القوات المشتركة تنضم للقتال.. والأباتشي تشارك للمرة الأولى في الطلعات العسكرية في مأرب

قائد مقاومة الجوف لـ («الشرق الأوسط») : تشكيل قوة عسكرية في محور المحافظة.. والمقاومة في جاهزية كاملة

طفل يمني يلعب على دراجته الهوائية أمام إحدى البنايات التي دمرت جراء المواجهات بين الميليشيات الحوثية وقوات المقاومة في تعز أمس (أ.ب)
طفل يمني يلعب على دراجته الهوائية أمام إحدى البنايات التي دمرت جراء المواجهات بين الميليشيات الحوثية وقوات المقاومة في تعز أمس (أ.ب)
TT

القوات المشتركة تنضم للقتال.. والأباتشي تشارك للمرة الأولى في الطلعات العسكرية في مأرب

طفل يمني يلعب على دراجته الهوائية أمام إحدى البنايات التي دمرت جراء المواجهات بين الميليشيات الحوثية وقوات المقاومة في تعز أمس (أ.ب)
طفل يمني يلعب على دراجته الهوائية أمام إحدى البنايات التي دمرت جراء المواجهات بين الميليشيات الحوثية وقوات المقاومة في تعز أمس (أ.ب)

بدأت القوات المشتركة المتمركزة في محافظة مأرب، بشرقي اليمن، أمس، المشاركة التدريجية في العمليات العسكرية الدائرة على مستوى جبهة القتال في مأرب، إلى جانب مهامها الأخرى المتمثلة في تحرير المناطق الأخرى، وصولا إلى العاصمة صنعاء، وقالت مصادر مطلعة في مأرب لـ«الشرق الأوسط» إن وحدات من قوات الردع المشتركة، التحقت بمعسكر «صحن الجن»، غرب مدينة مأرب، وذلك للتصدي للهجمات التي تنفذها الميليشيات وقوات المخلوع علي صالح على المدينة، من ذلك الاتجاه، وذكرت المصادر أن مروحيات الأباتشي، شاركت، لأول مرة أمس، في العمليات العسكرية بمأرب، حيث نفذت عدة طلعات في منطقتي كوفل والزور بجبهة مديرية صرواح، وشكل الغطاء الجوي الذي أحدثته المروحيات، فرصة للمقاومة للتقدم إلى مواقع الميليشيات وتنفيذ عدد من الهجمات.
في سياق متصل، علمت «الشرق الأوسط» أنه جرى استكمال تشكيل محور عسكري بمحافظة الجوف تحت إشراف اللواء الركن أمين الوائلي، قائد المنطقة العسكرية السادسة، وبقيادة العميد عادل القميري. في الوقت ذاته، حشدت مقاومة الجوف، بقيادة الشيخ الحسن أبكر، مئات المقاتلين، الذين باتوا في جاهزية كاملة للمشاركة في العمليات العسكرية. وبحسب المخططات، التي أشارت إليها «الشرق الأوسط» الأيام الماضية، فإن القوات المشتركة التي دخلت عبر الحدود ووصلت إلى مأرب، سوف تعمل، إلى جانب المقاومة الشعبية، على استعادة السيطرة على محافظتي مأرب والجوف، قبل التقدم باتجاه العاصمة صنعاء والمناطق المجاورة لها، وقال أبكر لـ«الشرق الأوسط» إن الخطوات تسير بشكل متسارع وكما هو مخطط له، وإنه وبتشكيل قوات محور الجوف وجاهزية المقاومة المرابطة في منطقة الريان، باتت هناك خطوات إجرائية ولوجيستية تقوم بها، حاليا، قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية وبالتنسيق مع القوات المشتركة ومقاومة مأرب والجوف.
على صعيد آخر، تستمر المواجهات في المناطق الحدودية بين محافظتي أبين (الجنوبية) والبيضاء (الشمالية)، بغية تمهيد الطريق لاستعادة السيطرة على البيضاء ثم التحرك إلى محافظات وسط البلاد.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث الرسمي باسم المقاومة الشعبية الجنوبية، علي شايف الحريري، أن المقاومة سيطرت على عقبة ثرة الرابطة بين مكيراس بمحافظة البيضاء على الشريط الحدودي السابق بين شطري البلاد، الشمالي والجنوبي، وذلك بعد مواجهات دامية خلال اليومين الماضيين، وأضاف الحريري لـ«الشرق الأوسط» أن المقاومة بمساندة طيران التحالف العربي خاضت طيلة الأسبوع الماضي معارك شرسة ضد جيوب ميليشيات الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، التي كانت تتدفق من البيضاء باتجاه مكيراس عبر عقبة ثرة، وأن «تطهير مكيراس سيتم في الساعات القليلة المقبلة، بعدما تمكنت المقاومة الشعبية الجنوبية من استعادة مواقع مهمة وكثيرة من قبضة الميليشيات، وفرض حصار خانق على ما تبقي من مواقع عززها العدو من عناصر اللواء الذي انقلب على الشرعية وأعاق انتصار المقاومة في مكيراس عدة أيام».
وحول الوضع الأمني في عدن، في ظل الأنباء عن ظهور مجاميع مسلحة يعتقد أنها تنتمي لتنظيم القاعدة، قال الحريري إن «دول التحالف العربي تبذل جهودا كبيرة في تدريب وتأهيل رجال المقاومة للقيام بدورهم الأمني، وهم يحرسون عدن، وليس هناك ما يدعو للقلق، والمقاومة الشعبية الجنوبية إلى جانب السلطة المحلية تبذل جهدا في الملف الأمني، ونحن انتهينا من معركة عسكرية طهرنا بها عدن، ونتوقع من العدو أي عملية قد تستهدف السكينة العامة في عدن».
