إسرائيل تتوقع عائدات بمليارات من استخراج الغاز من البحر المتوسط

تقول إنها ستعطي أولوية بيعه «لجيرانها».. ولبنان يصر على عدم شرعيته

إسرائيل تتوقع عائدات بمليارات من استخراج الغاز من البحر المتوسط
TT

إسرائيل تتوقع عائدات بمليارات من استخراج الغاز من البحر المتوسط

إسرائيل تتوقع عائدات بمليارات من استخراج الغاز من البحر المتوسط

بعد تأخير دام عدة شهور، ووسط ضجة إعلامية احتفالية كبرى من جهة ومعارضة واسعة من جهة ثانية، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، عن إبرام اتفاق مهم بين حكومته وبين مجمع الشركات الإسرائيلية وشركة «نوبل إنيرجي» الأميركية، لاستخراج الغاز من أعماق البحر المتوسط، بالقرب من قبرص وتسويقه وبيعه. وينتظر أن تقر الحكومة الإسرائيلية في جلستها المقبلة، الأحد، هذا الاتفاق لينطلق تنفيذه مع إعطاء أولوية لبيع هذا الغاز «للجيران» في المرحلة الأولى، أي مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وتركيا وقبرص.
وقد دعا نتنياهو إلى مؤتمر صحافي خاص لهذا الغرض، قال فيه إن «هذا الاتفاق سيعود بمئات مليارات الشواقل (الدولار يساوي 3.8 شيقل) على الإسرائيليين في السنوات المقبلة»، مضيفا أن «الغاز الذي سيصل إلى إسرائيل سيسهم كذلك في تخفيض كبير لكلفة المعيشة».
وانتهز نتنياهو المناسبة ليرد على المطلب اللبناني بالحق في هذا الغاز، حيث إن الآبار التي حفرتها إسرائيل تقع بمحاذاة «المياه الاقتصادية» اللبنانية. فقال إن المنظمات الدولية التي حققت في الموضوع أكدت على شرعية استخدام إسرائيل هذه الآبار، وإنه ثبت أن «ادعاءات الدول المجاورة على هذا الغاز باطلة».
لكن أوساطا واسعة في المجتمع الإسرائيلي تعارض هذا الاتفاق، وتعتبره «قابضا على خناق إسرائيل»، بينهم ثلاثة وزراء ونحو نصف أعضاء الكنيست وغالبية النشطاء الاجتماعيين. فهؤلاء يعتبرون الاتفاق بمثابة «بوليصة تأمين حكومية للاحتكارات المحلية والأجنبية». ويقولون إنه على الرغم من الأرباح التي ستصل إلى مليارات الدولارات في السنة، فإنه من غير المضمون بعد أن يجني الجمهور في إسرائيل الفائدة، حيث إن سعر الغاز على المواطن الإسرائيلي سيظل عاليا (أكثر من خمسة دولارات، مقابل 1.9 دولار في الولايات المتحدة).
وهناك ادعاء مركزي آخر للجهات المُعارضة هو أنه حتى نهاية العقد الحالي سيعتمد 70 في المائة من إنتاج الكهرباء في إسرائيل على الغاز الطبيعي. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر الطاقة الكهربائية المورد الأساسي لتطهير ونقل المياه في البلاد. وفي المستقبل القريب ستتحول الصناعة المحلية من الاعتماد المُطلق على النفط ومشتقاته إلى الاعتماد شبه المُطلق على الغاز الطبيعي. كما تنوي الدولة أيضًا تحويل وسائل النقل العمومية إلى وسائل تعمل بالغاز بدل السولار والبنزين. بناءً على ذلك، فعندما وافقت الحكومة على شروط شركات التنقيب والاستخراج، فإنها أودعت بيد هذه الجهة الاحتكارية مقومات أمنها الصناعي والاقتصادي، بالإضافة إلى جزء لا بأس به من السيولة النقدية التي ستعود إلى الدولة على شكل ضرائب والتي تُقدر بما بين 150 - 200 مليار دولار في العقود المقبلة. ولإثبات صحة هذه الادعاءات تُثبت الجهات المُعارضة أن شراكة «ديلك – نوبل» قد استغلت قوتها الاحتكارية مؤخرا من خلال رفع سعر الغاز الذي تستخرجه وتسوقه. مُستقبلا، يقول المعارضون، إن هذه الشراكة الاحتكارية ستُهدد أسس «الديمقراطية والمجتمع الإسرائيليين».
ومع ذلك فإن نتنياهو واثق من نجاحه في تمرير الاتفاق، في الحكومة وحتى في الكنيست، حيث سينضم إليه في هذا حزب «إسرائيل بيتنا» المعارض بقيادة أفيغدور ليبرمان.
والمعروف أن إسرائيل اكتشفت الغاز لأول مرة في البحر المتوسط سنة 1999، وذلك قبالة شواطئ غزة. ومنذ ذلك الوقت عثرت على الغاز في أربعة مواقع أخرى، أضخمها «ليفيتان» (وتعني «التمساح» بالعبرية) شمالا، الواقع على بعد مسافة 130 كيلومترا قبالة شواطئ مدينة حيفا. وكانت الجهة الطلائعية التي بدأت بالتنقيب عن الغاز في إسرائيل شراكة بين شركتين: شركة «ديلك» للطاقة التي يملكها رجل الأعمال الإسرائيلي يتسحاق تشوفا، وشركة «نوبل إنيرجي» الأميركية. وفي حينه لم تكن مسألة التنقيب عن مصادر طاقة في إسرائيل أمرا مغريا بالنسبة لشركات التنقيب المختلفة، فلم تتقدم لمناقصات التنقيب التي أعلنت عنها وزارة الطاقة الإسرائيلية سوى شراكة «ديلك - نوبل» هذه، وعليه حصلت الشراكة على 22 امتيازا للتنقيب عن الغاز والنفط.
هذه الامتيازات غطّت ما لا يقل عن 60 في المائة من المياه الإقليمية والاقتصادية الإسرائيلية، وأصبحت صاحبة حق التنقيب في غالبية المناطق التي من الممكن أن تحتوي على النفط والغاز الطبيعي. وفي الفترة ما بين عامي 2009 و2014 نجحت أعمال التنقيب التي قامت بها الشراكة الإسرائيلية - الأميركية في اكتشاف عدد من حقول الغاز الطبيعي في مناطق التنقيب. حصلت شركة التنقيب على 67 في المائة من الحقوق في حقلي الغاز «تمار» و«داليت»، على 85 في المائة من الحقوق في حقل الغاز «ليفيتان»، الذي يعتبر حقل الغاز الأكبر والأغنى، وعلى كامل الحقوق في حقلي الغاز «كاريش» و«تنين»، اللذين يعتبران أصغر بكثير من الحقول الأخرى المذكورة.
وتفيد وزارة الطاقة الإسرائيلية بأن الحقول الغازية المذكورة تتمتع باحتياط مؤكد من الغاز يبلغ نحو 32 تريليون قدم مكعبة، واحتياط نفطي قليل لا يتعدى 12 مليون برميل فقط. وسيبدأ تسويق الغاز في وقت قريب، وستكون البداية محاولات لتزويد الدول المجاورة. وقد باشرت هذه الشراكة مفاوضات مع كل من مصر والأردن والسلطة الفلسطينية وتركيا وقبرص.



تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
TT

تهديدات ترمب التجارية تضرب الأسواق العالمية قبل توليه الرئاسة

دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)
دونالد ترمب يتحدث خلال مؤتمر صحافي في بالم بيتش بفلوريدا 7 يناير 2025 (أ.ب)

من الصين إلى أوروبا، ومن كندا إلى المكسيك، بدأت الأسواق العالمية بالفعل الشعور بتأثير تهديدات دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية بمجرد توليه الرئاسة في أقل من أسبوعين. فقد تعهّد ترمب بفرض رسوم جمركية تصل إلى 10 في المائة على الواردات العالمية، و60 في المائة على السلع الصينية، بالإضافة إلى رسوم استيراد إضافية بنسبة 25 في المائة على المنتجات الكندية والمكسيكية، وهي تدابير يقول خبراء التجارة إنها ستعطّل تدفقات التجارة العالمية، وتؤدي إلى رفع التكاليف، وتستدعي ردود فعل انتقامية.

وعلى الرغم من أن نطاق هذه الرسوم وحجمها لا يزالان غير واضحَيْن، فإن الطريق يبدو شائكاً، وفق «رويترز».

فيما يلي نظرة على بعض الأسواق التي تثير الاهتمام:

1. الصين الهشّة

وفقاً لـ«غولدمان ساكس»، فمن المرجح أن تكون الصين الهدف الرئيسي لحروب ترمب التجارية الثانية. وبدأ المستثمرون بالفعل التحوط؛ مما أجبر البورصات والبنك المركزي في الصين على الدفاع عن اليوان المتراجع والأسواق المحلية. وقد بلغ اليوان أضعف مستوى له منذ 16 شهراً؛ إذ تمّ تداول الدولار فوق مستوى 7.3 يوان، وهو المستوى الذي دافعت عنه السلطات الصينية.

ويتوقع بنك «باركليز» أن يصل اليوان إلى 7.5 للدولار بحلول نهاية 2025، ثم يتراجع إلى 8.4 يوان إذا فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية بنسبة 60 في المائة. وحتى دون هذه الرسوم، يعاني اليوان من ضعف الاقتصاد الصيني؛ مما دفع عوائد السندات الصينية إلى الانخفاض، وبالتالي اتساع الفجوة بين العوائد الصينية والأميركية. ويتوقع المحللون أن تسمح الصين لليوان بالضعف بشكل تدريجي لمساعدة المصدرين في التكيّف مع تأثير الرسوم الجمركية. إلا أن أي انخفاض مفاجئ قد يُثير مخاوف بشأن تدفقات رأس المال؛ مما قد يُعيد تسليط الضوء على هذه المخاوف ويؤدي إلى اهتزاز الثقة التي تضررت بالفعل، خصوصاً بعد أن شهدت الأسهم أكبر انخفاض أسبوعي لها في عامين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر المستثمرون في الدول المصدرة الآسيوية الكبرى الأخرى، مثل: فيتنام وماليزيا، بالتوتر؛ حيث يعكف هؤلاء على تقييم المخاطر المحتملة على اقتصاداتهم نتيجة للتقلّبات الاقتصادية العالمية.

2. مزيج سام لليورو

منذ الانتخابات الأميركية، انخفض اليورو بأكثر من 5 في المائة، ليصل إلى أدنى مستوى له في عامين عند نحو 1.03 دولار. ويعتقد كل من «جيه بي مورغان» و«رابوبنك» أن اليورو قد يتراجع ليصل إلى مستوى الدولار الرئيسي هذا العام، بسبب حالة عدم اليقين المتزايدة بشأن التعريفات الجمركية. وتُعدّ الولايات المتحدة الشريك التجاري الأكبر للاتحاد الأوروبي، مع تجارة تُقدّر بـ1.7 تريليون دولار في السلع والخدمات. وتتوقع الأسواق أن يخفّض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس هذا العام لدعم الاقتصاد الأوروبي الضعيف، في حين يتوقع المتداولون تخفيضاً محدوداً بنسبة 40 نقطة أساس من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، مما يعزّز جاذبية الدولار مقارنة باليورو. كما أن تأثير ضعف الاقتصاد الصيني ينعكس على أوروبا، حيث يُعد فرض التعريفات على الصين والاتحاد الأوروبي معاً مزيجاً سلبياً لليورو.

3. مشكلات قطاع السيارات

في أوروبا، يُعدّ قطاع السيارات من القطاعات الحساسة بشكل خاص لأي تهديدات بفرض تعريفات جمركية. ويوم الاثنين، شهدت سلة من أسهم شركات السيارات ارتفاعاً مفاجئاً بنحو 5 في المائة، بعد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست» أفاد بأن مساعدي ترمب كانوا يستكشفون فرض رسوم جمركية على الواردات الحرجة فقط، لكن هذه الأسهم سرعان ما تراجعت بعد أن نفى ترمب ما ورد في التقرير. هذه التقلبات تسلّط الضوء على مدى حساسية المستثمرين تجاه القطاع الذي يعاني بالفعل من خسارة كبيرة في القيمة؛ إذ فقدت أسهمه ربع قيمتها منذ ذروتها في أبريل (نيسان) 2024، بالإضافة إلى تراجع تقييماتها النسبية.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك «باركليز»، إيمانويل كاو، إن قطاع السيارات من بين القطاعات الاستهلاكية الأكثر تأثراً بالتجارة، وتجب مراقبته من كثب. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى المعرّضة لهذه المخاطر تشمل السلع الأساسية، والسلع الفاخرة، والصناعات. وفي هذا السياق، انخفضت سلة «باركليز» من الأسهم الأوروبية الأكثر تعرضاً للتعريفات الجمركية بنحو 20 في المائة إلى 25 في المائة، مقارنة بالمؤشرات الرئيسية في الأشهر الستة الماضية. كما أن ضعف الاقتصاد في منطقة اليورو قد يؤدي إلى تمديد ضعف أداء الأسهم الأوروبية، حيث ارتفع مؤشر «ستوكس 600» بنسبة 6 في المائة في عام 2024، في حين سجّل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» ارتفاعاً بنسبة 23 في المائة في العام نفسه.

4. ارتفاع الدولار الكندي

يقترب الدولار الكندي من أضعف مستوياته منذ أكثر من أربع سنوات، بعد تراجع حاد إثر تهديد ترمب في نوفمبر (تشرين الثاني) بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على كندا والمكسيك؛ حتى تتخذا إجراءات صارمة ضد المخدرات والمهاجرين. ومن المرجح أن يواصل الدولار الكندي انخفاضه؛ حيث يعتقد محللو «غولدمان» أن الأسواق لا تُسعّر سوى فرصة بنسبة 5 في المائة لفرض هذه الرسوم، ولكن المحادثات التجارية المطولة قد تُبقي المخاطر قائمة. وفي حال نشوب حرب تجارية شاملة، قد يضطر بنك «كندا» إلى تخفيض أسعار الفائدة أكثر، مما قد يدفع الدولار الكندي إلى مستوى 1.50 مقابل الدولار الأميركي، أي انخفاضاً إضافياً بنسبة 5 في المائة من نحو 1.44 الآن. وتزيد استقالة رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو من تعقيد التوقعات.

5. البيزو المكسيكي المتقلّب

كان البيزو المكسيكي قد شهد بالفعل انخفاضاً بنسبة 16 في المائة مقابل الدولار في عام 2024 عقب انتخاب ترمب، مما جعل الكثير من الأخبار المتعلقة بالعملة قد تمّ تسعيرها بالفعل، سواء كانت تصب في مصلحة الدولار أو تضر بالبيزو. وكان أداء البيزو في 2024 هو الأضعف منذ عام 2008؛ حيث تراجع بنسبة 18.6 في المائة، وذلك في وقت كان يشهد فيه تهديدات من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية، خصوصاً أن المكسيك تُعد الوجهة التي تذهب إليها 80 في المائة من صادراتها. بالإضافة إلى ذلك، أثر الإصلاح القضائي المثير للجدل في المكسيك أيضاً على العملة.

وبعد إعلان الرسوم الجمركية يوم الاثنين، التي نفى ترمب صحتها لاحقاً، ارتفع البيزو بنسبة 2 في المائة قبل أن يقلّص مكاسبه. ويسلّط هذا التقلب الضوء على احتمالية استمرار التقلبات في السوق، خصوصاً مع استمرار التجارة على طول الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بصفتها هدفاً رئيسياً للرئيس المنتخب.