دعوة حزبية تونسية إلى تشكيل المحكمة الدستورية

«حركة الشعب» اعتبرتها من «أهم الأولويات» في المرحلة الحالية

البرلمان التونسي (مواقع التواصل)
البرلمان التونسي (مواقع التواصل)
TT

دعوة حزبية تونسية إلى تشكيل المحكمة الدستورية

البرلمان التونسي (مواقع التواصل)
البرلمان التونسي (مواقع التواصل)

بالتزامن مع عقد البرلمان التونسي جلساته المخصصة لمناقشة نظامه الداخلي، في اتجاه المصادقة على نظام عمل يقطع مع البرلمان الذي كانت تتزعمه «حركة النهضة»، أكد زهير المغزاوي رئيس حزب «حركة الشعب» المؤيد لمسار 25 يوليو (تموز) 2021، حاجة تونس إلى محكمة دستورية، معتبراً «أنها من أهم الأولويات في المرحلة الحالية»، وبخاصة إثر اللغط الذي أثير بشأن الوضع الصحي للرئيس التونسي قيس سعيّد.
وأضاف المغزاوي، على هامش المؤتمر الإقليمي لـ«حركة الشعب» بولايات (محافظات) الشمال التونسي، أن سن قانون المحكمة الدستورية لا بد أن يكون من بين أولويات عمل البرلمان في الفترة المقبلة، مضيفاً أن تونس «شهدت على مدار 10 سنوات حالة من العبث»، حيث امتنعت القوى المشكلة للأغلبية البرلمانية، في إشارة إلى «حركة النهضة» بزعامة راشد الغنوشي وحركة «نداء تونس» التي أسسها الرئيس التونسي السابق الباجي قائد السبسي وتحالفت مع «النهضة»، عن تركيز المحكمة الدستورية.
وفسر المغزاوي هذا التراخي في تركيز المحكمة الدستورية، الذي نصّ عليها دستور 2014 وأكد ضرورة حسم ملفها في غضون سنة واحدة، بأن التحالف السياسي آنذاك «لم يكن في حاجة إليها، لكن عندما أصبحت في حاجة إلى عزل الرئيس، شرعت في التسريع لإنشائها»، مؤكداً «ضرورة إرساء المؤسسات على قاعدة متينة، لأنها مؤسسات التونسيين والأجبال المتعاقبة» منهم.
وضغطت عدة أحزاب سياسية ومنظمات حقوقية تونسية ودولية من أجل تشكيل اللجان البرلمانية المنبثقة عن انتخابات 2022، على أن يتم الشروع لاحقاً في تدابير إرساء المحكمة الدستورية. وفي هذا الشأن، ذكر إبراهيم بودربالة، رئيس البرلمان التونسي، أن رئيس الجمهورية أو 10 نواب على الأقل يمكنهم اقتراح مشروع قانون إرساء المحكمة الدستورية، وفور صدور قانونها الأساسي يتم عرضه على البرلمان والنظر فيه.
وتضمن «الفصل 125» من الدستور التونسي الجديد أنّ المحكمة الدستورية تتكون من تسعة أعضاء ثلثهم الأول من أقدم رؤساء الدوائر بمحكمة التعقيب، والثلث الثاني من أقدم رؤساء الدوائر التعقيبية بالمحكمة الإدارية، والثلث الثالث والأخير من أقدم أعضاء محكمة المحاسبات.
وتختص المحكمة الدستورية بالنظر في مراقبة دستورية القوانين بناء على طلب من رئيس الجمهوريّة، أو ثلاثين عضواً من أعضاء البرلمان، أو نصف أعضاء «المجلس الوطني للجهات والأقاليم».
ويمكن لرئيس المحكمة الدستورية أن يشغل خطة رئيس الجمهورية وفق «الفصل 109» من الدستور الذي جاء فيه «عند شغور منصب رئاسة الجمهورية لوفاة أو استقالة، أو لعجز تام، أو لأي سبب من الأسباب، يتولى فوراً، رئيس المحكمة الدستورية مهام رئاسة الدولة بصفة مؤقتة، لأجل أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً. ويؤدي القائم بمهام رئيس الجمهورية، اليمين الدستوريّة أمام مجلس نوّاب الشعب والمجلس الوطني للجهات والأقاليم مجتمعين، وإن تعذّر ذلك، فأمام المحكمة الدستورية».
ويمارس القائم بمهام رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة الوظائف الرئاسية، ولا يجوز له اللجوء إلى الاستفتاء أو إنهاء مهام الحكومة، أو حلّ مجلس نواب الشعب (البرلمان) أو المجلس الوطني للجهات والأقاليم (الغرفة البرلمانية الثانية) أو اتخاذ تدابير استثنائية.
على صعيد آخر، شهد حزب «الوطنيين الديمقراطيين الموحد»، الذي أسسه القيادي اليساري الراحل شكري بلعيد والذي اغتيل سنة 2013، انشقاقاً وتصدعاً أدى إلى عقد مؤتمرين نهاية الأسبوع الماضي، وهو ما قضى على آخر آمال توحيد طرفي المشكلة: المنجي الرحوي وزياد الأخضر.
وأرجع الرحوي هذا الانقسام إلى «الأزمة التي يعيشها الحزب، ومماطلة القيادة في المضي نحو عقد المؤتمر، واختيارها طريق عدم الذهاب إلى عقده وتعطيله». فيما يتحدث محمد جمور، وهو من فريق زياد الأخضر، عن أزمة في اليسار التونسي، ويدعو إلى «توحيده وتجاوز التشرذم في صفوفه».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر: نقض أحكام بإعدام 38 شخصاً في «قضية حرائق القبائل»

مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)
مدانون بالإعدام في قضية الانتماء إلى «ماك» وحرائق القبائل (الشرق الأوسط)

قال محامون في الجزائر إن المحكمة العليا قبلت طعناً بالنقض في قضية أثارت جدلاً كبيراً العام الماضي، تمثلت في إصدار محكمة الجنايات بالعاصمة حكماً بإعدام 38 شخصاً، بتهمة «إشعال النار في منطقة القبائل، بناءً على توجيهات من تنظيم إرهابي»، يُسمى «حركة الحكم الذاتي في القبائل».

صورة لنيران منطقة القبائل صيف 2021 (الشرق الأوسط)

وأكد المحامي والحقوقي الشهير، مصطفى بوشاشي، الذي ترافع لصالح بعض المتهمين، لصحافيين، أن أعلى غرفة الجنايات بأعلى هيئة في القضاء المدني نقضت، مساء أمس الخميس، الأحكام التي صدرت فيما بات يعرف بـ«قضية الأربعاء ناث إراثن»، وهي قرية ناطقة بالأمازيغية (110 كيلومترات شرق)، شهدت في صيف 2021 حرائق مستعرة مدمرة، خلفت قتلى وجرحى، وإتلافاً للمحاصيل الزراعية ومساحات غابات كبيرة، وعقارات ومبانٍ على غرار قرى أخرى مجاورة.

مبنى المحكمة العليا بأعالي العاصمة الجزائرية (الشرق الأوسط)

غير أن الحرائق ليست أخطر ما حدث يومها في نظر القضاء، فعندما كان سكان القرية يواجهون النيران بوسائلهم الخاصة البسيطة، تناهى إليهم أن شخصاً بصدد إضرام النار في بلدتهم عمداً، وفعلاً ألقت الشرطة بهذه الشبهة على ثلاثيني من منطقة بوسط البلاد، يُدعى جمال بن سماعين، فتوجهوا وهم في قمة الغضب إلى مقر الأمن، وكان الشاب في تلك الأثناء داخل سيارة الشرطة فأخرجوه منها، غير عابئين بالعيارات النارية، التي أطلقها رجال شرطة لثنيهم عن قتله، وأخذوه إلى الساحة العامة، فنكّلوا به وأحرقوا جثته، بينما كان يتوسل إليهم أن يخلوا سبيله، وبأنه حضر إلى القرية للمساعدة وليس لإشعال النار.

وجرى تصوير مشاهد التنكيل المروعة بكاميرات الهواتف النقالة، واعتقل الأمن لاحقاً كل الذين ظهروا في الصور.

جمال بن سماعين قُتل على أيدي سكان قرية التهمتها النيران (متداولة)

على أثر ذلك، طالبت قطاعات واسعة في المجتمع بـ«القصاص»، ورفع التجميد عن عقوبة الإعدام، التي تصدرها المحاكم دون أن تنفذ، وذلك منذ تطبيقه بحق 3 إسلاميين عام 1993، بتهمة تفجير مطار العاصمة صيف 1992 (42 قتيلاً). لكن أثبت التحقيق بأن بن سماعين لا يد له في الأحداث المأساوية.

وبثّ الأمن الجزائري «اعترافات» لعدد كبير من المعتقلين بعد الأحداث، أكدوا كلهم أنهم وراء النيران المستعرة، وبأنهم ارتكبوا الجريمة بأوامر من رئيس تنظيم «حركة الحكم الذاتي في القبائل»، المعروف اختصاراً بـ«ماك»، فرحات مهني، الذي يتحدر من المنطقة، ويقيم منذ سنوات طويلة بفرنسا بصفته لاجئاً سياسياً.

فرحات مهني المتهم بإشعال النار في منطقة القبائل (الشرق الأوسط)

وقال محامو المتهمين بعد تداول هذه «الاعترافات» إن القضاء «يبحث عن مسوّغ لإنزال عقوبة ثقيلة في حقهم»، وهو ما حدث بالفعل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بإدانتهم بالإعدام. علماً بأن التهم وجهت لمائة شخص في هذه القضية، وحُكم على بعضهم بالسجن بين عام و5 سنوات مع التنفيذ، في حين نال آخرون البراءة.

وتمثلت التهم أساساً في «نشر الرعب في أوساط السكان بإشعال النيران»، و«الانتماء إلى منظمة إرهابية» تُدعى «ماك»، و«قتل شخص عن سبق إصرار والتنكيل بجثته»، و«القيام بأفعال إرهابية وتخريبية تستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية، واستقرار المؤسسات وسيرها العادي، عن طريق بث الرعب في أوساط السكان، وخلق جو انعدام الأمن»، وتم تثبيت الأحكام بعد استئنافها.

أما فرحات مهني فكذّب، في فيديو نشره بالإعلام الاجتماعي، التهمة المنسوبة إليه، وطالب بفتح تحقيق مستقل في الأحداث «من طرف جهة أجنبية».

وفي نظر عدد كبير من المحامين على صلة بهذا الملف، فإن القضاء يبحث من خلال نقض الأحكام عن «إصلاح أخطاء تسبب فيها بإصدار قرارات متسرعة»، وبأن القضاة «كانوا تحت ضغط رأي عام طالب بالقصاص». ووفق ما ينص عليه القانون، ستعاد محاكمة المتهمين في محكمة الجنايات بتشكيل قضاة غير الذين أدانوهم في المرة السابقة.