عمليات إجلاء واسعة للرعايا الأجانب من السودان

استُخدمت فيها سبل النقل البحري والجوي والبري

مجموعة من سيارات تابعة لمنظمات دولية في طريقها إلى خارج الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
مجموعة من سيارات تابعة لمنظمات دولية في طريقها إلى خارج الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

عمليات إجلاء واسعة للرعايا الأجانب من السودان

مجموعة من سيارات تابعة لمنظمات دولية في طريقها إلى خارج الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
مجموعة من سيارات تابعة لمنظمات دولية في طريقها إلى خارج الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

شهد السودان، أمس، عمليات إجلاء مكثفة لعدد كبير من دبلوماسيي ورعايا دول إقليمية وغير إقليمية، الأمر الذي عده البعض مؤشراً على طول أمد الحرب التي اندلعت في السودان منذ 9 أيام بين الجيش وقوات «الدعم السريع».
وكانت السعودية أول من أجلت رعاياها وبعض رعايا 11 دولة أخرى يوم السبت، عبر البحر الأحمر إلى مدينة جدة، ثم أعلنت الولايات المتحدة أمس (الأحد) أنها علقت العمل في سفارتها بالخرطوم، وأجلت جميع موظفيها وعائلاتهم عبر طائرات حربية، بينها هليكوبتر من طراز «إم إتش - 47 شينوك»، انطلقت من قاعدة أميركية في جيبوتي، وقضت ساعة واحدة على الأرض في السودان للإجلاء. وأعرب الرئيس الأميركي جو بايدن عن شكره كلاً من السعودية وجيبوتي وإثيوبيا لمساعدتهم في هذه العملية.

وشملت عمليات الإجلاء أو الإعداد له، أمس، عدداً كبيراً من الدول، من بينها بريطانيا وكندا والسويد واليابان وفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا والأردن ولبنان والعراق وتركيا، إلا أن بعض عمليات الإجلاء تواجه مشكلات في ظل استمرار المعارك الضارية، كما استخدمت في عمليات الإجلاء سبل النقل البحري والجوي والبري.
وأعلنت الولايات المتحدة، فجر الأحد، تعليق العمل في سفارتها بالخرطوم، وإجلاء جميع الموظفين الأميركيين وعائلاتهم بأمان، وذلك على خلفية الاشتباكات الدامية بين الجيش السوداني، وقوات «الدعم السريع».
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن على «تويتر» إن قوات تابعة لبلاده قامت بعملية إجلاء لمسؤولين حكوميين أميركيين وعائلاتهم من السودان، معلناً تعليق العمل «مؤقتاً» في السفارة بالخرطوم.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في بيان: «سنواصل مساعدة الأميركيين في السودان لضمان سلامتهم. سنواصل أيضاً الضغط لتوسيع نطاق وقف إطلاق النار؛ لمنع مزيد من الضرر للدولة السودانية».

مجموعة من سيارات تابعة لمنظمات دولية في طريقها إلى خارج الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

