الأسماء القديمة.. موضة الاستثمار الجديدة

شراء شركة كورية دار «بول بواريه» يفتح ملف شراء وإنعاش بيوت أزياء منسية ومدى جدواها في عصرنا

معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
TT

الأسماء القديمة.. موضة الاستثمار الجديدة

معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)
معطف صممه بول بواريه في عام 1923 ويوجد حاليا في متحف كيوطو و من عرض «سكاباريللي» لخريف وشتاء 2015 و من عرض «فيونيه» لخريف وشتاء 2015 و («سكاباريللي» 2015)

لا حديث لأوساط الموضة هذه الأيام سوى سيرة بول بواريه وخبر إحياء داره ونفض غبار 86 عاما تقريبا عنها، بعد أن اشترتها شركة كورية على أمل إعادتها إلى الواجهة على غرار بيوت أخرى اشتراها صناع موضة أو مستثمرون ونجحوا في نقلها إلى الألفية. ورغم أن اسم بول بواريه قد لا يعني شيئا للشخص العادي، لأنه يعتبر من خبر كان، بحكم أنه أغلق داره في عام 1929 ومات مفلسا في عام 1944، إلا أنه بالنسبة لعشاق الموضة والعارفين، مصمم لا يجود الزمان بمثله سوى فيما ندر. هؤلاء لا يزالون يلمسون تأثيره، يظهر بين الفينة والأخرى في عروض مصممين من عصرنا، نذكر منهم جون غاليانو، خلال عهده في دار «ديور»، والثنائي «دولتشي آند غابانا» وغيرهم.
بدأ الحديث عن بول بواريه منذ أكثر من سنة تقريبا عندما تناهت أخبار عن عرضها للبيع، وزادت حدتها في الأشهر الأخيرة بعد تناهي خبر شراء الشركة الكورية شينسيغاي إنترناشيونال Shinsegae International كل ما يتعلق بها، من اسم وأرشيف ومتعلقات، على أمل إعادة البريق إليها، أسوة ببيوت قديمة أخرى تم تلميعها في السنوات الأخيرة، مثل سكياباريللي، وفيونيه، وكوريج، وتشارلز جيمس، وغيرها. ما توصل إليه المستثمرون أن عملية إنعاش دار قديمة أسهل من دعم مصمم شاب واسم جديد عليهم بناؤه من الصفر. فاسم قديم، إذا كان له ثقل ورنة، يمنحهم إمكانية أكبر للتحرك، إلى حد أنها قد لا تستعمل من القديم سوى الاسم، تستند عليه كعكاز للحصول على المصداقية. كل هذا يطرح تساؤلات كثيرة عن الأسباب التي جعلت الموضة مؤخرا مسكونة بالماضي، أو بالأحرى بالعراقة والموروثات القديمة، رغم أنها في أمسّ الحاجة إلى مصممين شباب، يضخون فيها دماء جديدة ويتسلمون المشعل من المصممين الكبار الذين بلغ أغلبهم سن الشيخوخة، من كارل لاغرفيلد مصمم دار «شانيل» و«فندي» إلى جيورجيو أرماني وغيرهما. والجواب، على ما يبدو، أن أحد أسباب التهافت على التاريخ بإرثه وعراقته، يحقق المعادلة الصعبة بالنسبة للمستثمرين. فهم من جهة، يوفرون للمصمم الشاب أرشيفا غنيا ومضمونا يكون نقطة الانطلاق للإبداع، ومن جهة ثانية، هو نص مكتوب وواضح، كل ما عليه هو دراسته عوض البدء من الصفر أو إطلاق العنان لشطحات قد تكلفهم الكثير لصعوبة تسويقها. في المقابل، فإن