مطاعم ومخابز مصرية تعبر التاريخ بجودة منتجاتها

من بينها «لطيف وسيلي» و«توماس» و«الأمفتريون»

مطعم «توماس» يقدم البيتزا الإيطالية بمذاقها الأصلي للمصريين منذ 1922 (فيسبوك)  -   حلواني «ديليس» بالإسكندرية (فيسبوك)
مطعم «توماس» يقدم البيتزا الإيطالية بمذاقها الأصلي للمصريين منذ 1922 (فيسبوك) - حلواني «ديليس» بالإسكندرية (فيسبوك)
TT

مطاعم ومخابز مصرية تعبر التاريخ بجودة منتجاتها

مطعم «توماس» يقدم البيتزا الإيطالية بمذاقها الأصلي للمصريين منذ 1922 (فيسبوك)  -   حلواني «ديليس» بالإسكندرية (فيسبوك)
مطعم «توماس» يقدم البيتزا الإيطالية بمذاقها الأصلي للمصريين منذ 1922 (فيسبوك) - حلواني «ديليس» بالإسكندرية (فيسبوك)

إذا حلمت بركوب «آلة الزمن» والعودة إلى الماضي، قم بزيارة مطاعم مصرية تاريخية وستشعر وكأنك قد تركت الحاضر وعدت إلى «الزمن الجميل»، لتقتنص دقائق بين أناقة وكلاسيكية ديكوراتها وروائح ونكهات أطباقها، بما يضمن لك تجربة طعام شهية في أجواء جميلة، وستستعيد ذكريات من جلسوا قبلك على الكراسي والطاولات نفسها قبل عشرات السنين.
تتقاسم مدينتا القاهرة والإسكندرية عدداً من المطاعم القديمة، منها ما تأسس قبل قرن من الزمن، إلا أنها لا تزال تحتفظ أولاً بأرستقراطيتها، حيث أنشئ غالبيتها على أيدي الجاليات الأجنبية لخدمة الأجانب والطبقات الاجتماعية الراقية في مصر، وثانياً أنها تجتذب عدداً كبيراً من زبائنها وعائلاتهم حتى اليوم، وثالثاً أنها تتمتع بالثبات على جودة أطباقها التي اشتهرت بها عبر السنوات، والمذاق الأصلي نفسه الذي وضع خلطته مؤسسوها الأوائل.
«الشرق الأوسط» تجولت بداية في القاهرة؛ واختارت أن تبدأ بالعودة 100 عام إلى الوراء، متجهة إلى منطقة الزمالك العريقة، التي تحتضن على أرضها مطعم «توماس»، نسبة إلى اسم مؤسسه الإيطالي، الذي بدأ منذ عام 1922 في تقديم البيتزا الإيطالية بمذاقها الأصلي للمصريين، ولا يزال المطعم محافظاً على طلته الإيطالية الكلاسيكية، سواء في ديكوراته الخارجية أو الداخلية، أما قائمة الطعام فتقدم نحو 30 نوعاً من البيتزا الإيطالية التي تحتفظ بالمذاق الرائع نفسه منذ سنوات، ونرشح لك منها مارجريتا، والمشروم، وموناكو، ومعها من المقبلات خبز بالثوم، كما تضم لائحة الطعام تشكيلة واسعة من الباستا، وقائمة طويلة من ساندويشات اللحوم.
لا زلنا في عام 1922، الذي شهد أيضاً مولد مطعم وكازينو «الأمفتريون»، أحد أعرق المطاعم الموجودة في مصر عامة، وحي مصر الجديدة خاصة، يحمل المطعم اسم شخصية من شخصيات الأساطير اليونانية، اختاره مُلاكه الأصليون، ويمتاز حتى الآن بمعماره المميز، ونوافذه القديمة، وطاولاته الكلاسيكية، وإضاءته الحالمة، وينقسم المكان إلى مكان خارجي مفتوح مخصص لتناول المشروبات وصالة مخصصة للطعام. يقدم المطعم المشاوي التقليدية، ومنها الكفتة والشاورما، فيما يعد طبق الـ«اسكالوب بانيه» هو الأفضل، بحسب تقييمات الزوار، الذين يقصدون «الأمفتريون» أيضاً لاحتساء كوب من الشاي أو فنجان قهوة برائحة الماضي.

مطعم «كبابجي ألفي بك» يحافظ على تراثه القديم بوسط القاهرة (فيسبوك)

في منطقة وسط القاهرة، العامرة بالمطاعم التي تلبي مختلف الأذواق، يقف مطعم «كبابجي ألفي بك» شامخاً رغم تأسيسه عام 1938 على يد المصري عبد القوي عبد ربه، الذي توارث أحفاده إدارة المطعم حتى اليوم، ويحافظ المكان على تراثه القديم، جاذباً إليه المشاهير وأبناء الطبقات الاجتماعية الراقية، حيث كان ملتقى للُكتّاب والسياسيين والفنانين. كما تبقى تجربة الطعام مميزة، فمن خلاله يمكن التمتع بقطع الكباب والكفتة وغيرها من المشاوي على أصولها، كما يمكن تذوق أطباق كباب حلة، وشيش طاووق، واسكالوب، ومعها أصناف المُقبّلات والسلطات، وأطباق الفتة والأرز والمكرونة.
والعبور في التاريخ لم يتوقف على المطاعم فقط بل إنه يصل إلى المخابز، ومنها «لطيف وسيلي»، الذي تأسس عام 1897 في وسط القاهرة أيضاً، ويعد من أوائل المخابز التي قدمت الخبز الأفرنجي أو «الفينو»، والكيكات والمقرمشات لسكان القاهرة.
ويقدم «لطيف وسيلي»، منتجاته حتى اليوم بنفس الجودة والمذاق، محافظاً على جمهوره الذين يجذبهم تنوع المنتجات التي تلبي جميع الأذواق وبأسعار مناسبة، ويجد المخبز رواجاً لا سيما في فترات الأعياد حيث بيع الكعك والبسكويت، وكذلك الحلويات الشرقية، كما يقدم المخبز خدماته لتجهيزات أعياد الميلاد والمناسبات.
ومن القاهرة إلى الإسكندرية، وتحديداً منطقة محطة الرمل، يمكنك أن تستكشف أجواء أكثر حميمية، تحملك بعيداً إلى روح المدينة «الكوزموبوليتانية» وأطلال الماضي ونفحاته... فعبر نغمات البيانو يجذبك مطعم «سانتا لوتشيا»، الذي افتتح في عام 1932، على أيدي أبناء الجالية اليونانية بالإسكندرية، بما يجعله أحد أقدم المطاعم فيها، وأهم ما يميزه الطابع الكلاسيكي بما يجعل العشاء الرومانسي فيه تجربة لا تنسى.

