الأسماء القديمة.. موضة الاستثمار الجديدة

شراء شركة كورية دار «بول بواريه» يفتح ملف شراء وإنعاش بيوت أزياء منسية ومدى جدواها في عصرنا

معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
TT

الأسماء القديمة.. موضة الاستثمار الجديدة

معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)

لا حديث لأوساط الموضة هذه الأيام سوى سيرة بول بواريه وخبر إحياء داره ونفض غبار 86 عاما تقريبا عنها، بعد أن اشترتها شركة كورية على أمل إعادتها إلى الواجهة على غرار بيوت أخرى اشتراها صناع موضة أو مستثمرون ونجحوا في نقلها إلى الألفية. ورغم أن اسم بول بواريه قد لا يعني شيئا للشخص العادي، لأنه يعتبر من خبر كان، بحكم أنه أغلق داره في عام 1929 ومات مفلسا في عام 1944، إلا أنه بالنسبة لعشاق الموضة والعارفين، مصمم لا يجود الزمان بمثله سوى فيما ندر. هؤلاء لا يزالون يلمسون تأثيره، يظهر بين الفينة والأخرى في عروض مصممين من عصرنا، نذكر منهم جون غاليانو، خلال عهده في دار «ديور»، والثنائي «دولتشي آند غابانا» وغيرهم.
بدأ الحديث عن بول بواريه منذ أكثر من سنة تقريبا عندما تناهت أخبار عن عرضها للبيع، وزادت حدتها في الأشهر الأخيرة بعد تناهي خبر شراء الشركة الكورية شينسيغاي إنترناشيونال Shinsegae International كل ما يتعلق بها، من اسم وأرشيف ومتعلقات، على أمل إعادة البريق إليها، أسوة ببيوت قديمة أخرى تم تلميعها في السنوات الأخيرة، مثل سكياباريللي، وفيونيه، وكوريج، وتشارلز جيمس، وغيرها. ما توصل إليه المستثمرون أن عملية إنعاش دار قديمة أسهل من دعم مصمم شاب واسم جديد عليهم بناؤه من الصفر. فاسم قديم، إذا كان له ثقل ورنة، يمنحهم إمكانية أكبر للتحرك، إلى حد أنها قد لا تستعمل من القديم سوى الاسم، تستند عليه كعكاز للحصول على المصداقية. كل هذا يطرح تساؤلات كثيرة عن الأسباب التي جعلت الموضة مؤخرا مسكونة بالماضي، أو بالأحرى بالعراقة والموروثات القديمة، رغم أنها في أمسّ الحاجة إلى مصممين شباب، يضخون فيها دماء جديدة ويتسلمون المشعل من المصممين الكبار الذين بلغ أغلبهم سن الشيخوخة، من كارل لاغرفيلد مصمم دار «شانيل» و«فندي» إلى جيورجيو أرماني وغيرهما. والجواب، على ما يبدو، أن أحد أسباب التهافت على التاريخ بإرثه وعراقته، يحقق المعادلة الصعبة بالنسبة للمستثمرين. فهم من جهة، يوفرون للمصمم الشاب أرشيفا غنيا ومضمونا يكون نقطة الانطلاق للإبداع، ومن جهة ثانية، هو نص مكتوب وواضح، كل ما عليه هو دراسته عوض البدء من الصفر أو إطلاق العنان لشطحات قد تكلفهم الكثير لصعوبة تسويقها. في المقابل، فإن اسما له وزن ورنة، حتى وإن لم يسمع به الجيل الجديد، يمكن بيعه لهذا الجيل بمساعدة وسائل الإعلام المتواطئة معهم، من ناحية أنها جاهزة لتقديم الدعم من باب تقديرها لهذه الأسماء التاريخية القديمة. وهذا ما أكدته التجارب السابقة مع بيوت أزياء مثل «كارفن»، و«روشا»، و«فيونيه»، و«بالمان» و«نينا ريتشي»، فكلها أسماء لمؤسسين ومصممين لم يعد لهم وجود بيننا، ومع ذلك فإن المستهلك يشعر بأنهم لا يزالون على قيد الحياة.
