مخاوف دولية من إطالة أمد الصراع في السودان

تزايد الضغط الأجنبي قد يدفع الطرفين إلى خفض التصعيد

جانب من الدمار في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور (أ.ف.ب)
TT

مخاوف دولية من إطالة أمد الصراع في السودان

جانب من الدمار في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور (أ.ف.ب)
جانب من الدمار في مدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور (أ.ف.ب)

يخوض فصيلان متناحران صراعاً في السودان منذ أسبوعين، وسط مؤشرات على أنه لا يمكن لأي منهما أن يحقق نصراً حاسماً، مما يثير مخاوف دولية من أن تؤدي حرب طويلة الأمد بين قوات الدعم السريع والجيش النظامي إلى زعزعة استقرار منطقة مضطربة بالفعل. ورغم سقوط مئات القتلى وتحول العاصمة الخرطوم إلى منطقة حرب، لا توجد مؤشرات تذكر على إمكانية التوصل إلى تسوية بين قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم «حميدتي».
ويبذل وسطاء أجانب جهوداً حثيثة لوقف الانزلاق إلى الحرب، فيما أدى القصف المدفعي والضربات الجوية في الخرطوم والصراع في أماكن أخرى، مثل منطقة دارفور الغربية، إلى تقويض عدة اتفاقات لوقف إطلاق النار توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية ودول أخرى. وأشار مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى السودان فولكر بيرتس، أمس السبت، إلى وجود مؤشرات على مزيد من الانفتاح على التفاوض، لكنه قال إن الخرطوم شهدت تجدد القتال.
وأعلن كل من حميدتي والبرهان استبعادهما فكرة التفاوض المباشر في تصريحات علنية منذ بدء القتال. وستكون مخاطر الصراع وخيمة بالنسبة للسودان والدول السبع المجاورة له، والتي قد يتزعزع استقرارها بسبب الصراع في بلد له تاريخ من الحروب الأهلية، ومنها الحرب التي استمرت عقوداً وانتهت بانفصال جنوب السودان في عام 2011. وقال الجيش يوم الخميس، إن مقاتلي الدعم السريع على وشك الهزيمة، لكن الكثيرين يشيرون إلى أن ذلك لم يحدث حتى الآن.
وفر الكثير من المدنيين من العاصمة إلى مناطق أكثر أماناً. ووصف السكان الوضع بأنه يشهد حالة من الانهيار السريع في ظل انتشار العصابات واللصوص في الشوارع الخالية، وتعرض الأحياء لضربات جوية وقصف مدفعي ونفاد الطعام والوقود. وحتى لو تمكن الجيش من الانتصار في الخرطوم، يشعر المحللون بالقلق من أن يتحول الأمر إلى حروب داخلية كما هو المعتاد، مما يضع الجيش الوطني الذي تديره نخبة قوية في العاصمة في مواجهة السكان الغاضبين المتحدرين من مناطق تعاني التهميش، مثل دارفور، المنطقة التي ظهر فيها حميدتي وقوات الدعم السريع لأول مرة كقوة مقاتلة. ووصف دبلوماسي إقليمي بارز الوضع بأنه «مرعب». وقال الدبلوماسي لوكالة «رويترز»: «سنشهد الكثير من الانقسام»، معبراً عن قلقه من تجدد الصراع بين مركز الحكم في الخرطوم والمناطق النائية في بلد يبلغ تعداده 46 مليون نسمة.
- تصاعد التوتر
تصاعد التوتر منذ أشهر بين حميدتي والبرهان حول كيفية دمج قوات الدعم السريع البالغ عددها نحو مائة ألف في الجيش السوداني، بموجب اتفاق إطاري مدعوم دولياً يفضي لتشكيل حكومة مدنية، وبشأن التسلسل القيادي في الفترة التي تسبق الانتخابات. كان حميدتي، من أتباع الرئيس المعزول عمر البشير، وشغل منصب نائب البرهان في مجلس السيادة بعد الإطاحة بالبشير، أصر على أن دمج قوات الدعم السريع يجب أن يجري على مدى 10 سنوات، بما يتماشى مع بنود اتفاق إطاري للخطة الانتقالية، حسبما ذكرت عدة مصادر مطلعة على المحادثات، بينما أراد الجيش إطاراً زمنياً أقصر بكثير.