ودعا متحدث المقاومة الجنوبية «جميع سكان عدن والمحافظات المحررة إلى التعاون الكامل مع المقاومة الشعبية الجنوبية والإبلاغ عن أي عناصر أو تحركات مشبوهة»، وقال الحريري إن «تنظيم (القاعدة في اليمن) هو من صنيعة المخلوع علي عبد الله صالح»، وإن «المخلوع صالح احتضن عناصر (القاعدة) منذ صيف عام 1994، وهيأ لهم كل أسباب البقاء والتكاثر، وقادتها يحملون رتبا عسكرية»، وأضاف أن «الحرب في المحافظات الجنوبية حسمت عسكريا، إلا أن المخلوع صالح سوف يلعب بملفات كثيرة في الجنوب، وأهمها ملف (القاعدة) والمناطقية وملفات أخرى، وسوف يجند كل خلاياه الإعلامية والميدانية والسياسية مستخدما المال الذي سرقه من قوت الشعب وثروات الجنوب وبلغ 60 مليار دولار»، مؤكدا «أننا في الجنوب من خلال 26 عاما تجربة مع نظام المخلوع صالح، صار لدينا إدراك لمثل هذه الألعاب القذرة، ونحن يقظون لمثل هذا، وشعبنا كما كان في المقدمة بالمعركة العسكرية سوف يكون كذلك في معركة تثبيت الأمن والبناء التي لا تقل أهمية عن المعركة العسكرية».
على صعيد آخر، وفي الوقت الذي تزداد فيه احتمالات تنفيذ عملية عسكرية كبيرة لتحرير العاصمة صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع علي عبد الله صالح، كشفت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن ازدياد مضطرد في الفساد والنهب لموارد الدولة اليمنية في وزارة الدفاع، التي تخضع لسيطرة الحوثيين، وقالت المصادر إن معظم قيادات الحوثي «تعبث بالوزارة بصورة غير مسبوقة»، حيث قامت تلك القيادات البارزة باستصدار قرارات عبر اللواء زكريا الشامي، نائب رئيس الأركان، حصلوا بموجبها على رتبة لواء في الجيش وعلى كميات من الأسلحة الحديثة والذخائر والاعتمادات المالية الضخمة لهم وللمقربين منهم، دون أن تربطهم أي صلة بالمؤسسة العسكرية، وبينهم محكومون ومتورطون في قضايا جنائية، حسبما تقول المصادر، التي تشير إلى أن من بين القيادات التي تحصلت على تلك المواقع العسكرية والرتب والأسلحة، القائد الميداني لجماعة الحوثي، أبو علي الحاكم، المدرج ضمن قائمة عقوبات الأمم المتحدة، ويوسف الفيشي ويوسف المداني، وآخرون، وأشارت المصادر إلى نهب كميات كبيرة من الأسلحة المتوسطة والخفيفة الحديثة من مخازن الوزارة بحجة دعم جبهات القتال وبحجة إبعادها عن خطر قصف قوات التحالف، وإلى أن معظم تلك الأسلحة تباع في «السوق السوداء»، إضافة إلى مصادرة أعداد كبيرة من السيارات الحديثة من مخازن القوات المسلحة والأمن وصرفها لعناصر الميليشيات الحوثية وبعض رجال القبائل في كثير من المناطق لشراء ولاءاتهم لصالح الجماعة. ووصف مصدر في وزارة الدفاع في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، رفض الكشف عن هويته، ما يجري في الوزارة بأنه «عمل عصابة كبيرة، تعمل، أيضا، على نهب البنوك والمؤسسات».
في سياق متصل، تواصل جماعة الحوثي، المسيطرة على زمام الأمور في صنعاء، عمليات استقطاعات واسعة النطاق من مرتبات الموظفين في القطاع الحكومي وقطاع الأمن والجيش، إلى جانب الاستقطاعات الشهرية بحجة دعم «المجهود الحربي»، واستحدثت الميليشيات أسماء أخرى للاستقطاعات من مرتبات الموظفين، تتمثل في «دعم عملية الامتحانات للشهادتين الأساسية والثانوية»، هذا إضافة إلى عمليات المتاجرة العلنية بالمشتقات النفطية في «السوق السوداء»، والإتاوات التي تفرض على القطاع الخاص والتي تقدر بمئات الملايين من الريالات.
في موضوع آخر، تتواصل المواجهات في مديرية عتمة، بمحافظة ذمار، بجنوب صنعاء، بين المقاومة الشعبية التي تطلق على نفسها اسم «مقاومة آزال»، والميليشيات الحوثية، وقال بيان صادر عن «مقاومة آزال» إن معارك عنيفة دارت، أمس، في عدد من المواقع؛ منها جبل حلفان الاستراتيجي والمهلالة ومنطقة الربيعة، وأضاف أن «أبطال المقاومة تصدوا اليوم (أمس) لهجوم نفذته ميليشيات الحوثي وصالح في منطقتي المهلالة والقدم، وتمكنوا من دحر الهجوم، بينما لا تزال الاشتباكات جارية في أكثر من جبهة. وتشهد الأجزاء الشرقية والشمالية للمديرية اشتباكات بالأسلحة الثقيلة»، وأشار إلى أن «رجال المقاومة هاجموا جبل حلفان بمنطقة الربيعة في محاولة لاستعادته من ميليشيات الحوثي وصالح التي سيطرت على جزء منه (أول من أمس) الأحد».
وتسيطر المقاومة على مديرية عتمة بذمار منذ بضعة أيام، غير أن الميليشيات الحوثية تستميت في محاولة استعادة سيطرتها على المنطقة التي تبعد نحو مائة كيلومتر جنوب العاصمة صنعاء.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.