من وجهة نظر أخرى، فإن الاستثمار في اسم قديم أسهل، من الناحيتين القانونية والإدارية، من الاستثمار في دار أزياء شابة لمصمم له حضور في الساحة. وتكمن السهولة هنا في قدرتها على إملاء شروطها عليه، بل وحتى الاستغناء عنه واستبداله بمصمم آخر إن استدعى الحال، وهو ما حصل فعلا في بيوت مثل «بالنسياجا» و«سكياباريللي» مؤخرا. وهذا ما لا تستطيع القيام به في حال استثمرت في دار المصمم الشاب. فكل ما في إمكانها القيام به في هذه الحالة، أن تنسحب وتسحب دعمها، مضحية بكل ما ضخته من أموال لسنوات. وربما هذا ما يجعل عملية البحث عن مصمم مناسب صعبة ومعقدة، لأن الآمال المعقودة عليه تكون كبيرة قد ينوء تحتها بعد موسم أو اثنين فقط. دييغو ديلا فالي، صاحب شركة «تودز» الذي اشترى «إلسا سكاباريللي»، مثلا، لم يتوفق لحد الآن بمصمم يملأ كرسي المؤسسة ويشفي غليله لفنيتها. وكل التجارب لحد الآن، تؤكد أن كارل لاغرفيلد، فلتة لا تتكرر. فقد قاد دار «شانيل» إلى آفاق أبعد من المتوقع، وبإيقاع ربما لم يكن بإمكان المصممة المؤسسة نفسها أن تواكبه فيما لو ظلت على قيد الحياة، تقود زمام دارها، لأن هناك مصممين عباقرة عندما يكون النص مكتوبا لهم ينطلقون منه للتطوير والإبداع، بينما هناك مصممون لهم رؤيتهم التي لا يحيدون عنها، وبالتالي يفضلون أن يبدأوا من الصفر، أي على كنفس أبيض تماما، ويجدون صعوبة في التأقلم مع أسلوب غيرهم خصوصا إذا كان قد مضى عليه قرابة قرن من الزمن إلى حد أنه لا يبقى من الدار سوى اسم مؤسسها. أكبر مثال على هذا أن الأسلوب الذي أرساه المصمم بيير بالمان في الخمسينات من القرن الماضي، مختلف تماما عن أسلوب الدار حاليا في عهد أوليفييه روستينغ. فبينما كان أسلوب المؤسس يتميز بالأناقة الرفيعة التي تخاطب الطبقات الأرستقراطية والمخملية، فإن روستينغ، من جيل وسائل التواصل الاجتماعي، يعتمد على فتيات الانستغرام والنجمات الشابات، مع جرعات قوية من الإثارة الحسية. ومع ذلك تحقق الدار النجاح التجاري، بينما تستمد عراقتها وشرعيتها من الاسم. ولولا هذا الاسم، لما كانت لتبيع هذه التصاميم.
