بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟

يزداد عدد المرشحات والدعوات لاختيار سيدة للمنصب في المنظمة

بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟
TT

بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟

بعد 70 عامًا من قيادة الرجال.. هل حان الوقت أن المرأة تقود الأمم المتحدة؟

وقف دبلوماسي داخل غرفة تعج بأقرانه من الدبلوماسيين يتحدث عن كيفية اختيار الأمين العام القادم للأمم المتحدة.
ومن بين المقترحات التي طرحها الدبلوماسي، مارغوس كولغا من إستونيا، الانتهاء من عملية الاختيار في وقت مبكر، تحديدًا قبل بداية فترة عمل الأمين الجديد في يناير (كانون الثاني) 2017، «وذلك ببساطة كي يتهيأ»، حسبما قال. وهنا، همهمت رئيسة آيرلندا السابقة، ماري روبنسون، بصوت لم يسمعه كولغا بادئ الأمر مرددة: «يتهيأ؟».
وبعد ذلك، كررتها بصوت أعلى، ما دفع كولغا لاستدراك الموقف والشروع في الاعتذار، وقال: «يتهيأ أو تتهيأ. آسف»، مضيفًا أنه في لغته الأم، الإستونية، لا توجد فروق لغوية في الحديث عن النوعين، قائلاً: «عندما أقول (هو)، أعني هو أو هي».
والملاحظ أن مسألة ما إذا كان الأمين العام للأمم المتحدة سيكون سيدًا أو سيدة أصبحت محط جدال متزايد، داخل وخارج أروقة الأمم المتحدة. وتروج للفكرة أكثر من 30 دولة، بقيادة كولومبيا، حيث ترى هذه الدول أنه حان الوقت كي تتولى سيدة قيادة المنظمة.
ومن جهتها، طرحت منظمات نسوية قوائم بمرشحات للمنصب. كما دعت شخصيات عالمية بارزة - منها أعضاء بالمجموعة التي تنتمي إليها روبنسون، «ذي إلدرز»، والتي تتألف من رؤساء دول سابقين لترشيح سيدات.
ويذكر أنه جرى انتخاب سيدات لقيادة دول متنوعة، مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية. كما تتولى سيدة قيادة صندوق النقد الدولي، علاوة على أن بعض كبريات الشركات الأوروبية يلزمها القانون بتخصيص حصة 30 في المائة من المناصب الرقابية بها للمرأة.
وفي الوقت ذاته، سعت وزيرة خارجية السويد، مارغوت والستروم، لتطبيق «سياسة خارجية نسوية»، مشيرة إلى أن حقوق المرأة تمثل عنصرًا محوريًا للسلام والأمن العالميين. كما تشهد الفترة الراهن كذلك ترشح هيلاري رودهام كلينتون، التي ألقت منذ 20 عامًا خطابًا باعتبارها السيدة الأولى بالولايات المتحدة أمام مؤتمر تاريخي عن المرأة عقدته الأمم المتحدة في بكين، لمنصب رئاسة البلاد. ومع ذلك، ظلت الأمم المتحدة بمنأى عن هذا التحول، فمنذ إنشائها عام 1945 ظلت قيادتها حكرًا على الرجال.
وعن ذلك، قالت روبنسون عندما حان دورها للحديث: «بعد تولي ثمانية رجال منصب الأمين العام للمنظمة على التوالي، فإن مجموعة (ذي إلدرز) متعاطفة للغاية مع فكرة أنه حان الوقت كي يجري اختيار سيدة للمنصب، لكن إذا اتضح أن المرشح المناسب رجلاً، إذن فليكن كذلك». واستطردت موضحة، أن «المرشح المناسب» ينبغي أن يكون «مستقلاً وغير معني بمصالح دول أعضاء بعينها».
وتعكس هذه الدعوات ليس فقط الرغبة في تحقيق مساواة بين النوعين، وإنما شعور متزايد بالإحباط حيال الأسلوب الغامض الذي تتفاوض من خلاله القوى العالمية - تحديدًا الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة: بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة، حول اختيار الأمين العام للمنظمة.
ويرى دبلوماسيون ونشطاء من المجتمع المدني أنه حال عدم تغيير هذه العملية، فإنه ستتسبب في جعل المنظمة تبدو خارج إطار الزمن الراهن وغير مناسبة للتعامل مع الأزمات العالمية الملحة. ومن جهتها، قالت لويز أربور، قاضية كندية سابقة، شغلت منصب المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان بين عامي 2004 و2008: «بغض النظر عن طبيعة عملية اختيار الأمين العام، فإنه تاريخيًا لم يول أحد اهتماما لتمثيل نصف سكان العالم، إن الاختيار في العادة يتعلق باعتبارات جغرافية ومفاوضات حول مصالح دول، أكثر بكثير من ارتباطه بالمؤهلات الشخصية للمرشح».
وجدير بالذكر أنه حتى الآن لم تعلن سوى القليل من الدول عن مرشحها للمنصب، وتماشيًا مع البروتوكول الذي يمنح فرصة لكل من التكتلات الإقليمية المختلفة، فإن أوروبا الشرقية تتهيأ لدورها، وإن كان ليس هناك ما يفرض ذلك في ميثاق الأمم المتحدة.
ونظرًا لتنامي الدعوات لاختيار سيدة للمنصب، زاد عدد المرشحات هذه المرة عن أي وقت مضى، من بينهن إيرينا بوكوفا من بلغاريا، وهي مدير عام منظمة اليونيسكو، والرئيسة ميشيل باتشيليت من تشيلي، وكريستالينا جورجيفا، وهي من بلغاريا أيضًا وتتولى منصب نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، وهيلين كلارك، رئيسة وزراء نيوزيلندا السابقة وتترأس حاليًا البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. ومن بين المرشحين الرجال دانيلو ترك، رئيس سلوفينيا سابقًا.
وخلال مقابلة هاتفيًا، رفضت كلارك التأكيد على ما إذا كانت مهتمة بالترشح للمنصب، رغم أن بعض العاملين معها وصفوا زياراتها لعواصم كبرى بمختلف أرجاء العالم باعتبارها جزءًا من حملتها لنيل المنصب. واكتفت كلارك بالقول إن تمثيل المرأة ضعيف داخل المراكز القيادية الكبرى بالأمم المتحدة، في تناقض صارخ مع منظمات أخرى، وإن المرأة تميل لطرح قضايا مختلفة على طاولة الحوار عندما يجري تمثيلها في المناصب العليا.
وقالت: «أعتقد أن المرأة تحمل معها مجموعة أوسع من التجارب الحياتية. وينبغي أن تتمتع المرأة على فرصة متساوية مع الرجل للمنافسة على جميع المناصب العليا عالميًا».
ويذكر أن ميثاق الأمم المتحدة لا يحدد كيفية اختيار الأمين العام. أما على الجانب العملي، فإنه على امتداد الجزء الأكبر من تاريخه الممتد لـ70 عامًا، أعلن مجلس الأمن عن مرشحه المفضل، والذي يجري لاحقًا التصديق على اختياره من جانب أعضاء الجمعية العمومية.
وأما مشاورات المجلس لاختيار المرشح فتجري بعيدًا عن وسائل الإعلام، ويشكو الكثير من الدبلوماسيين من أن الدول الأعضاء بمجلس الأمن تعمل على ضمان خضوع المرشح الذي اختاروه بسهولة لرغباتها - بحيث يصبح سكرتيرًا أكثر منه عامًا، حسب المقولة الشهيرة في هذا الشأن.
أما الأمين العام الحالي، بان كي مون، فيشتهر بمناصرته لتعيين المرأة في المناصب الإدارية، وبخ رؤساء دول وحكومات أحيانًا لعدم اختيارهم مزيدًا من النساء في مناصب حكومية.
ومع ذلك، يبقى تمثيل المرأة في قوات حفظ السلام ضعيفًا، وكذلك الوسطاء السيدات المعينات من قبل الأمم المتحدة للتفاوض بشأن اتفاقات سلام.
ومن بين سفراء الدول دائمي العضوية بمجلس الأمن، فإن سفير بريطانيا، ماثيو ريكروفت، الوحيد الذي أعلن صراحة عن تفضيل حكومته لتولي سيدة المنصب من بين منافسين متكافئين في المؤهلات. وأما السفير الروسي، فيتالي شركين، فحذر من ضرورة عدم التمييز ضد الرجال.
ويذكر أن أكثر من ربع السفراء الذين يمثلون بلادهم بالأمم المتحدة سيدات، وهو نصيب أعلى بكثير عما كان عليه الحال عندما قدمت أربور للمرة الأولى لمقر الأمم المتحدة ومنذ 18 عامًا وشاهدت صفوف الدبلوماسيين ورؤساء الدول المتوافدة على قاعات الجمعية العمومية.
وتتذكر أنها حينها سألت مسؤولاً مخضرمًا بالمنظمة: «هل هناك مدخل مخصص للسيدات؟»، فأجابها: «لا يا عزيزتي، هذا هو العدد بأكمله».
ومع ذلك، يبقى هناك جانبًا سلبيًا في الدعوات الداعمة لتولي امرأة منصب الأمين العام. وعن ذلك، قالت زينب بن غورا، الممثلة الخاصة للأمين العام بشأن العنف الجنسي في الصراعات: «إذا تولت سيدة المنصب، وعجزت عن تقديم أداء ناجح، سيجري استغلالها في الحكم على بقيتنا. هنا يكمن قلقي. ما أتطلع نحوه سيدة استثنائية بإمكانها إثبات أن بمقدور النساء الاضطلاع بهذا المنصب».

* خدمة «نيويورك تايمز»

من اليسار المرشحات لمنصب الأمين العام للأمم المتحدة، رئيسة تشيلي ميشيل باشليه، ورئيسة منظمة اليونيسكو البلغارية إيرينا بوكوفا، ونائبة رئيس المفوضية الأوروبية البلغارية كريستالينا جورجيفا، ورئيسة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي النيوزيلندية هيلين كلارك (نيويورك تايمز)



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.


بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.


واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
TT

واشنطن: مادورو غير شرعي

نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)
نيكولاس مادورو في 8 ديسمبر 2022 (رويترز)

قالت الولايات المتحدة اليوم (الثلاثاء)، إنها ما زالت ترفض اعتبار نيكولاس مادورو الرئيس الشرعي لفنزويلا، وتعترف بسلطة الجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015 بعد أن حلت المعارضة «حكومتها المؤقتة».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين: «نهجنا تجاه نيكولاس مادورو لا يتغير. إنه ليس الرئيس الشرعي لفنزويلا. نعترف بالجمعية الوطنية المُشَكَّلة عام 2015»، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
ولدى سؤاله عن الأصول الفنزويلية، ولا سيما شركة النفط الفنزويلية في الولايات المتحدة، قال برايس إن «عقوباتنا الشاملة المتعلقة بفنزويلا والقيود ذات الصلة تبقى سارية. أفهم أن أعضاء الجمعية الوطنية يناقشون كيف سيشرفون على هذه الأصول الخارجية».