تصعيد ميداني في أحياء مختلفة من الخرطوم رغم الهدنة

البرهان: هذه الحرب عبثية ولن أغادر موقعي إلا في نعش

لا يزال الدخان يغطي سماء الخرطوم لليوم الثامن على التوالي (رويترز)
لا يزال الدخان يغطي سماء الخرطوم لليوم الثامن على التوالي (رويترز)
TT

تصعيد ميداني في أحياء مختلفة من الخرطوم رغم الهدنة

لا يزال الدخان يغطي سماء الخرطوم لليوم الثامن على التوالي (رويترز)
لا يزال الدخان يغطي سماء الخرطوم لليوم الثامن على التوالي (رويترز)

تصاعدت أدخنة النيران بكثافة جراء تعرض أحياء في مدينة «بحري» ومناطق أخرى لقذائف نارية؛ ما يعد خرقاً للهدنة التي التزم بها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتواصل التصعيد الميداني في أحياء مختلفة من الخرطوم أمس رغم الهدنة.
في الأثناء، وصف رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، الحرب الدائرة حالياً مع قوات الدعم السريع بـ«العبثية»، ويجب أن تتوقف، مؤكداً أنه موجود داخل القيادة العامة في الخرطوم ولن يبارحها، مؤكداً أنه موجود في هيئة قيادة القوات المسلحة ولن يبارحها، إلا محمولاً في نعش، ويقوم بواجبه الدستوري في الدفاع عن وحدة السودان والسودانيين.
وقال البرهان في تصريحات لقناة «العربية»، يجب أن تتوقف هذه الحرب، ويخرج كل المسلحين من المناطق السكنية والمنشآت الخدمية الحيوية، محذراً من نذر فوضى شاملة تعمّ السودان إذا لم نوقف هذه الحرب اللعينة. وأوضح، أن قائد «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو الشهير بـ«حميدتي» يعلم تماماً «أنني ليست لدي أي علاقة بالنظام المعزول (نظام الرئيس السابق عمر البشير)». وأشار البرهان إلى أن مصير «حميدتي» مرتبط بما ستسفر عنه للأيام المقبلة إذا كانت هنالك استجابة للجنوح للسلم. وأضاف، أن الجيش لا يستهدف أي شخصيات رسمية، كما تفعل «قوات الدعم السريع» التي تستهدف قياداتنا، ويرسلون القناصة لتقتلهم، مضيفاً «لا أحد يعلم أين يتواجد (حميدتي)، حتى قواته لا تعلم بمكانه».
- تأجيج الصراعات
وأشار إلى أن العلاقة بين الجيش و«الدعم السريع» لن تعود إلى ما كان عليه الحال قبل هذه الحرب، وأن هذه الحرب ليس بها رابح، والخاسر الأكبر هو الشعب السوداني، ويجب أن يجلس جميع السودانيين لإيجاد المخرج. وحول تدخل بعض الدول لتسليح الدعم السريع في الصراع الحالي، قال البرهان إن هناك جهات لديها مصلحة في تأجيج الصراعات. وقال نتحرى من دقة المعلومات عن تلقي قوات الدعم السريع دعم من قوات «فاغنر» الروسية، وفق ما ورد في تقرر على شبكة «سي إن إن» الأميركية، مضيفاً «لدينا علاقات مميزة مع روسيا والصين وكل الفاعلين الدوليين».
وشدد البرهان على عدم التراجع عن دمج قوات الدعم السريع في الجيش، وقال، إن دولة بها جيشان سيكون مصيرها ما يحدث الآن في بلاد أخرى، مؤكداً إصرارهم على أن يكون الدمج جزءاً من الاتفاق الإطاري الذي «توافقنا عليه جميعاً». وأوضح البرهان، أن الجيش ملتزم بالعملية السياسية لإنهاء الصراع، وأن الحكم العسكري ليس لديه أي مستقبل في تطوير أي دولة في العالم، ونريد حكومة مدنية متوازنة بلا صراعات.
من جهة ثانية، قال البرهان، إن بعض قادة الدول قلقون من مآلات الأحداث الجارية الآن في السودان، وطلبوا إخلاء راعاياهم، ووعدناهم بتأمين الخروج الآمن لهم. وأضاف، سنوفر المطارات والممرات الآمنة في المناطق التي بها إشكالات آمنية. وأكد البرهان أن كل المطارات تحت سيطرة الجيش السوداني، عدا مطاري الخرطوم ونيالا التي توجد بهما بضع الإشكالات. وأشار البرهان إلى أن رعايا الدول أصابهم الخوف والهلع من ممارسات مجموعات الدعم السريع المتفلتة داخل الأحياء السكنية، التي تقوم بتفتيش المنازل وتصادر الأموال وتعتدي على البعثات الدبلوماسية دون أي مراعاة لحرمة القوانين الدولية. وأقر بوجود مجموعات كبيرة من «الدعم السريع» وسط الأحياء السكنية لتفادي الضربات المدفعية والجوية، وقال، لا نريد استخدامها حتى لا يحدث ضرر وسط المجمعات السكنية.
- ضرر البنية التحتية
وأكد البرهان بأن قوات الدعم السريع استخدمت المواطنين دروعاً بشرية، بإخراج المواطنين والإقامة في منازلهم، وكذلك إخلاء المستشفيات واحتلالها، وكل قواتها موجودة وسط السكان، ويجب إدانة هذا من الجميع. وقال، إن قوات الدعم السريع المتمردة هاجمت مقرات الجيش، ونقوم بالدفاع ولا نريد أن نتسبب في أضرار جسيمة وبالغة على السودانيين، الآن الأسر تشردت وقتل المئات وتضررت البنية التحتية في حرب «عبيثة» ليست لديها جدوي سوى «الأكاذيب» التي يدعيها الطرف الآخر بأنه يحارب «الفلول» والجماعات الإسلامية. وأضاف، لم تتضرر الجماعات الإسلامية (الكيزان)، وإنما تضرر الشعب السوداني والقوات النظامية والنسيج الاجتماعي.
وقال قائد الجيش، إن الادعاءات الكاذبة التي تثار بأن الحرب ضد الجماعات الإسلامية «أكذوبة» يراد بها استعطاف المجموعات التي تناصب الإسلاميين العداء. وأكد، أن الجيش سوداني خالص وليس جيش البرهان، وهي قوات قومية، ومعركتها الهيمنة التي يسعى إليها بعض الأشخاص أو المجموعات التي تريد أن تستحوذ على الدولة السودانية.
في غضون ذلك، تصاعدت أدخنة النيران بكثافة جراء تعرض أحياء في مدينة بحري ومناطق أخرى بقذائف نارية؛ ما يعد خرقاً للهدنة التي التزم بها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ورصدت «الشرق الأوسط» وقوع اشتباكات متفرقة بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدد من ضواحي العاصمة الخرطوم، وتشييع 6 قتلى مدنيين بضاحية أمبدة بمدينة امدرمان جراء سقوط مقذوفات نارية، بينما بدأت تتواتر أنباء عن استغلال الطرفين الهدنة لإعادة تموضع قواتهما حول الخرطوم.
- ضغوط دولية
ورضخ الطرفان تحت ضغوط دولية وإقليمية مكثفة لهدنة 3 أيام لفتح ممرات إنسانية للمدنيين العالقين في مناطق الاشتباكات المسلحة منذ بدء الحرب قبل 8 أيام. وقال البرهان «إلى الآن لم تبدأ أي هدنة؛ لأن قيادة (الدعم السريع) لا تسيطر على قواته المنتشرة في المناطق»، مؤكداً «جاهزية الجيش لأي هدنة، لوقف التصعيد وحقن دماء السودانيين والنسيج الاجتماعي».
من جانبه، أصدر الجيش السوداني بياناً أكد فيه إخماد تمرد قوات الدعم وتخليص السودان مما أسماه أكبر مشروع انتهازي في تاريخ البلاد، بيد أنه عاد وقال، يصعب تحديد مدى زمني معين لنهاية العملية العسكرية. وأضاف، نسعى جاهدين للقضاء على التمرد في أقرب وقت. وقال البيان، إن «المتمردين» يستهدفون بعض المواقع بالقصف المدفعي وأعمال القنص. واتهم بيان الجيش السوداني قوات الدعم السريع بالاعتداء على السجون وإطلاق سراح النزلاء، لكن «الدعم السريع» نفت ذلك.
بدورها، قالت قوات الدعم السريع، إنها تصدت لهجوم في كل من الخرطوم بحري وشرق النيل، وحققت انتصاراً كبيراً، وسيطرت على 60 مركبة عسكرية، إضافة إلى 4 مركبات أخرى تم الاستيلاء عليها في الخرطوم وتدمير اثنتين. وقالت «الدعم السريع» في بيان، إن قواتها استولت على كامل مقر التصنيع الحربي وتقوم بحصر العتاد الذي تم الاستيلاء عليه، في الوقت الذي ظهر فيه قائد ثان قوات الدعم السريع عبد الرحيم دقلو، لأول مرة منذ اندلاع القتال، وهو يخاطب جنوده في منطقة الحاج يوسف بشرق النيل، نافياً بذلك ما تداوله في وقت سابق عن إصابته واعتقاله. وفي وقت سابق، أعلنت قوات الدعم السريع فتح جميع مطارات السودان أمام حركة الملاحة الجوية جزئياً، واستعدادها التام لتمكين الدول الشقيقة والصديقة التي ترغب في إجلاء بعثاتها الدبلوماسية ورعياها لمغادرة البلاد بسلام.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
TT

مصر: ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» يثير تفاعلاً على مواقع التواصل

محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)
محاكمة سابقة لمتهمين من «الإخوان» في أحداث عنف بمصر (أ.ف.ب)

أثار ترحيب الأزهر باستبعاد المئات من «قوائم الإرهابيين» في مصر تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، امتزج بحالة من الجدل المستمر بشأن القرار، الذي يخشى البعض أن يكون مدخلاً لـ«المصالحة» مع تنظيم «الإخوان»، لا سيما أنه تضمّن أسماء عدد من قياداته.

ورفعت مصر، الأحد الماضي، أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهابيين والكيانات الإرهابية»، بعد تحريات أمنية أسفرت عن «توقف المذكورين عن القيام بأي أنشطة غير مشروعة ضد الدولة أو مؤسساتها»، مع «الاستمرار في مراجعة موقف بقية المدرجين في القوائم لرفع أسماء مَن يثبت توقفه عن أنشطة ضد الدولة».

وعقب البيان الذي أصدرته النيابة المصرية، أشارت قناة «إكسترا نيوز» المصرية إلى أن «القرار جاء استجابةً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي». ونقلت عنه تأكيده أنه «حريص على أبنائه، ويفتح لهم صفحةً جديدةً للانخراط في المجتمع، كمواطنين صالحين يحافظون على بلدهم، ويعيشون في أمان على أرضها».

ورحَّب الأزهر بالقرار، وأكد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، في بيان على «إكس»، ترحيبه العميق «بتوجيهات الرئيس السيسي التي مهَّدت الطريق لإعطاء الفرصة لهم لبدء صفحة جديدة للعيش بصورة طبيعيَّة في وطنهم ولمِّ شمل أسرهم».

وأثار ترحيب الأزهر ردود فعل عدة على مواقع التواصل الاجتماعي بين مؤيد عدّ الترحيب «خطوةً في صالح المجتمع»، ومعارضٍ انتقد تعليق الأزهر، بصفته مؤسسةً تعليميةً دينيةً، على أمور سياسية، في حين ذهب البعض إلى حد اتهام بعض قادة الأزهر بـ«دعم الإخوان».

وسعت «الشرق الأوسط» إلى الحصول على تعليق من مصادر مسؤولة بالأزهر، لكن لم يتسنَّ لها ذلك.

وبينما رفض أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتور مصطفى كامل السيد، الانتقادات الموجَّهة للأزهر؛ بسبب ترحيبه بالقرار، أرجع حالة الجدل إلى «غياب ونقص المعلومات بشأن أسباب صدور القرار ومعناه، لا سيما أن بعض مَن وردت أسماؤهم في القرار لا يزالون في السجون».

وأكد السيد، لـ«الشرق الأوسط»، أن «القرار خطوة جيدة واستجابة لحكم محكمة النقض»، مشيراً إلى أن «تضمينه أسماء عدد من قيادات الإخوان يثير تساؤلات بشأن نية الدولة للمصالحة، وهي تساؤلات من الصعب الإجابة عنها في ظل نقص المعلومات».

