التجارة الحرة بين مصر وبلدان الاتحاد الأوروآسيوي في مباحثات بوتين والسيسي بالكرملين

مكافحة الإرهاب والأزمة السورية تتصدران مشاورات الطرفين

الرئيس الروسي بوتين مستقبلا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس في الكرملين (روسيا اليوم)
الرئيس الروسي بوتين مستقبلا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس في الكرملين (روسيا اليوم)
TT

التجارة الحرة بين مصر وبلدان الاتحاد الأوروآسيوي في مباحثات بوتين والسيسي بالكرملين

الرئيس الروسي بوتين مستقبلا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس في الكرملين (روسيا اليوم)
الرئيس الروسي بوتين مستقبلا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمس في الكرملين (روسيا اليوم)

وصل إلى موسكو أمس الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى موسكو في زيارة رسمية هي الأولى للعاصمة الروسية بعد زيارته لسوتشي في العام الماضي، فيما تعد اللقاء الخامس بين الزعيمين منذ فبراير (شباط) 2014. ومن المقرر أن يستهل الرئيس السيسي مباحثاته الرسمية في موسكو اليوم بلقاء مع الرئيس فلاديمير بوتين في الكرملين، حيث من المقرر أن يتناول الرئيسان في لقاءاتهما الانفرادية والموسعة مع أعضاء وفدي البلدين، جملة من القضايا الدولية والإقليمية وفي مقدمتها التعاون في مكافحة الإرهاب والأزمة السورية، إلى جانب الأوضاع في اليمن وليبيا والعراق والتسوية السلمية في الشرق الأوسط.
وتقول المصادر الرسمية الروسية، إن مباحثات اليوم مدعوة إلى تحديد الكثير من ملامح العمل في الفترة القريبة المقبلة في إطار مشروع التجارة الحرة بين مصر وبلدان الاتحاد الأوروآسيوي، الذي يضم كلاً من روسيا وقازخستان وبيلاروس وأرمينيا وقيرغيزستان، وإقامة منطقة صناعية روسية في منطقة قناة السويس إلى جانب الإعداد للتوقيع النهائي حول مساهمة روسيا في تمويل وبناء مشروع الضبعة النووية بعد أن استقر عليها الخيار لتشييد هذا المشروع انطلاقًا من تميز العرض الروسي بما يطرحه من خطة متكاملة تستهدف خلق قاعدة صناعية نووية سلمية في مصر تتضمن تدريب الكوادر الوطنية واستخدام القاعدة التقنية المصرية لصناعة ما يمكن تصنيعه محليًا من مكونات المشروع، وهو ما يقول الخبراء إنه رفع أسهم روسيا للفوز بهذا المشروع في المنافسة مع مجموعة العروض التي قدمتها الصين وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وفرنسا. وتقول المصادر الروسية إن الجانبين على يقين من أن حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يرقي مستوى العلاقات السياسية والتفاهم المتبادل، وكذلك القدرات المصرية والروسية.
وأشارت مصادر دبلوماسية روسية في تصريحاتها لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قضية التعاون في مكافحة الإرهاب ستتصدر المباحثات من منظور مبادرة الرئيس بوتين حول إنشاء جبهة إقليمية لمكافحة الإرهاب التي قال في لقاءات سابقة مع كبار المسؤولين من العربية السعودية وسوريا وإيران، إنها يمكن أن تضم تركيا والسعودية والأردن وسوريا إلى جانب محاولة استمالة القاهرة إليها وهي التي تعاني من ويلات الإرهاب في شبه جزيرة سيناء وفي ليبيا المجاورة. وبهذا الصدد كانت موسكو قد حذرت القاهرة من تدفق آلاف الإرهابيين من العراق وأفغانستان إلى شبه جزيرة سيناء وتسليحهم بالكثير من أسلحة الجيش الليبي التي جرى تهريبها إلى هناك، حسب تصريحات سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسية الذي كان طالب في حينه بطرح هذه القضية على مجلس الأمن. وكان ميخائيل بوغدانوف المبعوث الشخصي للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ونائب وزير الخارجية الروسية، حذر أيضًا من وجود أسلحة كيماوية في ليبيا واحتمالات وقوع هذه الأسلحة في أيدي الإرهابيين وما قد يتبع ذلك من تهريبها للاستخدام ضد مصر.
وقالت المصادر الروسية كذلك أنه من المتوقع أن تحظى الأزمة السورية بموقع الصدارة في مباحثات اليوم من منطلق تقارب المواقف بين البلدين تجاه النقاط المحورية وما تحظى به القاهرة من قبول من جانب الأطراف المعنية السورية حكومية كانت أو معارضة، فضلاً عن عدم إصرارها على رحيل الرئيس السوري بشار الأسد شرطًا مسبقًا لأي مباحثات حول هذه الأزمة. وهو ما يتفق عليه البلدين في الرأي.
فضلاً عن تأكيد الجانبين لإعلان جنيف الصادر في 30 يونيو (حزيران) 2012 أساسًا للتسوية السياسية للأزمة، وهو المشروع الذي يحدد فترة المرحلة الانتقالية وآلية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وتشكيل الحكومة، وهو ما كانت موسكو ناقشته مؤخرًا مع وزير الخارجية السعودية عادل الجبير ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف خلال زيارتيهما لموسكو، ومباحثاتهما مع نظيرهما الروسي سيرغي لافروف، وكذلك مع ممثلي المعارضة السورية.
وكان الرئيس السيسي استهل برنامج عمله في العاصمة الروسية أمس بلقاء مع الشيخ محمد بن زايد ولي عهد الإمارات الذي زاره في مقر إقامته في الكرملين، إلى جانب عدد من اللقاءات مع وزير الصناعة الروسية ورئيس اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والصناعي دينيس مانتوروف، ورئيس صندوق الاستثمارات الروسية كيريل دميتريف، إلى جانب زيارته لمجلس الدوما التي التقى خلالها مع سيرغي ناريشكين ورؤساء الكتل النيابية وقيادة المجلس، حيث جرى بحث عددًا من القضايا الثنائية والإقليمية.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيسان فلاديمير بوتين وعبد الفتاح السيسي في الكرملين اليوم لبحث مختلف جوانب العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.