من بيوت الأزياء القديمة التي تعرف نجاحا ملموسا بعد إحيائها، دار «فيونيه» التي تأسست في عام 1912 واشتهرت صاحبتها، مادلين فيونيه، في بداية القرن الماضي بتقنية الدرابيه. فقد ظلت نائمة ومنسية لمدة 75 عاما قبل أن توقظ من سباتها بفضل سيدة الأعمال والمصممة غوغا أشكينازي التي عرفت كيف تستعمل جينات الدار وتطورها لتلبية ما تحتاجه المرأة من تصاميم أنيقة تخدمها وتبرز جمالها. وكانت غوغا قد اشترت نسبة مهمة من أسهم هذه الجوهرة الفرنسية، ولم تكن تنوي أن تكون المديرة الفنية، لكن كل المصممين الذين تعاقدت معهم كانوا يخذلونها في آخر لحظة بعدم التزامهم بالوقت حتى عندما كان أسبوع الموضة على الأبواب، مما اضطرها لكي تأخذ زمام الأمور بيديها وتُنصب نفسها كمصممة. ولم لا؟ فهي امرأة أنيقة، ثم إنها تمتلك خبرة لا بأس بها في هذا المجال بحكم صداقتها مع إيفا كافالي، زوجة روبرتو كافالي، وأيضا بحكم دراستها في ميلانو وفلورنسا لفن التصميم.
ما يجعل القصة مثيرة بالنسبة لبول بواريه، إضافة إلى أنه اسم دخل المتاحف، وكتب الموضة التاريخية، أنه اسم يحترمه العارفون ويقدرونه. فهو كان من أهم المستشرقين الذين شهدتهم أوساط الموضة، ليس في بداية القرن الماضي فحسب بل لحد الآن. عشق الشرق وترجمه من خلال إبداعات تحاكي لوحات الفنان كريستيان لاكروا في قوتها أحيانا.
المثير في أسلوبه أنه تدرب في دار دوسيه ثم في دار وورث، مؤسس ما يعرف الآن بـ«الهوت كوتير» ومع ذلك لم يكن يجيد الخياطة، مما جعله يبتكر أسلوب الطيات باستعماله أمتارا طويلة من الأقمشة المترفة. كان يبدأ أي زي بقطعة قماش مستطيلة ويصممها مثلما يصمم اليابانيون الكيمونو والمغاربة القفطان، لتتدلى على الأكتاف بسخاء ثم تعانق الجسم بأقل قدر من الحياكة. رحلاته الخيالية للشرق تجسدت أيضا في تصاميم عبارة عن سراويل فضفاضة وعمامات فارسية وتطريزات هندية غنية. قد يتساءل البعض كيف لمصمم مبدع مثله أن يُفلس ويموت مغمورا، والجواب للأسف، أنه لم يستطع أن يقرأ تغيرات العصر بعد الحرب العالمية الأولى، مما جعل المرأة التي كانت تريد التحرر من القيود تعزف عن فخامة تصاميمه وتُقبل على تصاميم غريمته غابرييل شانيل.
الآن وبعد أن قامت شركة «شينسيغاي إنترناشيونال» بالخطوة الأولى وهي الأسهل، أي شراء الدار، فإن الخطوة الثانية والأصعب هي العثور على مصمم في مستوى عبقرية بواريه ليلمعها ويضفي البريق عليها في زمن أصبحت فيه المنافسة على أشدها مع كثرة الأسماء وتشابه الأساليب.
قد يكون جون غاليانو الأقرب لشخصيته، لما يتمتع به من كاريزما إبداعية تتجسد في دراما الألوان وفنية التصاميم وسخاء الأقمشة، لكنه الآن في «ميزون مارجيلا». الخيار الثاني يمكن أن يكون كريستيان لاكروا، وإن كان قبوله يتوقف على الكثير من الأمور منها كبرياؤه المجروح، بعد أن كان يتحكم في داره الخاصة التي أغلقت منذ بضع سنوات تأثرا بالأزمة الاقتصادية في عام 2008 ومدى رغبته في دخول تحدٍ جديد، أو بالأحرى مقارنة، غير مضمونة مع المؤسس.

من هو بول بواريه؟

> كان أول مصمم أزياء يتفرع إلى مجالات أخرى وطرح عطرًا خاصًا به، يحمل اسم ابنته الكبرى «روزين»
> كان أول من فتح محلا للديكور المنزلي أطلق عليه «أتيلييه مارتين»، على اسم ابنته الثانية
> يعيد بعض المؤرخين الفضل في أسلوبه الفخم والمتحرر من الخطوط الواضحة والخيوط الكثيرة، لزوجته دينيس التي كانت جد مستقلة وأنيقة في الوقت ذاته. كانت أيضا ملهمته وسفيرته الخاصة، من ناحية أنها كانت تتعمد أن تلبس جديده في المناسبات الكبيرة لشد الانتباه إليها والترويج له.
> إلى جانب إعجابه بالقفاطين والعمامات والتطريزات الشرقية، تأثر أيضا بالأزياء الإغريقية الكلاسيكية وترجمها بأسلوب فني تجريدي، ألهم مصممين معاصرين من أمثال راي كاواكوبو، مصممة ماركة «كوم دي غارسون»، وحسين تشالايان.
> أطلق عليه الأميركيون لقب «ملك الموضة» عندما زارهم لأول مرة عام 1913 لكنهم لم يبقوا أوفياء له، وسرعان ما أداروا له ظهرهم بعد أن راقت لهم تصاميم منافسته اللدودة آنذاك، كوكو شانيل. كان أسلوبها هو الضد، خصوصا وأنها تفوقت عليه بقراءتها تغيرات العصر ومتطلباته في وقت كان العالم يعيش فيه تبعات الحرب العالمية وما فرضته من تقشف وتغييرات. وهكذا بينما بقي هو وفيا لأسلوبه الفني والفخم، خففت هي من الأحجام واستعملت أقمشة عملية ورخيصة مثل الجيرسيه لتخاطب امرأة جديدة كانت تتوق أن تتحرر من كل القيود الاجتماعية وبدأت تزرع بذرة مساواتها مع الرجل.
> ما يُحسب له أنه كان من الأوائل الذين انتبهوا إلى قوة الإعلام وتأثيره، لهذا أحاط نفسه بشخصيات ثقافية ومخملية، وتودد للجميلات والشهيرات، مثل سارة برنارد وكوليت وهيلينا روبنشتاين وبيغي غوغنهايم وغيرهن، للظهور بتصاميمه في المحافل الكبيرة، بل وحتى على المسارح.
> في عام 2007، كان موضوع متحف المتروبوليتان للفن في نيويورك، من خلال معرض كبير بعنوان «ملك الموضة».



«شانيل» و«شارفيه» يجددان قصة حب قديمة بثلاثة قمصان

نيكول كيدمان في قميص من القمصان الثلاث التي أبدعها بلازي بالتعاون مع «شارفيه» (شانيل)
نيكول كيدمان في قميص من القمصان الثلاث التي أبدعها بلازي بالتعاون مع «شارفيه» (شانيل)
TT

«شانيل» و«شارفيه» يجددان قصة حب قديمة بثلاثة قمصان

نيكول كيدمان في قميص من القمصان الثلاث التي أبدعها بلازي بالتعاون مع «شارفيه» (شانيل)
نيكول كيدمان في قميص من القمصان الثلاث التي أبدعها بلازي بالتعاون مع «شارفيه» (شانيل)

الكل كان ينتظر عرض «شانيل» لربيع وصيف 2026. فهذا العرض ليس كغيره، لأن فيه كتب المصمم البلجيكي الفرنسي ماثيو بلازي فصلاً جديداً في تاريخ الدار والموضة، على حد سواء. الغالبية راهنت على نجاحه مستندين على تجاربه السابقة، التي برهنت على أنه يتمتع بلمسة ميداسية تحوّل الفني إلى قطع تؤجج الرغبة فيها وترفع المبيعات. وصفته تعتمد دائماً على العناصر نفسها؛ اقتراحات مبتكرة وألوان مثيرة لا تعتمد على الاستسهال. بمعنى أنها لا ترفع شعار «عشاق الموضة يريدون هذا». هو من يتخيل ويرسم ويقترح، وفي كل مرة تلمس اقتراحاته الوجدان. سيرته المهنية تشهد أيضاً على قدراته، حيث عمل في عدة بيوت مهمة مثل «ميزون مارجيلا» و«سيلين»، كما عمل مع المصمم راف سيمونز قبل أن ينتقل إلى دار «بوتيغا فينيتا» ويجعلها في مصاف الكبار.

