هل ليبيا مؤهلة لاستقبال لاجئين سودانيين راهناً؟

وسط تباين سياسي بشأن تداعيات الحرب على البلاد

عملية ترحيل سابقة لمهاجرين سودانيين وتشاديين من ليبيا (جهاز الهجرة غير المشروعة)
عملية ترحيل سابقة لمهاجرين سودانيين وتشاديين من ليبيا (جهاز الهجرة غير المشروعة)
TT
20

هل ليبيا مؤهلة لاستقبال لاجئين سودانيين راهناً؟

عملية ترحيل سابقة لمهاجرين سودانيين وتشاديين من ليبيا (جهاز الهجرة غير المشروعة)
عملية ترحيل سابقة لمهاجرين سودانيين وتشاديين من ليبيا (جهاز الهجرة غير المشروعة)

رغم تأكيدات عدد من المراقبين بمحدودية أعداد السودانيين الذين سيحاولون اللجوء للأراضي الليبية في محاولة للنجاة من الصراع الراهن ببلادهم، مقارنة بحصة دول أخرى، تصاعدت أصوات عدة بالساحة الليبية تدعو للتعامل بـ«حذر بالغ» مع ما قد يفرضه هذا الملف من تداعيات على بلادهم، وسط تساؤلات حول مدى جاهزيتها لاستقبال لاجئين جدداً.
وفي حين أرجع البعض تلك التحذيرات لما تعانيه ليبيا بالأساس من أزمات سياسية وانعكاس الانقسام الحكومي الراهن سلباً على الأوضاع المعيشية بالبلاد، تخوف آخرون أيضاً من إمكانية اختراق عناصر من «الإرهابيين، أو المهاجرين غير النظاميين، وأغلبهم من دول الجوار الأفريقي حدود ليبيا الجنوبية؛ مما يضع البلاد أمام تحديات».
المحلل السياسي الليبي، عبد الله الكبير، ورغم توافقه مع ما يُطرح حول أن صعوبة تضاريس الحدود السودانية - الليبية كونها صحراء، سيدفع قطاع كبير من السودانيين لاستبعاد بلاده من أن تكون وجهتهم في رحلة اللجوء والفرار من الحرب، أكد على أن «المجتمع الليبي يعيش بالفعل مناخاً متوتراً سياسياً وأمنياً بدرجة قد تجعله غير مستعد لاستقبال أي لاجئين من أي دولة حتى لو كان عددهم محدودا».
وقال الكبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن ليبيا كدولة نفطية «قادرة اقتصادياً على استيعاب عدد كبير من اللاجئين، وهي بالفعل تستضيف عدداً غير هين منهم، بالإضافة إلى العمالة الوافدة، فضلاً عن المرتزقة الذين تسللوا عبر الحدود»، مستدركاً «لكن لا ننسى أن الوضع السياسي في ليبيا لم يشهد بعد انفراجة حقيقية تؤدي إلى استقرار الأوضاع الأمنية على نحو دائم».
ونوّه الكبير إلى الأحداث التي شهدتها مدينة الزاوية (غرب ليبيا) على خلفية تورط عناصر من المرتزقة الأفارقة منخرطين بالتشكيلات المسلحة في تعذيب عدد من شباب المدينة؛ ما تسبب في احتجاجات واسعة من قبل الأهالي هناك، متوقعاً «أن تؤثر هذه الأحداث على التواجد الأجنبي بالبلاد».
ولم يبتعد رئيس «منظمة بلادي لحقوق الإنسان» الليبي، طارق لملوم، عن الطرح السابق، وقال إن الصراع المسلح والسياسي الذي شهدته البلاد خلال سنوات العقد الماضي «ترك جروحاً غائرة لدى الليبيين لم تندمل بعد، وفي مقدمتها قضية النازحين الليبيين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى ديارهم حتى الآن».
ورأى لملوم في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من الطبيعي أن ينصبّ اهتمام المجتمع الليبي على المطالبة بحل مشاكل المهجّرين والنازحين من أبنائه قبل الحديث عن استقبال لاجئين من أي دولة أخرى».
ولفت إلى «وجود أصوات تعالت خلال الأيام الماضية تحذر من دخول اللاجئين السودانيين إلى ليبيا؛ مستثمرين في ذلك ما أعلن مؤخراً من مشاريع ومخططات دول غربية لتوطين المهاجرين غير النظاميين بجنوب البلاد، وكيف سيؤدي هذا مع استمرار تسلل عناصر غير ليبية للحدود الجنوبية إلى تغيير ديمغرافي واسع بالمناطق المتاخمة لها».
ولم يتردد لملوم، في التعبير عن مخاوفه من احتمالية سقوط عدد من هؤلاء اللاجئين السودانيين كضحايا لعصابات تهريب البشر التي تنشط مع الأسف ببعض المدن الليبية، وبخاصة العائلات الهشة التي تفتقد وجود عائل لها، موضحاً «الكُفرة التي سوف تكون أول محطة لهؤلاء اللاجئين مدينة متواضعة من حيث الإمكانات الخدمية والصحية، وبلا شك سيسرعون بمغادرتها والتوجه في رحلة طويلة عبر مدن عدة للوصول إلى طرابلس، بخاصة أنها تضم المقر الرئيسي لمفوضية شؤون اللاجئين، أملاً في حصول البعض على أي مساعدات».
وتغيب الأرقام الرسمية فيما يتعلق بعدد الجالية السودانية المتواجد في ليبيا منذ سنوات، ويقول لملوم «لا نملك بشكل موثق أي إحصاء عن عددهم، باستثناء من سجلوا بمفوضية اللاجئين، وهؤلاء لا يزيدون على 15 ألف لاجئ».
وحذرت الباحثة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتورة أميرة عبد الحليم، من أن إطالة أمد الصراع في السودان، سيدفع المزيد من السودانيين للتفكير نحو اللجوء إلى دول الجوار.
ورأت الباحثة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «مع الفوضى الراهنة وانعدام وسائل النقل الآمنة سترتفع تكاليف أي محاولة للخروج من السودان، وسيضطر الفقراء إلى البقاء بأماكنهم أو النزوح إلى مناطق خارج العاصمة الخرطوم، وتكون وجهة الطبقة المتوسطة هي دول الجوار الأفريقي التي تنخفض تكاليف الإقامة بها نسبياً، من بينها ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، على الرغم من أن بعضها يشهد توترات أمنية، في حين ستظل مصر الوجهة الرئيسية للأسر ميسورة الحال».
بالمقابل، ورغم إقراره بوجود تخوفات شتى لدى قطاع كبير من الليبيين بشأن اللجوء السوداني، وفي مقدمتها محاولة توطين المهاجرين غير النظاميين داخل البلاد، دعا عضو مجلس النواب الليبي، عبد السلام نصية، إلى «تغليب الاعتبارات الإنسانية».
وطالب نصية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» سلطات بلاده «باتخاذ الإجراءات الممكنة كافة لتسهيل استقبال هؤلاء اللاجئين وتقاسم العيش معهم إلى حين رجوعهم لبلادهم».
وقال نصية «علينا استقبالهم، وهذا واجبنا الديني والإنساني والوطني»، مذكراً في السياق بأن «دول الجوار الليبي وبخاصة العربية استقبلت بالمثل موجات من الليبيين الذين لجأوا إليها خلال فترات الصراع المسلح التي شهدته البلاد خلال العقد الماضي».


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تعوّل على القطاع الخاص للتوسع في مشروعات النقل النهري

النقل النهري يهتم بالبواخر السياحية (وزارة النقل)
النقل النهري يهتم بالبواخر السياحية (وزارة النقل)
TT
20

مصر تعوّل على القطاع الخاص للتوسع في مشروعات النقل النهري

النقل النهري يهتم بالبواخر السياحية (وزارة النقل)
النقل النهري يهتم بالبواخر السياحية (وزارة النقل)

بالتزامن مع تطوير منظومة النقل النهري في مصر، أعلنت وزارة النقل المصرية خطة للتوسع في مشروعات النقل النهري، مع التعويل على دور القطاع الخاص في هذا الصدد.

وأعلنت وزارة النقل، في بيان، الثلاثاء، خطة شاملة لتطوير قطاع النقل النهري، للاستفادة من أطول شريان نهري في أفريقيا يمر بمصر، وهو نهر النيل بطول يصل إلى 3126 كيلومتراً بفروعه المختلفة داخل مصر. كما أعلنت الوزارة اتخاذ عدد من الإجراءات والآليات التي تكفل تحقيق انطلاقة قوية لتعظيم نقل الركاب والبضائع عبر نهر النيل.

خطة مصرية للتوسع في استثمارات النقل النهري (وزارة النقل)
خطة مصرية للتوسع في استثمارات النقل النهري (وزارة النقل)

وكانت الوزارة قد أعلنت في وقت سابق تنفيذ عدد من المحاور التنموية على النيل، من خلال شبكة طرق وليس مجرد كوبري على النيل، وتقليل المسافات بين المحاور إلى 25 كيلومتراً لخدمة المشروعات التنموية والمجتمعات العمرانية الجديدة.

وتقوم خطة وزارة النقل لتشجيع الاستثمارات الجديدة الخاصة بالنقل النهري على إنشاء شبكة من المواني النهرية؛ لاستقبال البضائع والحاويات وشحنها بالوحدات النهرية، وخدمة حركة نقل الركاب والبضائع عبر نهر النيل إلى محافظات مصر، مع تخصيص عدد من هذه المواني في أنواع محددة من البضائع، ويمكن استخدام تلك المواني التخصصية في استقبال البضائع العامة وشحنها عن طريق التعاقد وبمعاونة الهيئة العامة للنقل النهري.

وتقوم الوزارة بتطهير وتكريك وصيانة المجرى الملاحي، بهدف الوصول إلى مسار ملاحي آمن لنهر النيل، لتيسير حركة الملاحة أمام الرحلات النيلية للمراكب والبواخر السياحية، وحركة التجارة باستخدام الوحدات النهرية.

كما تتعاون الهيئة العامة للنقل النهري مع شركة متخصصة من دولة النمسا، بوصفها إحدى الدول المتقدمة في النقل النهري، لتنفيذ منظومة البنية المعلوماتية لنهر النيل، المعروفة عالمياً بـ«خدمات معلومات النهر».

التوسع في مجال النقل النهري بمصر (وزارة النقل المصرية)
التوسع في مجال النقل النهري بمصر (وزارة النقل المصرية)

وبحسب بيان لوزارة النقل فقد تمّ تنفيذ 38 كوبرياً على النيل قبل عام 2014، والتخطيط لإنشاء 35 محوراً جديداً منذ 2014 وحتى 2030، تم تنفيذ 18 محوراً منها، وجارٍ تنفيذ 17 محوراً أخرى، ليصل إجمالي ما تم تنفيذه إلى 56 محوراً، في حين المستهدف الوصول إلى 73 محوراً وكوبرياً حتى 2030.

ودعا البيان شركات القطاع الخاص العاملة في هذا المجال كافّة إلى الاستثمار في هذا القطاع، للاستفادة من مزايا النقل النهري الاقتصادية والبيئية، ومن بينها تخفيف نسبة ما تنفقه الدولة من الميزانية العامة على صيانة الطرق، بالإضافة إلى قلة التكلفة في النقل، حيث تحل الوحدة النهرية مكان ما يقارب 40 شاحنة نقل بري، فضلاً عن المحافظة على البيئة من التلوّث البصري والسمعي والهوائي الذي يسبّبه النقل البري، بخلاف تقليل نسبة الحوادث الناتجة عن النقل البري.

مع تأكيد التكامل بين النقلَيْن النهري والبري من خلال منظومة النقل متعدد الوسائط لإيصال البضائع من الباب إلى الباب، وهو من المتطلّبات الأساسية لمجتمع رجال الأعمال.

وأشارت وزارة النقل إلى المجالات التي يمكن للقطاع الخاص الاستثمار فيها، وهي إنشاء وحدات نهرية جديدة متخصصة لتطوير قدرات وأنماط النقل النهري، مثل وحدات لنقل المواد البترولية تطابق المعايير العلمية، وكذلك بناء وحدات نهرية حديثة تُسهم في نقل الحاويات والسيارات، بالإضافة إلى إنشاء موانٍ وأرصفة نهرية.