اسما له وزن ورنة، حتى وإن لم يسمع به الجيل الجديد، يمكن بيعه لهذا الجيل بمساعدة وسائل الإعلام المتواطئة معهم، من ناحية أنها جاهزة لتقديم الدعم من باب تقديرها لهذه الأسماء التاريخية القديمة. وهذا ما أكدته التجارب السابقة مع بيوت أزياء مثل «كارفن»، و«روشا»، و«فيونيه»، و«بالمان» و«نينا ريتشي»، فكلها أسماء لمؤسسين ومصممين لم يعد لهم وجود بيننا، ومع ذلك فإن المستهلك يشعر بأنهم لا يزالون على قيد الحياة.
من وجهة نظر أخرى، فإن الاستثمار في اسم قديم أسهل، من الناحيتين القانونية والإدارية، من الاستثمار في دار أزياء شابة لمصمم له حضور في الساحة. وتكمن السهولة هنا في قدرتها على إملاء شروطها عليه، بل وحتى الاستغناء عنه واستبداله بمصمم آخر إن استدعى الحال، وهو ما حصل فعلا في بيوت مثل «بالنسياجا» و«سكياباريللي» مؤخرا. وهذا ما لا تستطيع القيام به في حال استثمرت في دار المصمم الشاب. فكل ما في إمكانها القيام به في هذه الحالة، أن تنسحب وتسحب دعمها، مضحية بكل ما ضخته من أموال لسنوات. وربما هذا ما يجعل عملية البحث عن مصمم مناسب صعبة ومعقدة، لأن الآمال المعقودة عليه تكون كبيرة قد ينوء تحتها بعد موسم أو اثنين فقط. دييغو ديلا فالي، صاحب شركة «تودز» الذي اشترى «إلسا سكاباريللي»، مثلا، لم يتوفق لحد الآن بمصمم يملأ كرسي المؤسسة ويشفي غليله لفنيتها. وكل التجارب لحد الآن، تؤكد أن كارل لاغرفيلد، فلتة لا تتكرر. فقد قاد دار «شانيل» إلى آفاق أبعد من المتوقع، وبإيقاع ربما لم يكن بإمكان المصممة المؤسسة نفسها أن تواكبه فيما لو ظلت على قيد الحياة، تقود زمام دارها، لأن هناك مصممين عباقرة عندما يكون النص مكتوبا لهم ينطلقون منه للتطوير والإبداع، بينما هناك مصممون لهم رؤيتهم التي لا يحيدون عنها، وبالتالي يفضلون أن يبدأوا من الصفر، أي على كنفس أبيض تماما، ويجدون صعوبة في التأقلم مع أسلوب غيرهم خصوصا إذا كان قد مضى عليه قرابة قرن من الزمن إلى حد أنه لا يبقى من الدار سوى اسم مؤسسها. أكبر مثال على هذا أن الأسلوب الذي أرساه المصمم بيير بالمان في الخمسينات من القرن الماضي، مختلف تماما عن أسلوب الدار حاليا في عهد أوليفييه روستينغ. فبينما كان أسلوب المؤسس يتميز بالأناقة الرفيعة التي تخاطب الطبقات الأرستقراطية والمخملية، فإن روستينغ، من جيل وسائل التواصل الاجتماعي، يعتمد على فتيات الانستغرام والنجمات الشابات، مع جرعات قوية من الإثارة الحسية. ومع ذلك تحقق الدار النجاح التجاري، بينما تستمد عراقتها وشرعيتها من الاسم. ولولا هذا الاسم، لما كانت لتبيع هذه التصاميم.