المصمم ماثيو بلازي بعد انتهاء عرضه (إ.ب.أ)

أما بالنسبة لـ«شانيل» فقد كانت في أمس الحاجة لمن يضخها بدماء جديدة ويملأ الفراغ الذي خلفه رحيل كارل لاغرفيلد. هذا الفراغ لم تستطع حتى فيرجيني فيارد التي عملت كساعده الأيمن لأكثر من عقدين أن تملأه أو تُعوِضه.

لهذا كانت آمال كبيرة معقودة على بلازي من شأنها أن تجعل أي مصمم في مكانه في موقف لا يُحسد عليه. فكيف يمكنه أن يضع بصمته ويحمل الدار إلى المستقبل من دون أن يلتفت إلى الماضي أو أن يجعل عشاق الموضة يقارنونه بالراحل كارل لاغرفيلد؟ لم تطل حيرته. كان عليه أن يختار بين غابرييل شانيل أو كارل لاغرفيلد، فاختار الأولى.

التعرف على الآنسة كوكو شانيل

لم يكتف بالغوص في الأرشيف الغني بالصور، بل قرأ عنها الكثير ليستكشف ما بداخلها من مشاعر وهواجس وتناقضات. اكتشف أنها بالرغم من كل القصص التي حيكت حولها، وتستلذ الدار في نسجها في كل مرة، تكمن قوتها الحقيقية في غموضها وحرصها على الحفاظ على خصوصيتها طوال حياتها. الطريف أن هذا الغموض تحديداً هو ما يفتح أبواب التكهنات والقراءات المختلفة على مصراعيها.

تم تنسيق هذا القميص بكل بساطته مع تنورة فخمة في إطلالة مسائية لافتة (شانيل)

اختار المصمم الشاب أن تكون انطلاقته الأولى في الدار عن الحب، من خلال العلاقة التي جمعت غابرييل شانيل بالأرستقراطي البريطاني آرثر كابيل المعروف بـ«بوي كابيل». علاقة دامت لعشر سنوات، من 1909 إلى مصرعه في حادث سيارة في عام 1919، وكان لها تأثير كبير على حياتها الشخصية والمهنية.

فكما أحبته بصدق على المستوى الإنساني، تعترف له بفضل كبير عليها كمصممة. فقد كان هو من موّلها ودعمها لإطلاق دار أزياء خاصة بها. من دونه ربما بقيت مجرد مصممة قبعات. ما أثار ماثيو بلازي أيضاً تأثير كابيل على رؤيتها الفنية. فقد استلهمت منه الأسلوب الرجالي، باستعمالها أقمشة خشنة مثل التويد وطرحها الجاكيت المفصل، والبنطلون الواسع والأحذية ذات الكعب المنخفض.

رغم شكله الرجالي تميز بحداثة عملية لا تفتقد للأناقة (شانيل)

هذا على الأقل ما تشتهر به غابرييل شانيل ويرتبط باسمها ارتباطاً وثيقاً. لكن ماثيو بلازي انتبه إلى قطعة أخرى لم تأخذ حقها في هذه القصة، ألا وهي القميص الرجالي المصنوع من القطن، رغم ظهور غابرييل به في عدة صور. كان هذه القميص بمثابة الشرارة التي أطلقت العنان لخياله وحرَرته من التوتر وضغوط الآمال الكبيرة المتوقعة منه. قدمه في ثلاث إطلالات فقط، إلا أنها كانت كافية لتسرق الأضواء، خصوصاً وأنها كانت ثمرة تعاون بينه وبين اسم فرنسي عريق في صناعة القمصان الرجالية: «شارفيه».

