الائتلاف السوري يتحفّظ على خطة دي ميستورا وتضييع الهدف المنشود من «جنيف1»

دعا المجتمع الدولي إلى إظهار جدية في حلّ الأزمة السورية وإنهاء المأساة

الائتلاف السوري يتحفّظ على خطة دي ميستورا وتضييع الهدف المنشود من «جنيف1»
TT

الائتلاف السوري يتحفّظ على خطة دي ميستورا وتضييع الهدف المنشود من «جنيف1»

الائتلاف السوري يتحفّظ على خطة دي ميستورا وتضييع الهدف المنشود من «جنيف1»

وضع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في سوريا ملاحظاته على خطة مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا لحلّ الأزمة السورية. لكن هذه الملاحظات تبدو أقرب إلى الرفض، بعدما اعتبر الائتلاف أن اقتراحات المبعوث الدولي التي يستغرق تنفيذها وقتًا طويلاً لا يمكن تمريرها في ظل ما يقوم به نظام بشار الأسد من سفك دماء السوريين. ورأى أن الخطة المقترحة تضيّع الهدف المنشود من بيان «جنيف1»، وقرار مجلس الأمن 2118 لجهة الاتفاق على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية الكاملة الصلاحيات وتحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل دون وجود الأسد وعصبته في المرحلة الانتقالية وما بعدها.
هذه الملاحظات قدّم لها نائب رئيس الائتلاف هشام مروة شرحًا مفصلاً، من دون أن يطعن في نيات صاحبها، فذكّر بأن دي ميستورا يحاول الآن تقديم مقترحات وطروحات، بنتيجة لقاءاته بممثلي المعارضة والنظام. وتابع مروة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن تحفظاتنا تعبّر عن حقيقة موقفنا، وهي محاولة لتصويب ما ورد في مسودة المبعوث الدولي، والسعي إلى تعديل موقفه ليقدّم صورة واضحة ومتكاملة للحل في سوريا. وإذ رأى مروة أن البيانات التي قدمها دي ميستورا في وقت سابق، وما تضمنته من إدانة للبراميل المتفجرة والمجازر التي يرتكبها النظام فيها شيء من إنصاف الشعب السوري، أوضح أن ما يطرحه من اقتراحات في مسودة لتطبيق «جنيف 1»، لا يحقق ترجمة واقعية لبنود «جنيف 1»، وهي وقف العنف والسماح بالتظاهرات السلمية وإطلاق سراح المعتقلين وهيئة الحكم الانتقالي وتحديد مصير بشار الأسد.
نائب رئيس الائتلاف، أردف خلال حديثه «المطلوب من دي ميستورا وضوح كامل حتى لا نقع في اللغط الذي يستفيد منه النظام، ولذلك نحن نقول إن موقفه لم يكن واضحًا من جيش النظام والذين ارتكبوا المجازر». وعن الآلية التي يمكن للمبعوث الدولي أن يعتمدها لتطبيق خطته، شدد مروة على ضرورة أن تترافق الخطة مع ضغط دولي، يظهر جدية المجتمع الدولي في حلّ الأزمة السورية، مبديًا أسفه لأن مجلس الأمن لم يبد حتى الآن موقفًا من مجزرة دوما الأخيرة أو حماية المدنيين أو إرسال لجنة تحقيق، لتقصي حقيقة ما يجري في الغوطة وفي دوما.
ومن جانب آخر، نبه مروة إلى أن النظام وحلفاءه الإيرانيين يرتكبون جريمة تطهير عرقي في سوريا، بمعرفة المجتمع الدولي الذي لا يحرك ساكنًا. واستطرد أن دول القرار أطلقت يد إيران في المنطقة، بينما الأخيرة هي تعرقل الحلّ في سوريا، وتدير في الوقت نفسه مفاوضات مع فصائل معارضة من أجل عملية تهجير جماعي وتقسيم لسوريا.