وقال الدبلوماسي الغربي إن الوسطاء سعوا للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، و«استقرار الوضع بهذه الطريقة، بدلاً من التوصل إلى نوع من اتفاق سلام كبير»، الأمر الذي يبرز صعوبة إقرار السلام في المستقبل. وتساءل: «ما الذي سيتحدثان عنه ولم يكن مطروحاً على الطاولة قبل بدء الصراع؟»، مضيفاً أنه لا يمكن لأي من الجانبين تحقيق نصر عسكري حاسم أو السيطرة على جميع أراضي السودان حتى لو حُسمت المعركة في الخرطوم.
وقال أحمد سليمان من مركز «تشاتام هاوس» البحثي في لندن، إنه توقع «سيناريو سيئاً للغاية في كلتا الحالتين مع وجود احتمال ضئيل لإيجاد حل قصير الأجل من شأنه إيقاف القتال بشكل دائم». وأضاف سليمان: «قوات الدعم السريع متمرسة على القتال باستخدام أساليب حرب العصابات في المناطق الحضرية، بينما تملك القوات المسلحة السودانية القوة الجوية والدبابات وإمكانات لوجيستية أفضل». وتابع أن الجيش يحاول على ما يبدو ملاحقة حميدتي على أمل توجيه ضربة قاصمة لقوات الدعم السريع. وأردف: «ربما يكونون بمرور الوقت قادرين على طرد قوات الدعم السريع من الخرطوم... إن نجح ذلك السيناريو، فسيزداد التنافس في إقليم دارفور، وهو أمر بدأنا في رؤية آثاره».
- ضغوط أجنبية
من شأن العنف أن يقضي على العملية السياسية إلى الأبد، وهي عملية كان من المفترض أن ترسي أسس الديمقراطية في السودان بعد الإطاحة بعمر البشير وقاعدته السياسية الإسلامية في 2019 بعدما أمضى 3 عقود في السلطة. ويساور القلق السودانيين الذين ناضلوا من أجل الحكم المدني من عودة العهد الماضي وأنصار البشير إلى الحكم، وأن تتيح الفوضى للجيش إحكام قبضته على السلطة إلى جانب عودة أفراد من حكومة البشير إلى الواجهة.
ووصف مسؤول بالحكومة السودانية الصراع بأنه بين «جيش شرعي وميليشيا متمردة لا بد أن تستسلم ولا يمكن التفاوض معها»، مردداً بيانات الجيش. وتصور قوات الدعم السريع، التي تملك قواعد في أنحاء السودان، أفراد الجيش بأنهم «متطرفون»، وهي إشارة واضحة إلى النفوذ الذي يقول حميدتي إن الإسلاميين يتمتعون به في الجيش. ويعتقد محللون أن القوى الأجنبية التي تملك سطوة على كلا الطرفين من شأنها أن تضع مزيداً من الضغوط عليهما لوقف التصعيد. وقالت المؤرخة ويلو بيريدغ: «ستزيد فرص وقف إطلاق النار بشكل دائم إن أمكن جعل الطرفين يدركان أنهما لن يجنيا شيئاً من هذا الصراع»، مضيفة أن القوى الإقليمية ربما تؤدي دوراً في إقناعهما.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
TT

رئيس «الوحدة» الليبية يطالب مجدداً بـ«قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات

الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)
الدبيبة خلال لقائه عدداً من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

تمسك عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية المؤقتة، مجدداً بضرورة وجود «قوانين عادلة» لإجراء الانتخابات الرئاسية والنيابية المؤجلة، وغازل عمداء البلديات بـ«الخدمات» من خلال إنهاء وتدشين عدة مشروعات في مناطقهم.