تعاون غير مسبوق

ما دعاه للتفكير في هذا التعاون، ليس تخصص «شارفيه» أو تاريخها في صناعة القمصان فحسب، بل أيضاً اكتشافه أن آرثر كابيل لم يكن يرتدي سوى قطع من هذه العلامة. يقول بلازي في لقاء مع تيم بلانك، المحرر الرئيس في موقع «بي أو إف»، إنه عندما اقترح التعاون مع دار «شارفيه»، كان الرد على لسان رئيس قسم الموضة برونو بافلوفسكي أن «شانيل» لا تتعاون مع بيوت أزياء أخرى. فقد كان لها من الورشات الخاصة العديد ممن يوفرون لها كل ما تحتاجه من كشمير وتطريز وترصيع وهلم جرا، و«شارفيه» لم تكن عضواً معتمداً ولا واحدة من هذه الورشات. لكنه نجح في إقناع الدار، وكانت المفاجأة أنه عندما توجه بالفكرة إلى جون كلود وأخته آن ماري كولبان، المالكين الحاليين لـ«شارفيه»، أخبراه أن الآنسة شانيل كانت زبونة دائمة للعلامة، وأنها هي من كانت تختار قمصان آرثر كابيل وتشتريها له.

استعادة قصة الحب

قميص أبيض ثلاث إطلالات أنيقة ظهرت بها نجمات حضرن العرض مثل نيكول كيدمان وتالا عماد وغيرهما (شانيل)

وهكذا استعادت «شانيل» و«شارفيه» خيطاً من خيوط قصة الحب التي جمعت المصممة وكابيل، وجسداها في ثلاثة قمصان حملت توقيع: «القماش والتقنية من شارفيه»، بينما طُرِز اسم «شانيل» (Chanel) بخط انسيابي أنيق وواضح على جانبها. هذا التعاون لم يُحرِر المصمم الشاب فحسب، بل سدّ الباب على أي مقارنات قد تربطه بإرث من سبقوه، خصوصاً وأنه قدم كل قميص بتصميم يراعي عناصر الأناقة العملية من دون أن يُفقد المرأة أنوثتها أو يشي بأنها سرقته من خزانة زوجها.

في المقابل تميز كل تصميم بالبساطة والعملية مع رشة حداثية أرادها أن تأخذ امرأة «شانيل» إلى المرحلة المقبلة. جعل قميصاً مصنوعاً من القطن قطعة للمساء والسهرة، بأن نسقه مع تنورة فخمة مزينة بالريش. قميص آخر تميز بياقة تقليدية والثالث طويل يسهل تنسيقه في أي مناسبة.

من هي «شارفيه»؟

يعود تاريخها إلى عام 1838 وكانت المفضلة لدى نابليون بونابرت، الذي كان يقصدها لتفصيل القمصان وربطات العنق على حد سواء، وسرعان ما ذاع صيتها في كل أنحاء العالم لتصبح مقصداً للطبقات المخملية والأرستقراطية. ربطاتها المصنوعة من الحرير تتميز بألوان متعددة تتمازج مع بعض بشكل أنيق يجعلها مناسبة للنهار أو المساء والسهرة. البعض يعتبرها استثماراً بعيد المدى، لأنها سواء كانت من الحرير أو الصوف، تراعي الجودة وفكرة أنها يجب أن ترافق صاحبها إلى الأبد.

تعرف «شارفيه» منذ عام 1838 بقمصانها التي تبقى مع صاحبها مدى العمر (موقع مستر بورتر)

قمصانها أيضاً رمز للأناقة الفرنسية، وبعد مرور أكثر من قرنين على تأسيسها، أكدت أنها عابرة للأجيال، بدليل أن محلها الواقع بـ«بلاس فاندوم» بواجهته المزينة بكل ألوانها ونقشاتها، لا يزال مركز جذب لرجل يريد ربطة عنق من الحرير تدوم طويلاً من دون أن تفقد جمالها. أما القمصان، فمكانها في الطابق الثاني، حيث يمكن للزبون تفصيلها على مقاسه وحسب ذوقه، باختيار نوع القماش والنقشات، هذا عدا عن الألوان. فهي كثيرة ومتنوعة رغم أن الأساس هو اللون الأبيض، الذي تقول العلامة إنها تبتكر درجات جديدة منه مرتين في العام.


مجموعة «عزة فهمي» الجديدة... كلها سعادة وبركة

الهند من الأماكن المفضلة لدى أمينة لهذا يظهر تأثيرها في الكثير من تصاميمها (عزة فهمي)
الهند من الأماكن المفضلة لدى أمينة لهذا يظهر تأثيرها في الكثير من تصاميمها (عزة فهمي)
TT

مجموعة «عزة فهمي» الجديدة... كلها سعادة وبركة

الهند من الأماكن المفضلة لدى أمينة لهذا يظهر تأثيرها في الكثير من تصاميمها (عزة فهمي)
الهند من الأماكن المفضلة لدى أمينة لهذا يظهر تأثيرها في الكثير من تصاميمها (عزة فهمي)

بعد سنوات من البحث الفني والتجارب الشخصية، تُطلق دار «عزة فهمي» فصلاً جديداً من مجموعة «عجائب الطبيعة». ابتكرتها المصممة الرئيسية، أمينة غالي، وعبرت فيها عن شغفها بالسفر ومدى تأثيره على مخيلتها ورؤيتها الفنية.

الجميل في أمينة أنها عندما تتحدث عن إبداعاتها، فإنها لا تركز على أهمية الذهب والفضة والأحجار الكريمة فحسب، بل أيضاً على ما تتضمنه كل قطعة من معاني وذكريات شخصية وقصص قد تكون مستوحاة من التاريخ أو من لحظات خاصة أو من فيلم أو رواية. سمة ورثتها عن والدتها عزة فهمي.

أقراط أذن مزينة بالأحجار وباقة ورود (عزة فهمي)

في لقاء سابق، صرحت أمينة بأن الفضول جزء من شخصيتها الآن، مشيرة إلى أنها تعلّمته من والدتها، التي كانت تصر على أن ترى الجمال في كل شيء من حولها «لهذا أصبحت أرى الجمال في كل زاوية ومكان وفي كل بناية أو زخرفة»، وفق قولها.

هذا الفضول كان حجر الزاوية في رحلتها الإبداعية في هذه المجموعة. تقول إنها استوحتها من رحلات قامت بها مؤخراً إلى الفلبين وفيتنام وكمبوديا بنية ممارسة التأمل والبحث عن السكينة والهدوء. هناك رأت الطبيعة بعيون مبدعة. كل ما فيها كان ينبض بالألوان والحياة في أبعاد غير متوقعة تسر النفس وتدخل السعادة عليها. أزهار وورود تتسلق الجدران، وأخرى تنبت في أطراف الشوارع الضيقة أو تُزهر بين المعابد القديمة.

خاتم مستوحى من حديقة ورود اللوتس وأزهار الربيع (عزة فهمي)

عند عودتها، ترجمت أمينة هذه الطاقة الإيجابية في تصاميم تجسد زهرة اللوتس، وزهرة الربيع والياسمين وزهور بأربع بتلات. كلها بألوان تذكرها بتلك السكينة الداخلية التي شعرت بها وسط الطبيعة.

كلما تأملتها زادت قناعتها بعدم وجود زهرتين متشابهتين تماماً. فلكل ورقة أوبتلة سر خاص بها. بل إن الجمال في الكثير من الأحيان يكمن في تفاصيل دقيقة لا تخضع لمفردات الجمال التقليدية.

الخط العربي حاضر

أما كيف ترجمت هذا الحس الفريد أو الرؤية، فبدمجها الأحجار الكريمة بالذهب عيار 18 قيراطاً والفضة الإسترليني، وبدمج الزخارف الزهرية بكلمات إيجابية، مثل حب وسلام وبركة وسعادة، بالخط العربي الذي يظل سمة مميزة في دار «عزة فهمي».

