وزير خارجية الجزائر يبحث بالنيجر الهجرة وانتشار الأسلحة

حثّ وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف عدداً من المسؤولين في دولة النيجر، التي زارها، أمس، قادماً من مالي، على بذل الجهود في مجال التنمية واستحداث الشغل لأبناء البلد، خصوصاً الشباب منهم؛ لثنْيهم عن الهجرة إلى الجزائر بحثاً عن عيش أفضل، علماً بأن الجزائر بدأت، منذ العام الماضي، عمليات ترحيل طالت آلاف المهاجرين غير النظاميين، بالاتفاق مع سلطات البلاد.
وأكدت مصادر متابعة لجولة عطاف بالمنطقة في جنوب الصحراء، التي بدأها، الاثنين، من موريتانيا، أن محادثاته، أمس، في نيامي عاصمة النيجر، تناولت أزمة الهجرة، وانتشار شبكات الاتجار بالبشر، وتداول السلاح والمخدِّرات بالمناطق الحدودية، حيث لا أثر لسلطة الدولة، كما تناولت، وفق المصادر نفسها، مشروع أنبوب الغاز، الذي يربط البلدين انطلاقاً من نيجيريا، والذي سيصل إلى أوروبا التي تواجه حاجة متزايدة للطاقة كشفت عنها الحرب الجارية في أوكرانيا، وانقطاع الغاز الروسي عن القارة القديمة.
ونقلت المصادر نفسها عن وزير الخارجية الجزائري قوله، أثناء لقاءاته بنيامي، أن بلاده تُولي أهمية كبيرة لظروف إبعاد المهاجرين غير الشرعيين إلى بلادهم، وذلك باحترام كرامتهم عبر توفير الخدمة الطبية، والمعاملة الجيدة أثناء تنفيذ هذه العملية.
وتفيد تقارير جمعيات مهتمة بأوضاع المهاجرين في جنوب الصحراء، بأن نحو 5 آلاف شخصاً من أفريقيا يتجمعون، منذ بداية العام، في بلدة أساماكا شمال النيجر، القريبة من الحدود مع الجزائر، وذلك بعد أشهر من ترحيلهم، بناء على قرار من وزارة الداخلية الجزائرية.
وأنهى عطاف، أول من أمس، زيارة إلى مالي، باستقباله من طرف رئيس السلطة الانتقالية العقيد عاصيمي غويتا. وتطرقت مباحثاتهما، وفق بيان «الخارجية» الجزائرية، إلى «كثافة مشاريع التعاون، وبرامج التضامن في مختلف المجالات، وكذا أهمية الاستحقاقات الثنائية المقبلة في دعم الشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتعميق التفاهم السياسي بينهما».
وأكد البيان أن موفَد الرئيس تبون إلى الساحل الأفريقي ناقش، مع مسؤول الرئاسة الانتقالية في مالي، «تجاوز الصعوبات التي تعترض حالياً مسار تنفيذ اتفاق السِّلم والمصالحة في مالي، إلى جانب سبل تفعيل أطر التعاون، سواء الثنائية ذات المضمون الأمني أم متعددة الأطراف، على غرار لجنة الأركان العملياتية المشتركة، في مواجهة التهديدات الإرهابية، وتوسع رقعة الجريمة الدولية المنظمة في الجوار المشترك».
ووفق البيان، فقد سمحت لقاءات عطاف بـ«تأكيد تعهد قائدَي البلدين الشقيقين العمل على تعزيز الطابع الخاص والمتميز للعلاقات الجزائرية - المالية، التي ترتكز على إرث تاريخي مشترك، سِمته الأساسية تبادل الدعم والتضامن، ولا سيما في الظروف الصعبة». ونقل البيان عن أحمد عطاف قوله إن الجزائر «لن تدّخر جهداً في دعم استعادة الأمن والسلم في جمهورية مالي، انطلاقاً من قناعتها الراسخة بأن استقرار البلدين كلٌّ غير قابل للتجزئة». كما نقل البيان عن غويتا «بالغ تقديره لمساعي الرئيس عبد المجيد تبون في سبيل دعم جهود التنمية في مالي، كما ثمّن عالياً جهوده الرامية للدفع بمسار السلم والمصالحة، وتعزيز الثقة بين الأطراف المالية الموقِّعة على اتفاق الجزائر».
يشار إلى أن «اتفاق السلام» في مالي، الموقَّع بالجزائر عام 2015، يشهد تعثراً بسبب رفض تقيد الحكومة وحركات التمرد في الشمال، ببنوده، وأبرزها تخلي المتمردين عن السلاح، ومغادرة معاقلهم في الشمال، وتوسيع مشاركة ممثلي الطوارق المعارضين في البرلمان والهيئات والأجهزة الحكومية.
وخلال إقامته بمالي، التي دامت يومين، التقى عطاف تنظيمات «الأزواد» الموقِّعة على الاتفاق، وأعضاء «الوساطة الدولية» بين الأطراف المتنازعة، وممثل الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس البعثة الأممية إلى مالي وان بلقاسم. وقد بحث معهم، وفقاً لـ«الخارجية» الجزائرية، «تجاوز العقبات الحالية التي تعترض استكمال مسار السلم والمصالحة في هذا البلد الشقيق»، مبرزة أن اجتماعات عطاف مع كل الأطراف في مالي «تُوِّجت بتعهد الجميع بالانخراط بكل جِدية في المساعي، التي تبذلها الجزائر، بهدف بناء وتعزيز الثقة بين الأطراف المالية، وضمان الاستئناف السريع والتوافقي لأنشطة آليات متابعة تنفيذ الاتفاق».