بريطانيا: المحافظون يستعدون لمواجهة «خسائر» كبرى في الانتخابات المحلية

جانب من الاستعدادات الأمنية لتتويج الملك تشارلز (رويترز)
جانب من الاستعدادات الأمنية لتتويج الملك تشارلز (رويترز)
TT

بريطانيا: المحافظون يستعدون لمواجهة «خسائر» كبرى في الانتخابات المحلية

جانب من الاستعدادات الأمنية لتتويج الملك تشارلز (رويترز)
جانب من الاستعدادات الأمنية لتتويج الملك تشارلز (رويترز)

استعد المحافظون في غالبية رئيس الوزراء، ريشي سوناك، لمواجهة خسائر في الانتخابات المحلية التي جرت في إنجلترا، أمس، وشكلت أحدث اختبار لحزبهم، قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة السنة المقبلة. ووسط أسوأ أزمة غلاء معيشة تشهدها البلاد منذ عقود، يجري التنافس على أكثر من 8 آلاف مقعد في 230 دائرة محلية في مختلف أنحاء إنجلترا.
وأقر سوناك بأن حزب المحافظين يواجه انتخابات «صعبة»، بعد سلسلة من الفضائح في عهد بوريس جونسون، والفترة الفوضوية التي قضتها ليز تراس في «داونينغ ستريت»، التي لم تستمر سوى 49 يوماً. وقال في وقت متأخر، أول من أمس (الأربعاء)، إن «أعضاء مجالس صالحين سيخسرون مقاعدهم بسبب كل ما حصل في السنة الماضية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأضاف: «أنا أتولى رئاسة الوزراء منذ 6 أشهر فقط، لكنني أعتقد أننا نحرز تقدماً جيداً».
واستحدث هذا الاقتراع شرطاً غير مسبوق، وهو إبراز بطاقة هوية للتمكن من التصويت. وأثار هذا التغيير ضجة، وندد به معارضوه باعتباره يشكل تهديداً للديمقراطية، بسبب عدد الناخبين الذين قد يستبعدهم. وفي صفوف «حزب العمال»، استنكر بعض النواب القرار الذي اعتبروا أن هدفه مواجهة تقدمهم في استطلاعات الرأي. وهذه الانتخابات التي تكون فيها تقليدياً نسبة المشاركة متدنية، هي الأولى لسوناك الذي تولى السلطة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).
من جهته، أشار زعيم «حزب العمال»، كير ستارمر، في مقال كتبه في صحيفة «ديلي ميرور» إلى تداعي الخدمات العامة، وارتفاع معدل الجريمة ولوائح الانتظار الطويلة جداً في المستشفيات. وقال إن «تصويتكم مهم»، مضيفاً: «إذا كنتم تعتقدون أنه آن الأوان لبناء بريطانيا أفضل، فاحملوا بطاقات هوياتكم، وتوجهوا إلى مكتب الاقتراع، وصوتوا لـ(حزب العمال) اليوم». ويحقق «حزب العمال» تقدماً نحو استعادة معاقله السابقة في شمال إنجلترا التي تحولت إلى صفوف بوريس جونسون في الانتخابات العامة في 2019، بناء على وعد «إنجاز (بريكست)».
من جهتها، قالت نائبة زعيم الليبراليين الديمقراطيين، ديزي كوبر، إن «نواباً محافظين بارزين يستعدون لصدمة كبرى»، مضيفة أن «الليبراليين الديمقراطيين على وشك إحداث تغيير سياسي كبير».
وفي آخر جلسة مساءلة في البرلمان أول من أمس (الأربعاء)، هاجم زعيم المعارضة كير ستارمر المحافظين الذين يتولون السلطة منذ 13 عاماً. وتحدث عن نحو مليوني بريطاني سيكون عليهم دفع مبالغ أعلى لقاء قروضهم، لأن حزب سوناك أساء استخدام أموالهم، في إشارة إلى عواقب قرارات تراس المالية التي أدت إلى ارتفاع نسب الفوائد. ورداً على ذلك، فرض سوناك «الضرائب المحلية الأعلى». وتُظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين قلقون بشكل أساسي من التضخم الذي تجاوزت نسبته 10 في المائة منذ أشهر، وأزمة نظام الصحة العام الذي يشهد إضرابات متكررة، خصوصاً تحرّك الممرضين غير المسبوق.
ونُظمت الانتخابات المحلية في إنجلترا قبل يومين من تتويج الملك تشارلز الثالث، وسط إجراءات أمنية مشددة بلندن. وأثار قانون أُقِر في هذا الإطار، أول من أمس (الأربعاء)، جدلاً واسعاً لفرضه قيوداً اعتبرتها منظمات حقوقية «مشددة» على التظاهر. وقالت وزارة الداخلية إن قانون النظام العام «سيمنح الشرطة الصلاحيات لمنع الاضطرابات في الأحداث الرياضية والثقافية الكبرى التي تقام هذا الصيف في إنجلترا وويلز». وتابعت الوزارة أنه اعتباراً من 3 مايو (أيار)، يمكن أن تؤدي «أساليب الاحتجاج التي تشمل التصاق المتظاهرين جسدياً بالمباني إلى عقوبة بالسجن لمدة 6 أشهر أو غرامة مالية غير محدودة». وأضافت أن القانون يتيح للشرطة صلاحية إيقاف وتفتيش المتظاهرين «بحثاً عن أشياء مثل الأقفال، والصمغ فائق الالتصاق، وأدوات الحفر، إذا اشتبهوا في أنها تنطلق لإحداث فوضى». وأضافت أن الأفراد الذين يتم العثور عليهم ومعهم مثل هذه الأشياء، والذين ينوون استخدامها، سيواجهون أيضاً تهماً جنائية.
واتهم نشطاء حقوق الإنسان حكومة سوناك بمحاولة قمع حرية التعبير، فيما اعتبرت المعارضة العمالية القانون الجديد محاولة لتشتيت الانتباه عن أزمة غلاء المعيشة في المملكة المتحدة.
وفي ردها على الانتقادات الحقوقية للقانون، قالت وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، الثلاثاء، إنه «ينبغي ألا نسمح لـ(المحاربين البيئيين) بعرقلة حياة الناس اليومية، والتسبب في اضطرابات وإهدار ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضرائب».