لايزال مطعم «توماس» محافظاً على طلته الإيطالية الكلاسيكية (فيسبوك)

تضم قائمة «سانتا لوتشيا» أصنافاً من المأكولات البحرية، والدجاج واللحوم، والباستا والريزوتو، ومن أشهر أطباقه «أوسو بوكو» وهو عبارة عن لحم بقري مطهو في الفرن مغطى بصلصة ديمي غلاس، و«فيليه ستروغانوف» وهو فيليه بقري مقطع إلى شرائح طويلة مع بصل ومشروم وفلفل، كما تضم القائمة مقبلات باردة وساخنة. ومن قائمة الحلويات نرشح لك «شوكولاته فوندانت» وهي كعكة الشوكولاته الطازجة بحشوة بالشوكولاته السائلة الساخنة وتقدم مع آيس كريم الفانيليا.
على مقربة من «سانتا لوتشيا» نجد مطعم «شي غابي»، الذي يعد أول مطاعم البيتزا بالإسكندرية، بناه يونانيون عام 1946، إلا أن أحد الشوام المقيمين بالإسكندرية يدعى غابرييل أسعد، الشهير بـ«المسيو غابي»، اشتراه عام 1979 وقرر أن يحوله لمطعم بيتزا. ليتسم بقائمة طعام غنية من أصناف البيتزا المعدة باحترافية وبسعر مناسب، ومنها نرشح بيتزا «كابريشيوزا» المقدمة بالسجق، و«كواترو ستاجيوني» بخليط المشروم والخرشوف ولحم بقري و«كون كارنيه» بخليط روست بيف والسجق والسلامي. كما يقدم المأكولات البحرية وأطباق اللحوم.
أما «حلواني ديليس» فقد تأسس على يد اليوناني كليوفولوس موستاكاس عام 1922، وهو مكان يحمل الروح الأوروبية جامعاً بين الأصالة والمذاق الممتع.
ويُعد من أشهر الأماكن التي تجتذب إليها السائحين والجاليات الأجنبية، لا سيما في الصباح لتجربة وجبة الإفطار، حيث يتيح المكان لزائريه تذوق أفضل المخبوزات والحلويات على أنغام الموسيقى اليونانية الهادئة وأمام مشهد البحر، مستقبلاً إياهم بأصناف متعددة من الكرواسون والدونتس والكيكات، والمشروبات الساخنة والباردة، إلى جانب الأطباق الخفيفة مثل الأومليت والجبن المدخن، كما يقدم المكان المكرونة وأطباق الدجاج واللحم البتلو واللحوم والمأكولات البحرية التي تناسب وجبة العشاء.


مقالات ذات صلة

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

مذاقات غلاش محشو بالبطاطا الحلوة من الشيف أميرة حسن (الشرق الأوسط)

البطاطا الحلوة... وصفات جديدة لمواجهة برودة الطقس

البطاطا الحلوة بلونها البرتقالي، تُمثِّل إضافةً حقيقيةً لأي وصفة، لا سيما في المناسبات المختلفة. إذ يمكنك الاستمتاع بهذا الطبق في جميع الأوقات

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات برغر دجاج لشيف أحمد إسماعيل (الشرق الأوسط)

كيف تحصل على برغر صحي ولذيذ في المنزل؟

عندما نفكر في الوجبات السريعة، تكون تلك الشريحة اللذيذة من اللحم التي تضمّها قطعتان من الخبز، والممتزجة بالقليل من الخضراوات والصلصات، أول ما يتبادر إلى أذهاننا

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات فطور مصري (إنستغرام)

«ألذ»... أكل بيت مصري في مطعم

ألذ الأطباق هي تلك التي تذكرك بمذاق الأكل المنزلي، فهناك إجماع على أن النَفَس في الطهي بالمنزل يزيد من نكهة الطبق

جوسلين إيليا (لندن)
مذاقات 
شوكولاته مع الفراولة (الشرق الأوسط)

ودّع العام بوصفات مبتكرة للشوكولاته البيضاء

تُعرف الشوكولاته البيضاء بقوامها الحريري الكريمي، ونكهتها الحلوة، وعلى الرغم من أن البعض يُطلِق عليها اسم الشوكولاته «المزيفة»

نادية عبد الحليم (القاهرة)
مذاقات طاولة العيد مزينة بالشموع (إنستغرام)

5 أفكار لأطباق جديدة وسريعة لرأس السنة

تحتار ربّات المنزل ماذا يحضّرن من أطباق بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة؛ فهي مائدة يجب أن تتفوّق بأفكارها وكيفية تقديمها عن بقية أيام السنة.

فيفيان حداد (بيروت)

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.