خطأ في النشيد الوطني يُعرّف الإسبان بلاعبتهم العالمية

بعد فوزها بلعبة الريشة الطائرة

اللاعبة الإسبانية كارولينا
اللاعبة الإسبانية كارولينا
TT

خطأ في النشيد الوطني يُعرّف الإسبان بلاعبتهم العالمية

اللاعبة الإسبانية كارولينا
اللاعبة الإسبانية كارولينا

لم تتوقع اللاعبة الإسبانية في الريشة الطائرة، كارولينا مارين، 22 عاما، حدوث ضجة كبيرة في الإعلام الإسباني بعد فوزها في بطولة العالم المقامة حاليا في العاصمة الإندونيسية جاكرتا، خاصة وأنها لم تنل مثل هذا الاهتمام عند فوزها ببطولة العالم، في المرة الأولى عام 2014. كل هذه الضجة حولها تحدث لسبب بسيط، وهو أن اللجنة المشرفة على الألعاب في جاكرتا، وضعت النشيد الوطني الإسباني القديم، عند فوز اللاعبة مارين، وهو النشيد الذي اختاره حاكم إسبانيا السابق الجنرال فرانكو (1892 - 1975) وفوجئت وسائل الإعلام الإسبانية بهذا الخطأ، وراحت تناقشه بإسهاب، ومن خلال تلك المناقشات ظهر اسم الفائزة التي تسببت في هذا «الخطأ».
وقد أبدت اللاعبة مارين بعد فوزها على اللاعبة الهندية ساينا نيهوال، عن دهشتها لعدم اهتمام الإسبان بها بينما أبدت وسائل الإعلام العالمية اهتماما كبيرا بها، قالت: «هنا في جاكرتا يستوقفوني ويطلبون توقيعي. إن مثل هذا لم يحدث لي في إسبانيا، ولكن بعد الفوز الأخير بدأوا يعرفونني».
وبعد فوز مارين تم عزف النشيد الوطني الإسباني الذي يعزف عادة للفائزين، وإذا به النشيد القديم، نشيد الجنرال فرانكو، وبدت اللاعبة مارين مندهشة ومبتسمة، عند سماعها النشيد، ولا يُعرف فيما إذا كانت قد ابتسمت لفوزها أو لمساعيها نشيدا آخر، ومن الممكن أنها لم تسمعه من قبل، ذلك أنها من مواليد 1993، وتاريخ وفاة الجنرال فرانكو هو 1975، أي أن النشيد الذي سمعته قد تم إلغاؤه قبل ولادتها. وقد يكون من حسن حظ اللاعبة وقوع هذا الخطأ، فقد أدى إلى ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الإسبانية، وظهرت صورتها في الصحف والتلفزيون، ليس من أجلها هي، وإنما بسبب الخطأ في النشيد الوطني، وهو خطأ رفضه الكثيرون، وقبل به آخرون، لكنه على أية حال عرّف الإسبان بلاعبتهم العالمية التي بقيت مغمورة منذ فوزها الأول ببطولة العالم بعد فوزها على الصينية لي شوري، عام 2014.
والنشيد الوطني الإسباني القديم هو من تأليف الشاعر خوسيه ماريا بيمان (1897 - 1981) وتبناه الجنرال فرانكو، ثم ألغي بعد وفاته. والنشيد يقول:

تعيش إسبانيا
ارفعوا جبهاتكم
أبناء الشعب الإسباني
الذي يعود للشموخ

المجد للوطن
لقد عرف كيف يواصل مسيرته
فوق زرقة البحر
ومدار الشمس
ومما جاء في وسائل التواصل الاجتماعي تعليقا على الخطأ الذي وقع، قول أليكس: «لم يكن خطأ. إنها مسؤولية الحكومة الإسبانية، إنه عمل متعمد، وهو جزء من عمل دعائي، من أجل لفت الأنظار إلى مثل هذه المسائل وترك مناقشة المسائل المهمة».
وقال تيتو: «الاستماع إلى هذا النشيد يريح البعض. نعم الكلمات لطيفة، ولكنه يمثل النظام الديكتاتوري القديم».
وكتب خوان: «أنا أتساءل كيف يمكن أن يقع مثل هذا الخطأ؟».
وعلق مورينو: «كون فرانكو أعجب بهذا النشيد لا يعني شيئا، فرانكو تعجبه الشوكولاتا، هل علينا أن نمنع الشوكولاتا؟».
وقالت ماريا: «ليس نشيد فرانكو، وإنما هو نشيد الشاعر بيمان».
علق خوسيه ماريا: «بالنسبة لي فإنه يفرحني أن اللجنة المنظمة في جاكرتا قد استعملت نشيد الشاعر بيمان للاحتفال بفوز لاعبتنا، ولهذا أكرر «تعيش إسبانيا».
وقال أنتونيو: «سأظل حتى بقية حياتي أكرر: (تعيش إسبانيا، أبناء الشعب الإسباني)، أليست هذه الكلمات جميلة!».
وكتب آخر: «كلمات الشاعر خوسيه ماريا بيمان رائعة، كلمات جميلة، لا بد لها أن تكون النشيد الوطني الإسباني، ولا بد من تكرارها في كل المناطق».
وقال ميغيل: «أفرحني الاستماع إلى النشيد الوطني القديم، نشيد يجهله الكثيرون، ولا أعرف لماذا يغضب البعض من سماعه؟».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».