المعارضة التركية تحذّر من «التلاعب» بالانتخابات

كمال كليتشدار أوغلو يخاطب أنصاره في تكيرداغ في 27 أبريل (أ.ب)
كمال كليتشدار أوغلو يخاطب أنصاره في تكيرداغ في 27 أبريل (أ.ب)
TT

المعارضة التركية تحذّر من «التلاعب» بالانتخابات

كمال كليتشدار أوغلو يخاطب أنصاره في تكيرداغ في 27 أبريل (أ.ب)
كمال كليتشدار أوغلو يخاطب أنصاره في تكيرداغ في 27 أبريل (أ.ب)

تصاعد الجدل في الأيام الأخيرة التي تسبق الانتخابات البرلمانية والرئاسية، التي تشهدها تركيا في 14 مايو (أيار) الحالي، حول أمن صناديق الاقتراع وسط مخاوف من وقوع «عمليات تزوير» تزعم المعارضة أن الحكومة قد تلجأ إليها.
وحذّر نائب رئيس حزب «الشعب الجمهوري» لشؤون الانتخابات، محرم أركيك، من أن وزارة الداخلية أنشأت نظاما لمتابعة عمليات التصويت، وصفه بـ«النظام الموازي» لعمل المجلس الأعلى للانتخابات. وقال المسؤول في أكبر أحزاب المعارضة: «لقد قرروا إنشاء هيكل مواز للمجلس الأعلى للانتخابات... نحذّر المسؤولين في الولايات المختلفة بألا يقدموا على هذه الخطوة غير القانونية، وألا يكونوا جزءا من هذه الجريمة». وأشار أركيك، خلال مؤتمر صحافي بمقر حزب الشعب الجمهوري، إلى أن «وزارة الداخلية وجهت رسالة إلى جميع الولايات لإنشاء وحدات لمتابعة الانتخابات، وسيتم تعيين ما لا يقل عن 3 موظفين في البلدات والقرى التي يصل عدد سكانها إلى 20 ألف نسمة، و5 أفراد على الأقل في البلدات التي تشمل بين 20 و100 ألف نسمة، و10 أفراد على الأقل في البلدات التي يزيد عدد سكانها على 100 ألف نسمة».
من جانبه، قال رئيس حزب «المستقبل» رئيس الوزراء التركي الأسبق، أحمد داود أوغلو، إن الواجب الأساسي للرئيس رجب طيب إردوغان بصفته رئيسا للجمهورية هو ضمان أن تجري الانتخابات في بيئة ديمقراطية. وأضاف في مقطع فيديو على «تويتر»: «في مواجهة التصريحات التهديدية والعدوانية وغير المسؤولة من الحزب الحاكم في الأسبوع الماضي، بصفتي أكاديميا درس جميع الانتخابات في تاريخنا الديمقراطي، وسياسيا شارك بشكل مباشر في العديد من الانتخابات، ووزيرا للخارجية ورئيسا للوزراء سابقا، فإنني أعتبر إعطاء تحذير تاريخي واجبا مدنيا».
وأكد داود أوغلو أن ضمان أمن وسلامة الانتخابات مسؤولية تقع على الرئيس إردوغان، لأن هذا واجبه الأساسي باعتباره رئيسا للدولة.
وفي تعليق لـ«الشرق الأوسط» على ما يتردد عن المخاوف بشأن وقوع تلاعب في الانتخابات، قال المحلل السياسي بكير علي يوكسال: «للمرة الأولى، تبدو المعارضة واثقة من فوزها. لكن القضية الرئيسية التي تقلق ناخبي أحزاب المعارضة هي تأمين صناديق الاقتراع، نظرا لسجل الحكومة في هذا المجال، ولذلك فإن مثل هذا القلق يبدو مبررا بشكل كبير». وذكر أن المعارضة واجهت مثل هذا السيناريو للمرة الأولى في الانتخابات المحلية عام 2019 بإسطنبول؛ حيث أعيدت الانتخابات رغم فوز مرشح حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو برئاسة بلدية إسطنبول، في مواجهة مرشح حزب العدالة والتنمية رئيس الوزراء السابق بن علي يلدريم، ليؤكد إمام أوغلو فوزه مرة ثانية.
في الوقت ذاته، وجهت «منصة الانتخابات النزيهة» التي تتألف من 22 نقابة ومنظمة غير حكومية نداء من أجل «تهيئة الظروف لانتخابات نزيهة وآمنة».


مقالات ذات صلة

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

شؤون إقليمية رئيس بلدية العاصمة التركية أنقرة منصور ياواش (من حسابه على «إكس»)

ياواش يعلن للمرة الأولى استعداده للترشّح لرئاسة تركيا في 2028

تُظهر استطلاعات الرأي التي أُجريت منذ الانتهاء من الانتخابات المحلية في مارس الماضي تفوّق ياواش بوصفه مرشحاً للرئاسة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة: )
شؤون إقليمية زيارة إردوغان لحزب «الشعب الجمهوري» ولقاء أوزيل للمرة الثالثة أحدثا جدلاً (الرئاسة التركية) 

إردوغان يلتقي زعيم المعارضة للمرة الثالثة في شمال قبرص

يعقد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان لقاءً ثالثاً مع زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغو أوزيل في شمال قبرص.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أوروبا إردوغان ملوحاً لنواب حزبه بالبرلمان الأربعاء عقب انتهاء خطاب تحدث فيه عن محاولة انقلاب ضده وطالبهم بالحرص على دعم إصدار الدستور الجديد (الرئاسة التركية)

إردوغان يتهم حركة غولن بتدبير محاولة انقلاب جديدة ضده

دعا إردوغان أعضاء حكومته ونواب حزبه إلى عدم التفريط أو التراجع بشأن وضع دستور مدني ديمقراطي جديد للبلاد.

سعيد عبد الرازق (انقرة)
شؤون إقليمية الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل خلال لقائهما الجمعة الماضي (إ.ب.أ)

حديث إردوغان عن «انفراجة سياسية» هل هو مناورة جديدة للبقاء في السلطة؟

فجّر حديث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن «انفراجة سياسية» تحتاج إليها تركيا جدلاً واسعاً.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية إردوغان يحيي أنصاره بعد الإدلاء بصوته في إسطنبول في 31 مارس الماضي (رويترز)

تركيا: استطلاع رأي يصدم «العدالة والتنمية» بعد هزيمة الانتخابات

كشف استطلاع للرأي عقب الانتخابات، التي أجريت في 31 مارس (آذار) الماضي، عن أن الأتراك لا يثقون بالحزب الحاكم لحل مشاكلهم.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.