العاهل المغربي يأسف لاضطرار بلاده إلى فرض تأشيرة على رعايا دول عربية بسبب الإرهاب

قال إن مواجهة التطرف تتطلب مقاربة تشاركية عمادها تعزيز قيم الانفتاح والتسامح

العاهل المغربي الملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن وشقيقه الأمير مولاي رشيد خلال إلقائه خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب أول من أمس (أ.ف.ب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن وشقيقه الأمير مولاي رشيد خلال إلقائه خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

العاهل المغربي يأسف لاضطرار بلاده إلى فرض تأشيرة على رعايا دول عربية بسبب الإرهاب

العاهل المغربي الملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن وشقيقه الأمير مولاي رشيد خلال إلقائه خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب أول من أمس (أ.ف.ب)
العاهل المغربي الملك محمد السادس مرفوقا بولي العهد الأمير مولاي الحسن وشقيقه الأمير مولاي رشيد خلال إلقائه خطابا إلى الأمة بمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب أول من أمس (أ.ف.ب)

عبر العاهل المغربي الملك محمد السادس عن أسفه لفرض بلاده التأشيرة على مواطني بعض الدول العربية، وخصوصا السوريين والليبيين، وقال في خطاب وجهه إلى الأمة الليلة قبل الماضية بمناسبة الذكرى 62 لثورة الملك والشعب: «إننا إذ نعبر عن تضامننا مع شعوب هذه الدول، فإننا نتأسف للظروف القاهرة التي دفعت المغرب إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية لحماية أمنه واستقراره. وفي هذا الإطار جرى فرض التأشيرة على مواطني بعض الدول العربية، وخصوصا من سوريا وليبيا»، غير أن الملك محمد السادس أوضح أن هذا القرار «ليس موجها ضد أحد، ولا ينبغي فهمه على أنه تصرف غير أخوي تجاههم»، مشيرًا إلى أن الأمر يتعلق بقرار سيادي.
وبشأن اللاجئين القادمين من بعض الدول التي تشهد تدهورا في الأوضاع الأمنية، والذين دخلوا المغرب قبل هذه الفترة، قال ملك المغرب: «إني لا أحتاج لدعوة المغاربة إلى معاملة هؤلاء الناس كضيوف، وتقديم كل أشكال المساعدة لهم». لكن في مقابل ذلك شدد العاهل المغربي على أنه يتوجب على اللاجئين «الالتزام بالقوانين المغربية، واحترام المقدسات الدينية والوطنية، وفي مقدمتها المذهب السني المالكي»، مشيرا إلى أن «كل من يثبت في حقه أي خرق للقوانين أو الضوابط المغربية، سيجري ترحيله خارج الحدود»، في إشارة إلى «أولئك الذين يحاولون إثارة الشغب والبلبلة داخل المساجد وخارجها، والذين ينخرطون في عصابات الإجرام أو الإرهاب».
وقال الملك محمد السادس إن المغرب سيظل، كما كان دائما، أرضا لاستقبال ضيوفه الوافدين عليه بطريقة شرعية، ولن يكون أرضا للجوء، مبرزا أن للمغرب أولوياته الداخلية، ويركز جهوده على معالجتها، ويعمل على رفع التحديات التي تواجهه من أجل تمكين المواطن المغربي من أسباب العيش الحر الكريم.
ووجه ملك المغرب تحية إشادة وتقدير لكل الأجهزة الأمنية على تجندها ويقظتها في التصدي «لمختلف المحاولات الإرهابية التي تحاول يائسة المس بالنموذج المغربي، الذي يشهد العالم بتميزه». وفي هذا السياق أكد العاهل المغربي أن الحفاظ على أمن واستقرار البلاد، ليس من مهام الدولة ومؤسساتها فقط، وإنما هو أيضا من واجبات المواطن، وذلك في إطار التعاون والتنسيق مع الأجهزة المختصة، وقال بهذا الخصوص إن مواجهة التطرف «يجب أن تتم وفق مقاربة تشاركية، تقوم على تعزيز قيم الانفتاح والتسامح، التي يؤمن بها المغاربة، ويتكامل فيها النهوض بالبعد الاجتماعي والتنموي، مع الدور الديني والتربوي، إضافة إلى الجانب الأمني».
وذكر العاهل المغربي بأنه «إذا كنا نعتبر خدمة المواطن هي الغاية من كل السياسات الوطنية، فإننا نضع ضمان أمنه وسلامته، في صدارة انشغالاتنا»، مشيرًا إلى أن العالم اليوم، والمنطقة المغاربية والعربية خاصة، تشهد تطورات متسارعة، بسبب تنامي نزوعات التطرف باسم الدين، وتزايد عصابات الإرهاب، وأضاف قائلا في هذا السياق: «لأننا نعرف أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، فقد انخرط المغرب في الجهود الدولية التي تهدف إلى محاربة هذه الآفة العالمية. كما يعمل على الصعيد الوطني، من أجل التصدي للأسباب التي قد تؤدي إلى التطرف والإرهاب». لكن المغرب، يوضح الملك محمد السادس، وكجميع بلدان المنطقة، بل وكل دول العالم، «ليس بعيدا عن هذه التهديدات».