بعدها أعرب مروة عن خيبته لأنه في الذكرى الثانية لمجزرة الكيماوي في الغوطة، لم تصدر حتى مجرد إدانة دولية، أو مطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه المجزرة. وتساءل «الشعب السوري اليوم يبحث عن وجوده، فهل المجتمع الدولي معني بعذاباته أم لا؟ وهل معني أيضًا بإنهاء هذه المأساة؟ هذا ما نطلبه من السيد دي ميستورا، أن يكون واضحًا في ما إذا كانت ثمة إرادة دولية للحل في سوريا».
هذا، وكانت الهيئة السياسية في الائتلاف قد أصدرت بيانًا ردّت فيه على اقتراحات دي ميستورا للحلّ، قالت فيه استقبلت الهيئة السياسية للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة فريق المبعوث الدولي السيد دي ميستورا واستمعت منه إلى شرح عن مسار تطبيق ما ورد في تقريره لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 29 / 7 / 2015، وعن البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن الدولي في 17 / 8 / 2015، وقد تم طرح الكثير من الأسئلة والاستيضاحات في الاجتماع إلا أن الأجوبة لم تكن كافية لتبديد هواجسنا حول الكثير من المسائل.
وأضافت أن «للهيئة السياسية ملاحظاتها على خطة السيد دي ميستورا، تلخصها في النقاط التالية: أولاً، من الواضح أن مسار العمل المقترح يستغرق وقتًا طويلاً، لا يمكن الموافقة على تمريره في ظل ما يقوم به نظام الأسد من سفك دماء وتدمير في بلادنا. وسوف يستفيد من هذا الوقت، لتعويم نفسه وتعزيز مكاسبه على الأرض، كما حصل في كل التجارب السابقة. ثانيًا: يضيع في طيات مسودة الخطة المقترحة الهدف المنشود من بيان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن 2118 وهو الاتفاق على تشكيل هيئة الحكم الانتقالية كاملة الصلاحيات التي تمكن من سرعة تبني خطة تنفيذية لبيان جنيف (1)، وتوحد فرق العمل التي ستستكمل جميع التفاصيل. وما زال المجتمع الدولي يتهرب من مواجهة أسّ المشكلة وهو تحقيق الانتقال السياسي الجذري والشامل دون وجود الأسد وعصبته في المرحلة الانتقالية وما بعدها. ثالثًا: في الوقت الذي لم يعد هنالك من شك في شرعية تمثيل قوى الثورة والمعارضة، يجري تشويه إرادة الشعب السوري من خلال الانتقائية في اختيار ممثليه كما حدث في مشاورات جنيف، إن أي عملية سياسية لا يمكن لها النجاح إلا إذا تمتعت بالنزاهة والحيادية في مصداقية التمثيل، وابتعدت عن أي إملاء أو محاولة تصنيع مسبق وخارجي».
وأكد الائتلاف أن الوثائق المختلفة لقوى الثورة والمعارضة توافقت بغالبيتها على رؤية موحدة للحل السياسي وأجمعت فيها على ضرورة تحقيق انتقال سياسي جذري وشامل يغلق الطريق نهائيًا أمام استمرار الاستبداد أو عودته. وأعلن أن الهيئة السياسية تتابع التواصل مع الأمم المتحدة لتوضيح ما أشكل من المسائل كما أنها ستكون أمينة على ما أقرته الهيئة العامة للائتلاف نصًا وروحًا والتي تعكس تطلعات الشعب السوري بمختلف مكوناته وأطيافه السياسية وستحيل نتائج متابعة عملها وتقدير موقفها السياسي إلى اجتماع الهيئة العامة القادم لإقرار ما ستنتهجه لاحقًا.
وشدد الائتلاف على تمسكه بـ«دور الأمم المتحدة في الحل السياسي» وأهمية أن تؤدي المنظمة الدولية دورها الطبيعي في محاسبة مجرمي الحرب ومرتكبي الجرائم ضد الإنسانية.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.