من بيوت الأزياء القديمة التي تعرف نجاحا ملموسا بعد إحيائها، دار «فيونيه» التي تأسست في عام 1912 واشتهرت صاحبتها، مادلين فيونيه، في بداية القرن الماضي بتقنية الدرابيه. فقد ظلت نائمة ومنسية لمدة 75 عاما قبل أن توقظ من سباتها بفضل سيدة الأعمال والمصممة غوغا أشكينازي التي عرفت كيف تستعمل جينات الدار وتطورها لتلبية ما تحتاجه المرأة من تصاميم أنيقة تخدمها وتبرز جمالها. وكانت غوغا قد اشترت نسبة مهمة من أسهم هذه الجوهرة الفرنسية، ولم تكن تنوي أن تكون المديرة الفنية، لكن كل المصممين الذين تعاقدت معهم كانوا يخذلونها في آخر لحظة بعدم التزامهم بالوقت حتى عندما كان أسبوع الموضة على الأبواب، مما اضطرها لكي تأخذ زمام الأمور بيديها وتُنصب نفسها كمصممة. ولم لا؟ فهي امرأة أنيقة، ثم إنها تمتلك خبرة لا بأس بها في هذا المجال بحكم صداقتها مع إيفا كافالي، زوجة روبرتو كافالي، وأيضا بحكم دراستها في ميلانو وفلورنسا لفن التصميم.
ما يجعل القصة مثيرة بالنسبة لبول بواريه، إضافة إلى أنه اسم دخل المتاحف، وكتب الموضة التاريخية، أنه اسم يحترمه العارفون ويقدرونه. فهو كان من أهم المستشرقين الذين شهدتهم أوساط الموضة، ليس في بداية القرن الماضي فحسب بل لحد الآن. عشق الشرق وترجمه من خلال إبداعات تحاكي لوحات الفنان كريستيان لاكروا في قوتها أحيانا.
المثير في أسلوبه أنه تدرب في دار دوسيه ثم في دار وورث، مؤسس ما يعرف الآن بـ«الهوت كوتير» ومع ذلك لم يكن يجيد الخياطة، مما جعله يبتكر أسلوب الطيات باستعماله أمتارا طويلة من الأقمشة المترفة. كان يبدأ أي زي بقطعة قماش مستطيلة ويصممها مثلما يصمم اليابانيون الكيمونو والمغاربة القفطان، لتتدلى على الأكتاف بسخاء ثم تعانق الجسم بأقل قدر من الحياكة. رحلاته الخيالية للشرق تجسدت أيضا في تصاميم عبارة عن سراويل فضفاضة وعمامات فارسية وتطريزات هندية غنية. قد يتساءل البعض كيف لمصمم مبدع مثله أن يُفلس ويموت مغمورا، والجواب للأسف، أنه لم يستطع أن يقرأ تغيرات العصر بعد الحرب العالمية الأولى، مما جعل المرأة التي كانت تريد التحرر من القيود تعزف عن فخامة تصاميمه وتُقبل على تصاميم غريمته غابرييل شانيل.
الآن وبعد أن قامت شركة «شينسيغاي إنترناشيونال» بالخطوة الأولى وهي الأسهل، أي شراء الدار، فإن الخطوة الثانية والأصعب هي العثور على مصمم في مستوى عبقرية بواريه ليلمعها ويضفي البريق عليها في زمن أصبحت فيه المنافسة على أشدها مع كثرة الأسماء وتشابه الأساليب.
قد يكون جون غاليانو الأقرب لشخصيته، لما يتمتع به من كاريزما إبداعية تتجسد في دراما الألوان وفنية التصاميم وسخاء الأقمشة، لكنه الآن في «ميزون مارجيلا». الخيار الثاني يمكن أن يكون كريستيان لاكروا، وإن كان قبوله يتوقف على الكثير من الأمور منها كبرياؤه المجروح، بعد أن كان يتحكم في داره الخاصة التي أغلقت منذ بضع سنوات تأثرا بالأزمة الاقتصادية في عام 2008 ومدى رغبته في دخول تحدٍ جديد، أو بالأحرى مقارنة، غير مضمونة مع المؤسس.

من هو بول بواريه؟

> كان أول مصمم أزياء يتفرع إلى مجالات أخرى وطرح عطرًا خاصًا به، يحمل اسم ابنته الكبرى «روزين»
> كان أول من فتح محلا للديكور المنزلي أطلق عليه «أتيلييه مارتين»، على اسم ابنته الثانية
> يعيد بعض المؤرخين الفضل في أسلوبه الفخم والمتحرر من الخطوط الواضحة والخيوط الكثيرة، لزوجته دينيس التي كانت جد مستقلة وأنيقة في الوقت ذاته. كانت أيضا ملهمته وسفيرته الخاصة، من ناحية أنها كانت تتعمد أن تلبس جديده في المناسبات الكبيرة لشد الانتباه إليها والترويج له.
> إلى جانب إعجابه بالقفاطين والعمامات والتطريزات الشرقية، تأثر أيضا بالأزياء الإغريقية الكلاسيكية وترجمها بأسلوب فني تجريدي، ألهم مصممين معاصرين من أمثال راي كاواكوبو، مصممة ماركة «كوم دي غارسون»، وحسين تشالايان.
> أطلق عليه الأميركيون لقب «ملك الموضة» عندما زارهم لأول مرة عام 1913 لكنهم لم يبقوا أوفياء له، وسرعان ما أداروا له ظهرهم بعد أن راقت لهم تصاميم منافسته اللدودة آنذاك، كوكو شانيل. كان أسلوبها هو الضد، خصوصا وأنها تفوقت عليه بقراءتها تغيرات العصر ومتطلباته في وقت كان العالم يعيش فيه تبعات الحرب العالمية وما فرضته من تقشف وتغييرات. وهكذا بينما بقي هو وفيا لأسلوبه الفني والفخم، خففت هي من الأحجام واستعملت أقمشة عملية ورخيصة مثل الجيرسيه لتخاطب امرأة جديدة كانت تتوق أن تتحرر من كل القيود الاجتماعية وبدأت تزرع بذرة مساواتها مع الرجل.
> ما يُحسب له أنه كان من الأوائل الذين انتبهوا إلى قوة الإعلام وتأثيره، لهذا أحاط نفسه بشخصيات ثقافية ومخملية، وتودد للجميلات والشهيرات، مثل سارة برنارد وكوليت وهيلينا روبنشتاين وبيغي غوغنهايم وغيرهن، للظهور بتصاميمه في المحافل الكبيرة، بل وحتى على المسارح.
> في عام 2007، كان موضوع متحف المتروبوليتان للفن في نيويورك، من خلال معرض كبير بعنوان «ملك الموضة».



«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
TT

«صالون المجوهرات» يخطف الأضواء وألق الذهب والأحجار الكريمة يُزيّن الرياض

يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)
يستعرض «صالون المجوهرات» أحدث تصميمات الحلي والأحجار الكريمة (موسم الرياض)

بتصميمات فريدة جمعت بين الابتكار والأناقة، يستعرض معرض «صالون المجوهرات 2025»، المُقام في «إيه إن بي أرينا»، ضمن «موسم الرياض»، لزوّاره، أحدث تصميمات المجوهرات والأحجار الكريمة والساعات والمقتنيات النادرة والثمينة.

وتُشارك فيه أكثر من 600 علامة تجارية فاخرة من 50 دولة، وسط أجواء تعكس الفخامة وتنوُّع المعروضات، إذ تتنافس الدُّور المُشاركة على تقديم تصميمات استثنائية تبرز دقّة الصنعة وفنّ التكوين، وسط حضور لافت يشهده المعرض مع انطلاقته في العاصمة السعودية، ضمن الموسم الترفيهي الأضخم في المنطقة والعالم.

يشهد المعرض مشاركة دُور مجوهرات عالمية تمتد جذورها لأكثر من قرنين (موسم الرياض)

كما يشهد مشاركة دُور مجوهرات عالمية عريقة تمتد جذورها لأكثر من قرنين، من بينها «دار بريجيه»، التي انطلقت في القرن الثامن عشر، وكذلك «شوبار»، و«فرنك مولر»، إلى جانب «الفردان للمجوهرات»، و«جوهان»، و«ليدا دايموند آند جولري».

وهو يُعدّ وجهة عالمية تجمع المُصمّمين والمُوزّعين والمُهتمين في تجربة حسّية متكاملة تمتزج فيها الإضاءة الفنّية والموسيقى الهادئة، ويعرض قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً.