ووفقاً لما نشرته وسائل إعلام محلية، فإن قرار الاستبعاد تضمّن أشخاصاً يُحاكَمون على «ذمة قضايا أخرى»، من بينهم وجدي غنيم، وإن القرار متعلق بقضية واحدة فقط؛ وهي القضية المعروفة إعلامياً باسم «تمويل جماعة الإخوان».

وتعود القضية إلى عام 2014، وأُدرج بموجبها 1526 شخصاً على «قوائم الإرهاب»، عام 2018 لمدة 5 سنوات. وفي 18 مايو (أيار) الماضي، قضت محكمة النقض المصرية بإلغاء حكم «جنايات القاهرة» بتمديد إدراج هؤلاء على «قوائم الإرهاب» لمدة 5 سنوات أخرى، لأن قرار التمديد «لم يُبيِّن بوضوح الوقائع والأفعال التي ارتكبها كل منهم».

وعدّت رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» السفيرة مشيرة خطاب، قرار الاستبعاد «خطوةً إيجابيةً»، مشيرة إلى أنه «جاء بعد دراسة متأنية من الجهات القانونية المختصة، ولم يكن عشوائياً». وأكدت أن «هناك دستوراً للبلاد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال خرقه أو تجاوزه».

وأشارت خطاب، في حديثها لـ«الشرق الأوسط» إلى «ضرورة تأهيل المستبعدين من قوائم الإرهاب، كونهم تعرَّضوا لضغوط نفسية واجتماعية، ما يتطلب العمل على إعادة دمجهم في المجتمع». وقالت: «برامج التأهيل لا بد أن توضع بعناية بمشاركة عدد من الجهات المعنية، وبعد دراسة القوائم، وخلفية المدرجين عليها، ومواقعهم، والأدوار التي قاموا بها».

ويتعرَّض كل مَن يتم إدراجه على «قوائم الإرهابيين» لتجميد الأموال وحظر التصرف في الممتلكات، والمنع من السفر، وفقاً لقانون «الكيانات الإرهابية» الذي أصدره الرئيس المصري عام 2015.

بدوره، قال الخبير بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ«الشرق الأوسط» إن القرار «خطوة على طريق التسامح والعدالة الانتقالية»، رافضاً حالة الجدل الدائرة بشأنه، ومتهماً منتقدي القرار بأنهم «يسعون لإبقاء الأوضاع مشتعلةً في البلاد».

وأثار قرار الاستبعاد جدلاً وانتقادات إعلامية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وقال الإعلامي المصري أحمد موسى، في منشور عبر حسابه على «إكس»، إن موقفه «واضح ودون مواربة... لا أمان ولا عهد للإخوان، ولن نتسامح معهم».

وأعرب عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن مخاوفهم من أن يدفع القرار نحو «المصالحة» مع تنظيم «الإخوان». وانتقدت الإعلامية لميس الحديدي، القرار، وقالت عبر «إكس»: «نريد أن نفهم ماذا يعني توجه الدولة لمراجعة القوائم ولماذا الآن؟ هل هناك ضغوط دولية لإبرام مصالحة مع الإخوان مثلاً؟».

لكن عضو مجلس النواب محمود بدر، نفى الاتجاه للمصالحة. وقال، عبر «إكس»: «السيسي هو الضمان الأكبر، وربما الوحيد لرفض المصالحة مع الإخوان»، مؤكداً سعادته بـ«ردود الفعل ورفض الناس فكرة المصالحة».

وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في برنامج «الحكاية» على فضائية «إم بي سي»، مساء الاثنين، إن «التفاعل مع القرار أحدث استفتاءً شعبياً بأن 99.9 في المائة من المصريين ضد الإخوان».

ورداً على تلك الانتقادات، قالت خطاب: «الشعب عانى كثيراً من الإخوان، وتعرَّض لمآسٍ، لكن في الوقت نفسه لا يمكن أن نخرق القانون... والعقاب لن يستمر مدى الحياة». وأضافت: «مسؤولية الدولة هي إصلاح مَن فسد، والأجدى للمجتمع محاولة إصلاح وتأهيل مَن غرَّر به بدلاً مِن السعي للانتقام ضمن دائرة مفتوحة لا تنتهي».

وعكست الانتقادات حالة من الاحتقان الشعبي، «نبهت إلى دور الإعلام والمؤسسات الدينية في نشر المعلومات لإزالة الشقاق على أساس احترام الدستور والقانون»، بحسب رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان».