انتكاسة لوقف إطلاق النار في مخيم «عين الحلوة».. و«فتح» تتوعد

اتهمت «حماس» والجهاد» بتغطية المتطرفين داخله

مقاتل من حركة فتح يوجه بندقيته خلال مواجهات في مخيم عين الحلوة اول من أمس (رويترز)
مقاتل من حركة فتح يوجه بندقيته خلال مواجهات في مخيم عين الحلوة اول من أمس (رويترز)
TT

انتكاسة لوقف إطلاق النار في مخيم «عين الحلوة».. و«فتح» تتوعد

مقاتل من حركة فتح يوجه بندقيته خلال مواجهات في مخيم عين الحلوة اول من أمس (رويترز)
مقاتل من حركة فتح يوجه بندقيته خلال مواجهات في مخيم عين الحلوة اول من أمس (رويترز)

شهد اتفاق في مخيم عين الحلوة في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، انتكاسة ثالثة بعدما خرقت بعض الفصائل ليل أول من أمس هذا القرار الذي تمّ التوصل إليه نهار الثلاثاء بين القوى المتحاربة المتمثلة بحركة «فتح» من جهة، وفصيلي «جند الشام» و«فتح الإسلام» ومجموعة بلال بدر من جهة أخرى، وقضى بسحب المسلحين من الأحياء وإنهاء كل المظاهر المسلّحة في المخيم. إذ حيث ألقى مجهولون ليل الثلاثاء - الأربعاء قنابل يدوية في منطقة سوق الخضار في الشارع الفوقاني، بالإضافة إلى إطلاق رشقات نارية أبقت حالة التوتر قائمة. لكن سرعان ما أعادت القوى الفلسطينية النافذة داخل المخيم السيطرة على الوضع، وأبقت قرار وقف النار ساري المفعول، وعملت على طمأنة السكان.
وكانت المعارك التي اندلعت مساء السبت، على خلفية محاولة اغتيال القيادي في حركة «فتح» ومسؤول الأمن الوطني الفلسطيني في صيدا أبو أشرف العرموشي، أسفرت عن سقوط 6 قتلى وأكثر من 50 جريحًا، واحتراق منازل ومحال تجارية وسيارات وتضرر شبكتي المياه والكهرباء، وتهجير نصف سكان المخيم الذين غصت بهم قاعات مساجد مدينة صيدا ودار البلدية. وقد استغل النازحون عودة الهدوء الحذر إلى المخيم، لتفقد منازلهم التي احترق بعضها نتيجة سقوط القذائف. فيما استكملت المساعي الفلسطينية - الفلسطينية، من أجل تثبيت وقف إطلاق النار ومنع تجدد الاشتباكات، حيث عقد اجتماع للجنة الأمنية الفلسطينية العليا المشرفة على أمن المخيمات متابعة للوضع داخل المخيم.
وفيما أوضح مصدر ميداني لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتصالات اللبنانية مع المسؤولين الفلسطينيين، أرست اتفاقًا ضمنيًا على ضرورة إنهاء الحالات الشاذة داخل المخيم والتخلص من العناصر المتفلتة من أي ضوابط». رأى القائد العام للكفاح المسلح الفلسطيني في عين الحلوة العميد محمود عيسى الملقب بـ«اللينو»، أن «ما يجري داخل المخيمات الفلسطينية وخصوصًا في عين الحلوة، سببه وجود عصابات تصر على استهداف وتصفية ضباط وعناصر الأمن الوطني الفلسطيني وحركة فتح، وكل عنصر معتدل داخل المخيم بات عرضة للتصفية». واتهم عيسى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، من سماهم «العصابات التكفيرية الظلامية مثل (جند الشام) و(فتح الإسلام) و(كتائب عبد الله عزام) و(عصبة النور)، بتشكيل حالة داخل المخيم نتيجة تراجع دور بعض الفصائل الفلسطينية».
المسؤول الفلسطيني، قال: «إن هذه العصابات تمكنت من السيطرة على أحياء واسعة داخل المخيم، ونأسف لأن بعض الفصائل مثل إخواننا في حركة حماس والجهاد الإسلامي تغطي هذه العصابات معنويًا، ربما لأنها مستفيدة منها، لكننا نحن قررنا مواجهتها واجتثاثها من داخل مجتمعنا». وجزم عيسى بأن «الذين غادروا المخيم من المدنيين لن يعودوا إليه قبل اجتثاث هذه العصابات بشكل جذري»، داعيًا إلى «اتخاذ قرار حاسم بتنظيف المخيم من أصحاب المشروع الظلامي». ومناشدًا جميع الفصائل «المساعدة على اجتثاث هذه العصابات بأسرع وقت ممكن».
وقد استدعى الوضع المتفجّر إجراء اتصالات مكثفة بين كافة القوى الفلسطينية وسفارة فلسطين في بيروت، ساهمت في التوصل إلى وقف إطلاق النار داخل المخيم، في خطوة أولى، تبعها اجتماع طارئ خصص لبحث الوضع المتفجر وسبل التوصل إلى حلول لتثبيت وقف إطلاق النار. وأفضى الاجتماع الذي عقدته اللجنة الأمنية الفلسطينية العليا، إلى اتفاق على وقف فوري لإطلاق النار، وقالت اللجنة في بيان أصدرته بعد اجتماعها «تستمر اللجنة الأمنية العليا بتحمل مسؤوليتها ومتابعة ما يجري من أحداث دامية ومؤسفة في مخيم عين الحلوة والتي أدت إلى تهجير أكثر من نصف أبناء المخيم وأصبحوا عراة في الشوارع». أضافت: «تطالب اللجنة الأمنية كافة الحريصين على المخيم وأهله وقف إطلاق النار فورًا، وستتابع اللجنة الأمنية إجراءاتها لسحب المسلحين من المراكز المستحدثة وغير المستحدثة». وحذرت الجميع من «اللعب والعبث بحياة الآمنين والصامدين من أبناء شعبنا الفلسطيني». ودعت إلى «تنفيذ قرار وقف إطلاق النار فورا».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.