تشديد الإجراءات الأمنية في مصر تأهبًا للذكرى الثانية لفض اعتصام «رابعة العدوية»

حبس 4 ضباط شرطة لتسببهم في قتل 37 محتجزًا > مصدر قضائي يؤكد أن المدارس «الإخوانية» المتحفظ عليها كانت تعلم الفكر المتطرف

جنود من الجيش المصري في دورية لهم على عربة عسكرية خلال تأمين   ميدان التحرير وسط القاهرة (رويترز)
جنود من الجيش المصري في دورية لهم على عربة عسكرية خلال تأمين ميدان التحرير وسط القاهرة (رويترز)
TT

تشديد الإجراءات الأمنية في مصر تأهبًا للذكرى الثانية لفض اعتصام «رابعة العدوية»

جنود من الجيش المصري في دورية لهم على عربة عسكرية خلال تأمين   ميدان التحرير وسط القاهرة (رويترز)
جنود من الجيش المصري في دورية لهم على عربة عسكرية خلال تأمين ميدان التحرير وسط القاهرة (رويترز)

تستقبل مصر اليوم (الجمعة) 14 أغسطس (آب) الحالي، الذكرى الثانية لفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، الذي يعد، بحسب وصف سياسيين مصريين لـ«الشرق الأوسط»، الحدث المحوري في سنوات ما سمي بالربيع العربي، وبداية «نهاية» تنظيم الإخوان في مصر.
يأتي ذلك وسط دعوات إخوانية للاحتشاد واقتحام ميدان رابعة العدوية (شرق القاهرة) الذي كان يحمل قبل عامين اسم «رابعة»، وتغير قبل أسابيع بقرار حكومي ليحمل اسم النائب العام الراحل المستشار هشام بركات.
وعشية هذا اليوم المرتقب، عاقبت محكمة مصرية ضباط شرطة، تسببوا في مقتل 37 شخصا أثناء ترحيلهم للسجن قبل عامين، في أحداث الشغب والفوضى التي انتشرت في مناطق متعددة من القاهرة والمحافظات عقب فض الاعتصامين الشهيرين بأيام، فيما أكد المستشار عزت خميس رئيس لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان الإرهابية، أن لجنته «تعمل لصالح الشعب والدولة المصرية»، مشيرا إلى أن المدارس «الإخوانية» المتحفظ عليها، كان بعضها يدرس الفكر المتطرف للتلاميذ.
وشددت قوات الأمن المصرية إجراءاتها وكثفت من وجودها الظاهر في الميادين الحيوية، خصوصا ميداني رابعة والنهضة، وطالب وزير الداخلية المصري مجدي عبد الغفار مواجهة أي محاولات للشغب والحشد، و«الوقوف بكل قوة أمام المساعي الهادفة إلى الإضرار بأمن الوطن»، منوها بضرورة مواجهة أي خروج على القانون بالحسم والحزم اللازمين، ونقلت «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية الرسمية عن مصدر أمني قوله إن «وزير الداخلية أمر بتشديد الإجراءات الأمنية في عموم أنحاء البلاد، وحول المنشآت الحيوية بشكل خاص».
إلى ذلك، قضت محكمة مصرية أمس، بسجن ضابط شرطة (نائب مأمور قسم) خمس سنوات وسجن ثلاثة ضباط آخرين سنة مع إيقاف التنفيذ في إعادة محاكمتهم في قضية تتصل بمقتل 37 محتجزا من أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي في سيارة لنقل السجناء (سيارة ترحيلات) عند نقلهم من قسم مصر الجديدة بمحافظة القاهرة إلى منطقة سجون أبو زعبل بمحافظة القليوبية المتاخمة للقاهرة من الشمال في 18 أغسطس عام 2013.
وجاءت إعادة محاكمة المتهمين في ضوء الحكم الصادر من محكمة النقض المصرية في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، التي ألغت كل الأحكام بالبراءة التي حصل عليها الضباط المتهمون، وذلك على ضوء الطعن المقدم من النيابة العامة على تلك الأحكام.
وكان الضباط المحكوم عليهم قد قضي بإدانتهم أمام محكمة أول درجة، حيث عوقب المتهم الأول بالحبس مع الشغل لمدة 10 سنوات، وعوقب الضباط الثلاثة الآخرون بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة مع إيقاف التنفيذ، غير أنهم طعنوا بطريق الاستئناف على الحكم، فقضي ببراءتهم جميعا، فتقدم المستشار (الراحل) هشام بركات، النائب العام وقتها، بطعن أمام محكمة النقض على الحكم الصادر بالبراءة. وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن المتهمين شاب تعاملهم مع مأمورية الترحيلات المكلفين بها، الإهمال والرعونة وعدم الاحتراز والإخلال الجسيم بما تفرضه عليهم أصول وظيفتهم من الحفاظ على سلامة وأرواح المواطنين ولو كانوا متهمين.
وكان أهالي الضحايا والمحامون يطالبون بمحاكمة الضباط الأربعة أمام محكمة الجنايات وليس محكمة الجنح أملا في صدور أحكام مغلظة على المدانين التي قد تصل إلى الإعدام في حالة الإدانة بالقتل.
وكانت النيابة العامة وجهت لضباط الشرطة الأربعة تهمتي القتل والإصابة الخطأ بحق المجني عليهم بالإضافة إلى الإهمال الجسيم.
في سياق متصل، أعلن رئيس لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة الإخوان الإرهابية، أن اللجنة منذ أنشئت وحتى الآن، أصدرت قرارات بالتحفظ على أموال وممتلكات 1345 شخصا ينتمون لجماعة الإخوان، و103 مدارس على مستوى محافظات مصر مملوكة لعناصر وقيادات بالجماعة، و1117 جمعية، و50 مستشفى، و532 شركة، ومصنعين، و14 شركة صرافة وفروعها، و522 مقرا تابعا للجماعة، ومساحة 400 فدان من الأراضي الزراعية.
جاء ذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقدته اللجنة، أمس، للإعلان عن مستجدات عملها، والقرارات التي اتخذتها بالتحفظ إنفاذا للحكم القضائي الصادر بالتحفظ على كل أموال وممتلكات جماعة الإخوان وإدارة تلك الأموال والأصول والممتلكات.
وقال رئيس لجنة التحفظ، إن قرارات التحفظ التي تصدرها اللجنة، لا تتعلق بالأشخاص أنفسهم، وإنما تتعلق بممتلكاتهم وأموالهم فقط أيا كان نوع تلك الأموال سائلة أو منقولة أو عقارية، مضيفا: «بموجب قرار التحفظ، لا يستطيع الشخص المتحفظ عليه التصرف في أمواله المتحفظ عليها؛ إلا في ضوء إذن مسبق من اللجنة»، مؤكدا أن اللجنة تعمل لصالح الشعب والدولة المصري.
وأشار إلى أن المدارس المتحفظ عليها، كان بعضها يدرس الفكر المتطرف للتلاميذ بها، وأن السلام الوطني الجمهوري كان لا يؤدى في طابور الصباح وذلك لفترة طويلة.
وقال المستشار عزت خميس، إن لجنة التحفظ وإدارة الأموال بذلت جهودا كبيرة أفضت إلى تحويل كثير من الشركات المتحفظ عليها إلى شركات رابحة بعد أن كانت خاسرة، ومضاعفة ربح الشركات التي كانت تربح قبل التحفظ عليها. وأضاف: «الشركة الوحيدة التي لم تحقق أرباحا هي مجموعة شركات (زاد) المملوكة للقيادي الإخواني خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان، المحبوس حاليا على ذمة قضايا عنف، وقد صدر بحقه حكم بالإعدام، قابل للطعن».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.