قصة غريغ كويتيك عينُ المتحف لربع قرن

داخل «المتروبوليتان»... يبدع الفن نهاراً ويحرسه ليلاً

الرسام غريغ كويتيك يعمل أيضاً حارساً ليلياً في متحف المتروبوليتان للفنون (نيويورك تايمز)
الرسام غريغ كويتيك يعمل أيضاً حارساً ليلياً في متحف المتروبوليتان للفنون (نيويورك تايمز)
TT

قصة غريغ كويتيك عينُ المتحف لربع قرن

الرسام غريغ كويتيك يعمل أيضاً حارساً ليلياً في متحف المتروبوليتان للفنون (نيويورك تايمز)
الرسام غريغ كويتيك يعمل أيضاً حارساً ليلياً في متحف المتروبوليتان للفنون (نيويورك تايمز)

الساعات الأولى من الصباح الباكر، حين تكون صالات العرض خالية وصامتة وأضواؤها خافتة، هي المفضلة لدى غريغ كويتيك طوال مسيرته الممتدة لـ25 عاماً من العمل حارساً ليلياً في متحف المتروبوليتان للفنون.
خلال تلك الساعات، يقضي الوقت متأملاً لوحة واحدة فقط، مثل لوحة إل غريكو «المسيح يحمل الصليب»، أو لوحة جيه إم دبليو تيرنر، بعنوان «ويلرز»، وربما لوحة «فتاة نائمة» التي أبدعها جوهانس فيرمير.
وبعد شروق الشمس بقليل، يتوجه كويتيك، البالغ 47 عاماً، إلى شقته المستأجرة في هوبوكين بنيو جيرسي (مقابل 557 دولاراً شهرياً)، ليعمل على لوحاته التي يستوحي إلهامها غالباً من تلك التي يحرسها داخل المتحف.
وتُعرض حالياً أعمال كويتيك حتى 14 مايو (أيار) داخل معرض صغير يستضيفه «فيرمان غاليري» بمنطقة لور إيست سايد، باسم «يعلم الجميع أنّ المكان متعذّر» (Everybody knows it is nowhere)، وهو يضم أعمالاً لشونن بنشو وإيمي بيسون.
عن هذا الحدث، تقول منظّمة المعرض، أليسا فريدمان: «بنى كويتيك علاقة حميمية مع أعمال عدة ضمن المجموعة، وتوغل كثير من هذه الأعمال في لوحاته، حتى إنّ بعض أعماله يحمل تأثيراً مباشراً».
وبفضل عمله داخل متحف المتروبوليتان، تعلّم كويتيك إمعان النظر في الأعمال الفنية؛ فعندما أقام المتحف معرضاً لأعمال فرانسيس بيكون عام 2009، قضى كويتيك، في تقديره، نحو 70 ساعة في تأمل الأعمال المعروضة.
وخلال مقابلة أُجريت معه أخيراً، قال: «أمام الحارس ساعة للقيام بجولة»، في إشارة إلى واحد من أقسام المتحف السبعة؛ متابعاً: «كنت أنفذ الجولة في نحو 40 دقيقة، وأقضي الـ20 المتبقية في التركيز على عمل من الأعمال. ومن خلال ذلك، أصبحت معرفتي وثيقة ببعض اللوحات».
ويعدّ كويتيك بمثابة رمز لقطاع عريض، لكنه غير معروف في الأوساط الفنية، فهو ينتمي لأولئك الذين لم ينالوا الشهرة قط، وربما لن ينالوها، ومع ذلك يستمرون بحماسة في ممارسة هذا الشغف.
تبدو لوحات كويتيك هادئة وبسيطة، وغالباً ما يصنع نسخاً من الصورة ذاتها مراراً، ولا سيما سلسلة استوحى إلهامها من بول سيزان. ويعرض اللوحة الصغيرة للبيع مقابل 5 آلاف دولار، بينما قد يصل ثمن اللوحات الأكبر نحو 20 ألف دولار. كما يعمل على بعض اللوحات باستخدام الإبرة التي تتطلب مجهوداً كبيراً، ويحمل كثير من هذه الصور أصداء لوحاته عن القمر والشمس.
ويبدو كويتيك، وهو رجل طويل القامة قوي البنيان ينتمي إلى عائلة كاثوليكية من أصول بولندية في بيتسبرغ، شخصاً انطوائياً يميل إلى الصمت، ويفضّل التعامل مع اللوحات عن البشر. هذا تحديداً ما جذبه نحو العمل في نوبات ليلية داخل متحف المتروبوليتان عام 1987 حتى تقاعده عام 2011. وعن ذلك يشرح: «لست شخصاً اجتماعياً. من خلال العمل ليلاً، لن أضطر إلى التعامل مع الجماهير كثيراً».
كما أنّ جدوله لم يكن سهلاً، فالعمل من الساعة 12:15 صباحاً حتى 8:20 مساء، ثم العودة إلى المنزل للرسم، جعل كويتيك يشعر بحالة إرهاق مزمنة. ومع ذلك، كان أسلوب الحياة هذا مناسباً له، ولطالما شعر بالفخر تجاه عمله.
يتابع: «تطلّب عملي السير 4 ساعات على الأقل في الليلة، والتجوّل في كل بوصة من المبنى للقيام بعملية تمشيط ومسح. وتضمّن أيضاً تغطية كل معرض وممر وسقف وجميع المكاتب والحمامات؛ حتى التأكد من عدم اشتعال نيران وغلق صنابير المياه وغير ذلك».
اليوم، يمرّ أكثر عن عقد منذ أن سار كويتيك للمرة الأخيرة عبر هذه الممرات. ومع ذلك، لا يزال يحمل عبق متحف المتروبوليتان في داخله. يقول: «يتضمن القسم الثالث الأعمال الأوروبية وجهود الحفاظ على اللوحات والفن الياباني والآلات الموسيقية والأسلحة والدروع. أما جناح روكفلر فيمثل القسم السادس».
يضيف: «كنت أشرب 20 كوباً من القهوة يومياً، وأنام ساعة خلال استراحة الغداء في الرابعة صباحاً. أثناء العمل، تعيش وسط أعمال العباقرة. ومع أنني لست عبقرياً، فقد كنت مدركاً أن فرصة حراسة هذه الأعمال كان ميزة كبيرة. بدا الوضع كأنني أعيش في عالم آخر».
يُذكر أنّ كويتيك ظهر في فيلم ألكسندرا إم لايلز الوثائقي «كنوز مخفية... قصص من متحف عظيم»، العام 2011، وتحدّث خلاله عن الطبقات التي أبدعها إل غريكو في «منظر توليدو».
وقال خلال الفيلم: «تبدو هذه اللوحة متواضعة الحجم، خاصة أنّ تفاصيلها غير واضحة، هل هذا منظر طبيعي؟ هل هو منظر تجريدي؟ ربما كانت سراباً. التفاصيل الدقيقة لا تكشف عن نفسها إلا إذا كان المرء على استعداد للعودة إليها مراراً، والعيش مع العمل في علاقة ممتدة».
لم يتزوج كويتيك ولم ينجب. كرّس حياته للفن، بجانب شغفه حيال الأفلام الكلاسيكية. وحتى اليوم، تبقى حاجاته قليلة وطموحاته متواضعة.
عن نفسه يقول: «أتمنى جني ما يكفي من المال لأبقى بعيداً عن الشوارع، وربما أشتري شقة صغيرة».
*خدمة: «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

تركي آل الشيخ يتوج بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير

تركي آل الشيخ يتوج بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير
TT

تركي آل الشيخ يتوج بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير

تركي آل الشيخ يتوج بجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير

في إنجاز عالمي جديد، تُوّج تركي آل الشيخ رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، بجائزة «الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير» خلال حفل جوائز «MENA Effie Awards 2024»، تقديراً لإسهاماته البارزة في دعم وتطوير قطاع الترفيه في المملكة.

وتعد جائزة «MENA Effie Awards» من أبرز الجوائز في مجال تقييم التأثير والإنجازات الإبداعية على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تسلط الضوء على الشخصيات التي قدمت مساهمات استثنائية وذات تأثير عميق خلال العقد الأخير.

وقال آل الشيخ عبر حسابه الشخصي على منصة «إكس»: «هذه جائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير خلال حفل (MENA Effie Awards 2024)، في موسم الرياض بدعم القائد الملهم حفظه الله وكل الشكر والتقدير لأبناء وطني الغالي على دعمهم للوصول إلى هذه الجائزة العالمية... هم سر النجاح».

ويُعد فوز آل الشيخ بالجائزة تأكيداً لمكانته بوصفه واحداً من أبرز القيادات المؤثرة عالمياً في قطاع الترفيه، وشهادة على نجاح السعودية في وضع بصمتها في المجالات الثقافية والترفيهية على الساحة الدولية.

وسبق لتركي آل الشيخ أن حقق المركز الأول في تصنيف «ESPN» العالمي، وذلك في إطار تأثيره اللافت في فنون الملاكمة وفنون القتال المختلطة ومصارعة المحترفين، بعدما جعل السعودية مكاناً يحتضن البطولات الرياضية الكبرى، ويستقطبها مثل مباريات المصارعة الحرة (WWE)، بشراكة طويلة الأمد تمتد 10 سنوات مع الاتحاد الدولي للمصارعة.

وجاء نيل آل الشيخ لجائزة الشخصية الأكثر تأثيراً في العقد الأخير خلال حفل النسخة الـ15 من الجائزة الذي أُقيم ضمن فعاليات موسم الرياض 2024، وهي المرة الأولى التي يقام فيها الحفل في السعودية للجائزة التي تحتفي بالابتكار والتميز في قطاع التسويق والإعلان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وشهد قطاع الترفيه في السعودية تحت قيادة آل الشيخ، إطلاق مبادرات رائدة، منها موسم الرياض الترفيهي الأكبر عالمياً، الذي استقطب ملايين الزوار من داخل السعودية وخارجها، وحقق أرقاماً قياسية في حجم الفعاليات والعوائد الاقتصادية. كما نجح في استقطاب أبرز الأحداث الفنية والرياضية والثقافية العالمية، مما عزز من صورة السعودية بوصفها عاصمة للترفيه في المنطقة.

وبفضل الجهود التي قادها آل الشيخ في هيئة الترفيه، ساهمت الهيئة في تعزيز جودة الحياة في البلاد، بما يتماشى مع مستهدفات «رؤية السعودية 2030»، من خلال خلق بيئة ترفيهية عالمية المستوى تدعم الاقتصاد الوطني وتساهم في تحقيق التنمية المستدامة.

ومنذ أن بدأت أعمال موسم الرياض 2024 الذي أطلقه تركي آل الشيخ في أكتوبر (تشرين الأول)، شهد الموسم الترفيهي حضوراً لافتاً من الزوار من مختلف أنحاء العالم، إذ نجح في جذب نحو 6 ملايين زائر في أقل من شهر من انطلاقته، محققاً بذلك رقماً قياسياً يدلل على حجم إقبال الجمهور المحلي والدولي.

وشهد الموسم الترفيهي، تنظيم آلاف الفعاليات المتنوعة، بما في ذلك الحفلات الموسيقية، والمعارض الفنية، والعروض المسرحية، والأنشطة الترفيهية المناسبة لجميع الفئات العمرية في الوقت الذي يضم الموسم 5 مناطق رئيسية، هي: بوليفارد وورلد، والمملكة أرينا، وبوليفارد سيتي، وThe Venue، وحديقة السويدي. وتقدم كل منطقة تجربة فريدة للزوار، في الوقت الذي حقق الموسم رقماً قياسياً في أسبوعه الأول، حيث بلغ عدد الزوار مليونين، مما يعكس الشغف الكبير بالموسم الذي ينتظره الجمهور سنوياً.

ويستمر موسم الرياض 2024 في تقديم المزيد من الفعاليات والأنشطة المميزة، مع توقعات بزيادة أعداد الزوار في الأسابيع المقبلة، مما يعزز مكانة الرياض بوصفها وجهة ترفيهية عالمية.