بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟

يزداد عدد المرشحات والدعوات لاختيار سيدة للمنصب في المنظمة

بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟
TT

بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟

بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟

وقف دبلوماسي داخل غرفة تعج بأقرانه من الدبلوماسيين يتحدث عن كيفية اختيار الأمين العام القادم للأمم المتحدة.
ومن بين المقترحات التي طرحها الدبلوماسي، مارغوس كولغا من إستونيا، الانتهاء من عملية الاختيار في وقت مبكر، تحديدًا قبل بداية فترة عمل الأمين الجديد في يناير (كانون الثاني) 2017، «وذلك ببساطة كي يتهيأ»، حسبما قال. وهنا، همهمت رئيسة آيرلندا السابقة، ماري روبنسون، بصوت لم يسمعه كولغا بادئ الأمر مرددة: «يتهيأ؟».
وبعد ذلك، كررتها بصوت أعلى، ما دفع كولغا لاستدراك الموقف والشروع في الاعتذار، وقال: «يتهيأ أو تتهيأ. آسف»، مضيفًا أنه في لغته الأم، الإستونية، لا توجد فروق لغوية في الحديث عن النوعين، قائلاً: «عندما أقول (هو)، أعني هو أو هي».
والملاحظ أن مسألة ما إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة سيكون سيدًا أو سيدة أصبحت محط جدال متزايد، داخل وخارج أروقة الأمم المتحدة. وتروج للفكرة أكثر من 30 دولة، بقيادة كولومبيا، حيث ترى هذه الدول أنه حان الوقت كي تتولى سيدة قيادة المنظمة.
ومن جهتها، طرحت منظمات نسوية قوائم بمرشحات للمنصب. كما دعت شخصيات عالمية بارزة - منها أعضاء بالمجموعة التي تنتمي إليها روبنسون، «ذي إلدرز»، والتي تتألف من رؤساء دول سابقين لترشيح سيدات.
ويذكر أنه جرى انتخاب سيدات لقيادة دول متنوعة، مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية. كما تتولى سيدة قيادة صندوق النقد الدولي، علاوة على أن بعض كبريات الشركات الأوروبية يلزمها القانون بتخصيص حصة 30 في المائة من المناصب الرقابية بها للمرأة.
وفي الوقت ذاته، سعت وزيرة خارجية السويد، مارغوت والستروم، لتطبيق «سياسة خارجية نسوية»، مشيرة إلى أن حقوق المرأة تمثل عنصرًا محوريًا للسلام والأمن العالميين. كما تشهد الفترة الراهن كذلك ترشح هيلاري رودهام كلينتون، التي ألقت منذ 20 عامًا خطابًا باعتبارها السيدة الأولى بالولايات المتحدة أمام مؤتمر تاريخي عن المرأة عقدته الأمم المتحدة في بكين، لمنصب رئاسة البلاد. ومع ذلك، ظلت الأمم المتحدة بمنأى عن هذا التحول، فمنذ إنشائها عام 1945 ظلت قيادتها حكرًا على الرجال.
وعن ذلك، قالت روبنسون عندما حان دورها للحديث: «بعد تولي ثمانية رجال منصب الأمين العام للمنظمة على التوالي، فإن مجموعة (ذي إلدرز) متعاطفة للغاية مع فكرة أنه حان الوقت كي يجري اختيار سيدة للمنصب، لكن إذا اتضح أن المرشح المناسب رجلاً، إذن فليكن كذلك». واستطردت موضحة، أن «المرشح المناسب» ينبغي أن يكون «مستقلاً وغير معني بمصالح دول أعضاء بعينها».
وتعكس هذه الدعوات ليس فقط الرغبة في تحقيق مساواة بين النوعين، وإنما شعور متزايد بالإحباط حيال الأسلوب الغامض الذي تتفاوض من خلاله القوى العالمية - تحديدًا الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، حول اختيار الأمين العام للمنظمة.
ويرى دبلوماسيون ونشطاء من المجتمع المدني أنه حال عدم تغيير هذه العملية، فإنه ستتسبب في جعل المنظمة تبدو خارج إطار الزمن الراهن وغير مناسبة للتعامل مع الأزمات العالمية الملحة. ومن جهتها، قالت لويز أربور، قاضية كندية سابقة، شغلت منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بين عامي 2004 و2008: «بغض النظر عن طبيعة عملية اختيار الأمين العام، فإنه تاريخيًا لم يول أحد اهتماما لتمثيل نصف سكان العالم، إن الاختيار في العادة يتعلق باعتبارات جغرافية ومفاوضات حول مصالح دول، أكثر بكثير من ارتباطه بالمؤهلات الشخصية للمرشح».
وجدير بالذكر أنه حتى الآن لم تعلن سوى القليل من الدول عن مرشحها للمنصب، وتماشيًا مع البروتوكول الذي يمنح فرصة لكل من التكتلات الإقليمية المختلفة، فإن أوروبا الشرقية تتهيأ لدورها، وإن كان ليس هناك ما يفرض ذلك في ميثاق الأمم المتحدة.