مقالات ذات صلة

بعد إثارتها الجدل... ليز تراس تعزز موقعها في السباق على رئاسة الحكومة البريطانية

العالم ليز تراس وزيرة الخارجية البريطانية (رويترز)

بعد إثارتها الجدل... ليز تراس تعزز موقعها في السباق على رئاسة الحكومة البريطانية

عزّزت ليز تراس موقعها في السباق على رئاسة الحكومة البريطانية خلفاً لبوريس جونسون، على الرغم من الاستياء الذي أثارته منذ إطلاقها وعداً تخلت عنه في وقت لاحق، بخفض كبير في أجور موظفي القطاع العام، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية. فقد كشف استطلاع للرأي لصحيفة «ذي تايمز» نشره أمس (الثلاثاء) معهد «يوغوف»، أن وزيرة الخارجية البالغة من العمر 47 عاماً وسّعت الفارق بينها وبين منافسها ريشي سوناك. وأكد ستون في المائة من الناخبين المحافظين الذين استُطلعت آراؤهم خلال الأيام الخمسة الماضية أنهم سيصوّتون لها، مقابل 26 في المائة فقط لوزير المال السابق. وتتناقض هذه الأرقام الأخيرة مع استطلاع خاص سابق أجرته الصحيف

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم ريشي سوناك وليز تراس قبل بدء المناظرة (رويترز)

بريطانيا: سجال حول الضرائب والصين في أول مناظرة بين سوناك وتراس

شهدت المناظرة التلفزيونية، مساء الاثنين، بين المتنافسين لتولي رئاسة الحكومة البريطانية وزير المالية السابق ريشي سوناك ووزيرة الخارجية ليز تراس مواجهة حادة بينهما شملت الضرائب والصين وصولاً إلى شخصيتهما، في محاولة من ريشي لإزاحة تراس عن مركز الصدارة في الاستطلاعات. وشكّلت المناظرة إشارة انطلاق فترة حاسمة تمتد لاثني عشر يوماً وتتخللها ثلاث مناظرات بين المتنافسين وأربعة لقاءات مع أعضاء الحزب المحافظ الذين سيحسمون السباق اعتباراً من الأسبوع المقبل مع تلقيهم بطاقات الاقتراع البريدي. والتنافس قائم منذ أسابيع على زعامة حزب المحافظين لخلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون، وقد ازداد حدة مع تكتل المعسكرين ضد