عقد من الذهب والفضة تتوسطه كلمة «سعادة» بخط عربي سلس (عزة فهمي)

من أبرز القطع في المجموعة مثلاً، قلادة «حديقة السعادة»، مصنوعة من الذهب ومزخرفة بأزهار اللوتس، تم نقشها يدوياً وبحرفية عالية لتشكل طوقاً يزين الرقبة بأناقة. لكن ليس هذا وحده ما يثير فيها: تتوسطها كلمة «سعادة» مكتوبة بالخط العربي.

أما خاتم «زهرة الربيع» فيجسد روحاً مرحة جمعت فيها أمينة الذهب برسمات أزهار الربيع المتفتحة منحوتة بطريقة ليسهل ارتداؤه. هو أيضاً يحمل رسالة تعبر عن الحب والسلام محفوفة بالخط العربي.

سوار من الذهب والفضة يعبر عن الحب والسلام (عزة فهمي)

تشمل المجموعة كذلك أقراط باقة السعادة وسوار الحب والسلام وقلادة من الفضة إلى جانب قطع أخرى لم تبخل عليها بالأحجار الكريمة والذهب. لكن مهما تنوعت الخامات والأشكال، تبقى السعادة هي العنوان بأسلوب طبيعي يتجاوز التقليدي.


«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
TT

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)

بتصميمات فريدة جمعت بين الابتكار والأناقة، يستعرض معرض «صالون المجوهرات 2025»، المُقام في «إيه إن بي أرينا»، ضمن «موسم الرياض»، لزوّاره، أحدث تصميمات المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات والمقتنيات النادرة والثمينة.

وتُشارك فيه أكثر من 600 علامة تجارية فاخرة من 50 دولة، وسط أجواء تعكس الفخامة وتنوُّع المعروضات، إذ تتنافس الدُّور المُشاركة على تقديم تصميمات استثنائية تبرز دقّة الصنعة وفنّ التكوين، وسط حضور لافت يشهده المعرض مع انطلاقته في العاصمة السعودية، ضمن الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

يشهد المعرض مشاركة دُور مجوهرات عالمية تمتد جذورها لأكثر من قرنين (موسم الرياض)

كما يشهد مشاركة دُور مجوهرات عالمية عريقة تمتد جذورها لأكثر من قرنين، من بينها «دار بريجيه»، التي انطلقت في القرن الثامن عشر، وكذلك «شوبار»، و«فرنك مولر»، إلى جانب «الفردان للمجوهرات»، و«جوهان»، و«ليدا دايموند آند جولري».

وهو يُعدّ وجهة عالمية تجمع المُصمّمين والمُوزّعين والمُهتمين في تجربة حسّية متكاملة تمتزج فيها الإضاءة الفنّية والموسيقى الهادئة، ويعرض قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً.

المعرض وجهة عالمية يتيح تجربة حسّية متكاملة (موسم الرياض)

وحضرت هيئة المواصفات السعودية «تقييس»، لتعريف الزوّار بأهمية موثوقية موازين المجوهرات والذهب، في الوقت الذي يُقدّم فيه الحدث تصميمات استثنائية راقية.

وشهدت نُسخ المعرض السابقة تسجيل مبيعات تجاوزت 53.3 مليون دولار (200 مليون ريال سعودي)، وقِطعاً استثنائية أثارت اهتمام خبراء المجوهرات، من بينها قناع مُرصّع بأكثر من 3600 ألماسة بلغت قيمته نحو مليون ونصف مليون دولار.

قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً (موسم الرياض)

المعرض يستمر حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مُقدّماً تجربة فريدة لعشّاق المجوهرات والجمال الراقي، ومُحتفياً بتنوّع الذوق السعودي وقدرته على مواكبة أحدث اتجاهات التصميم العالمية.