برلمان ليبيا يختار اليوم رئيس الحكومة الجديدة

الدول الكبرى تدعو إلى مواجهة خطر «داعش» في سرت ووزير إيطالي يخشى الصوملة

برلمان ليبيا يختار اليوم رئيس الحكومة الجديدة
TT

برلمان ليبيا يختار اليوم رئيس الحكومة الجديدة

برلمان ليبيا يختار اليوم رئيس الحكومة الجديدة

بينما سيعقد مجلس النواب الليبي اليوم جلسة بمقره في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي لاختيار أسماء مرشحيه لحكومة وفاق وطني برعاية الأمم المتحدة، نددت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا في بيان مشترك بالأعمال «الهمجية» التي ارتكبها تنظيم داعش في ليبيا وطالبت الأطراف المتخاصمة بالاتفاق على حكومة وحدة وطنية.
وقال أعضاء في مجلس النواب المعترف به دوليا ويعتبر أعلى سلطة سياسية وتشريعية في ليبيا، لـ«الشرق الأوسط» إنهم سيجتمعون اليوم لاختيار اسم رئيس الحكومة المقترحة ونائبه من بين نحو عشرة مرشحين تقدموا بالفعل لتولي المنصب خلفا لرئيس الحكومة الحالي عبد الله الثني.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عن عضو مجلس النواب أبو بكر بعيرة، أنه من المنتظر أن يتم خلال هذا الاجتماع تشكيل حكومة الوفاق الوطني بعد إعلان جميع الأطراف المشاركة في الحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة، استعدادها للبدء في تشكيل هذه الحكومة خاصة بعد تدهور الأوضاع وتمدد تنظيم داعش في البلاد، مشيرا إلى أن أعضاء المجلس سيحاولون الخروج بالأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة الجديدة.
وكشف بعيرة النقاب عن اجتماع سيعقد لطرفي لحوار الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة في منتجع الصخيرات بالمغرب خلال الأسبوع المقبل.
من جهتها، تحدثت مصادر الحكومتين المتنازعتين على الشرعية في ليبيا، عن نزوح جماعي لسكان مدينة سرت وسط أزمة عارمة تجتاح المدينة.
وقال سكان محليون إن معظم السكان في المنطقة الثالثة التي شهدت على مدى اليومين الماضيين اشتباكات عنيفة بين تنظيم داعش وجماعة سلفية منافسة تحظى بدعم الأهالي، قد اضطروا إلى مغادرة منازلهم لكنهم عاجزون عن التوجه إلى مناطق آمنة بعيدا عن القتال.
وقال ساكن محاصر في أحد المنازل لوكالة الأنباء المحلية إنه لا يملك وسيلة لنقل أسرته، لافتا إلى عدم توفير الغذاء وحليب الأطفال والدواء للسكان المحليين.
وذكر شهود عيان أن الشوارع الرئيسية بالمدينة قد خلت تماما من المارة، وأن أغلب المحال والمنشآت التجارية قد أغلقت أبوابها.
وقال مكتب خليفة الغويل رئيس ما يسمى بحكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا وتهيمن على العاصمة طرابلس، إنه ناقش أمس في مدينة مصراتة مع بعض أعضاء المجلس المحلى بسرت، ما وصفه بالأوضاع المأساوية التي تشهدها المدينة من مجازر وقتل واختطاف.
وتعهد المؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق والمنتهية ولايته بمواصلة العمليات العسكرية التي تقودها الميلشيات المسلحة التابعة له لاستئصال من سماهم بزمرة الشر والإرهاب واجتثاثهم أينما كانوا وحتى يعود للوطن أمنه وسلامه.
وأعرب البرلمان السابق عن تعازيه لأهالي من سماهم بالشهداء من مدينة سرت الذين قضوا على يد الخونة والمرتزقة ممن ينسبون أنفسهم لتنظيم داعش، على حد قوله.
ودارت معارك عنيف الأسبوع الماضي في سرت بين مسلحين من المدينة الواقعة في شمال ليبيا وتنظيم داعش الذي يسيطر عليها منذ شهر يونيو (حزيران) الماضي وقتل وأصيب العشرات في المعارك فيما أعدم التنظيم ما لا يقل عن 34 شخصا.
إلى ذلك قال بيان وزعته الخارجية الأميركية «إننا قلقون جدا من المعلومات التي تحدثت عن قصف هؤلاء المسلحين مناطق ذات كثافة سكانية في المدينة وارتكابهم أعمال عنف بلا تمييز لترهيب الشعب الليبي».
كما دعا البيان الذي صدر عن حكومات الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا أطراف النزاع الليبي إلى «الانضمام إلى الجهود المبذولة لمكافحة خطر هذه الجماعات الإرهابية العابرة للدول التي تستغل الوضع في ليبيا لتحقيق أهدافها الخاصة».
وعد أن الوضع في سرت «يعكس الحاجة الماسة إلى توصل الأطراف الليبيين إلى اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة، بالتشاور مع المجتمع الدولي على ضمان الأمن في مواجهة الجماعات المتشددة العنيفة التي تسعى إلى زعزعة البلاد»، كما شدد على «عدم وجود حل عسكري للنزاع في ليبيا»،
من جهته، حذر وزير الخارجية الإيطالي باولو جنتيلوني من تحول ليبيا إلى صومال ثان ما لم يتم التوصل «خلال أسابيع» إلى اتفاق بين الليبيين عبر محادثات السلام الحالية تحت إشراف الأمم المتحدة.
وقال الوزير الإيطالي في مقابلة مع صحيفة «لا ستامبا» نشرته أمس «إما أن نصل إلى اتفاق خلال أسابيع أو سنجد أنفسنا أمام صومال جديد على بعد خطوات من شواطئنا، وعندها سنكون مجبرين على التحرك بطريقة أخرى».
وتابع: «إن الوقت ضيق خصوصا عندما يصبح وجود تنظيم داعش بهذه الخطورة»، معتبرا أنه في حال لم تصل المفاوضات إلى نتيجة سريعا «لا بد من وضع ليبيا على جدول أعمال الائتلاف الدولي الذي يحارب تنظيم داعش، وعندها لن يكون الهدف العمل على استقرار سياسي في ليبيا بل السعي لاحتواء الإرهاب فيها».
وتطرق الوزير الإيطالي إلى آلاف المهاجرين الذين يبحرون أسبوعيا من الشواطئ الليبية في محاولة للوصول إلى إيطاليا، وشدد على أن هذه الظاهرة مرشحة للاستمرار طويلا وهي ليست عابرة.
وختم قائلا: «إن الهجرة ليست كارثة ظرفية بل هي ظاهرة ستبقى خلال العشر إلى 15 سنة القادمة. ولا بد من مواجهة هذا التحدي بشكل مباشر من دون مواربة».
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعا على السلطة تسببا بانقسام البلاد الصيف الماضي بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان موازيين يديران العاصمة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.