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم وزيرة الخارجيّة البريطانيّة ليز تراس (أ.ف.ب)

ليز تراس تنضم إلى السباق لخلافة بوريس جونسون

أعلنت وزيرة الخارجيّة البريطانيّة ليز تراس، مساء الأحد، ترشّحها لخلافة رئيس الوزراء بوريس جونسون الذي استقال هذا الأسبوع إثر سلسلة فضائح. وهذه المنافسة على رئاسة حزب المحافظين وبالتالي رئاسة الحكومة المقبلة، تُنذر بصيف حارّ سيحمل كثيراً من الجدل والتجاذبات. وكتبت تراس (46 عاماً) في صحيفة «ديلي تلغراف»: «سأتنافس في هذه الانتخابات بصفتي مُحافِظة وسأحكُم بصفتي مُحافِظة». وبذلك، تنضمّ تراس إلى عشرة مرشّحين آخرين في السباق على زعامة حزب المحافظين، وبالتالي على منصب رئاسة الوزراء، نظراً إلى أنّ المحافظين يتمتّعون بالغالبيّة في مجلس العموم. وأضافت تراس في مقالها «أضع نفسي في المقدّمة لأنّني أستطيع أن

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم أغلفة الصحف يتصدرها خبر استقالة بوريس جونسون أمام مقر الحكومة البريطانية في 10 داونينغ ستريت (رويترز)

بريطانيا: 8 محافظين يدخلون سباق الترشح لخلافة جونسون

أعلن ثلاثة من كبار المشرّعين في حزب المحافظين، يوم السبت، أنّهم سيترشّحون لخلافة رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ليصل بذلك إلى ثمانية عدد المتنافسين المعلنين في السّباق حتّى الآن. وهؤلاء الثلاثة هم وزير الصحّة والمال السابق ساجد جاويد ووزير المال الحاليّ ناظم الزهاوي ووزير الصحّة السابق جيريمي هانت الذي تنافس مع جونسون عام 2019 على رئاسة حزب المحافظين، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وفي وقت سابق (السبت) أيضاً، أعلن وزير النقل البريطاني غرانت شابس ترشّحه لخلافة جونسون، ليصبح خامس نائب محافظ يدخل السباق الذي يُتوَقّع، رغم صعوبته، أن يجتذب مزيداً من المحافظين الطامحين. وتعهّد شابس، وهو

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العماليون يحتفظون بأحد معاقلهم في شمال إنجلترا بفارق طفيف عن المحافظين

العماليون يحتفظون بأحد معاقلهم في شمال إنجلترا بفارق طفيف عن المحافظين

تمكن حزب العمال البريطاني من الاحتفاظ بأحد معاقله في شمال إنجلترا بفارق طفيف في مواجهة المحافظين في انتخابات فرعية شكلت اختبارا لزعيم حزب المعارضة الرئيسي كير ستارمر. وفازت كيم ليدبيتر بـ35,27 في المائة من الأصوات على المحافظ راين ستيفنسون (34,42 في المائة) - بفارق 323 صوتا فقط - بمقعد باتلي وسبين في مقاطعة يوركشير، الذي كانت تشغله شقيقتها جو كوكس النائبة العمالية المؤيدة للبقاء في الاتحاد الأوروبي والتي اغتيلت في 2016. وقالت السيدة الأربعينية لشبكة «بي بي سي» إنها «سعيدة جدا لأن الناس في باتلي وسبين قد رفضوا الانقسام واختاروا التصويت للأمل». أما الرئيسة المشاركة لحزب المحافظين أماندا ميلينغ ف

«الشرق الأوسط» (لندن)

بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

TT

بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)

يفي جو بايدن قبل انتهاء ولايته بوعد قطعه بزيارة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال فترة رئاسته، عبر التوجه هذا الأسبوع إلى أنغولا في زيارة تهدف إلى تأكيد الطموحات الأميركية في هذه القارة بمواجهة الاستثمارات الصينية الزائدة. ويصل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى لواندا، الاثنين، في زيارة تستمر حتى الأربعاء، قبل أن يخلفه دونالد ترمب في البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني). وكان من المقرر أن يقوم الرئيس الديمقراطي، البالغ عمره 82 عاماً، بهذه الزيارة في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه اضطر إلى إلغائها بسبب إعصار ضرب ولاية فلوريدا.

