معبر «أرقين» الحدودي... أمل الفارّين من اشتباكات السودان

معبر «أرقين» السوداني (وكالة الأنباء السودانية)
معبر «أرقين» السوداني (وكالة الأنباء السودانية)
TT

معبر «أرقين» الحدودي... أمل الفارّين من اشتباكات السودان

معبر «أرقين» السوداني (وكالة الأنباء السودانية)
معبر «أرقين» السوداني (وكالة الأنباء السودانية)

بات معبر «أرقين البري»، الفاصل بين الحدود المصرية والسودانية، أمل الفارّين من الاشتباكات في السودان، فعلى مدار الأسبوعين الماضيين، واصل المعبر، الذي افتُتح عام 2016، استقبال حافلات نقل الركاب التي تتوافد من المدن السودانية، والتي تحمل آلاف السودانيين والرعايا المصريين الفارين.
ووفق مصادر مصرية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن «ما لا يقل عن 5000 شخص عبروا من معبر (أرقين) إلى أسوان (جنوب مصر) على مدار الأيام الماضية».
يقع المعبر على مسافة 850 كيلومتراً شمال العاصمة السودانية الخرطوم، على الضفة الغربية لنهر النيل. ويستغرق الوافدين من الخرطوم أكثر من نصف يوم للوصول إليه، نظراً لصعوبة الطريق.
يقول عماد أحمد، أحد النازحين السودانيين الذي نجحوا في الوصول إلى القاهرة، إن «الرحلة من الخرطوم إلى معبر (أرقين) تتجاوز الـ12 ساعة بالحافلات، لأن بعض الكباري (الجسور) مغلقة والطرق وعرة... ومن المعبر إلى مدينة أسوان المصرية نحو 3 ساعات».
ورغم عدم الإعلان رسمياً عن إلغاء تأشيرة دخول السودانيين إلى مصر، يقول أحمد لـ«الشرق الأوسط»، إن «تسهيلات مصرية واسعة تقدَّم هناك خصوصاً لكبار السن والأطفال»، مشدداً على أنه «سُمح لنازحين سودانيين بالدخول بلا تأشيرة مسبقة»، لكنه «شكا من استغلال بعض التجار وقائد حافلات نقل الركاب في الجانبين، للأزمة».
والاثنين، أعلن «الهلال الأحمر المصري» إقامة مركز خدمة إغاثياً إنسانياً عبر معبر «أرقين» الحدودي، لتقديم الخدمات للنازحين من جنسيات مختلفة.
وحسب إفادة مصرية نقلتها «وكالة أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، فإن «فرق الإغاثة الدولية بالهلال الأحمر المصري توجهت فور اندلاع الأزمة السودانية باتجاه الحدود والمعابر المصرية السودانية، بالتنسيق مع فرع الهلال الأحمر المصري، في محافظة أسوان (أقصى جنوب مصر)، وأقامت مركز خدمة إغاثياً إنسانياً عبر معبر (أرقين) الحدودي».
وتُقدم فرق «الهلال الأحمر المصري» عبر ذلك المركز «خدمات الإغاثة والطوارئ، التي تشمل خدمات الدعم النفسي والأدوية والوجبات الغذائية الخفيفة ووسائل الاتصال بين العابرين، خلال المعبر، من مختلف الجنسيات وبين ذويهم»، وفق البيان.
ويخدم المعبر حركة نقل البضائع والركاب من وإلى مصر والسودان. وعند افتتاحه عام 2016، وصفت وزارة التعاون الدولي بمصر معبر «أرقين» بأنه «نقطة الانطلاق الأولى لمحور الإسكندرية - كيب تاون، الذي يربط أكبر تكتل أفريقي من البحر المتوسط حتى المحيط الهادئ»، مشيرةً إلى أنه «سيخدم الحركة التجارية مع 15 دولة أفريقية تقع على الطريق التجاري البري لهذه الدول».
الجدير بالذكر أن وزارة الخارجية المصرية أعلنت، مساء الاثنين، إجلاء 134 مواطناً بالسودان عبر الإجلاء الجوي، و334 مواطناً من خلال الإجلاء البري، ليصل عدد من تم إجلاؤهم من المصريين في السودان إلى 904 مواطنين منذ بدء خطة الإجلاء.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد المصريين بالسودان في حدود 10 آلاف، بينهم نحو 5 آلاف طالب.
إلى ذلك، قرر وزير التربية والتعليم والتعليم الفني المصري رضا حجازي، تأجيل امتحانات الثانوية العامة والدبلومات الفنية بمدارس البعثة التعليمية المصرية بالسودان؛ لحين استقرار الأوضاع الأمنية في الأراضي السودانية.
ووجه الوزير الإدارة العامة للامتحانات بالوزارة باستقبال طلاب الصف الثالث الثانوي المصريين العائدين من السودان، الراغبين في أداء امتحانات الثانوية العامة داخل مصر، لتسهيل الإجراءات الخاصة بتسكينهم في مدارسهم السابقة، وفقاً لمحل سكنهم وتأدية امتحانات نهاية العام الدراسي 2022 - 2023.
ولفتت الوزارة في بيان إلى أنها «تتابع تطورات أوضاع الطلاب المصريين الموجودين حالياً في الأراضي السودانية»، بالتنسيق مع وزارة الخارجية ووزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين في الخارج.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
TT

لائحة الخلافات بين الجزائر وفرنسا في اتساع متزايد

من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)
من لقاء سابق بين الرئيسين الفرنسي والجزائري (الرئاسة الفرنسية)

عمَّق اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري، بوعلام صنصال، من الفجوة في العلاقات بين الجزائر وباريس، إلى حد يصعب معه توقع تقليصها في وقت قريب، حسب تقدير مراقبين.

ومنذ السبت 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، يوجد الكاتب السبعيني في مقار الأمن الجزائري، حيث يجري استجوابه حول تصريحات صحافية أطلقها في فرنسا، حملت شبهة «تحقير الوطن»، على أساس مزاعم بأن «أجزاء كبيرة من غرب الجزائر تعود إلى المغرب»، وأن قادة الاستعمار الفرنسي «كانوا سبباً في اقتطاعها مرتكبين بذلك حماقة». كما قال إن «بوليساريو» التي تطالب باستقلال الصحراء عن المغرب، «من صنع الجزائر لضرب استقرار المغرب».

الروائي المعتقل بوعلام صنصال (متداولة)

وكان يمكن أن تمر «قضية صنصال» من دون أن تسهم في مزيد من التصعيد مع فرنسا، لولا ما نسبته وسائل إعلام باريسية للرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه «قلق» من اعتقال مؤلف رواية «قرية الألماني» الشهيرة (2008)، وبأنه يعتزم التدخل لدى السلطات الجزائرية لإطلاق سراحه.

وهاجمت الصحافة الجزائرية الصادرة الأحد، في معظمها، الطيف السياسي الفرنسي، بسبب «تعاطف اليمين المتطرف واللوبي الصهيوني»، مع الكاتب، قياساً إلى قربه من هذه الأوساط منذ سنين طويلة، وقد أكد ذلك بنفسه، بموقفه المؤيد للعدوان الإسرائيلي على غزة، منذ «طوفان الأقصى» (7 أكتوبر/تشرين الأول 2023)، فضلاً عن معارضته مطلب سلطات بلده الأصلي، الجزائر، «باعتراف فرنسا بجرائمها خلال فترة الاستعمار» (1830- 1962).

وتزامنت «أزمة صنصال» مع أزمة كاتب فرنسي جزائري آخر، هو كمال داوود، الفائز منذ أسابيع قليلة بجائزة «غونكور» المرموقة عن روايته «حور العين». وفجَّر هذا العمل الأدبي غضباً في الجزائر، بحجة أنه «انتهك محظور العشرية السوداء»؛ بسبب تناول الرواية قصة فتاة تعرضت للذبح على أيدي متطرفين مسلحين. علماً أن جزائرية أعلنت، الخميس الماضي، عن رفع دعوى قضائية ضد كمال داوود بتهمة «سرقة قصتها» التي أسقطها، حسبها، على الشخصية المحورية في الرواية.

كما يلام داوود الذي عاش في الجزائر حتى سنة 2021، على «إفراطه في ممارسة جلد الذات إرضاءً للفرنسيين»، خصوصاً أنه لا يتردد في مهاجمة الجزائريين بسبب «العنف المستشري فيهم». ولامس داوود التيار العنصري والتيارات الدينية في فرنسا، بخصوص الحرب في غزة. وصرح للصحافة مراراً: «لا أنتمي إلى جيل الثورة، وعلى هذا الأساس لست معنياً بمسألة تجريم الاستعمار والتوبة عن ممارساته».

ويرى قطاع من الجزائريين أن فرنسا منحت داوود جنسيتها (عام 2020 بقرار من الرئيس ماكرون)، «في مقابل أن يستفز بلاده في تاريخها وسيادتها (الذاكرة والاستعمار)، ويثخن في جرح غائر (مرحلة الاقتتال مع الإرهاب) لم تشفَ منه بعد».

الروائي الفرنسي الجزائري كمال داود (حسابه بالإعلام الاجتماعي)

وكانت العلاقات بين البلدين معقَدة بما فيه الكفاية منذ الصيف الماضي، عندما سحبت الجزائر سفيرها من باريس؛ احتجاجاً على اعترافها بخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء، وحينها شجبت «قيام حلف بين الاستعمار القديم والجديد»، وتقصد البلدين، علماً أن العلاقات بين العاصمتين المغاربيتين مقطوعة رسمياً منذ 2021.

وفي الأصل، كان الخلاف الجزائري - الفرنسي مرتبطاً بـ«الذاكرة وأوجاع الاستعمار»، وهو ملف حال دون تطبيع العلاقات بينهما منذ استقلال الجزائر عام 1962. وقامت محاولات لإحداث «مصالحة بين الذاكرتين»، على إثر زيارة أداها ماكرون إلى الجزائر في أغسطس (آب) 2022، لكن «منغصات» كثيرة منعت التقارب في هذا المجال، منها مساعٍ أطلقها اليمين التقليدي واليمين المتشدد، خلال هذا العام، لإلغاء «اتفاق الهجرة 1968»، الذي يسيّر مسائل الإقامة والدارسة والتجارة و«لمّ الشمل العائلي»، بالنسبة للجزائريين في فرنسا.

وعدَّت الجزائر هذا المسعى بمثابة استفزاز لها من جانب كل الطبقة السياسية الفرنسية، حكومة وأحزاباً، حتى وإن لم يحققوا الهدف. ومما زاد العلاقات صعوبة، رفض فرنسا، منذ أشهر، طلباً جزائرياً لاسترجاع أغراض الأمير عبد القادر الجزائري، المحجوزة في قصر بوسط فرنسا، حيث عاش قائد المقاومة الشعبية ضد الاستعمار في القرن الـ19، أسيراً بين عامي 1848 و1852. وتسبب هذا الرفض في إلغاء زيارة للرئيس الجزائري إلى باريس، بعد أن كان تم الاتفاق على إجرائها خريف هذا العام.