المعرض وجهة عالمية يتيح تجربة حسّية متكاملة (موسم الرياض)

وحضرت هيئة المواصفات السعودية «تقييس»، لتعريف الزوّار بأهمية موثوقية موازين المجوهرات والذهب، في الوقت الذي يُقدّم فيه الحدث تصميمات استثنائية راقية.

وشهدت نُسخ المعرض السابقة تسجيل مبيعات تجاوزت 53.3 مليون دولار (200 مليون ريال سعودي)، وقِطعاً استثنائية أثارت اهتمام خبراء المجوهرات، من بينها قناع مُرصّع بأكثر من 3600 ألماسة بلغت قيمته نحو مليون ونصف مليون دولار.

قِطع مجوهرات تُطرح للمرة الأولى عالمياً (موسم الرياض)

المعرض يستمر حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، مُقدّماً تجربة فريدة لعشّاق المجوهرات والجمال الراقي، ومُحتفياً بتنوّع الذوق السعودي وقدرته على مواكبة أحدث اتجاهات التصميم العالمية.


راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
TT

راما دواجي... سيدة نيويورك الأولى كيف جعلت صمت الأناقة موقفاً وبياناً سياسياً

كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)
كانت صورة النصر مشهداً غير مسبوق في الولايات المتحدة (د.ب.أ)

صورة عمدة نيويورك الجديد، زهران ممداني، وزوجته، راما دواجي، تبدو لأول وهلة جديدة على المشهد السياسي الأميركي... ثنائي شاب من أصول مسلمة، ينتمي إلى جيل «زد» ويتحدث لغته بفصاحة وشجاعة لم ترَ لها نيويورك مثيلاً. فهما لم يتنازلا في أي مرحلة من مراحل الرحلة الانتخابية عن مبادئهما الإنسانية والسياسية والفكرية الداعمة للأقليات والضعفاء.

لكن من الناحية البصرية، لا تبدو هذه الصورة جديدة تماماً. تُذكّر بالرئيس الأميركي الراحل جون كيندي وزوجته جاكي... ثنائي لا يقل كاريزما وتأثيراً على جيل كامل كان يحلم وينتظر التغيير للأفضل. فضل كبير في تجميل صورة جون كيندي يعود إلى جاكي؛ السيدة الأولى التي وظّفت الجمال والأناقة سلاحاً ناعماً ومؤثراً في الوقت ذاته.

ملكت راما بجمالها ونعومتها وثقافتها قلوب ناخبي نيويورك (رويترز)

وكما شكّلت جاكي كيندي في ستينات القرن الماضي مرآة جيل آمَن بالحلم الأميركي، تبدو راما دواجي اليوم امتداداً لذلك الإرث وأكثر... فهي تنقله إلى مرحلة أعمق وعياً وصدقاً يمكن أن تتحول فيها الموضة صوتاً للإنسانية والأقليات.

راما من الآن هي سيدة نيويورك الأولى... في ملامحها ظِلّ من الشرق وحضور غربي في آن معاً... ثنائية لا تخفيها، بل تفخر بها. مثل جاكي؛ تتمتع راما بكاريزما وجمال فريد من نوعه، ومثلها أثرت على جيل كامل من الناخبين في زمنها؛ أي من جيل «زد»، وفق تصريح من زوجها، الذي استقطب المؤثرين في حملته الانتخابية للوصول إلى هذه الشريحة.

لم يكن لأصول راما العربية والمسلمة، فهي من والدين سوريين ووُلدت في الولايات الأميركية، تأثير سلبي على الناخبين. على العكس؛ ملكت قلوبهم بصدق مواقفها أولاً، وجمالها وأناقتها ثانياً.