على صعيد آخر، قال الملك محمد السادس إن «الانتخابات المقبلة التي تفصلنا عنها أيام معدودات، ستكون حاسمة لمستقبل المغرب، خاصة في ظل ما يخوله الدستور والقانون من اختصاصات واسعة لمجالس الجهات (المناطق) والجماعات المحلية (البلديات)». وذكر في هذا الإطار أنه «لكي تكون الأمور مفهومة عند عموم المواطنين، فقد ارتأينا أن نوضح لهم مهام كل مؤسسة، ودورها وتأثيرها في حياتهم، لأن من حقهم أن يعرفوا كل شيء عن مؤسساتهم، ليتخذوا القرار ويحسنوا الاختيار».
وأوضح العاهل المغربي أن «الحكومة مسؤولة، تحت سلطة رئيسها، على ضمان تنفيذ القوانين، وعلى وضع السياسات العمومية، والمخططات القطاعية في مختلف المجالات. كما أن الإدارة موضوعة تحت تصرفها، ومن واجبها تحسين الخدمات الإدارية، وتقريبها من المواطنين»، مشيرًا إلى ما قاله في خطاب سابق من أن «الحكومة ليست مسؤولة عن مستوى الخدمات التي تقدمها المجالس المنتخبة»، ومشددا القول بأنه «على المواطن أن يعرف أن المسؤولين عن هذه الخدمات الإدارية والاجتماعية، التي يحتاجها في حياته اليومية، هم المنتخبون الذين يصوت عليهم في الجماعة والجهة، لتدبير شؤونه المحلية. وعكس ما يعتقده البعض، فإن المنتخب البرلماني لا علاقة له بتدبير الشؤون المحلية للمواطنين. فهو مسؤول على اقتراح ومناقشة القوانين، والتصويت عليها، ومراقبة عمل الحكومة، وتقييم السياسات العمومية».
واعتبر الملك محمد السادس أنه «إذا كان عدد من المواطنين لا يهتمون كثيرا بالانتخابات ولا يشاركون فيها، فلأن بعض المنتخبين لا يقومون بواجبهم على الوجه المطلوب، بل إن من بينهم من لا يعرف حتى منتخبيه». كما أشار الملك محمد السادس إلى أن «بعض المنتخبين يظنون أن دورهم يقتصر على الترشح فقط، وليس من أجل العمل، وعندما يفوزون في الانتخابات يختفون لخمس أو ست سنوات، ولا يظهرون إلا مع الانتخابات الموالية»، وقال في هذا الإطار: «إن التصويت لا ينبغي أن يكون لفائدة المرشح الذي يكثر من الكلام، ويرفع صوته أكثر من الآخرين بشعارات فارغة، أو لمن يقدم بعض الدراهم خلال الفترات الانتخابية، ويبيع الوعود الكاذبة للمواطنين».
وذكر العاهل المغربي أن «هذه الممارسات وغيرها ليست فقط أفعالا يعاقب عليها القانون، وإنما هي أيضا تعبير صارخ عن عدم احترام الناخبين»، وأن «التصويت يجب أن يكون لصالح المرشح، الذي تتوفر فيه شروط الكفاءة والمصداقية، والحرص على خدمة الصالح العام».
في غضون ذلك، قال الملك محمد السادس إن الهدف من الانتخابات «لا ينبغي أن يكون هو الحصول على المناصب، بل يجب أن يكون من أجل خدمة المواطن فقط»، وأن «التصويت حق وواجب وطني» بالنسبة للمواطنين. وفي هذا الصدد شدد ملك المغرب على أن ذلك «يتطلب من الأحزاب والمرشحين العمل على إقناعهم، بجديتهم وجودة وواقعية برامجهم، وتوضيح الرؤية أمامهم، وحسن التواصل معهم»، داعيا فعاليات المجتمع المدني والهيئات النقابية للانخراط، بقوة في تعبئة وتشجيع المواطنين على المشاركة في العملية الانتخابية.
وأشار الملك محمد السادس إلى «السلطة التي يتوفر عليها المواطن، للحفاظ على مصالحه، وحل بعض مشكلاته، ومحاسبة وتغيير المنتخبين»، وقال إنها «تتمثل في كلمة واحدة من ثلاثة حروف (صوت)». وأضاف العاهل المغربي مخاطبا المواطنين: «إن التصويت حق وواجب وطني، وأمانة ثقيلة عليكم أداؤها، فهو وسيلة بين أيديكم لتغيير طريقة التسيير اليومي لأموركم، أو لتكريس الوضع القائم، جيدا كان أو سيئا». وزاد مخاطبا إياهم: «عليكم أن تعرفوا أن انتخاب رئيس الجهة (المنطقة) وأعضاء مجلسها بالاقتراع المباشر، يعطيكم سلطة القرار في اختيار من يمثلكم. فعليكم أن تحكموا ضمائركم وأن تحسنوا الاختيار، لأنه لن يكون من حقكم غدا أن تشتكوا من سوء التدبير، أو من ضعف الخدمات التي تقدم لكم».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم