مظاهرات حاشدة تؤيد بقاء الرئيسة البرازيلية في الحكم

مسؤولون برازيليون رفيعون متهمون في قضية فساد شركة «بتروبراس» للنفط

مظاهرات حاشدة تؤيد بقاء الرئيسة البرازيلية في الحكم
TT

مظاهرات حاشدة تؤيد بقاء الرئيسة البرازيلية في الحكم

مظاهرات حاشدة تؤيد بقاء الرئيسة البرازيلية في الحكم

تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص أول من أمس في ثلاثين مدينة في البرازيل دفاعا عن الديمقراطية وللمطالبة ببقاء الرئيسة ديلما روسيف في السلطة، وذلك ردا على مظاهرات حاشدة الأحد الماضي طالبت رحيلها.
وبدأت المظاهرات التي دعت إليها نقابات وحركات اجتماعية في الصباح بتجمعات صغيرة لكن الجزء الأكبر منها جرى ليلا في نهاية يوم العمل وخصوصا في المدن الكبرى كـ «ريو دي جانيرو» و«ساو باولو» و«برازيليا».
وقال المنظمون إن 140 ألف شخص تظاهروا في جميع أنحاء البلاد، بينما تحدثت الشرطة في تقديرات جزئية عن مشاركة ثلاثين ألفا فقط، في هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 200 مليون نسمة.
وكان الهدف الرئيسي لهذه الاحتجاجات التصدي «للبرنامج المحافظ» الذي كان في قلب المظاهرات المناهضة للحكومة والتي شارك فيها نحو مليون شخص في جميع أنحاء البلاد، وفق ما صرّحت به رئيسة الاتحاد الوطني للطلاب كارينا فيترال في مؤتمر صحافي.
وفي ساو باولو وحدها، احتج 60 ألف متظاهر بينما تظاهر 25 ألفا آخرون في «ريو برانكو» في «ريو دي جانيرو» وهم يرفعون لافتات كتب عليها «لن يكون هناك انقلاب». وقال الشاعر خورخي سالوماو (68 عاما) الذي كان من بين المتظاهرين: «نريد حماية الديمقراطية.. لا للانقلاب، ولا للفاشية».
وبيد أن هذه التجمعات تدافع عن بقاء ديلما روسيف التي تراجعت شعبيتها إلى ثمانية في المائة حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، إلا أنها تنتقد بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مثل إصلاح الميزانية بهدف إنعاش النمو، ما أدى إلى تباطؤ الاقتصاد للسنة الخامسة على التوالي. وفي هذا الإطار، اتهمت النيابة البرازيلية الخميس رئيس الجمعية الوطنية إدواردو كونا والرئيس الأسبق للبلاد فرناندو كولور في إطار فضيحة الفساد في شركة النفط بتروبراس، في أول خطوة من هذا النوع تتخذ ضد نائب.
وقالت النيابة في بيان إن «المدعي العام للجمهورية رودريغو خانوت أرسل طلبا إلى المحكمة العليا لاتهام رئيس مجلس النواب إدواردو كونا لتلقيه رشاوى بقيمة 5 ملايين دولار على الأقل، ليسمح ببناء سفينتي تنقيب لـ(بتروبراس) بين يونيو (حزيران) 2006 وأكتوبر (تشرين الأول) 2012».
إلى ذلك، يطالب النائب العام كونا، وهو عضو في الحركة الديمقراطية البرازيلية الحزب الرئيسي في التحالف الحكومي، بدفع 80 مليون دولار نصفها لإعادة أموال إلى «بتروبراس» حصلت عليها الشركات التي كانت تضخم الفواتير للحصول على أموال من أجل رشوة سياسيين، والنصف الآخر تعويضات.
كما اتهمت النيابة أيضا الرئيس الأسبق فرناندو كولور الذي أقيل بتهمة الفساد في 1992 ويشغل حاليا مقعدا في مجلس الشيوخ، وكذلك النائبة السابقة سولانج ألميدا. وتعد هذه الاتهامات هي الأولى التي تستهدف نوابا في إطار هذا الملف المعقد. وبما أن النواب يتمتعون بحصانة نيابية، لا يمكن محاكمتهم إلا أمام المحكمة العليا.
ويرى كارتاخو ارودا، من نقابة موظفي الدولة في ولاية سيارا، خلال مسيرة التأييد لروسيف في مدينة برازيليا أن: «كل الأدوات التي نملكها اليوم مع النيابة والشرطة الفيدرالية، ندين بها للرئيس السابق». وأضاف: «دا سيلفا وحكومة ديلما روسيف هما اللذان سمحا بإمكانية طرد كل هذه المافيا من السلطة».
وكان رئيس الجمعية الوطنية المعروف بخطبه النارية وإنكاره الوقائع التي يتهم بها، أكد أنه لن يتخلى عن منصبه في حال اتهامه. وقال: «سأواصل ممارسة المهام التي انتخبت من أجلها من قبل غالبية أعضاء المجلس وأنا مطمئن تماما للوضع».
في سياق متصل، يفيد التحقيق في قضية الفساد في بتروبراس أن مؤسسات كانت تتشارك فيما بينها عقود الشركة النفطية عبر دفع رشى إلى بعض المديرين مقابل عقود وتضخيم قيمة هذه العقود بما بين 1 و3 في المائة، بين عامي 2004 و2014. وكان جزء من هذه العمولات يدفع لشخصيات سياسية معظمها من برلمانيي تحالف يسار الوسط الحاكم. ويشتبه بتورط نحو 35 برلمانيا واثنين من حكام الولايات في هذه القضية.
وقد خسرت «بتروبراس» من عمليات الاحتيال هذه أكثر من ملياري دولار.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.