واجتمع الدبيبة في مقر الحكومة بطرابلس العاصمة مع 6 عمداء بلديات، هي الأصابعة وككلة والقواليش والمشاشية ويفرن والقلعة، بالإضافة إلى عدد من أعيانها، لمناقشة عدد من الملفات الخدمية والتنموية والاجتماعية.

وتحدث الدبيبة خلال اللقاء عن دعمه لملف التنمية المحلية واللامركزية، وإقرار عدد من اللوائح والقرارات المنظمة لهذا التوجه المهم، مشدداً على ضرورة توحيد الجهود الوطنية للوصول بالبلاد لانتخابات برلمانية ورئاسية، وفق قوانين عادلة ومتفق عليها، وإنهاء المراحل الانتقالية.

الدبيبة مع عدد من عمداء البلديات (حكومة الوحدة)

ووفقاً لمكتب الدبيبة، فقد استعرض رؤساء الأجهزة التنفيذية أهم المشروعات التنموية بالبلديات الحاضرة، ونسب الإنجاز الفنية والمشروعات المعتمدة في الخطة التنموية المقبلة.

ويأتي لقاء الدبيبة بعمداء البلديات الـ6، عقب يوم من لقائه أعضاء المجلس البلدي يفرن وعدداً من أعيان المدينة. وأثار خلال اجتماعه معهم ضرورة «توحيد الجهود الوطنية لإنجاز الدستور والقوانين الانتخابية العادلة، لتكون المرجعية الوطنية التي تتيح إجراء الانتخابات وإنهاء المراحل الانتقالية».

وخلال الاجتماعين حرص الدبيبة على توجيه أجهزة حكومته لإنجاز مشاريع معطلة بالبلديات، وقال في اللقاء الذي انتهى، مساء الخميس، إن «عمليات الإمداد المائي لبلديات الجبل تحديداً كانت من أولويات الخطة التنموية، ضمن مشروعات (عودة الحياة)، وما زالت مستمرة حتى استكمالها، تقديراً لظروف المنطقة واحتياجاتها لمياه الشرب».

كما وجّه الدبيبة «الأجهزة التنفيذية بإعطاء الأولوية في المشروعات التنموية لقطاعات المياه والصرف الصحي، والمرافق التعليمية والصحية، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية لضمان استكمالها».

من جهة ثانية، تتواصل في ليبيا تداعيات إيقاف الدبيبة للقائم بالأعمال في السفارة الليبية لدى مصر، محمد عبد العالي، دون مزيد من الأسباب، لكنه كلف مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية، السفير عبد المطلب إدريس، بتسيير مهام السفارة الليبية.

في غضون ذلك، دعا مجلس النواب الليبي أعضاءه إلى جلسة رسمية، الاثنين المقبل، تُعقد في مدينة بنغازي، لمناقشة بنود جدول أعمال المجلس، حسب عبد الله بليحق المتحدث الرسمي باسم المجلس.

الطاهر الباعور مستقبلاً سفير إيطاليا لدى ليبيا (خارجية الوحدة)

من جهته، التقى الطاهر الباعور، المكلف تسيير وزارة الخارجية بحكومة «الوحدة»، الجمعة، في مكتبه بطرابلس، سفير إيطاليا لدى ليبيا، جيانلوكا البريني، حيث أكد الجانبان على عمق العلاقات الثنائية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الصديقين.

ونقلت الخارجية عن السفير «إشادته بمخرجات منتدى الأعمال الليبي - الإيطالي، الذي عُقد بطرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ حيث نقل خلال اللقاء امتنان وتقدير رئيسة الوزراء الإيطالية، جورجا ميلوني، لنجاح هذا المنتدى.

وأكد الباعور مشاركته وتمثيل الوفد الليبي في «منتدى حوار المتوسط لبلدان البحر المتوسط»، الذي سيُعقد في روما على المستوى الوزاري، نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي.