تصاعُد الجدل بين المعارضة والسلطة في السنغال

بعد دعوة سونكو لـ«عصيان مدني» ضد القضاء

أأنصار عثمان سونكو يتظاهرون أمام محكمة في داكار (رويترز)
أأنصار عثمان سونكو يتظاهرون أمام محكمة في داكار (رويترز)
TT

تصاعُد الجدل بين المعارضة والسلطة في السنغال

أأنصار عثمان سونكو يتظاهرون أمام محكمة في داكار (رويترز)
أأنصار عثمان سونكو يتظاهرون أمام محكمة في داكار (رويترز)

قبل أشهر من إجراء انتخابات رئاسية، يزداد الجدل الذي يثيره المعارض السنغالي البارز عثمان سونكو، الذي دعا إلى «عصيان مدني وطني» ضد القضاء، وسط نقاش متصاعد حول فرص المعارضة في التنافس في الانتخابات بعد تحالف مختلف قواها ضد ترشح الرئيس الحالي ماكي سال لعهدة ثالثة.
وهذا الأسبوع، دعا عثمان سونكو، لعصيان مدني ضد القضاء، رافضاً «أي حوار مع الرئيس سال»، كما ندد سونكو بـ«ادّعاءات أنه يقوّض نظام العدالة».
يأتي ذلك بعد أن ادّعى سونكو سابقاً أن «حياته في خطر وأن لديه أدلة تُظهر أنه تعرض لمحاولة اغتيال» في 16 مارس (آذار) الماضي، وهو في طريقه إلى المحكمة لمواجهة اتهامات بالاغتصاب.
وكانت محكمة سنغالية في 30 مارس قد أصدرت ضده حكماً بالسجن شهرين مع وقف التنفيذ بتهمة التشهير بأحد الوزراء، في محاكمة رأى محاموه أنها «لن تُبعده عن خوض الانتخابات الرئاسية عام 2024».
ويزعم سونكو، الذي جاء في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية عام 2019، وأنصاره، أن «الحكومة تستخدم القضاء للتخلص منه سياسياً بمنعه من الترشح للرئاسة في فبراير (شباط) 2024، وتمهيد الطريق أمام سال». في المقابل يتهم الحزب الحاكم سونكو بالرغبة في «شل البلاد واستخدام الشارع للفرار من العدالة».
ولم يعلن الرئيس سال، الذي يتولى السلطة منذ 2012، عزمه تقديم أوراق ترشحه، لكنه رفض الادّعاء بأن «ترشحه لولاية ثالثة أمر غير دستوري». وأجرى سال استفتاءً عام 2016 قلّص فترة الرئاسة من 7 إلى 5 أعوام، وبينما ولايته الأولى لمدة 7 أعوام، فاز في انتخابات 2019 بولاية ثانية مدتها 5 أعوام.
وفي محاولة لإيقاف ترشّح محتمل لولاية ثالثة، حشدت المعارضة السنغالية، الشهر الماضي، أكثر من 120 حزباً وجماعة سياسية ومنظمة مجتمع مدني، ووقّعوا ميثاق حركة «إف 24» ضد ترشح سال، وكان سونكو من أبرز خصوم الرئيس الذين حضروا إطلاق التحالف.
وعثمان سونكو سياسي سنغالي ومؤسس حزب الوطنيين (باستيف) المعارض. ويروّج سونكو لنفسه على أنه «ضد الفساد»، ويتبنى مشروعاً سياسياً يتمحور حول التوجه إلى «الاستقلال الوطني ومناهضة فرنسا، الحليف التقليدي للسنغال، وهو ما يجد صدى لدى الأوساط المدنية والشبابية والطلابية على نطاق واسع».
