استعد المحافظون في غالبية رئيس الوزراء، ريشي سوناك، لمواجهة خسائر في الانتخابات المحلية التي جرت في إنجلترا، أمس، وشكلت أحدث اختبار لحزبهم، قبل الانتخابات التشريعية المرتقبة السنة المقبلة. ووسط أسوأ أزمة غلاء معيشة تشهدها البلاد منذ عقود، يجري التنافس على أكثر من 8 آلاف مقعد في 230 دائرة محلية في مختلف أنحاء إنجلترا.
وأقر سوناك بأن حزب المحافظين يواجه انتخابات «صعبة»، بعد سلسلة من الفضائح في عهد بوريس جونسون، والفترة الفوضوية التي قضتها ليز تراس في «داونينغ ستريت»، التي لم تستمر سوى 49 يوماً. وقال في وقت متأخر، أول من أمس (الأربعاء)، إن «أعضاء مجالس صالحين سيخسرون مقاعدهم بسبب كل ما حصل في السنة الماضية»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وأضاف: «أنا أتولى رئاسة الوزراء منذ 6 أشهر فقط، لكنني أعتقد أننا نحرز تقدماً جيداً».
واستحدث هذا الاقتراع شرطاً غير مسبوق، وهو إبراز بطاقة هوية للتمكن من التصويت. وأثار هذا التغيير ضجة، وندد به معارضوه باعتباره يشكل تهديداً للديمقراطية، بسبب عدد الناخبين الذين قد يستبعدهم. وفي صفوف «حزب العمال»، استنكر بعض النواب القرار الذي اعتبروا أن هدفه مواجهة تقدمهم في استطلاعات الرأي. وهذه الانتخابات التي تكون فيها تقليدياً نسبة المشاركة متدنية، هي الأولى لسوناك الذي تولى السلطة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول).
من جهته، أشار زعيم «حزب العمال»، كير ستارمر، في مقال كتبه في صحيفة «ديلي ميرور» إلى تداعي الخدمات العامة، وارتفاع معدل الجريمة ولوائح الانتظار الطويلة جداً في المستشفيات. وقال إن «تصويتكم مهم»، مضيفاً: «إذا كنتم تعتقدون أنه آن الأوان لبناء بريطانيا أفضل، فاحملوا بطاقات هوياتكم، وتوجهوا إلى مكتب الاقتراع، وصوتوا لـ(حزب العمال) اليوم». ويحقق «حزب العمال» تقدماً نحو استعادة معاقله السابقة في شمال إنجلترا التي تحولت إلى صفوف بوريس جونسون في الانتخابات العامة في 2019، بناء على وعد «إنجاز (بريكست)».
من جهتها، قالت نائبة زعيم الليبراليين الديمقراطيين، ديزي كوبر، إن «نواباً محافظين بارزين يستعدون لصدمة كبرى»، مضيفة أن «الليبراليين الديمقراطيين على وشك إحداث تغيير سياسي كبير».
وفي آخر جلسة مساءلة في البرلمان أول من أمس (الأربعاء)، هاجم زعيم المعارضة كير ستارمر المحافظين الذين يتولون السلطة منذ 13 عاماً. وتحدث عن نحو مليوني بريطاني سيكون عليهم دفع مبالغ أعلى لقاء قروضهم، لأن حزب سوناك أساء استخدام أموالهم، في إشارة إلى عواقب قرارات تراس المالية التي أدت إلى ارتفاع نسب الفوائد. ورداً على ذلك، فرض سوناك «الضرائب المحلية الأعلى». وتُظهر استطلاعات الرأي أن الناخبين قلقون بشكل أساسي من التضخم الذي تجاوزت نسبته 10 في المائة منذ أشهر، وأزمة نظام الصحة العام الذي يشهد إضرابات متكررة، خصوصاً تحرّك الممرضين غير المسبوق.
ونُظمت الانتخابات المحلية في إنجلترا قبل يومين من تتويج الملك تشارلز الثالث، وسط إجراءات أمنية مشددة بلندن. وأثار قانون أُقِر في هذا الإطار، أول من أمس (الأربعاء)، جدلاً واسعاً لفرضه قيوداً اعتبرتها منظمات حقوقية «مشددة» على التظاهر. وقالت وزارة الداخلية إن قانون النظام العام «سيمنح الشرطة الصلاحيات لمنع الاضطرابات في الأحداث الرياضية والثقافية الكبرى التي تقام هذا الصيف في إنجلترا وويلز». وتابعت الوزارة أنه اعتباراً من 3 مايو (أيار)، يمكن أن تؤدي «أساليب الاحتجاج التي تشمل التصاق المتظاهرين جسدياً بالمباني إلى عقوبة بالسجن لمدة 6 أشهر أو غرامة مالية غير محدودة». وأضافت أن القانون يتيح للشرطة صلاحية إيقاف وتفتيش المتظاهرين «بحثاً عن أشياء مثل الأقفال، والصمغ فائق الالتصاق، وأدوات الحفر، إذا اشتبهوا في أنها تنطلق لإحداث فوضى». وأضافت أن الأفراد الذين يتم العثور عليهم ومعهم مثل هذه الأشياء، والذين ينوون استخدامها، سيواجهون أيضاً تهماً جنائية.
واتهم نشطاء حقوق الإنسان حكومة سوناك بمحاولة قمع حرية التعبير، فيما اعتبرت المعارضة العمالية القانون الجديد محاولة لتشتيت الانتباه عن أزمة غلاء المعيشة في المملكة المتحدة.
وفي ردها على الانتقادات الحقوقية للقانون، قالت وزيرة الداخلية، سويلا برافرمان، الثلاثاء، إنه «ينبغي ألا نسمح لـ(المحاربين البيئيين) بعرقلة حياة الناس اليومية، والتسبب في اضطرابات وإهدار ملايين الجنيهات من أموال دافعي الضرائب».
بريطانيا: المحافظون يستعدون لمواجهة «خسائر» كبرى في الانتخابات المحلية
بريطانيا: المحافظون يستعدون لمواجهة «خسائر» كبرى في الانتخابات المحلية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة