الحكومة الليبية تطالب المجتمع الدولي بقصف مواقع «داعش» في سرت

معلومات عن مجازر ضد المدنيين.. و«حكومة طرابلس» تزعم مشاركتها في القتال

الحكومة الليبية تطالب المجتمع الدولي بقصف مواقع «داعش» في سرت
TT

الحكومة الليبية تطالب المجتمع الدولي بقصف مواقع «داعش» في سرت

الحكومة الليبية تطالب المجتمع الدولي بقصف مواقع «داعش» في سرت

كشفت مصادر محلية في مدينة سرت الساحلية مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، عن ارتكاب عناصر تنظيم داعش ما وصفته بمجازر وحشية بحق سكان المدينة، الذين يخوضون حربا غير متكافئة ضد التنظيم الإرهابي لليوم الخامس على التوالي.
وقال السكان إن نحو 37 شخصا قتلوا في اشتباكات بين مقاتلي «داعش» وجماعة إسلامية أخرى تتحدى سيطرة التنظيم على المدينة التي توقفت الاشتباكات، أمس، فيها، بعدما استعاد داعش السيطرة على معظم أنحائها.
وتحدثت مصادر محلية وإعلامية، عن إحراق عناصر «داعش» لمستشفى محلي بالمنطقة الثالثة بعد تصفية أكثر من 20 جريحا كانوا يتلقون العلاج داخل المستشفى.
وزعمت وكالة الأنباء الموالية لما يُسمى بحكومة الإنقاذ الوطني غير المعترف بها دوليا في العاصمة طرابلس، أن سلاح الجو التابع للجيش الليبي قصف، أمس، عدة مواقع لتمركزات «داعش» بالمدينة. ونقلت عن شهود عيان رؤيتهم لأعمدة الدخان وهى تتصاعد بكثافة من مواقع التنظيم شرق المدينة بالقرب من مجمع قاعات واقادوقو وبالقرب من جزيرة دوران أبو هادي.
وادعى مصدر تابع لجيش طرابلس، أن جميع الكتائب العسكرية جاهزة لاقتحام سرت، مشيرا إلى حشد للآليات جنوب غربي سرت، في انتظار البدء الرسمي للعمليات البرية لتحرير المدينة التي تبعد نحو 450 كلم شرق طرابلس.
وفرض تنظيم «داعش» سيطرته على مدينة سرت في يونيو (حزيران) الماضي، بعد أن تمكن من طرد قوات الكتيبة (166 مشاة) التابعة لقوات فجر ليبيا، إثر معارك شرسة استمرت لأكثر من ثلاثة أشهر.
وطبقا لما أفادت به مصادر أمنية وعسكرية، فإن عناصر «داعش» قصفت المنطقة الثالثة وهى حي سكنى بالراجمات والأسلحة الثقيلة، مما أدى إلى سقوط الكثير من القتلة، بينهم أطفال ونساء.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن مصدر عسكري، أن عدد الشهداء بمدينة سرت ارتفع إلى 19 قتيلا و15 جريحا بينهم سيدة وطفلان، لافتا إلى أن أهالي الحي الثالث بدءوا بالنزوح بشكل كبير إلى المناطق المجاورة.
فيما تحدث مصدر عسكري بكتيبة الجالط بسرت عن مقتل قياديين لـ«داعش» هما أبو حذيفة الأنصاري وأبو همام المصري، في المواجهات العنيفة التي دارت في جزيرة الطويلة وقرب المجمع الإداري بمفترق شارع المدار بسرت وفندق قصور الضيافة المطل على البحر.
وأعلنت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، أن سرت منطقة منكوبة إنسانيا، بسبب سيطرة داعش عليها، مشيرة إلى وقوع انتهاكات ضد الإنسانية، وحصار مجموعة من الأحياء السكنية، بالإضافة إلى وجود نقص حاد للمواد الطبية والغذائية والإنسانية العاجلة.
وحملت اللجنة المسؤولية الأخلاقية والإنسانية والقانونية للأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي تجاه ما يتعرض له المدنيون في ليبيا، داعية هذه الجهات للتدخل لمنع تفاقم ما وصفته بالوضع الإنساني الكارثي للمدنيين في جميع أنحاء البلاد.
وطالبت اللجنة جميع المنظمات والمؤسسات المحلية والعربية والدولية المختصة بالشؤون الإنسانية والإغاثية بضرورة التحرك سريعا لإجلاء المدنيين وإسعاف الجرحى وتقديم المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة للمدنيين، كما طالبت السلطات الليبية بتأمين ممرات إنسانية لإجلاء الجرحى والمدنيين العالقين بمناطق النزاع.
من جهتها، طالبت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني وتتخذ من مدينة البيضاء بشرق ليبيا مقرا مؤقتا لها، المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لوقف ما وصفته بالمجازر الوحشية التي يتعرض لها سكان مدينة سرت الساحلية على أيدي عناصر تنظيم داعش.
وقالت الحكومة في بيان ألقاه الثني في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، إنها تجدد دعوتها للمجتمع الدولي ليتحمل كامل مسؤولياته الأخلاقية، وأن لا يظل مكتوف الأيدي دون الاستجابة لمطالب الحكومة الليبية المتكررة لردع هذا العدوان الغاشم.
وجدد الثني في بيانه مطالبه للمجتمع الدولي برفع حظر السلاح عن الجيش الليبي، وتوجيه ضربات محددة الأهداف لتمركزات الخلايا الإرهابية، مضيفا أن حكومتي وهي في حالة انعقاد دائم لمتابعة مجريات الأحدث، فإنها تضع كل إمكانياتها تحت تصرف لجنة الأزمة بمدينة سرت، كاشفا النقاب عن أن حكومته على اتصال مستمر مع عدد من الدول الصديقة والحليفة، لاتخاذ موقف دولي وعاجل لإيقاف المجازر الوحشية ضد المدنيين في مدينة سرت.
وارتبط اسم «داعش» في أحداث عنف عدة وقعت أخيرا في ليبيا، أبرزها الهجوم على فندق كورنثيا أكبر وأشهر فنادق العاصمة طرابلس في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي، الذي أسفر عن سقوط تسعة قتلى و28 جريحا، وتبناه التنظيم المتطرف.
ويزعم مسؤولون في طرابلس أن التنظيم المتطرف تحالف مع أنصار لنظام القذافي لمساعدته في السيطرة على قطاعات في منطقة سرت تضم حقولا نفطية، بينما تخشى السلطات الليبية من قدرة المتطرفين على بلوغ شواطئ البحر المتوسط.
وتشهد ليبيا منذ سقوط نظام القذافي في 2011 فوضى أمنية ونزاعا على السلطة تسببا بانقسام البلاد الصيف الماضي بين سلطتين، حكومة وبرلمان معترف بهما دوليا في الشرق، وحكومة وبرلمان موازيين يديران العاصمة.
ووفرت الفوضى الأمنية الناتجة عن النزاع موطئ قدم لجماعات متشددة في ليبيا بينها الفرع الليبي لتنظيم داعش الذي فقد معقله الرئيسي في يوليو (تموز) بمدينة درنة الواقعة في أقصى الشرق الليبي إثر معارك خاضها مع جماعات مسلحة محلية مناهضة.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.