تصاعد النقاش حول نشاط «فاغنر» في أفريقيا

بريغوجين ينفي سقوط قتلى من قواته في مالي

يفغيني بريغوجين مؤسس مجموعة «فاغنر» (رويترز)
يفغيني بريغوجين مؤسس مجموعة «فاغنر» (رويترز)
TT

تصاعد النقاش حول نشاط «فاغنر» في أفريقيا

يفغيني بريغوجين مؤسس مجموعة «فاغنر» (رويترز)
يفغيني بريغوجين مؤسس مجموعة «فاغنر» (رويترز)

دحض مؤسس مجموعة «فاغنر» يفغيني بريغوجين، معطيات تداولتها وسائل إعلام حول تكبد قواته في مالي خسائر فادحة إثر هجوم تفجيري استهدف قاعدة روسية. وشن هجوماً عنيفاً على بلدان غربية تعمل على تصنيف «فاغنر» على لوائح الإرهاب.
وتزامن التطور مع تصاعد النقاشات الدولية حول نشاط المجموعة العسكرية الخاصة في القارة الأفريقية، خصوصاً على خلفية تردد معطيات واسعة عن انخراط مقاتليها في الحرب الدائرة حالياً في السودان.
وقال بريغوجين للصحافيين إن المعطيات عن وقوع خسائر فادحة في قوات «فاغنر» المنتشرة في مالي «كاذبة مائة في المائة»، وزاد أن مجموعاته المسلحة «لم تتكبد أي خسائر في صفوفها خلال هجوم التنظيم الجهادي المرتبط بالقاعدة على مدينة سيفارا بوسط مالي».
ودافع عن نشاط القوات في هذا البلد الأفريقي، وفي القارة السمراء عموماً، وزاد: «وحدات (فاغنر) «تسيّر دورياتها في الغابات وتقضي على الإرهابيين، وتعمل على حماية المدنيين ومصالحهم في مختلف بلدان أفريقيا». وأضاف: «أنا منخرط بالتأكيد في قضايا القارة الأفريقية». وأوضح المسؤول المقرب من الكرملين: «نحن موجودون في أفريقيا لحماية الذين يطلبون منا المساعدة، وحماية المدنيين، ومصالحهم الوطنية من الإرهابيين وقطاع الطرق، الذين بعضهم ليسوا من أصل أفريقي».
وهاجم البلدان الغربية مضيفاً أن «هذه الممارسات يقترفها الفرنسيون والأميركيون، الذين فشلوا في القضاء على المسلحين والإرهابيين في أنحاء العالم؛ لأنهم كسالى وعديمو الفائدة. لقد اعتادوا الجلوس في قواعدهم، وحماية أنفسهم فقط، بينما نحن نسيّر دوريات في الغابات، ونقضي على الإرهابيين». وكانت جماعة تطلق على نفسها اسم «نصرة الإسلام والمسلمين» أعلنت مسؤوليتها عن هجوم تفجيري وقع السبت في سيفارا، قائلة إنه أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من عناصر الجيش المالي وأفراد «فاغنر». لكن بريغوجين قال إنه «وفقاً لمعلوماتي، لم يصب أحد بأذى في سيفارا»، واتهم جبهة «نصرة الإسلام والمسلمين» بترويج مزاعم عن وقوع الهجوم، وزاد: «إن جبهة النصرة وتنظيم (القاعدة) وغيرهما من المنظمات تروج معطيات زائفة (...) لقد تعرضت لضربات كبرى لسنوات عديدة وباتت ضعيفة للغاية، ولا يمكنها مهاجمة أي طرف». في الوقت نفسه، أشار بريغوجين إلى «تكبيد الإرهابيين خسائر فادحة». وأضاف أن «الجيش المالي يسيطر بشكل ممتاز على الوضع في البلاد». وكانت حكومة مالي أعلنت، الأحد، عن مقتل 10 مدنيين و3 جنود في انفجار سيارة مفخخة قرب مطار سيفارا في منطقة موبتي». ونقلت وسائل إعلام عن مسؤولين محليين ومصدر دبلوماسي أن موقع الهجوم معسكر لإيواء القوات الروسية.
على صعيد متصل، انتقد بريغوجين مطالبةَ النواب البريطانيين بإعلان «فاغنر» منظمة إرهابية، بسبب «الأنشطة التخريبية المزعومة في منطقتي دارفور والساحل السودانيتين»، حسبما أفادت خدمته الصحافية. وقال رجل الأعمال الذي فاخر أخيراً بامتلاكه «أقوى جيش في العالم»، إن «مرحلة التحول في العالم قد بدأت، وهذا أمر جيد للغاية»، موضحاً أن قوات «فاغنر» قاتلت تنظيمات مثل «داعش» و«القاعدة» و«بوكو حرام» وغيرها من المنظمات الإرهابية في كل مكان، وكانت ناجحة للغاية. علاوة على ذلك، في مالي، تعاونت «داعش» و«القاعدة» لمحاربة قواتنا. وسخر من الغرب قائلاً إنه «إذا كان يُنظر في الغرب إلى (فاغنر) على أنها منظمة إرهابية فهذا يعني أن الغربيين يرون في (داعش) و(القاعدة) منظمات إنسانية، وربما يتم تسهيل نشاطها ودعوتها لحضور اجتماعات وفعاليات في البرلمان البريطاني».
وتزايد الجدل حول نشاط «فاغنر» في أفريقيا بعد اندلاع الحرب في السودان، ونشر تقارير عن قيام المجموعة العسكرية بتزويد قوات الدعم السريع بتقنيات صاروخية وأسلحة تم نقلها من سوريا. وعلى الرغم من نفي «فاغنر» صحة تلك المعطيات، لكن بريغوجين أعلن أنه مستعد للتدخل في السودان إذا طلب منه السودانيون ذلك. ونقلت وسائل إعلام تابعة له إنه «وجه مؤخراً رسالة مفتوحة إلى طرفي المواجهة في السودان، أعرب فيها عن استعداده للوساطة لوقف إطلاق النار، نظراً لما يحظى به من احترام لدى الجانبين». كما أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف قبل يومين أنه «من حق السودان الاستفادة من خدمات (فاغنر)». وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أخيراً عن قلقه لوجود قوات «فاغنر» في السودان، وسرع هذا الإعلان من جهود بريطانيا وحكومات غربية أخرى لإعلان وضع «فاغنر» على لوائح الإرهاب.


مقالات ذات صلة

بلينكن يعبّر عن «قلق بالغ» لوجود مجموعة «فاغنر» في السودان

الولايات المتحدة​ بلينكن يعبّر عن «قلق بالغ» لوجود مجموعة «فاغنر» في السودان

بلينكن يعبّر عن «قلق بالغ» لوجود مجموعة «فاغنر» في السودان

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم (الاثنين)، عن قلقه لوجود مجموعة «فاغنر» الروسية في السودان، حيث تتواصل المعارك منذ عشرة أيام بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، مخلفةً مئات القتلى. وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال بلينكن في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكيني: «نشعر بقلق بالغ لوجود مجموعة (يفغيني) بريغوجين، مجموعة فاغنر، في السودان». وأضاف أن قوافل تحاول مغادرة الخرطوم تواجه مشاكل عديدة منها السطو والنهب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم روسيا تحاول السيطرة على المناطق الغربية من باخموت

روسيا تحاول السيطرة على المناطق الغربية من باخموت

أعلنت روسيا اليوم (الجمعة) أنّ قوّاتها تخوض معارك للسيطرة على المناطق الغربية من باخموت، حيث يحتدم القتال منذ أشهر، في حين أفادت مصادر وكالة الصحافة الفرنسية بأنّ أوكرانيا تواصل استقدام مزيد من القوات للدفاع عن المدينة. وتسعى موسكو للسيطرة على باخموت منذ الصيف الماضي في معركة أصبحت الأطول أمدا والأفدح، من حيث حصيلة القتلى، منذ بدأ الغزو الروسي للبلاد قبل أكثر من عام. والجمعة، قالت وزارة الدفاع الروسية إنّ مقاتلين من مجموعة «فاغنر» شبه العسكرية يتقدّمون تجاه داخل المدينة بإسناد من سلاح الجوّ الروسي. وجاء في بيان وزارة الدفاع الروسية أنّ «وحدات فاغنر الهجومية تخوض عمليات قتالية مكثّفة للسيطرة عل

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم «فاغنر» تعلن سيطرة مقاتليها على 80 % من باخموت الأوكرانية

«فاغنر» تعلن سيطرة مقاتليها على 80 % من باخموت الأوكرانية

قال يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة، في مقطع فيديو نُشر اليوم (الثلاثاء)، إن قواته تسيطر الآن على أكثر من 80 في المائة من مدينة باخموت في شرق أوكرانيا. وفي مقطع فيديو نشره مدون عسكري روسي على تطبيق «تلغرام»، ظهر بريغوجين وهو يعرض خريطة للمنطقة تكشف عن كيف أن قواته تواصل حصار المدينة المدمرة حالياً والتي كان يقطنها زهاء 70 ألف نسمة. وقال بريغوجين إن «الجزء الأكبر من باخموت؛ أكثر من 80 في المائة منها، تحت سيطرتنا الآن، بما في ذلك المركز الإداري بالكامل والمصانع والمستودعات وإدارة المدينة». واستخدم قلماً أحمر اللون لتحديد منطقة صغيرة نسبياً معظمها أحياء سكنية في المدي

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم «فاغنر» تبحث عن متطوعين للقتال في أوكرانيا

«فاغنر» تبحث عن متطوعين للقتال في أوكرانيا

أعلنت مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة اليوم (الاثنين)، عن حاجتها إلى متطوعين تتراوح أعمارهم بين (21 و60 عاماً) سيتم نشرهم في مناطق الحرب في أوكرانيا. وأكد قائد قوات «فاغنر» يفغيني بريغوجين أن من يسجلون أسماءهم سيحصلون على 240 ألف روبل (2939 دولاراً) شهرياً، مع وعود بتسليم مكافآت للنجاح. كما أن الأجور التي تدفعها «فاغنر» أعلى بكثير من مبلغ الـ195 ألف روبل التي عرضتها وزارة الدفاع الروسية، كونها تدفع للمناصب القيادية ما يصل إلى 243 ألف روبل شهرياً. وفقدت «فاغنر» مؤخراً الكثير من المقاتلين في معركة باخموت شرقي أوكرانيا، ومن ثَمَّ فهي في حاجة ماسة إلى تجنيد أفراد جدد. وأعلن بريغوجين أيضاً ف

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم قائد «فاغنر»: لا مؤشرات على مغادرة القوات الأوكرانية باخموت

قائد «فاغنر»: لا مؤشرات على مغادرة القوات الأوكرانية باخموت

قال قائد مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة اليوم (الخميس) إن القوات الأوكرانية لا تغادر مدينة باخموت وإن القتال مستمر في الجزء الغربي من المدينة، وفقاً لوكالة «رويترز». وأضاف يفغيني بريغوجين عبر قناته على «تليغرام»، «يجب أن نقول بوضوح إن العدو لا يذهب إلى أي مكان». وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أثار أمس (الأربعاء) احتمال انسحاب قواته من المدينة، قائلا إن كييف ستتخذ قرارات «متناسبة» إذا خاطرت القوات بالتعرض للتطويق من القوات الروسية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
TT

روسيا تسعى لطرح نفسها شريكاً لا غنى عنه لأفريقيا

وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي وأعضاء الوفود يلتقطون صورة جماعية خلال «منتدى الشراكة الروسية - الأفريقية» في سوتشي الأحد (أ.ف.ب)

سعت موسكو خلال مؤتمر وزاري روسي أفريقي عقد السبت والأحد في سوتشي (جنوب غرب) إلى فرض نفسها شريكاً لا غنى عنه للدول الأفريقية، واعدة بتقديم «دعم كامل» لها في «عالم متعدد الأقطاب» يروج له الكرملين بمواجهة الغرب.

وبعدما كانت موسكو خلال الحقبة السوفياتية لاعباً رئيسياً في أفريقيا، تعمل منذ سنوات على إعادة تعزيز نفوذها في دول القارة التي لم تنضم إلى العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بعد هجومها على أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأحد، في كلمة موجهة إلى كبار المسؤولين من نحو خمسين دولة أفريقية في سوتشي، أن «بلدنا سيواصل تقديم دعمه الكامل لأصدقائنا الأفارقة في مجالات مختلفة». وقال في الكلمة التي تلاها وزير الخارجية سيرغي لافروف إن هذا الدعم قد يكون على صعيد «التنمية المستدامة، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والأمراض الوبائية، وحل المشاكل الغذائية أو تبعات الكوارث الطبيعية». وأعرب الرئيس الروسي عن أمله في تعزيز «العلاقات الروسية الأفريقية بمجملها»، في ختام المؤتمر الذي عقد استكمالاً لقمتين بين موسكو والقارة استضافتهما روسيا في عامي 2019 و2023.

روسيا «ليست قوة استعمار»

وأكد لافروف أن كلاً من روسيا والدول الأفريقية يلمس «تقدماً على كل محاور» التعاون، «رغم العقبات المصطنعة» التي طرحها «الغرب الجماعي»، وهو التعبير الذي تستخدمه موسكو للإشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها. ويأتي «مؤتمر سوتشي» بعد قمة لدول «مجموعة بريكس» استضافتها مدينة قازان في جنوب غربي روسيا الشهر الماضي، سعى بوتين خلالها إلى إظهار فشل سياسة العزل والعقوبات التي يتبعها الغرب ضده. وتقوم استراتيجية روسيا لبسط نفوذها الإعلامي في أفريقيا، ولا سيما عبر شبكات التواصل الاجتماعي، على التنديد بـ«الاستعمار الجديد»، داعية إلى «نظام عالمي أكثر عدلاً»، وهو خطاب يلقى استجابة لدى قسم من المسؤولين الأفارقة. وأكد وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب السبت على هامش المؤتمر أن «روسيا ليست قوة استعمارية»، و«لم تكن يوماً قوة استعمارية». وتابع: «بل على العكس، كانت بجانب الشعوب الأفريقية وشعوب أخرى في العالم لمساعدتها على الخروج من النظام الاستعماري». وفي المقابل، يتهم كثير من المسؤولين الغربيين موسكو بشن حرب إمبريالية في أوكرانيا، الجمهورية السوفياتية السابقة.

معادن وأمن ومجال رقمي

وتنشط مجموعات مرتزقة روسية، مثل مجموعة «فاغنر»، أو مجموعة «أفريقيا كوربس» التي خلفتها، في أفريقيا دعماً للحكومات المحلية، فيما يعمل «مستشارون»، وفق موسكو، لمساعدة مسؤولين محليين. وينطبق ذلك بصورة خاصة في أفريقيا الوسطى ودول الساحل، حيث ترافق تنامي النفوذ الروسي مع تراجع النفوذ الفرنسي. وفي عام 2023، زوّدت روسيا أفريقيا أسلحة بقيمة تزيد على خمسة مليارات دولار، وفقاً لشركة «روسوبورون إكسبورت» الحكومية، لكنّ المسؤولين المجتمعين في سوتشي يعدون أن الدعم يجب أن يمضي أبعد من المسائل الأمنية. وقالت ماري تيريز شانتال نغاكونو مفوضة البنى التحتية في المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا: «يجب تطوير المجال الرقمي في وسط أفريقيا» بمواكبة روسية، حسبما نقلت عنها «وكالة الصحافة الفرنسية». وتبدي مجموعات روسية كبرى اهتماماً خاصاً باستغلال المواد الأولية في أفريقيا، ولا سيما الألماس في أنغولا وزيمبابوي، والنفط في نيجيريا وغانا والكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والبوكسيت في غينيا. وقال يانغ بييرو أوماتسايي مؤسس منظمة «جيت إيج نايشن بيلدرز» التي تعمل لتشجيع تقدم القارة الأفريقية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لدينا أكثر من 75 معدناً في أفريقيا، ولا يتم استغلالها بالطريقة المناسبة». وتابع السياسي النيجيري أنه «بفضل شراكة مع روسيا»، أحد كبار مصدري الغاز والنفط والألماس في العالم: «سنتمكن من استخدام هذه الموارد بصورة جيدة». لكن بكاري سامبي مدير معهد «تمبكتو» في السنغال رأى أن الشراكة مع روسيا على المدى البعيد تطرح تساؤلات، موضحاً: «هل ستولي روسيا أفريقيا الاهتمام ذاته إن انتهت الحرب في أوكرانيا؟»، وهل الشراكة مع أفريقيا تمثل «أولوية استراتيجية حقيقية» أم اهتماماً ظرفياً على ارتباط بصراعها مع الغرب؟