وقفت راما إلى جانب زوجها تنظر إليه بصمت... لكن كل ما فيها كان يتكلم... من نظرات العيون إلى الأزياء (أ.ف.ب)

الصورة التي ستبقى خالدة في الذاكرة والتاريخ، وهي تظهر إلى جانب زوجها زهران ممداني بصفته أول مسلم وأصغر عمدة يتولى هذا المنصب منذ عام 1892، جذبت اهتمام الولايات المتحدة، كما شدّت أنفاس العالم بأسره... كان فيها تصالح مع الماضي واستقبال للحاضر... وقفت فيها راما، ذات الـ28 عاماً، إلى جانبه صامتة، تنظر إليه بين الفينة والأخرى بنظرات إعجاب، شبّهها البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بنظرات الأميرة الراحلة ديانا.

بلاغة الصمت

صمتها لم يَشفِ غليل البعض؛ لأنهم لم يجدوا فيه سمات الصورة النمطية للزوجة المسلمة التابعة لزوجها من دون أن يكون لها كيان خاص أو استقلالية... فراما فنانة لها وجود وتأثير على الساحة الفنية، وقالت بصمتها كل ما يلزم قوله عن هذه الاستقلالية، إضافة إلى انتمائها الثقافي والسياسي. فما ارتدته لم يكن مجرد اختيار عادي يليق بمناسبة يفترض فيها أن تكون بكامل أناقتها، بل كان بياناً سياسياً وإنسانياً وفنياً لا يعتذر عن أفكارها ورؤيتها ودعمها القضية الفلسطينية. إطلالتها أكدت أن الجيل الذي تنتمي إليه أعلى شجاعة من الجيل الذي سبقه في صدق تعبيره عن القضايا السياسية ونبل المشاعر الإنسانية.

عبّرت راما عن ثنائية انتمائها باختيار إطلالتها من مصمم فلسطيني - أردني ومصممة نيويوركية (رويترز)

قد تبدو إطلالتها بسيطة أول وهلة، لا سيما أنها بالأسود؛ «اللون الذي لا يخيب» وتلجأ إليه المرأة عندما تكون خائفة وتريد أن تلعب على المضمون، إلا إن بساطتها كانت خادعة وعميقة في آن؛ لأنها كانت محملة بالأفكار. اختارت «بلوزة» دون أكمام من الدينم الأسود، مطرزة بتخريمات منفذة بالليزر، من تصميم الفلسطيني - الأردني زيد حجازي، الذي أبرز فيها تفاصيل التطريز الفلسطيني التراثي وزخارف القرى الفلسطينية. زيد حجازي، الذي تخرج في معهد «سنترال سان مارتينيز» بلندن، يصف علامته بأنها «استكشاف لـ(الثقافات القديمة والمعاصرة)».

نسّقت دواجي «البلوزة» مع تنورة من المخمل والدانتيل، أيضاً بالأسود، من تصميم إيلا جونسون، وهي مصممة نيويوركية تشتهر بأسلوبها الرومانسي والحرفي، الذي يستهوي النخب الفنية والبوهيمية في بروكلين. الجمع بين مصمم فلسطيني ومصممة نيويوركية يشير إلى جذورها وانتمائها إلى ثقافتين: العربية والأميركية، ويقول إن الموضة ليست مجرد مظهر أنيق وأداة جذب أو قناع واقٍ، بل هي مواقف وأفعال، وترمز أيضاً إلى جيل من المهاجرين لم يعد يكتفي بالاندماج، بل يحلم بالتأثير والمشاركة في رسم ملامح الواقع الذي يعيشه.

ما أسلوب راما دواجي؟

تتميز راما بأسلوبها الخاص وإن كانت تميل إلى الأسود في المناسبات الرسمية (أ.ف.ب)

إلى جانب أنها فنانة ورسامة ومصممة رسوم متحركة، فهي تتمتع بأسلوب بوهيمي تعبر من خلاله عن شخصية مستقلة ومتحررة فكرياً، فهي تنتمي إلى جيل الإنترنت، والـ«تيك توك» وغيرها من المنصات الشبابية. هذا الجيل يراقب العالم بعين ناقدة... يُحلله ويحلم بتغييره للأفضل، بما في ذلك صناعة الموضة، التي يفهمها ويعشقها، لكنه في الوقت ذاته يريد إخراجها من قوالبها النخبوية والتقليدية. يبدو أن دواجي توافقهم الرأي، وإذا كانت إطلالتها ليلة النصر هي المقياس، فإن المتوقع منها طيلة فترة عمدية زوجها أن تتعامل مع الموضة بوعي إنساني بوصفها جسراً تلتقي عليه الحضارات والثقافات بصدق وشفافية.


أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
TT

أوليفييه روستينغ يغادر دار «بالمان» بعد 14 عاماً

أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)
أوليفييه روستينغ بعد عرضه لربيع وصيف 2026 (أ.ف.ب)

بعد 14 عاماً، أعلنت دار «بالمان» ومديرها الإبداعي أوليفييه روستينغ إنهاء علاقة تجارية وفنية أثمرت على الكثير من النجاحات والإنجازات.

صرحت دار الأزياء الفرنسية في بيان أصدرته بالمناسبة بأنها «تُعرب عن امتنانها العميق لأوليفييه على كتابته فصلاً مهماً من تاريخها».

من جهته، أعرب روستينغ عن مشاعره قائلاً في بيانه الخاص: «أنا ممتن لفريقي الاستثنائي في (بالمان)، كانوا عائلتي التي اخترتها في مكان كان بمثابة بيتي طوال الـ14 سنة الماضية... سأظل دائماً أحتفظ بهذه التجربة الثمينة في قلبي».

أوليفييه روستينغ يودع دار «بالمان» بعد 14 عاماً (أ.ف.ب)

لم يكن تعيين «بالمان» لروستينغ «تقليدياً» في عام 2011. كان في الرابعة والعشرين من عمره، أي كان أصغر مدير إبداعي في باريس منذ إيف سان لوران، وأول مدير إبداعي من أصول أفريقية في دار أزياء أوروبية.

صغر سنه ساهم في إدخال الدار العالم الرقمي، حيث أطلقت في عهده أحد أول «فلاتر سناب تشات» الخاصة بالعلامات التجارية، وتطبيق خاص بها، وشراكة مبكرة مع «إنستغرام» للتسوق في عام 2019، من دون أن ننسى أنه أعاد إحياء خط الأزياء الراقية في «بالمان» بعد انقطاع دام 16 عاماً.

من تصاميمه لدار «بالمان» (غيتي)

من بين إنجازاتها الكثيرة أنه نشر ثقافتها لجيل كامل وقع تحت سحر جرأته الفنية، وإن كان البعض يرى أن السحر يكمن في تعاوناته مع نجمات عالميات، نذكر منهن كيم كارداشيان وجيجي حديد وكندال جينر وبيونسي وغيرهن.

روستينغ في عرضه الأخير لخريف وشتاء 2025 مع عارضاته (غيتي)

ولد أوليفييه في مدينة بوردو الفرنسية لأبوين أفريقيين تخليا عنه ليتم تبنيه في سن مبكرة من قبل زوجين فرنسيين. على المستوى المهني، درس في معهد «إسمود» في باريس قبل أن ينضم إلى دار «روبرتو كافالي» بعد التخرج، حيث تولى في نهاية المطاف قيادة قسم الأزياء النسائية. في عام 2009، التحق بدار «بالمان» ليعمل تحت إشراف المصمم كريستوف ديكارنين، وبعد عامين خلفه بصفته مديراً إبداعياً، وفي عام 2016، قاد الدار بسلاسة خلال عملية استحواذ مجموعة «مايهولا» القطرية عليها.

رغم أن صورة وجه المصمم وإطلالاته الاستعراضية ستبقى محفورة في الذاكرة، فإن تصاميمه المبتكرة هي أكثر ما يميزه في انتظار الفصل التالي من مسيرته.