؤجل منذ دورتين برلمانيتين، بسبب الخلافات السياسية. وبينما فشل البرلمان في التصويت على قانون الحرس الوطني الذي يعد جزءًا من وثيقة الاتفاق السياسي التي تشكلت حكومة رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي بموجبها في سبتمبر (أيلول) عام 2014، فإن قانون الأحزاب السياسية كان من بين مجموعة من القوانين مثل النفط والغاز والمحكمة الاتحادية ومجلس الاتحاد مثار خلاف بين القوى السياسية في البلاد رغم مرور 13 عامًا على التغيير وسقوط النظام العراقي السابق.
وفي هذا السياق، عدّ رئيس التحالف المدني الديمقراطي في العراق الدكتور علي الرفيعي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «إقرار هذا القانون المهم الذي من شأنه أن ينظم الحياة السياسية في البلاد ويضبط إيقاعها بعد الفوضى التي عانيناها طوال السنوات الماضية إنما هو جزء من حزمة الإصلاحات التي أعلنها البرلمان، والتي تأتي في ظل الضغط الشعبي». وأضاف أن «هذا القانون وقوانين أخرى لا تقل عنه أهمية كانت معطلة بسبب الخلافات السياسية بين الكتل فضلا عن أن هذا القانون بالذات من شأنه أن يغلق الباب أمام سريان المال السائب، سواء كان المال السياسي الذي يأتي من الخارج لتمويل الأحزاب أو المال العام الذي تمت سرقته من قبل القوى المتنفذة في العملية السياسية».
وأشار الرفيعي إلى أن «إقرار هذا القانون يأتي انتصارًا لإرادة الشعب العراقي الذي بدأ يضغط من خلال المظاهرات على الطبقة السياسية التي بدأت تجد نفسها الآن محاصرة بالمد الشعبي الذي بات من الصعب مقاومته، وبالتالي فإننا في الوقت الذي نجد فيه أن إقرار هذا القانون سوف تكون له نتائج مهمة على مستوى طريقة تشكيل الأحزاب السياسية وكيفية تمويلها، فإننا نأمل أن يتم إقرار القوانين الأخرى المعطلة». وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هناك إجراء يقضي بمحاسبة الأحزاب السياسية العراقية المتهمة بسرقة المال العام بأثر رجعي، قال الرفيعي إنه «مما يؤسف له أن القانون لم يتضمن الحساب بأثر رجعي، لكننا ومن خلال الضغط الجماهيري سوف نعمل على استرداد الأموال المسروقة لا سيما أن هناك تشخيصًا واضحًا لذلك من خلال ما بات يظهر عبر الإجراءات التي تقوم بها الحكومة الآن».
من جهته، أكد الخبير القانوني طارق المعموري في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «إقرار هذا القانون بعد هذه المدة الطويلة التي شهدت تشكيل مئات الأحزاب السياسية يعد في الواقع الخطوة الصحيحة الأولى في مجال تنظيم الحياة السياسية في البلاد بعد الفوضى التي كانت عليها، التي كانت أحد أوجه الفساد في البلاد». وأضاف أن «القوى السياسية المتنفذة في العراق ما بعد الاحتلال عام 2003، التي شكلت أحزابا هي الآن الأكبر في البلاد كانت قد شكلتها دون ضوابط قانونية، وفوق هذا فإنها بقيت تماطل وتضع العراقيل أمام أي إمكانية لإقرار قانون ينضم الأحزاب السياسية من أجل قطع دابر التمويل الغامض لها، سواء كان تمويلا خارجيا أو عبر النفوذ الذي أصبح لهذه الأحزاب من خلال السلطة، وهو ما جعلها متهمة بالفساد إلى أن يثبت من هو بريء منها براءته أمام القضاء».
وأوضح المعموري أن «إقرار هذا القانون يعد خطوة مهمة لجهة الكيفية التي يتم بموجبها تشكيل الحزب وعدد أعضائه ومصادر تمويله، وهو ما يعني البدء بعملية تجفيف منابع التمويل المالي الغامض للأحزاب»، مؤكدا أن «الحراك الشعبي كان له الدور الأبرز على صعيد إقرار هذا القانون». على صعيد متصل، طالب النائب عن كتلة الفضيلة حسن الشمري رئيس الجمهورية بتضمين فقرة ضبط الأحزاب في زيارتها الخارجية في قانون الأحزاب. وقال حسن الشمري خلال مؤتمر صحافي عقده بمبنى البرلمان أمس بعد التصويت على قانون الأحزاب «لقد طلبنا من رئاسة البرلمان تضمين فقرة لضبط الأحزاب في زيارتها الخارجية في قانون الأحزاب لتكون الزيارات والدعوات التي تواجه لقادة الكتل تحت نظر الحكومة وكل الاجتماعات التي تعقد تكون بحضور سفارة جمهورية العراق». وأكد أن «رئاسة البرلمان أحجمت عن طرح تلك الفقرة لعدم إحراج بعض الأحزاب السياسة التي تقوم ببعض الزيارات»، مطالبا رئيس الجمهورية «بتضمين تلك الفقرة في قانون الأحزاب لتكون تلك الزيارات تحت نظر الحكومة العراقية».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.