ونظرًا لتنامي الدعوات لاختيار سيدة للمنصب، زاد عدد المرشحات هذه المرة عن أي وقت مضى، من بينهن إيرينا بوكوفا من بلغاريا، وهي مدير عام منظمة اليونيسكو، والرئيسة ميشيل باتشيليت من تشيلي، وكريستالينا جورجيفا، وهي من بلغاريا أيضًا وتتولى منصب نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، وهيلين كلارك، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة وتترأس حاليًا البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. ومن بين المرشحين الرجال دانيلو ترك، رئيس سلوفينيا سابقًا.
وخلال مقابلة هاتفيًا، رفضت كلارك التأكيد على ما إذا كانت مهتمة بالترشح للمنصب، رغم أن بعض العاملين معها وصفوا زياراتها لعواصم كبرى بمختلف أرجاء العالم باعتبارها جزءًا من حملتها لنيل المنصب. واكتفت كلارك بالقول إن تمثيل المرأة ضعيف داخل المراكز القيادية الكبرى بالأمم المتحدة، في تناقض صارخ مع منظمات أخرى، وإن المرأة تميل لطرح قضايا مختلفة على طاولة الحوار عندما يجري تمثيلها في المناصب العليا.
وقالت: «أعتقد أن المرأة تحمل معها مجموعة أوسع من التجارب الحياتية. وينبغي أن تتمتع المرأة على فرصة متساوية مع الرجل للمنافسة على جميع المناصب العليا عالميًا».
ويذكر أن ميثاق الأمم المتحدة لا يحدد كيفية اختيار الأمين العام. أما على الجانب العملي، فإنه على امتداد الجزء الأكبر من تاريخه الممتد لـ70 عامًا، أعلن مجلس الأمن عن مرشحه المفضل، والذي يجري لاحقًا التصديق على اختياره من جانب أعضاء الجمعية العمومية.
وأما مشاورات المجلس لاختيار المرشح فتجري بعيدًا عن وسائل الإعلام، ويشكو الكثير من الدبلوماسيين من أن الدول الأعضاء بمجلس الأمن تعمل على ضمان خضوع المرشح الذي اختاروه بسهولة لرغباتها - بحيث يصبح سكرتيرًا أكثر منه عامًا، حسب المقولة الشهيرة في هذا الشأن.
أما الأمين العام الحالي، بان كي مون، فيشتهر بمناصرته لتعيين المرأة في المناصب الإدارية، وبخ رؤساء دول وحكومات أحيانًا لعدم اختيارهم مزيدًا من النساء في مناصب حكومية.
ومع ذلك، يبقى تمثيل المرأة في قوات حفظ السلام ضعيفًا، وكذلك الوسطاء السيدات المعينات من قبل الأمم المتحدة للتفاوض بشأن اتفاقات سلام.
ومن بين سفراء الدول دائمي العضوية بمجلس الأمن، فإن سفير بريطانيا، ماثيو ريكروفت، الوحيد الذي أعلن صراحة عن تفضيل حكومته لتولي سيدة المنصب من بين منافسين متكافئين في المؤهلات. وأما السفير الروسي، فيتالي شركين، فحذر من ضرورة عدم التمييز ضد الرجال.
ويذكر أن أكثر من ربع السفراء الذين يمثلون بلادهم بالأمم المتحدة سيدات، وهو نصيب أعلى بكثير عما كان عليه الحال عندما قدمت أربور للمرة الأولى لمقر الأمم المتحدة ومنذ 18 عامًا وشاهدت صفوف الدبلوماسيين ورؤساء الدول المتوافدة على قاعات الجمعية العمومية.
وتتذكر أنها حينها سألت مسؤولاً مخضرمًا بالمنظمة: «هل هناك مدخل مخصص للسيدات؟»، فأجابها: «لا يا عزيزتي، هذا هو العدد بأكمله».
ومع ذلك، يبقى هناك جانبًا سلبيًا في الدعوات الداعمة لتولي امرأة منصب الأمين العام. وعن ذلك، قالت زينب بن غورا، الممثلة الخاصة للأمين العام بشأن العنف الجنسي في الصراعات: «إذا تولت سيدة المنصب، وعجزت عن تقديم أداء ناجح، سيجري استغلالها في الحكم على بقيتنا. هنا يكمن قلقي. ما أتطلع نحوه سيدة استثنائية بإمكانها إثبات أن بمقدور النساء الاضطلاع بهذا المنصب».

* خدمة «نيويورك تايمز»

من اليسار المرشحات لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة تشيلي ميشيل باشليه، ورئيسة منظمة اليونيسكو البلغارية إيرينا بوكوفا، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية البلغارية كريستالينا جورجيفا، ورئيسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي النيوزيلندية هيلين كلارك (نيويورك تايمز)



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».