زيارة غير مسبوقة

وستكون هذه أول زيارة لرئيس أميركي إلى البلد النفطي المطل على المحيط الأطلسي. وقال مسؤول أميركي كبير، في حديث مع صحافيين إن «هذه الخطوة ليست متأخرة ولا من دون مغزى»، مضيفاً: «أعتقد بأنه بعدما بقينا سنوات خارج اللعبة، أعادنا الرئيس بايدن إليها». وسيبحث بايدن في لواندا استثمارات أميركية مختلفة في المنطقة، بدءاً بمشروع ضخم للسكك الحديدية يُعرف بـ«ممر لوبيتو»، يربط ميناء لوبيتو الأنغولي بجمهورية الكونغو الديمقراطية، مع خط يتفرع عنه ويصل إلى زامبيا. والمشروع الممتد على مسافة 1300 كيلومتر، ويُنفذ بتمويل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سيشكل رابطاً استراتيجياً بين الميناء ومناجم الكوبالت والنحاس المعدنين الأساسيين لصنع منتجات التكنولوجيا المتطورة، ولا سيما بطاريات الجوالات الذكية، ويصفه بايدن بـ«أكبر استثمار أميركي في السكك الحديدية في أفريقيا على الإطلاق». وسيلتقي بايدن رئيس أنغولا جواو لورنكو، ويلقي كلمة يتناول فيها الصحة العامة والزراعة والتعاون العسكري، والحفاظ على الإرث الثقافي. وقال هيتور كارفالو، الخبير الاقتصادي في جامعة «لوسيادا» في لواندا، إنه «رغم أن الرئيس بايدن شارف على الخروج من البيت الأبيض، فإنه سيمثل الولايات المتحدة بكل ما لديها من وزن جيو - سياسي وجيو - اقتصادي»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحضت منظمات حقوقية بايدن على طرح مسألة سجل أنغولا على صعيد حقوق الإنسان خلال زيارته. وقد أفادت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته مؤخراً، بأن الشرطة الأنغولية «قتلت ما لا يقل عن 17 متظاهراً، بينهم قاصر في سياق حملة القمع» التي تمارسها ضد المعارضة. كما حضت «منظمة العفو» بايدن على أن يطلب من حكومة أنغولا «الإفراج فوراً عن خمسة معارضين معتقلين بصورة اعتباطية منذ أكثر من سنة». وقال المسؤول الأميركي بهذا الصدد إن بايدن «لم يتهرب يوماً من تناول التحديات المطروحة على الديمقراطية، ومن التزامه حيال الديمقراطية».

نفوذ الصين

يسعى بايدن لتأكيد الطموحات الأميركية في أفريقيا بوجه النفوذ الصيني المتنامي. وقال المسؤول للصحافيين إن الحكومات الأفريقية تبحث عن بديل للاستثمارات الصينية، في ظل ما تتضمنه من عواقب، ولا سيما «العيش في ظل ديون فادحة لأجيال». ويبلغ دين أنغولا تجاه الصين 17 مليار دولار، ما يشكل نحو 40 في المائة من إجمالي ديون البلد.

ويبدو أن لورنكو أيضاً يسعى لتنويع شراكات بلاده خارج الصين وروسيا. وفي هذا السياق، صوتت أنغولا في 2022 لصالح قرار في الأمم المتحدة يندد بالغزو الروسي لأوكرانيا. وعلقت سيزالتينا أبرو، عالمة الاجتماع في جامعة «أنغولا الكاثوليكية»، أن زيارة بايدن تُشكل بالتأكيد بالنسبة لرئيس أنغولا «تحقيقاً لحلمه بأن يكون هو من جاء بأول رئيس أميركي إلى أنغولا». لكن من غير المعروف إن كانت الاستثمارات الأميركية في أفريقيا ستستمر في عهد ترمب. وقالت أبرو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن أبدى ترمب اهتماماً بأفريقيا وأنغولا مماثلاً لما أبداه في ولايته الأولى، فستشهد البرامج التي أطلقها بايدن انتكاسة». لكن أليكس فاينز، الباحث في معهد «تشاتام هاوس»، أكد أن على الرئيس المنتخب أن يتنبه إلى أن «أمام أنغولا ودول أخرى مثلها، شركاء كثر يمكنها الاختيار بينهم، في عالم يشهد منافسة زائدة من أجل الوصول إلى موارد أفريقيا الحيوية».