وتُعرَف السنغال بكونها نموذجاً للاستقرار والتداول السلمي للسلطة في أفريقيا طيلة 60 عاماً أعقبت استقلالها. ولم تشهد البلاد نزاعات إلا نادراً، لكنّ الأمر تغيّر منذ أن جرت الانتخابات التشريعية في السنغال، في يوليو (تموز) 2022، حيث بدأت الأوساط السياسية بمناقشة سباق الانتخابات الرئاسية في 2024، بعدما تسربت أنباء عن نية سال الترشح لولاية ثالثة، وبعدها أعلن سونكو نيته الترشح للرئاسة.
وشهدت الانتخابات التشريعية السابقة، إعلان فوز الحزب الحاكم، لكن بأغلبية ضئيلة جداً، في اقتراع ادّعت قوى المعارضة، ومن بينها ائتلاف قاده سونكو، أنها «فازت به، وأن النتائج الرسمية تم تزويرها».
ويعتقد المحلل السياسي السنغالي عبده باغ، أنه «قد يستجيب بعض القطاعات خصوصاً من أوساط الشباب لدعوة سونكو للعصيان ضد القضاء، لكنها ستكون محدودة لأن الدولة تعهدت بمعاقبة الموظفين الذين يفكرون في الاستجابة، وبسبب تراجع بعض الأحزاب السياسية عن التحالف مع سونكو، لكنه يبقى ذا شعبية كبيرة في أوساط الشباب».
وقال باغ لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك قوى سياسية بدأت تنفضّ عن سونكو بسبب منهجه القائم على المواجهة مع مؤسسات الدولة طوال الوقت، وأن بعض القوى استجابت لدعوة أطلقها الرئيس مؤخراً للحوار».
وكان سال قد دعا الشهر الماضي إلى الحوار والتشاور. وقال في خطاب بمناسبة «عيد الاستقلال»: «أظل منفتحاً على الحوار والتشاور مع جميع القوى الحية للأمة فيما يتعلق بسيادة القانون ومؤسسات الجمهورية من أجل سنغال موحدة وسلام واستقرار وتماسك وطني».
ورفض تحالف المعارضة الرئيسي المعروف باسم «يوي أسكان وي (YAW) »، (أنقذوا الشعب)، الشهر الماضي، الدعوة التي وُجهت إليهم لحضور الاحتفال بعيد الاستقلال. وقال التحالف في بيان: «بالنظر إلى أن رئيس الدولة لم يتخذ بعد أي إجراء مهم لتهدئة التوتر السياسي والاجتماعي الذي تعيشه السنغال، فإن مؤتمر القادة يأسف لرفض دعوته».
ويرى الصحافي السنغالي عبد الأحد أمبينغ، أن «المعارضة السنغالية قوية جداً وتتحرك بشكل فعال وغالباً ستنجح في مساعيها في الفوز بالانتخابات القادمة حال ترشح الرئيس الحالي أو في الحد الأدنى ستنجح في إقناعه بعدم الترشح». ووصف دعوة الرئيس للحوار بـ«غير الجادة» وتهدف على الأرجح «إلى شق صف المعارضة للتمهيد لعهدة ثالثة للرئيس».
وقال أمبينغ إن دعوة سونكو للعصيان المدني لم «تلق استجابة كبيرة حتى الآن لكنها أثارت حملة اعتقالات من جانب النظام للمعارضين». ورأى أمبينغ أن «شعبية سونكو آخذة في الازدياد»، متوقعاً أن «تستبق المعارضة الانتخابات المقبلة بحراك جماهيري في الشارع إذا أعلن الرئيس ساكي الترشح رسمياً للانتخابات».


