غوتيريش يحذر من حريق سوداني «يشعل المنطقة بأسرها»

بلينكن «قلق للغاية» من تورط «فاغنر» في الصراع

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يحذر من حريق سوداني «يشعل المنطقة بأسرها»

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ف.ب)

حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن الحرب في السودان تنذر بـ«حريق كارثي» يمكن أن «يبتلع المنطقة بأسرها»، فيما أكد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن أن بلاده تضغط على القادة العسكريين السودانيين لتوسيع وقف النار، معبراً عن «قلقه البالغ» من انتشار وحدات من مرتزقة «فاغنر» الروسية في هذا البلد العربي الأفريقي. وجاءت هذه التصريحات المنفصلة من كبير الموظفين الدوليين وكبير الدبلوماسيين الأميركيين غداة الدعوات التي أطلقها الرئيس الأميركي جو بايدن لـ«وقف النار فوراً» بين المتحاربين.

وكان الأمين العام للمنظمة الدولية يتحدث أمام جلسة عقدها مجلس الأمن، أمس (الاثنين)، في نيويورك بطلب من الرئاسة الروسية للمجلس خلال الشهر الحالي بشأن «التعددية الفاعلة من خلال الدفاع عن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، وأدارها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، فتطرق أولاً إلى «الوضع الذي لا يزال يتدهور» في السودان، قائلاً إنه منذ بدء القتال بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان و«قوات الدعم السريع» بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، الملقب «حميدتي»، في 15 أبريل (نيسان) الماضي «قُتل مئات الأشخاص وجُرح الآلاف». وأضاف أن «العنف يجب أن يتوقف»، محذراً من أنه «يهدد باندلاع حريق كارثي داخل السودان يمكن أن يبتلع المنطقة بأكملها وما وراءها». وإذ ندد «بشدة» بالقصف العشوائي للمناطق المدنية، بما في ذلك مرافق الرعاية الصحية، طالب الطرفين بـ«وقف العمليات القتالية» في المناطق المكتظة بالسكان، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية «بلا عوائق». وأوضح أنه على «تواصل دائم» مع أطراف النزاع، وأنه دعاهم إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. وإذ أكد أن «الأمم المتحدة لن تغادر السودان»، قال: «نحن نعيد تشكيل وجودنا في السودان لتمكيننا من مواصلة دعم الشعب السوداني» الذي «نقف معه في هذا الوقت العصيب»، مضيفاً أنه أذن بـ«نقل مؤقت داخل السودان وخارجه لبعض موظفي الأمم المتحدة وأسرهم». وحضّ جميع أعضاء المجلس على «ممارسة أقصى قدر من النفوذ مع الأطراف لإنهاء العنف واستعادة النظام والعودة إلى مسار التحول الديمقراطي»، مشدداً على أنه «يجب علينا جميعاً أن نفعل كل ما في وسعنا لإبعاد السودان عن حافة الهاوية».
وقبيل الجلسة، رحّب غوتيريش بـ«النقل المؤقت الآمن» لمئات من موظفي الأمم المتحدة وذويهم من الخرطوم ومواقع أخرى في السودان، مقدراً «تعاون كل الأطراف في السودان للسماح بتنفيذ العملية من دون وقوع حوادث». وإذ كرر دعوته الطرفين إلى «وقف الأعمال العدائية على الفور»، أكد استمرار الأمم المتحدة في «الوقوف مع الشعب السوداني» دعماً لـ«رغباته في مستقبل سلمي وآمن وعودة الانتقال الديمقراطي». وأعلن أنه «سيواصل بذل مساعيه الحميدة، بالتنسيق الوثيق مع شركائنا لتهدئة التوترات وإقرار وقف دائم لإطلاق النار»، وفقاً لبيان أصدره الناطق باسمه فرحان حق.
إلى ذلك، قال بلينكن، خلال مؤتمر صحافي، مع نظيره الكيني ألفريد موتوا، في واشنطن، إن تدهور الأوضاع الأمنية في الخرطوم «يشكل مخاطر غير مقبولة» لإبقاء الأفراد هناك في هذا الوقت، مضيفاً: «نواصل الاتصال الوثيق مع المواطنين الأميركيين والأفراد المرتبطين بالحكومة الأميركية لتقديم المساعدة وتسهيل طرق المغادرة المتاحة لأولئك الذين يسعون إلى الانتقال إلى بر الأمان». وأوضح أن المسؤولين الأميركيين يستمرون في «التواصل المباشر» مع البرهان ودقلو لـ«الضغط عليهما لتمديد وتوسيع» وقف النار. ورداً على سؤال، قال بلينكن: «نشعر بقلق بالغ لوجود مجموعة بريغوجين، مجموعة فاغنر، في السودان».
وبعد يومين من قيام نحو 100 جندي من قوات العمليات الخاصة للجيش الأميركي بإجلاء أقل من 100 موظف أميركي من السفارة الأميركية لدى الخرطوم في 3 طائرات هليكوبتر من طراز «إم أتش 47» إلى مكان لم يحدد في إثيوبيا، قال منسق الاتصالات الاستراتيجية لدى مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، جون كيربي، إن الولايات المتحدة تنشر عتاداً بحرياً لمساعدة أي أميركي يغادر السودان، على رغم أنه لا توجد عمليات إجلاء أميركية كبرى جارية مع استمرار القتال. وأضاف في مقابلات تلفزيونية، الإثنين، إن الولايات المتحدة «تنشر عتاداً بحرياً لمساعدة أي أميركي يغادر السودان»، مضيفاً أنه لا توجد عمليات إجلاء أميركية كبرى جارية مع استمرار القتال.
وقال لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية: «لا نزال نبحث في الخيارات. لدينا أصول عسكرية لا تزال في المنطقة القريبة إذا لزم الأمر، لكن هذا ليس الوقت المناسب لإجراء نوع من العمليات الجماعية». وأكد أن عشرات الأميركيين سافروا براً في قافلة تقودها الأمم المتحدة إلى بورتسودان، وأن الجيش الأميركي يساعد في مراقبتها عبر أنظمة جوية من دون طيار. وأضاف: «سنقوم بنشر أصول بحرية في البحر الأحمر قبالة بورتسودان في حال الحاجة إليها لمساعدة الأميركيين الذين يريدون المغادرة». ولفت إلى أن المسؤولين الأميركيين يواصلون التحدث مع الجانبين في محاولة لوقف العنف. لكن من المحتمل أن يمتد القتال. وكرر تحذير الأميركيين الذين لم يغادروا الخرطوم من أنه «يجب أن يحتموا في مكانهم».
وكذلك قال لشبكة «آي بي سي» للتلفزيون إنه «في الوقت الحالي، ليس من الآمن محاولة إجراء عملية إخلاء أكبر، من قاعدة جوية قريبة، حتى مجرد مصعد دوار، مثلما فعلنا في الليلة الماضية، لأن القتال شديد للغاية». وأبلغ كيربي شبكة «سي إن إن» أيضاً أنه «ليس من الواضح بالضبط عدد الأميركيين في السودان، لكن كثيراً منهم يحملون جنسية مزدوجة، وربما لا يرغبون في المغادرة الآن».


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
TT

دعم مصري للبنان... تحركات سياسية وإنسانية تعزز مسار التهدئة بالمنطقة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يلتقي رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي على هامش أعمال «القمة العربية الإسلامية» الأخيرة بالرياض (الرئاسة المصرية)

تحركات مصرية مكثفة سياسية وإنسانية لدعم لبنان في إطار علاقات توصف من الجانبين بـ«التاريخية»، وسط اتصالات ومشاورات وزيارات لم تنقطع منذ بدء الحرب مع إسرائيل، ومطالبات بوقف إطلاق النار ضمن جهود القاهرة للعمل على تهدئة الأوضاع بالمنطقة.

الدعم المصري لبيروت، وفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، نابع من «اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وضمن رؤيتها في عدم توسيع نطاق الحرب، ويأتي استمراراً لوقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود»، وسط توقعات بـ«دور أكبر للقاهرة في إعمار جنوب لبنان بعد الدمار الإسرائيلي».

ومع تفاقم الضربات الإسرائيلية على لبنان رغم محادثات اتفاق الهدنة، واصل الموقف المصري مساره السياسي بخلاف الإنساني في تأكيد دعم بيروت، حيث بحث وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، على هامش أعمال اجتماع وزراء خارجية «مجموعة السبع» في إيطاليا «آخر التطورات بالنسبة لمفاوضات وقف إطلاق النار في لبنان»، وفق بيان صحافي للخارجية المصرية، الثلاثاء.

وتمسك الوزير المصري بـ«ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن (1701) بعناصره كافة، وتمكين المؤسسات اللبنانية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، من بسط نفوذها بالجنوب اللبناني»، وهو الموقف الذي أكد عليه أيضاً في اجتماع آخر في روما مع نظيره اللبناني عبد الله بوحبيب «تناول آخر التطورات المتعلقة بالأوضاع في لبنان، والمفاوضات الجارية للتوصل لوقف إطلاق النار»، وفق المصدر ذاته.

وزير الخارجية المصري يلتقي نظيره اللبناني خلال مشاركتهما في فعاليات منتدى «حوارات روما المتوسطية» (الخارجية المصرية)

وأكد الوزير المصري «حرص بلاده على استمرار تقديم الدعم للبنان الشقيق في ظل الظرف الحرج الراهن، الذي كان آخره تسليم شحنة جديدة من المساعدات الإغاثية في 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، تضمنت 21 طناً من المواد الغذائية، ومستلزمات الإعاشة اللازمة للتخفيف عن كاهل النازحين».

وفي تلك الزيارة، أجرى عبد العاطي 8 لقاءات ومحادثات، مع مسؤولين لبنانيين، على رأسهم، رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، حيث تم تناول «مجمل الاتصالات التي تقوم بها مصر مع الأطراف الإقليمية والدولية المعنية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، وتمكين الجيش اللبناني وعودته إلى الجنوب».

عبد العاطي خلال لقاء سابق مع قائد الجيش اللبناني ضمن زيارته لبيروت (الخارجية المصرية)

ويرى وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، أن الموقف المصري إزاء لبنان منذ التصعيد الإسرائيلي ومع حرب غزة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 «قوي ومتقدم ونابع من اهتمام أصيل بأمن وسيادة لبنان، وفكرة عدم توسيع نطاق الحرب في المنطقة بالشكل العنيف الذي تقوم به إسرائيل».

ولم يكن الدعم المصري وفق العرابي على «الصعيد الإنساني فقط، لكن كان قوياً دبلوماسياً وسياسياً، وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كل المحافل يؤكد على موقف منحاز لسيادة وأمن لبنان، بخلاف اتصالات ولقاءات وزير الخارجية وأحدثها لقاء وزير خارجية لبنان في روما، وهذا يعبّر عن اهتمام واضح ومهم يُظهر لإسرائيل أن مصر رافضة توسعها في تهديد أمن المنطقة، ورافضة لأي مساس باستقرار لبنان».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

ويعد الموقف المصري المتواصل، وفق الكاتب السياسي اللبناني بشارة خير الله: «رسالة دعم مهمة في توقيت خطير يمر به لبنان»، مضيفاً: «مصر تلعب دوراً دبلوماسياً وإغاثياً بارزاً في الوقوف بجانب لبنان، ونحن هنا في لبنان نعوّل على الدور المصري ونجاحه في تعزيز جسر المساعدات، والتوصل لوقف إطلاق نار».

ووفق خير الله، فإن «التحرك المصري المتواصل يأتي ضمن جهود عربية كبيرة مع لبنان»، لافتاً إلى أن «هذا الوقوف العربي مهم للغاية في ظل محنة لبنان الذي يدفع ثمناً كبيراً».

دور محوري

يتفق معهما، المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب، الذي أكد أن «مصر لها دور محوري في لبنان والمنطقة، من حيث دعمها لترسيخ الاستقرار في لبنان والمنطقة، فضلاً عن وقوفها الدائم بجانب الشعب اللبناني بجميع الأزمات على مر العقود، حيث قدمت مساعدات عند حادثة انفجار بيروت (2020) وأيضاً عند انتشار فيروس (كورونا)، ودعمت لبنان ولا تزال، ومستمرة في تقديم الدعم منذ بداية الحرب».

وبالنسبة للموقف السياسي، فإن مصر «تدعم وقف إطلاق النار في لبنان من خلال تنفيذ القرار (1701)، وتضغط بكل ما لديها من قوة في العالم العربي والمجتمع الدولي من أجل إنقاذ لبنان ووقف العدوان»، وفق أبو زينب الذي أكد أن «التعاون والتنسيق بين البلدين تاريخي بحكم العلاقات التاريخية والوطيدة بين مصر ولبنان، والتواصل مستمر، وهناك زيارات دائمة على صعيد المسؤولين لتقديم الدعم للبنان في الظروف الصعبة قبل الحرب، وأثناء العدوان أيضاً».

وسبق أن زار وزير الخارجية المصري لبنان في 16 أغسطس (آب) الماضي، قبل التصعيد الإسرائيلي الأخير، والتقى آنذاك في بيروت عدداً من المسؤولين، بينهم رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، وسط تأكيده على إجراء اتصالات رئاسية ووزارية متواصلة لبحث التوصل لتهدئةٍ، لا سيما منذ تحويل جنوب لبنان إلى جبهة مساندة لغزة.

ووفق وزير الخارجية المصري الأسبق، فإن «تلك الخطوات المصرية تجاه لبنان نتاج علاقات تاريخية ومستقرة، أضيفت لها مساندة سياسية وإنسانية متواصلة، وستكون بعد وقف الحرب محل تقدير من حكومة وشعب لبنان»، متوقعاً أن يكون لمصر دور في إعمار جنوب لبنان بعد التخريب الإسرائيلي له، مع اهتمام بدعم جهود لبنان في حل الفراغ الرئاسي.

وتلك الجهود تأتي «ضمن رؤية الرئيس المصري، كون العمل العربي المشترك مهم من أجل إنقاذ المنطقة من التطرف الصهيوني، سواء في غزة أو حالياً في لبنان، خصوصاً أن الأوضاع الكارثية حالياً في غزة ولبنان تتطلب مزيداً من الجهد والتعاون والعمل، وهو ما نقوم به حالياً مع الأشقاء العرب»، وفق المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب.

والوصول لاتفاق تهدئة في لبنان «سيشجع جهود الوساطة المصرية على إبرام هدنة في غزة»، وفق تقدير المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب.

عبد العاطي يلتقي رئيس مجلس النواب اللبناني ضمن زيارته الأخيرة لبيروت (الخارجية المصرية)

وكما سعت القاهرة في ملف لبنان، فإنها ستعزز جهودها في ملف غزة، خصوصاً أن «حماس» تؤيد اتفاق لبنان، ولن يرغب أي طرف فلسطيني في لوم «حزب الله» الذي دفع ثمناً كبيراً أبرزه مقتل غالبية قياداته، وفق الرقب.