الرئيس الكوبي ميغيل دياز ـ كانيل يبدأ ولايته الثانية من دون بشائر تغييرية

تحت تأثير إرث «التاريخيين»... وهاجس الحصار الأميركي

الرئيس الكوبي ميغيل دياز ـ كانيل يبدأ ولايته الثانية من دون بشائر تغييرية
TT

الرئيس الكوبي ميغيل دياز ـ كانيل يبدأ ولايته الثانية من دون بشائر تغييرية

الرئيس الكوبي ميغيل دياز ـ كانيل يبدأ ولايته الثانية من دون بشائر تغييرية

أواخر الشهر الماضي، توجه ما يزيد على 8 ملايين كوبي إلى صناديق الاقتراع لتجديد أعضاء الجمعية الوطنية، في انتخابات سجلت أدنى نسبة مشاركة منذ انتصار الثورة الكوبية في عام 1959. وبعد شهر تقريباً على تلك الانتخابات، «بايع» البرلمان الجديد ميغيل دياز - كانيل رئيساً للجمهورية لولاية ثانية، ومعه رئيس الحكومة مانويل ماريرو، وجميع أعضائها أمام العين الساهرة للرئيس الفخري للحزب الشيوعي الكوبي راوول كاسترو... الذي جدد هو أيضاً مقعده في البرلمان بعدما تجاوز الحادية والتسعين من العمر. وكل هذا بينما كان الخطباء الذين تعاقبوا على منبر احتفال التنصيب يجددون له الولاء زعيماً بلا منازع للثورة. عندما تولى دياز - كانيل رئاسة الجمهورية للمرة الأولى منذ 5 سنوات بعد تنحي «عرابه» راوول كاسترو، أعلن أن «الاستمرارية» ستكون شعار ولايته والبوصلة التي ستوجه نشاط حكومته لمواصلة مسيرة الثورة. واليوم، في الوقت الذي تواجه كوبا واحدة من أسوأ أزماتها منذ عقود، لا يشك أحد في أن السنوات الخمس المقبلة من ولايته الثانية ستكون تحت شعار «الاستمرارية ضمن الاستمرارية».
يتحدر الرئيس الكوبي المجدّد له، ميغيل دياز - كانيل، مثل قدوته السياسي فيديل كاسترو، من أسرة إسبانية هاجرت إلى كوبا عندما كانت هذه خاضعة للتاج الإسباني.
وأبصر دياز - كانيل النور في مدينة سانتا كلارا، التي شهدت واحدة من أعنف المعارك بين قوات باتيستا النظامية والثوار بقيادة إرنستو «تشي» غيفارا، وأصبحت بعد ذلك من رموز الثورة التاريخية، وهو أول رئيس لكوبا مولود بعد الثورة.
تدرج الرجل في صفوف التنظيمات الطلابية التابعة للحزب الشيوعي إبان فترة دراسته الجامعية قبل أن يتخرج مهندساً في العلوم الإلكترونية. وانتقل إلى العاصمة، هافانا، بعدما درس لسنوات ثلاث في الجامعة التي كان تخرج فيها. ومن ثم، تابع صعوده في المناصب والمسؤوليات الحزبية، ودائماً بالقرب من راوول كاسترو... الذي سيصبح بعد ذلك الداعم الرئيسي لمسيرته السياسية التي أوصلته إلى قيادة الحزب الشيوعي ورئاسة الجمهورية.
في عام 2009، دخل دياز - كانيل الحكومة للمرة الأولى متولياً حقيبة التعليم العالي، ثم أصبح نائباً لرئيس الوزراء في عام 2012. وفي العام التالي انتخب نائباً أول لرئيس مجلس الدولة واسع الصلاحيات، ثم رئيساً لهذا المجلس ورئيساً للوزراء في عام 2018. وفي السنة التالية انتخب رئيساً للجمهورية بعدما كانت الولايات المتحدة وكوبا قد قررتا استئناف العلاقات الدبلوماسية، وبدأت تلوح في الأفق بوادر الانفراج بين البلدين على عهد باراك أوباما، الذي زار الجزيرة قبل 7 أشهر من وفاة «قائد الثورة» (فيديل كاسترو)، أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016.
في الخطاب الذي ألقاه دياز - كانيل عند تسلم مهامه رئيساً للجمهورية في ولايته الأولى عام 2019، قال إن «السياسة الخارجية الكوبية لن تتغير قيراطاً واحداً في خطوطها الأساسية. ولن تقبل كوبا بأن تفرض عليها أي شروط أو أن تقدم أي تنازلات». وأردف أن راوول كاسترو (شقيق فيديل وخلفه) «سيوجه قرارات الدولة في الحاضر والمستقبل». وفي خطاب التنصيب خلال تسلمه مهام الولاية الثانية، نهاية الأسبوع الماضي، توجه إلى راوول كاسترو ليشكره على الدعم الذي قدمه دائماً له، ويؤكد أنه لن يخيب أبداً هذه الثقة.
- الحصار الأميركي
كالعادة، كان موضوع الحصار الأميركي، الذي يشكل الهاجس الرئيسي للكوبيين وللثورة الكوبية منذ تفجرها، المحور الذي دار حوله خطاب الرئيس الكوبي في مستهل ولايته الثانية ليبرر الأزمة الخانقة التي تعاني منها كوبا؛ إذ قال دياز - كانيل إن السياسة التي دفعتها الإدارة الأميركية السابقة على عهد دونالد ترمب إلى حدودها القصوى، إنما تستهدف مفاقمة المشكلات الداخلية في الجزيرة، وإخضاع كوبا تحت وطأة الجوع.
وتابع أن واشنطن ما زالت تقدم الدعم المالي إلى «المرتزقة» الذين يحاولون إثارة الفوضى من الداخل، وأن ثمة حملة إعلامية دولية بقيادة الولايات المتحدة لتشويه نتائج الانتخابات الأخيرة التي أُجريت في الجزيرة، أواخر الشهر الماضي، وذلك بالتركيز فقط على النسبة العالية من المواطنين الذين امتنعوا عن التصويت، التي بلغت لأول مرة 25 في المائة، ليقول إنها أدنى بكثير من تلك التي تشهدها عادة البلدان الغربية في الانتخابات.
ودافع دياز - كانيل عن «نظام الحزب الواحد» القائم في الجزيرة منذ بداية الثورة، فقال إنه «ضروري للحفاظ على الوحدة ورص الصفوف الداخلية لمواجهة التحديات والمؤامرات». وحدد الأولويات التي ستركز عليها حكومته للخروج من الأزمة الاقتصادية الطاحنة بالتالية: التركيز على الإنتاج المحلي للأغذية الأساسية، وتفعيل الاستثمارات، وتطوير المؤسسات الرسمية الاشتراكية، وتحقيق التكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية، وكبح التضخم الذي بلغ معدلات قياسية في السنوات الثلاث الماضية، مشدداً على أن «هذه التحديات الهائلة تستدعي منا جميعاً جهداً مماثلاً».
الملاحَظ أنه رغم تدهور الحالة المعيشية في الجزيرة منذ سنوات بشكل غير مسبوق، لم يمارس دياز - كانيل أي نقد ذاتي. إلا أنه ذكر أنه يدرك «خطورة تداعيات الأزمة على الشباب وتفاقم أوضاعهم»، معرباً عن قلقه من ارتفاع معدلات الهجرة. وللعلم، تقدر بيانات الإدارة الأميركية أن ما يزيد على 300 ألف كوبي دخلوا الولايات المتحدة عبر الحدود المكسيكية العام الماضي.
وبعدها قال: «يجب ألا نقع في فخ تفسير ظاهرة الهجرة الكوبية من منظور سياسي، كما يريد عدونا، بل علينا أن نقارب هذه الظاهرة انطلاقاً من احترام خيار المواطنين الذين يقررون الرحيل... إن الذين يقررون البقاء في الجزيرة للمقاومة والبناء يعتمدون عليهم، لكن ليس على الذين باعوا ضمائرهم للشيطان». ويؤكد بعد ذلك أن الثورة هي السبيل للوصول إلى أعلى مستويات العدالة والرفاه».
- دمية بيد الجيل التاريخي؟
كثيرون في كوبا (من مؤيدي النظام ومعارضيه) يعتبرون أن دياز - كانيل ليس سوى «دمية» بيد الجيل التاريخي المتبقي من قيادات الثورة والنواة الصلبة في المؤسسة العسكرية التي ما زال راوول كاسترو يحكم قبضته عليها؛ ذلك أن السياسة التي انتهجتها حكومته منذ بداية ولايته الأولى كان قد حددها المؤتمر السابع للحزب الشيوعي في ربيع عام 2019، أي بعد 3 سنوات على استئناف العلاقات الدبلوماسية مع واشنطن وعدم ظهور أي بوادر على تخفيف الحصار. وكان الحزب الشيوعي الكوبي قرر يومذاك تجميد الإصلاحات الاقتصادية التي بدأها راوول كاسترو، ضد إرادة شقيقه فيديل، والتي كان لها كبير الأثر في التقارب مع الولايات المتحدة.
ولقد وصل دياز - كانيل إلى الحكم في بداية وقف عجلة الإصلاحات وتدابير احتواء القطاع الاقتصادي الخاص، وتشديد الرقابة على أنشطة المجتمع المدني وإعادة الزخم إلى «المحور البوليفاري» (الثوري) في أميركا اللاتينية، ومحاصرة «التيار الإصلاحي» الذي كان قد مهد لزيارة أوباما إلى الجزيرة، وما أثمرته من وعود أميركية لتخفيف الحصار.
تلك الانعطافة التي انطلقت من التشخيص الرسمي لما اصطُلح على تسميته «القدرة التخريبية للتطبيع الدبلوماسي مع الولايات المتحدة» كانت الإرث الذي تركه راوول كاسترو للرئيس الجديد. وكان النهج المناهض للإصلاح الاقتصادي والرافض للانفتاح على الحركات والتيارات الداخلية المطالبة بالتغيير ترسخ في الصيغة النهائية لدستور عام 2019، وهو الدستور الذي أسقط العديد من المطالب التغييرية التي كان تمخض عنها الاستفتاء الشعبي، مثل انتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب، والتمهيد لمرحلة تسفر عن السماح بتعددية الأحزاب السياسية، وتوسيع دائرة ممارسة النشاط الاقتصادي الخاص، وتخفيف القيود على السفر إلى الخارج.
وللعلم، قبل الموافقة على الدستور الجديد، كانت الحكومة الكوبية قد اتخذت حزمة من التدابير التي تحدّ من حرية التعبير عبر وسائط التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية البديلة، وهو ما تسبب في اتساع موجة الاستياء بين الأجيال الشابة من الفنانين والكتاب الكوبيين وما تبعها من مظاهرات حاشدة، صيف عام 2021، في جميع أنحاء الجزيرة. ثم إن القيود على السفر إلى الولايات المتحدة، وعلى التحويلات الخارجية، التي كانت فرضتها إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، تضاف إليها الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة الكوبية في السياسة الاقتصادية، كانت من الأمور التي وضعت الجزيرة أمام أزمة خانقة لم تشهدها منذ سنوات، حيث فقدت سلعاً أساسية كثيرة من الأسواق، وارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق.
وعندما خرجت المظاهرات الحاشدة احتجاجاً على الأوضاع المعيشية وإصرار الحكومة على وقف عجلة الإصلاحات والعودة إلى «النظام القديم»، كانت ردة الفعل الفورية لحكومة دياز - كانيل إصدار الأوامر إلى «أبناء الثورة لمواجهة الأعداء» في الشوارع والساحات. وذهبت وسائل الإعلام الرسمية إلى الحديث عن حالات تمرد، ومحاولة لقلب النظام تغذيها الولايات المتحدة والجالية الكوبية في الشتات الأميركي. وبالفعل، اعتقل الآلاف الذين صدرت بحق بعضهم أحكام بالسجن تصل إلى 30 سنة. وفي حين كانت المظاهرات تجتاح العديد من المدن الكوبية، أعلنت الحكومة عن صدور قانون جنائي جديد يضاعف عدد الجرائم التي يؤدي ارتكابها إلى الحكم بالإعدام، ويرفع إلى 10 سنوات عقوبة محاولة «تغيير النظام الدستوري والتمويل الخارجي للنشاط السياسي في الداخل».
- لا تغيير منتظراً في الولاية الثانية
وفق الخبراء، الولاية الثانية، والأخيرة (كما ينص الدستور الجديد) لميغيل دياز - كانيل لن تختلف بشيء عن الولاية الأولى، سوى أن المصاعب اليومية التي يعاني منها الكوبيون في حياتهم اليومية إلى ازدياد مستمر، بينما لا تزال المنظومة الحاكمة هي ذاتها، مع عدد ضئيل من الوجوه الجديدة الشابة «لحفظ ماء الوجه»، والإيحاء بتوجه انفتاحي على المطالب التغييرية.
وفي هذه الأثناء، تفيد بيانات «البنك الدولي» بأن إجمالي الناتج القومي الكوبي تراجع بنسبة 11 في المائة في العام الماضي وحده، بينما تعاني كوبا منذ سنوات من نقص حاد في السلع الأساسية والأدوية والوقود والطاقة الكهربائية. بل حتى النظام الصحي الذي كان منارة على الصعيدين الإقليمي والدولي، بدأت تظهر عليه نُذر الترهل والعجز عن توفير الخدمات التي كان يقصدها الأجانب... حتى من الولايات المتحدة.
وتلخص منظمة «هيومان رايتس واتش» الوضع الكوبي الراهن في تقريرها السنوي الأخير، كالآتي: «تواصل الحكومة الكوبية في قمع المعارضة، وتمنع أي انتقادات لأدائها في الصحف الرسمية ووسائل التواصل الاجتماعي، وتلجأ بصورة منهجية إلى الاعتقالات الاعتباطية التي تستهدف ترهيب الأصوات المعارضة والناشطين المستقلين والفنانين، ولا يزال المئات من المعارضين السياسيين في السجون، بمن فيهم العديد من أولئك الذين شاركوا في المظاهرات السلمية، صيف عام 2021».
أخيراً، إلى جانب ذلك ما زال الحصار الاقتصادي الأميركي يوفر للحكومة الذريعة لارتكاب التجاوزات واستدرار دعم الحكومات الأجنبية التي (في غياب هذا الحصار الذي أدانته الأمم المتحدة عشرات المرات) ستكون على استعداد لإدانة القمع الذي يمارسه النظام والضغط عليه لوقفه. وبينما يسيطر الركود على جميع القطاعات الاقتصادية المهمة (من السياحة إلى إنتاج التبغ والمناجم) وتراجع الاستثمارات الصناعية التي بلغت أدنى مستوياتها بعدما تسبب الانقطاع المستمر في الطاقة الكهربائية بشلل نصفي للنشاط الصناعي، اكتفى دياز - كانيل في خطاب توليه ولايته الرئاسية الثانية، بالإضاءة على تطوير 3 لقاحات كوبية ضد «كوفيد - 19» وتمنيع نسبة عالية جداً من المواطنين، وبلوغ تغطية الإنترنت 90 في المائة من السكان.


مقالات ذات صلة

الحصار الأميركي على كوبا... جولة تاريخية

أميركا اللاتينية الحصار الأميركي على كوبا... جولة تاريخية

الحصار الأميركي على كوبا... جولة تاريخية

«الحصار الأميركي على كوبا» كناية عن مجموعة واسعة من التدابير والقوانين التي تمنع وتنظم العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وتعود البدايات إلى القرار الذي اتخذه الرئيس الأميركي الأسبق، آيزنهاور، عام 1958، بمنع تصدير الأسلحة إلى كوبا إبان نظام باتيستا.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أميركا اللاتينية لافروف يشكر كوبا على «تفهّمها الكامل» لأسباب النزاع في أوكرانيا

لافروف يشكر كوبا على «تفهّمها الكامل» لأسباب النزاع في أوكرانيا

شكر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الخميس، الحكومة الكوبية على «تفهّمها الكامل» لأسباب النزاع في أوكرانيا، وذلك في مستهل زيارة للجزيرة التي يختتم فيها جولته في أميركا اللاتينية. وقال لافروف خلال لقائه نظيره الكوبي برونو رودريغيز «نعرب عن تقديرنا لواقع أن أصدقاءنا الكوبيين منذ بداية العملية العسكرية الخاصة (...) عبّروا بكل وضوح عن موقفهم وعن تفهّمهم الكامل في معرض تقييمهم للأسباب التي أدت إلى الوضع الحالي»، وفق ما أورد حساب وزارة الخارجية الروسية على تلغرام. ودان لافروف الذي التقى الرئيس ميغيل دياز كانيل وسلفه راوول كاسترو، الحظر الأميركي المفروض على الجزيرة، واصفا إياه بأنه «غير شرعي»، مشي

«الشرق الأوسط» (هافانا)
أميركا اللاتينية كوبا تسمح مجدداً بودائع مصرفية بالدولار الأميركي

كوبا تسمح مجدداً بودائع مصرفية بالدولار الأميركي

أعلن مصرف كوبا المركزي السماح مجدداً بودائع بالدولار الأميركي بعد قرار تعليقها في عام 2021 على خلفية الحصار الذي تفرضه الولايات المتحدة. وجاء في قرار صادر عن مصرف كوبا المركزي نشر الاثنين في الجريدة الرسمية إن «المؤسسات المالية والمصرفية ستقبل الودائع النقدية بالدولار الأميركي في حسابات مصرفية». ويلغي هذا القرار الجديد قراراً صادراً عن مصرف كوبا المركزي علق في يونيو (حزيران) 2021 الودائع النقدية بالدولار بسبب الصعوبات المرتبطة بالحصار الأميركي المتواصل.

«الشرق الأوسط» (هافانا)
أميركا اللاتينية واشنطن غير مستعدة لشطب كوبا من لائحة الدول الداعمة للإرهاب

واشنطن غير مستعدة لشطب كوبا من لائحة الدول الداعمة للإرهاب

أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس، أن الولايات المتحدة ليست مستعدّة لشطب كوبا من لائحتها السوداء للدول الداعمة للإرهاب. وقال بلينكن، رداً على سؤال حول هذا الموضوع، خلال جلسة استماع أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الذي تهيمن عليه المعارضة الجمهورية: «لا نعتزم شطبها من اللائحة». ورداً على سؤال وجّهته نائبة جمهورية لمعرفة ما إذا كانت كوبا قد اتخذت إجراءات تتيح شطب هذه الدولة من اللائحة السوداء، قال بلينكن: «من الواضح، لا». وكان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قد أنهى سياسة الانفتاح تجاه كوبا التي بدأها سلفه باراك أوباما، وأعاد إدراج هذه الدولة في اللائحة السوداء في 20

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نيكولاي باتروشيف (يسار) كبير المستشارين الأمنيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين (رويترز)

مسؤول أمني روسي في كوبا... ويلتقي راؤول كاسترو

سافر نيكولاي باتروشيف، كبير المستشارين الأمنيين للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وحليفه المقرب، إلى كوبا هذا الأسبوع، والتقى الزعيم السابق للبلاد راؤول كاسترو، فيما وصفته وسائل الإعلام الكوبية بأنها «زيارة عمل»، وفقاً «لوكالة الأنباء الألمانية». وذكرت صحيفة «ميامي هيرالد الأميركية» أن التلفزيون الكوبي الحكومي عرض ليل الأربعاء صوراً للزعيم الكوبي (91 عاماً) المتقاعد رسمياً، وهو يعانق باتروشيف، الذي التقى لاحقاً الرئيس الحالي للبلاد ميغيل دياز- كانل. ولم تقدم وسائل الإعلام الكوبية والروسية تفاصيل بشأن الزيارة، فبحسب وكالة «تاس» الروسية، سيعقد باتروشيف في هافانا «مشاورات روسية - كوبية موسعة بين الوكا

«الشرق الأوسط» (هافانا)

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
TT

قمة الـ20 تعطي معالجة الفقر والمناخ زخماً... لكنها منقسمة حول حروب الشرق الأوسط وأوكرانيا وترمب

لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)
لقطة جماعية لقادة الدول العشرين قبيل ختام القمّة التي عُقدت في مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية (إ.ب.أ)

في اليوم الثاني الأخير أعطت قمة مجموعة العشرين زخماً محدوداً لمفاوضات مناخية متعثّرة في باكو وسادها انقسام في المواقف بشأن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط وخيّم عليها طيف ترمب العائد إلى البيت الأبيض. وتضمّن البيان تعهّداً «بالحرص على أن يدفع أصحاب الثروات الطائلة ضرائب كما ينبغي» وبوضع آليات لمنعهم من التهرّب من دفع الضرائب.

الجلسة الافتتاحية لقمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

سعى الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية في صلب نهجه اليساري ونجح في حشد دعم القادة لمقترح يقضي بفرض مزيد من الضرائب على أكبر الأثرياء.

غير أن هذه المسألة لقيت تحفّظات من الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي المعجب بنهج ترمب. ولم يعرقل ميلي صدور البيان، لكنه أعرب علناً عن معارضته تلك البنود وغيرها، مثل زيادة تدخّل الدولة لمكافحة الجوع.

إلا أن البرازيل نجحت بصفتها الدولة المضيفة، في تشكيل جدول أعمال القمة، وإدراج أولويات رئيسية من رئاستها في الوثيقة، بما في ذلك مكافحة الجوع وتغير المناخ، إلى جانب جهود إصلاح المنظمات الدولية. وأكد البيان الختامي أن الجوع لا ينجم عن نقص الموارد أو المعرفة، بل عن نقص الإرادة السياسية لضمان وصول الغذاء للجميع.

إذ أعلن الرئيس البرازيلي عن إطلاق «التحالف العالمي ضد الجوع والفقر» في بداية القمة. وقال لولا: «الجوع والفقر ليسا نتيجة للندرة أو الظواهر الطبيعية»، بل هما نتيجة لقرارات سياسية تؤدي إلى استبعاد جزء كبير من الإنسانية. وتعد هذه المبادرة من الموضوعات الرئيسية للمجموعة، التي تجمع أكبر اقتصادات العالم، وقد لقيت دعماً علنياً من 81 دولة. وقال لولا إن المجموعة ستتبادل الخبرات وتنسق التدابير من أجل الأمن الغذائي: «سيكون هذا أعظم إرث لنا». وأضاف الرئيس البرازيلي أن مكافحة الجوع والفقر هي شرط أساسي لبناء عالم سلمي.

تمكنت مجموعة العشرين، التي انطلقت قمتها في ريو دي جانيرو، الاثنين، من التوصل إلى إعلان مشترك مكون من 85 نقطة. وهناك نقطة رئيسية تم الاتفاق عليها خلال القمة كانت الدفع نحو إصلاح مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث دعا الإعلان الختامي إلى مجلس أكثر «تمثيلاً وشمولاً وكفاءة وفاعلية وديمقراطية وخضوعاً للمساءلة».

الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا إلى توجيه دفّة المناقشات حول المسائل الاجتماعية (أ.ب)

ودعا لولا أيضاً إلى تعزيز التعددية، مؤكداً الحاجة إلى مؤسسات عالمية أكثر شمولاً وتمثيلاً لضمان الاستقرار وتعزيز السلام. وقال لولا: «استقرار العالم يعتمد على مؤسسات أكثر تمثيلاً»، مشيراً إلى أهمية تضمين أصوات متنوعة في منتديات اتخاذ القرار. ووصف هذا التنوع بأنه «طريق السلام» وضروري لتحقيق التوازن في الحوكمة العالمية.

4 مليارات دولار من بايدن و25 من بنك التنمية الأمريكي

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، أن الولايات المتّحدة ستقدّم مساهمة «تاريخية» بأربعة مليارات دولار لصندوق تابع للبنك الدولي يدعم البلدان الأكثر فقراً، في خطوة تسبق تسليمه السلطة إلى دونالد ترمب العازم على خفض الإنفاق العام. وتعهد بايدن بتقديم هذا المبلغ لـ«المؤسسة الدولية للتنمية». وهذا آخر اجتماع لبايدن مع كبار زعماء العالم قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني).

وقال مسؤول أميركي كبير إنّ هذه مساهمة بـ«أربعة مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات»، ما يعني أنّها غير ملزمة للإدارة الجمهورية المقبلة برئاسة دونالد ترمب.

لكنّ المسؤول عينه أشار إلى أنّ الجمهوريين، عندما كانوا في السلطة، أيّدوا ضخّ أموال في هذا الصندوق. والمؤسسة الدولية للتنمية هي ذراع للبنك الدولي تساعد أفقر بلدان الكوكب. وتمنح المؤسسة قروضاً وهبات مخصّصة لبرامج مثل مكافحة عدم المساواة ومكافحة الاحتباس الحراري.

وتعهد بنك التنمية الأميركي بالفعل بتقديم 25 مليار دولار للمبادرة. من جانبها، طالبت منظمة أوكسفام غير الربحية بأن تقوم دول مجموعة العشرين نفسها بالاستثمار العام بشكل كبير في أعمال الزراعة الصغيرة. وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن الاتحاد الأوروبي سيشارك أيضاً في هذه المبادرة.

الرئيس الأميركي جو بايدن لدى مشاركته خلال اليوم الأول من قمة «مجموعة العشرين» في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ب)

«كوب 29» يرحب بالمؤشّرات الإيجابية

رحّب المشاركون في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29) بالمؤشّرات الإيجابية الصادرة عن بيان المجموعة في ريو بشأن تمويل الحلول المناخية للبلدان النامية، لكنهم شدّدوا على أن الشقّ الأصعب من المهمّة ينبغي إنجازه في باكو. ورغم المخاوف الأولية بشأن احتمال وجود خلافات من الرئيس الأرجنتيني المتطرف، خافيير ميلي، ركزت المجموعة على تغير المناخ مع ختام القمة، وأعرب قادة الدول الصناعية والناشئة الرائدة في العالم عن التزامهم بفرض ضرائب أكثر فاعلية على فائقي الثراء، وأكدوا الهدف الدولي المتفق عليه للحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل الصناعة.

ولم يتطرّق بيان ريو إلى مسألة الخروج التدريجي من مصادر الطاقة الأحفورية التي تمّ الاتفاق عليها خلال مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين للمناخ في دبي، ما أثار استياء في أوساط المنظمات غير الحكومية.

وقال سيمن ستيل، الأمين التنفيدي لاتفاقية الأمم المتحدة حول تغيّر المناخ، الثلاثاء، إن «وفود مجموعة العشرين لها نظامها الخاص هنا في باكو حيث نحن بأشدّ الحاجة إلى أن تتوقّف البلدان عن التشبّث بمواقفها وتتّجه سريعاً نحو أرضية مشتركة للتفاهم». وقد دعا القادة في تصريحاتهم إلى «زيادة الموارد التمويلية والاستثمارات العامة والخاصة لصالح المناخ في البلدان النامية». وتطرّقت عدّة فقرات من البيان إلى الحاجة إلى تعزيز الاستثمارات الخاصة والمتعددة الأطراف باتّجاه البلدان قيد النموّ.

وجاء في بيان المجموعة: «نقرّ بالحاجة إلى تعزيز الاستثمارات وزيادتها من كلّ المصادر والقنوات المالية لسدّ الثغرة التمويلية فيما يخصّ الانتقال بمجال الطاقة في العالم، لا سيّما في البلدان النامية».

وأثار البيان أيضاً فكرة فرض ضريبة على كبار الأغنياء على نحو مبدئي. وهي فكرة أشادت بها عدّة منظمات غير حكومية، متلمّسة فيها بصمة الرئيس البرازيلي لولا.

وفي تصريحات لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» من باكو، أشاد رئيس فريق المفاوضات الذي يمثّل أغلبية البلدان النامية المعروف باسم «مجموعة السبع والسبعين+الصين»، الدبلوماسي الأوغندي أدونيا أييباري، بإقرار مجموعة العشرين «بالحاجة إلى زيادة التمويل في مجال المناخ لرفعه من مليارات إلى آلاف المليارات المتأتية من المصادر كافة»، وفق الصياغة المستخدمة في بيان ريو.

وقدّر عالما اقتصاد معروفان مفوّضان من الأمم المتحدة المساعدة المناخية الخارجية للبلدان النامية بألف مليار في السنة. غير أن الدبلوماسي الأوغندي أعرب عن الأسف على أن البيان لم يحدّد الجهات الواجب عليها تقديم التمويل، مع الاكتفاء باستخدام عبارة «من المصادر كافة» بدلاً من استعراض جهات التمويل العام بوضوح، وهي إحدى المسائل الخلافية في باكو.

وقال أدونيا أييباري: «طلبنا بوضوح أن يأتي ذلك من مصادر عامة على شكل قروض بأسعار فائدة تفضيلية أو مساعدات»، مشيراً إلى أن البيان يبقى على الرغم من ذلك «خطوة جيّدة» للتوصّل إلى اتفاق بحلول نهاية المؤتمر، الجمعة.

وقال محمّد أدوو من مجموعة «باوورشيفت أفريكا» البحثية: «كنّا بحاجة إلى مؤشّر قويّ من مجموعة العشرين وحصلنا عليه على الصعيد المالي». غير أن آخرين هم أكثر حذراً فيما يتعلّق بالأثر الفعلي على مؤتمر «كوب 29»، إذ إن بيان مجموعة العشرين لم يتطرّق إلى صلب المناقشات الجارية في باكو والقائمة على القيمة الإجمالية للمبلغ ومساهمة بلدان مثل الصين.

وكشف مفاوض أوروبي رفيع المستوى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» عن أنه بدأ العمل يوم الثلاثاء، ككلّ المشاركين في «كوب 29»، بتفحّص بيان مجموعة العشرين الممتدّ على 22 صفحة «كنّا ننتظر زخماً كبيراً ولعلّ توقّعاتنا كانت جدّ مرتفعة».

وقالت فريديريكي رودر من منظمة «غلوبال سيتيزن» غير الحكومية إن مجموعة العشرين «أعادت رمي الكرة في مرمى الكوب»، مقرّة بأن «البرازيل أدّت دورها على أكمل وجه لكن مجموعة العشرين لم تحذ حذوها».

المستشار الألماني أولاف شولتس لدى وصوله للمشاركة في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو الاثنين (أ.ف.ب)

وصرّحت ريبيكا تيسن من الشبكة الواسعة للمنظمات غير الحكومية «كلايمت أكشن نتوورك» بأن «قادة مجموعة العشرين لم يرسلوا الإشارات السياسية اللازمة من ريو». واكتفت المجموعة بالقول بشأن المفاوضات الجارية في باكو: «نتوقّع النجاح للهدف الكمّي الجماعي الجديد في باكو».

ولفتت تيسن إلى أن «الصمت بشأن الهدف الجديد لتمويل مكافحة التغير المناخي وبشأن التخلّي التدريجي عن الوقود الأحفوري غير مقبول من أكبر الاقتصادات وأكبر الملوّثين». وعدّ هارجيت سينغ من المبادرة من أجل اتفاق لعدم انتشار الوقود الأحفوري أن «القادة العالميين الملتئمين في قمّة مجموعة العشرين أظهروا نقصاً فادحاً في الحسّ القيادي وغفلوا عن إعادة التأكيد على التزامهم بالتخلّي عن الوقود الأحفوري، وهو محور رئيسي من العمل المناخي العالمي».

الشرق الأوسط

وأعرب الإعلان الختامي عن «قلق عميق بشأن الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان»، ودعت القمّة إلى وقف «شامل» لإطلاق النار.

وأشار البيان إلى ضرورة توسيع المساعدات الإنسانية بشكل عاجل وتعزيز حماية السكان المدنيين، في رسالة واضحة لإسرائيل. كما أكدت مجموعة العشرين على «حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«التزام لا يتزعزع برؤية حل الدولتين، حيث تعيش إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب في سلام ضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتماشى مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

لافروف مع نظيره الصيني (أ.ف.ب)

ولم يتم التطرق في الإعلان الختامي لهجمات حركة «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على إسرائيل. وقبل القمة، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مجموعة العشرين إلى الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن النفس، والمطالبة بالإفراج عن جميع الرهائن، وإدانة «حماس» و«حزب الله»، اللذين تخوض إسرائيل حرباً ضدهما في قطاع غزة ولبنان على التوالي. وكتب ساعر أن أي بيان لا يتناول هذه النقاط سيشجع إيران وحلفاءها على مواصلة نشر عدم الاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

أعلنت دول المجموعة في بيان مشترك صدر الاثنين أنّها «متّحدة في دعم وقف لإطلاق النار» في كل من غزة ولبنان. وقال قادة الدول العشرين في بيانهم: «نحن متّحدون في دعم وقف شامل لإطلاق النار في غزة، بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735، وفي لبنان بما يمكّن المواطنين من العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الخط الأزرق» الذي يقوم مقام خط الحدود بين إسرائيل ولبنان. وأضاف القادة في بيانهم الختامي: «إنّنا وإذ نعرب عن قلقنا العميق إزاء الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة والتصعيد في لبنان، فإنّنا نؤكّد على الحاجة الملحّة لزيادة تدفّق المساعدات الإنسانية وتعزيز حماية المدنيّين».

وتابعوا: «نحن نسلّط الضوء على المعاناة الإنسانية والآثار السلبية للحرب» في قطاع غزة، و«نكرّر التزامنا الثابت بحلّ الدولتين الذي تعيش فيه إسرائيل ودولة فلسطينية جنباً إلى جنب بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها، بما يتوافق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة».

الحرب في أوكرانيا والتوتر بين الكوريتين

وفي ظلّ هذه التطوّرات، رحّبت المجموعة «بكلّ المبادرات الوجيهة والبنّاءة التي تدعم سلاماً شاملاً وعادلاً ومستداماً» في أوكرانيا. وفي البيان الختامي قال القادة إنّهم «يرحّبون بكلّ المبادرات ذات الصلة والبنّاءة التي تدعم التوصّل إلى سلام شامل وعادل ودائم» في أوكرانيا يتّفق مع مبادئ الأمم المتحدة ويشيع علاقات «سلمية وودّية وطيّبة» بين الدول المتجاورة. لكن كما الحال في القمم السابقة للمجموعة، لم يأت البيان على ذكر الغزو الروسي. وأشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جانبه بالخطوة «الجيّدة» التي صدرت عن بايدن بخصوص الصواريخ البعيدة المدى.

الرئيس الأميركي جو بايدن مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قمة دول مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن اتخذت «قراراً جيداً» بالسماح لأوكرانيا باستخدام أسلحة أميركية الصنع لضرب داخل روسيا.

وعلى هامش قمة زعماء مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو، قال ماكرون إن دعوة إدارة بايدن جاءت بسبب تدخل جنود من كوريا الشمالية في أوكرانيا، ووصف قرار روسيا في هذا الشأن بأنه «تصعيدي». غير أن المستشار الألماني أولاف شولتس أكّد أنه لن يتأثّر بخطوة بايدن وتمسّك بموقفه بعدم تسليم كييف صواريخ متطوّرة ألمانية الصنع. وعلى هامش القمّة، اجتمع شولتس بالرئيس الصيني في لقاء ثنائي للتطرّق إلى مسائل عدّة منها، العلاقات بين البلدين، لا سيما في المجال التجاري، والحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط.

وبحث وزيرا خارجية الصين وروسيا الحرب في أوكرانيا والتوترات بين الكوريتين خلال لقاء على هامش القمة، وفق ما أوردت «القناة التلفزيونية الصينية» الرسمية، الثلاثاء. واجتمع وانغ يي وسيرغي لافروف في ريو دي جانيرو، و«تبادلا وجهات النظر حول الأزمة في أوكرانيا والوضع في شبه الجزيرة الكورية»، بحسب قناة «سي سي تي في». ونقلت القناة عن وانغ يي قوله إن الصين «مستعدة للعمل مع الجانب الروسي من أجل تعزيز التعاون والتحالف الاستراتيجي».

وقال لافروف، الثلاثاء، إن شن أوكرانيا هجمات بصواريخ أميركية الصنع على منطقة بريانسك الروسية إشارة واضحة إلى أن الغرب يريد تصعيد الصراع. وأضاف لافروف: «حقيقة استخدام صواريخ أتاكمز مراراً في منطقة بريانسك خلال الليل هي بالطبع إشارة إلى أنهم يريدون التصعيد». وتابع: «من المستحيل استخدام هذه الصواريخ المزودة بتكنولوجيا متطورة من دون الأميركيين، مثلما قال (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين مراراً وتكراراً». غير أن لافروف قال إن روسيا ستفعل كل ما بوسعها لتجنب اندلاع حرب نووية. وذكر للصحافيين أن الأسلحة النووية ستمثل رادعاً عن شن حرب نووية. وقالت روسيا إن أوكرانيا أطلقت ستة صواريخ أتاكمز أميركية الصنع صوب منطقة بريانسك غرب البلاد.

ووجهت دول غربية حليفة لكييف انتقادات إلى بكين على خلفية عدم إدانتها الغزو صراحة. لكن بعض الخبراء يرون أن بكين لا تشعر بالارتياح إزاء قرار كوريا الشمالية بإرسال قوات إلى روسيا بهدف احتمال نشرها في أوكرانيا، خشية عواقبها على الأمن في شرق آسيا، بسبب اتفاقية الدفاع الموقعة بين موسكو وبيونغ يانغ. والصين حليف دبلوماسي تقليدي لكوريا الشمالية، وتقدم لها الدعم الاقتصادي الحيوي. وحذّر الرئيس الصيني شي جينبينغ من أن العالم يواجه مرحلة جديدة من «الاضطراب»، مشدّداً على ضرورة «تجنّب التصعيد في الحروب وتأجيج النيران».