مقالات ذات صلة

هل ينجح رئيس السنغال في الترشح لولاية ثالثة؟

العالم هل ينجح رئيس السنغال في الترشح لولاية ثالثة؟

هل ينجح رئيس السنغال في الترشح لولاية ثالثة؟

قبل نحو 10 أشهر على موعد الانتخابات الرئاسية، تشهد السنغال غرب أفريقيا، جدلاً سياسياً ودستورياً، حول أحقية الرئيس الحالي ماكي سال في الترشح لولاية ثالثة، تمتد حتى 2029. ولم يعلن الرئيس سال، الذي يتولى السلطة منذ 2012، عزمه تقديم أوراق ترشحه، لكنه رفض الادعاء بأن «ترشحه لولاية ثالثة أمر غير دستوري». وأجرى سال استفتاء عام 2016 قلّص فترة الرئاسة من 7 إلى 5 أعوام، وبينما ولايته الأولى لمدة 7 أعوام، فاز في انتخابات 2019 بولاية ثانية مدتها 5 أعوام. وفي تصريح سابق، قال إن «هذا التعديل يلغي بشكل فعلي ولايته الأولى»، بحيث تبدأ فترتان جديدتان. وفي محاولة لإيقاف ترشّح محتمل لولاية ثالثة، حشدت المعارضة ال

محمد عبده حسنين (القاهرة)
العالم تقرير: السنغال تدفع باتجاه توسيع صناعاتها التعدينية

تقرير: السنغال تدفع باتجاه توسيع صناعاتها التعدينية

تعمل السنغال على أن تصبح الصناعة التعدينية أحد المحركات الرئيسية للاقتصاد الوطني. ,تمنح الحكومة نفسها وسائل واسعة لتحقيق هذه الرؤية؛ إذ تطمح إلى جعل البلاد مركزاً للصناعة في غرب أفريقيا. ولتحقيق ذلك، قامت، بداية من منتصف فبراير (شباط)، بعملية تقييم لقطاع الصناعة التعدينية. وفق تقرير نشرته اليوم مجلة «أفريقيا الشابة» (جون أفريك)، فإن السنغال مثل العديد من الدول في القارة لديها موارد طبيعية مثل الحديد، الزركون، الأسمدة، ومواد البناء، تحتاج إلى استغلال أكبر.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي الملك محمد السادس (ماب)

نزلة برد تحول دون زيارة ملك المغرب للسنغال

حالت نزلة برد دون قيام العاهل المغربي الملك محمد بزيارة رسمية للسنغال.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
العالم صدامات وأعمال نهب في السنغال على خلفية توتر يسبق الانتخابات

صدامات وأعمال نهب في السنغال على خلفية توتر يسبق الانتخابات

جرت صدامات وعمليات نهب مساء الجمعة في مدينة وسط غرب السنغال منعت فيها السلطات تجمعاً للمعارض عثمان سونكو، المرشح للاقتراع الرئاسي الذي سيجرى في 2024، كما كشفت صور نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي. وتحدثت مواقع إلكترونية إخبارية عن اشتباكات بين أنصار سونكو وقوات الأمن بعد ظهر الجمعة في بلدة توبا - مباكي.

«الشرق الأوسط» (دكار)
الرياضة حصد المنتخب السنغالي لقبه الأول لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين (ا.ف.ب)

أمم أفريقيا للمحليين: الجزائر تخفق على أرضها والسنغال تجمع اللقبين القاريين

فشل المنتخب الجزائري في حصد لقب كأس أمم إفريقيا لكرة القدم للاعبين المحليين، بعدما خسر في المباراة النهائية 4-5 بركلات الترجيح (الوقتان الأصلي والإضافي 0-0)، السبت، على ملعب "نيلسون مانديلا" في براقي بضواحي العاصمة الجزائرية أمام أكثر من أربعين ألف متفرج. وجمعت السنغال اللقبين القاريين بعدما كان منتخبها الأول بقيادة ساديو مانيه، قد توج بلقب كأس أمم إفريقيا التي أقيمت في الكاميرون على حساب نظيره المصري بركلات الترجيح قبل نحو عام. وهذا اللقب الأول للمنتخب السنغالي، الذي أوقف الهيمنة المغربية على اللقب بعدما توج "اسود الأطلس" بالنسختين السابقتين (2018 و2020)، كما توجت الكونغو الديموقراطية في نسخت

«الشرق الأوسط» (الجزائر)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.