وأعلن السفير الروسي في الخرطوم، أندري تشيرنوفول، أن 140 شخصاً أكدوا للسفارة الروسية الرغبة في مغادرة السودان عن طريق سفارة روسيا، مشيراً إلى أن القائمة تتزايد بسبب طلبات مواطني دول رابطة الدول المستقلة وعدد من الدول الأخرى. وقال السفير الروسي لوكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء: «القائمة التي نأخذها في الاعتبار من المواطنين والدبلوماسيين الروس، وهي نحو 300 شخص». وأوضح أنه حتى الآن، أعرب نحو 140 شخصاً من غير الروس عن رغبتهم في الجلاء، مشيراً إلى أنهم لا يؤثرون على المواطنين الروس الراغبين في المغادرة. وأعلنت عدة دول عن إجلاء أو عزمها إجلاء رعاياها من السودان، بسبب الصراع الدائر بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع».
وقد قال رئيس وزراء بريطانيا: «القوات المسلحة أتمت عملية إجلاء معقدة وسريعة للدبلوماسيين البريطانيين وعائلاتهم من السودان». كما أعطى البرلمان السويدي للحكومة، الموافقة اللازمة من أجل إرسال قوة مسلحة لإجلاء المواطنين من السودان، حيث يدور هناك قتال منذ أسبوع. ووافق البرلمان السويدي (الريكسداج) على اقتراح بالسماح للحكومة بتوفير وحدة يصل قوامها إلى 400 جندي، من أجل المهمة. وسوف يُسمح للقوة بإجلاء المواطنين السويديين والأجانب من السودان، حسبما ورد في اقتراح لجنة الشؤون الخارجية.
وأعلنت وزارة الدفاع اليابانية، أمس الأحد، أن ثلاث طائرات تابعة لقوات الدفاع الذاتي، وصلت إلى جيبوتي، استعداداً لإجلاء المواطنين اليابانيين من السودان، حيث تتصاعد الاشتباكات العسكرية. وستتمركز الطائرات الثلاث، ومن بينها طائرة نقل «سي - 130»، و«سي – 2»، في جيبوتي، وهي دولة تقع في القرن الأفريقي على مسافة نحو 1200 كيلومتر جنوب شرقي العاصمة السودانية الخرطوم، في الوقت الذي تقوم فيه وزارة الدفاع اليابانية وقوات الدفاع الذاتي بتقييم الوضع في السودان لتحديد توقيت العملية، حسب وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء.
وبدأت فرنسا «عملية إجلاء سريع» لمواطنيها ولطاقمها الدبلوماسي من السودان، حيث دخلت المعارك العنيفة أسبوعها الثاني، على ما أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية الأحد. ولفتت الخارجية الفرنسية إلى أن العملية ستشمل أيضاً مواطنين أوروبيين وآخرين من «دول شريكة حليفة»، دون أن تقدّم تفاصيل إضافية. وقال مصدر دبلوماسي إن كلّاً من قوات الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» «قدّمت ضمانات أمنية» تسمح بإجراء هذه العملية.
وستحاول إيطاليا إجلاء رعاياها من السودان، حسبما أعلنت وزارة الخارجية في وقت تتواصل فيه المعارك بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» منذ أكثر من أسبوع. وأكدت ماريا تريبودي وكيلة وزارة الخارجية الإيطالية في حديث مع قناة «تي جي كوم 24» أن «الحكومة تضع خطة لاستعادة وضمان سلامة مواطنينا الموجودين حالياً في السودان».
وذكرت وزيرة خارجية بلجيكا، حجة لحبيب، في تغريدة لها على موقع «تويتر» أن بلادها تعمل مع فرنسا وهولندا لإجلاء الرعايا البلجيكيين، وغيرهم من الأشخاص المؤهلين من السودان، وسط استمرار القتال. وقال أيضاً وزير الخارجية الهولندي، فوبكه هوكسترا، إن بلاده تقوم حالياً بنقل رعاياها من السودان، في ظل أعمال القتال المستمرة هناك.
كما أعلنت كندا، أمس الأحد، تعليق أنشطتها الدبلوماسية مؤقتاً في السودان قائلة إن الدبلوماسيين الكنديين سيعملون مؤقتاً من مكان آمن خارج البلاد.
وأقلعت، أمس الأحد، أربع طائرات من سلاح الجو الملكي الأردني متجهة إلى جمهورية السودان «لإجلاء 260 شخصاً من الجالية الأردنية»، بالتنسيق مع وزارة الخارجية وشؤون المغتربين. وقالت قناة «المملكة» إن جهود القوات المسلحة الأردنية بالتشارك مع وزارة الخارجية مستمرة بتقديم «كل أشكال الإسناد والدعم، لإنجاح عمليات إجلاء المواطنين الأردنيين من جمهورية السودان».
كما بدأت تركيا إجلاء رعاياها المقيمين في السودان بعد عودة الاشتباكات بين قوات الجيش وقوات «الدعم السريع» وسط العاصمة الخرطوم، رغم الهدنة الإنسانية المعلنة بين الطرفين لمدة 3 أيام بمناسبة عيد الفطر.
وتجري عملية الإجلاء براً عبر «دولة ثالثة»، حسبما ذكرت السلطات التركية. وحددت السفارة التركية في الخرطوم 3 نقاط للتجمع للراغبين في المغادرة، وطالبت المواطنين الأتراك بمتابعة مجموعة جرى إنشاؤها على تطبيق «واتساب»، وكذلك حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالسفارة.
ووجهت السفارة -حسبما ذكرت وسائل الإعلام التركية الأحد- المواطنين إلى الحرص على ارتداء ملابس وأحذية مريحة تناسب الرحلة التي تستغرق ما بين 22 و24 ساعة، وحمل جوازات سفرهم ووثائق الهوية الخاصة بهم، وألا يزيد وزن حقائب اليد التي يصطحبونها معهم على 8 كيلوغرامات بما في ذلك الماء والطعام.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

مشاورات «اليوم التالي» في غزة... مساعٍ مصرية للتوافق بين «فتح» و«حماس»

فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يحملون جريحاً في موقع غارة جوية إسرائيلية على مأوى للنازحين وسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات «اليوم التالي» لحرب غزة عادت للقاهرة مجدداً، عقب تباين في وجهات النظر بين حركتي «حماس»، و«فتح» التي تتولى السلطة، بشأن تشكيل «لجنة إدارة القطاع» وذلك بعد رعاية مصرية لـ3 جولات من المحادثات خلال الأشهر الثلاثة الماضية.

تلك المساعي المصرية للتوافق بين الحركتين في ظل تسارع الجهود لإبرام هدنة قريبة بالقطاع، تعد بحسب تقديرات خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لإنهاء أي خلافات حالية بخاصة مع حديث أميركي عن وجود خطة لليوم التالي، مؤكدين أن «مصر حريصة على تقريب وجهات النظر للخروج بتوافق قريب».

وأفاد مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» بأن «المعلومات المتوفرة حتى الآن أن وفد (فتح) وصل قبل يومين للاجتماع مع (حماس) وهو لا يقبل المقترح القديم الذي قبلته الأخيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بشأن تشكيل لجنة تكنوقراط لإدارة القطاع تحت اسم لجنة الإسناد المجتمعي».

ووفق المصدر ذاته، «سيقدم وفد (فتح) خلال اجتماع القاهرة مقترحاً جديداً يتضمن تشكيل لجنة الإسناد برئاسة وزير من الحكومة الفلسطينية وتتبعها»، موضحاً أن هذا «نوقش من قبل لكن الجديد أن وزيراً بالحكومة الفلسطينية يترأس اللجنة».

وكانت صحيفة «الأهرام» المصرية (حكومية)، أفادت الأربعاء، بأنه في «إطار المساعي المصرية الحثيثة، انطلقت، الثلاثاء، بالقاهرة المباحثات بين حركتي (فتح) و(حماس)، بشأن اللجنة التي ستتولى إدارة قطاع غزة بعد الحرب، بهدف التوصل لاتفاق حول آليات إدارة القطاع».

وكانت «حماس» تحدثت في بيان صحافي، في 3 يناير (كانون الثاني) الحالي، عن أنها «خلال الأشهر الأخيرة تعاملت بإيجابية مع مبادرة الأشقاء في مصر المدعومة عربياً وإسلامياً لتشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) لإدارة شؤون قطاع غزة بشكل مؤقت، وقطعت شوطاً مهما مع (فتح) وتواصلت مع عدد من القوى والفصائل لأسماء مقترحة وسلمتها للقاهرة»، معربة عن أملها في تجاوب «(فتح) والسلطة مع جهود تشكيل اللجنة».

وفي اليوم التالي تحفظ المتحدث باسم «فتح»، منذر الحايك، على بيان «حماس»، في تصريحات نقلها إعلام فلسطيني، متسائلاً: «لماذا لا تخرج (حماس) ببيان وتقول إن الحكومة الفلسطينية هي التي تمثل الكل الفلسطيني؟ ولماذا نشكل لجاناً لا تخدم الكل الفلسطيني؟ وتُفرق الضفة عن القطاع في وقت توجد حكومة فلسطينية معترف بها فلسطينياً وعربياً ودولياً؟».

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

هذا الاجتماع الجديد بالقاهرة، يراه المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، محاولة جديدة من القاهرة لاستكمال جهودها للإسراع نحو توافق بشأن تشكيل تلك «اللجنة» التي من المعروف مسبقاً أنها ستتبع السلطة، وصدورها سيكون بمرسوم رئاسي، مؤكداً أن «القاهرة تسعى لتجاوز لاءات إسرائيل بشأن رفض تسلم غزة من قبل السلطة أو من (حماس)، ومحاولة فتح آفاق جديدة لوقف الحرب».

وباعتقاد المحلل السياسي الفلسطيني، إبراهيم المدهون، فإن وفد حركة «فتح» سيعمل على «توضيح موقف السلطة بعد إدراكها حجم الانزعاج المصري من تحركاتها ضد اللجنة»، معتقداً أن «(حماس) قدمت كل ما يمكن لتسهيل جهود مصر في إنجاح لجنة الإسناد المجتمعي وأظهرت مرونة عالية، وطرحت أسماء مرشحة على أساس الكفاءة والوطنية والمهنية والقبول الدولي، مع استشارة الفصائل الفلسطينية في هذا الشأن».

ويتوقع المدهون أن يكون «هناك تفاهم ضمني بين (حماس) والقاهرة على أهمية إشراك حركة (فتح) في لجنة الإسناد بعدّها جزءاً فاعلاً ومسؤولاً»، موضحاً: «لكن غياب (فتح) أو رفضها المشاركة لن يُعيق المضي قدماً في تشكيل هذه اللجنة».

فيما يعتقد الرقب، أن المقترح سواء القديم أو الجديد سيخضع لمناقشات مكثفة وخاصة مع احتمال قرب الاتفاق على هدنة في قطاع غزة، وحديث دوائر عديدة، لا سيما أميركية، عن اليوم التالي للحرب.

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح (رويترز)

ويرى الرقب أهمية أن يسارع الفلسطينيون لترتيب أوراقهم والاستجابة للمساعي المصرية للتوافق بشأن اليوم التالي للحرب وإدارة القطاع، مشدداً على أن القاهرة داعمة كبرى لفلسطين وتعد قضيتها قضية أمن قومي، ومن ثمّ يتوقع أن تبذل جهوداً كبيرة لإنهاء أي خلافات والذهاب لإعلان تشكيل اللجنة خلال تلك الجولة.

وفي تقدير المدهون فإن دور «لجنة الإسناد»، «يعد ذا أهمية قصوى في حال توقف العدوان على غزة، حيث يمكن أن تلعب دوراً محورياً في إعادة الإعمار وتنسيق الجهود العربية والدولية».

ومع ذلك، فإن «عدم إقرارها وعرقلتها من قبل السلطة الفلسطينية لن يُغلقا الباب أمام إيجاد بدائل مبتكرة».