أي دور منتظر لـ«الاتحاد الأفريقي» بالأزمة السودانية؟

ما بين «إخفاقات» و«نجاحات نسبية» في صراعات سابقة

الاتحاد الأفريقي نجح في رعاية اتفاق أنهى حرب تيغراي (الخارجية الإثيوبية)
الاتحاد الأفريقي نجح في رعاية اتفاق أنهى حرب تيغراي (الخارجية الإثيوبية)
TT

أي دور منتظر لـ«الاتحاد الأفريقي» بالأزمة السودانية؟

الاتحاد الأفريقي نجح في رعاية اتفاق أنهى حرب تيغراي (الخارجية الإثيوبية)
الاتحاد الأفريقي نجح في رعاية اتفاق أنهى حرب تيغراي (الخارجية الإثيوبية)

(تحليل إخباري)
ألقت الأزمة السودانية الراهنة، بعد اندلاع القتال بين القوات المسلحة السودانية، وبين قوات «الدعم السريع» بثقل إضافي على كاهل «الاتحاد الأفريقي»، الذي يواجه مزيداً من التحديات في قارة تنتشر فيها الاضطرابات والصراعات المسلحة. وبينما دخل الاتحاد الأفريقي سريعاً على خط الأزمة في السودان، إلا أن تقييم مراقبين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» لقدرة «الاتحاد» على لعب دور محوري فيها تباين بوضوح، ففي حين ركز البعض على أهمية دور «الاتحاد» في توفير مظلة أفريقية للحل، استند آخرون إلى «إخفاقات» سابقة عجزت فيها المنظمة عن «إسكات البنادق» في نحو نصف دول القارة.
وبعد ساعات من اندلاع الاشتباكات في السودان، عقد مجلس «الأمن والسلم» التابع للاتحاد الأفريقي يوم الأحد، اجتماعاً طارئاً، أدان خلاله بشدة المواجهة المسلحة المستمرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في جميع أنحاء السودان، ودعا، بحسب بيان رسمي، الطرفين إلى الوقف الفوري لإطلاق النار دون شروط. كما طالب المجلس رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي، بمواصلة استخدام مساعيه الحميدة للتعامل مع أطراف النزاع من أجل تسهيل الحوار والحل السلمى للنزاع في السودان، وأثنى على التزامه بالسفر الفوري إلى السودان لإشراك الأطراف في وقف إطلاق النار.
- «الآلية الثلاثية»
وسبق أن لعب الاتحاد الأفريقي دوراً من خلال عضويته في الآلية الثلاثية، التي تضم إلى جانبه، الأمم المتحدة والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، في التوصل إلى اتفاق مبدئي للتقريب بين الفرقاء السودانيين، بعد الإطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في أبريل (نيسان) 2019، والذي كلل بتوقيع الوثيقة الدستورية بين المكونين العسكري والمدني في 17 أغسطس (آب) 2019.
ورغم قرار الاتحاد الأفريقي في أكتوبر (تشرين الأول) 2021 بتعليق مشاركة السودان في جميع الأنشطة بالاتحاد حتى عودة السلطة التي يقودها المدنيون، فإن الاتحاد حاول الإبقاء على دور له في الساحة السودانية، وقدم موسى فقي، خطة إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي، القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان في يناير (كانون الثاني) 2022، تتضمن رؤية الاتحاد حول سبل الخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد.
وزار فقي، وبصحبته المبعوث الأفريقي مفوض السلم والأمن، أديوي بانكولي، الخرطوم، في فبراير (شباط) الماضي، حيث التقيا قادة ورموز العملية الانتقالية في السودان، وتم التأكيد على الدور الذي تقوم به الآلية الثلاثية الدولية، لدعم السودان في ظل ظروف وصفها المسؤولان الأفريقيان، في بيان رسمي، بـ«الحساسة والخطيرة جداً».
- آلية قارية فعالة
ويرى إبراهيم إدريس، خبير الشؤون الأفريقية، أهمية دور الاتحاد الأفريقي في إرساء آلية قارية فعالة لمواجهة الأزمات، مشيراً إلى أن الاتحاد بذل جهوداً واضحة في المرحلة الانتقالية بالسودان، وهو ما يؤهله لاستكمال دوره في أعقاب الاشتباكات الحالية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. وأوضح إدريس لـ«الشرق الأوسط»، أن التحركات العاجلة التي قام بها الاتحاد الأفريقي، وكذلك منظمة «إيغاد» تدفع إلى التفاؤل بشأن توفير مظلة أفريقية للحل في السودان، عبر طرح مجموعة من البنود الأساسية كمنطلقات للحل، ومنها الإيقاف السريع لإطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين، والدفع بانسحاب القوات العسكرية من المدن، مشدداً على أن الاتحاد الأفريقي «سيكون له دور أساسي في المرحلة المقبلة عقب وقف الاشتباكات». ويدلل الداعمون للاتحاد الأفريقي، بنجاح وساطته الأخيرة، وبدعم أميركي وأوروبي، في تشجيع الحكومة الإثيوبية الفيدرالية، وجبهة تحرير شعب تيغراي على توقيع اتفاق في 2 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بمدينة بريتوريا، لوقف إطلاق النار بين الجانبين، بعد عامين من الاقتتال الذي أودى بحياة الآلاف، وتسبب في تشريد مئات الألاف.
- إخفاقات
في المقابل، رصدت دراسات وتقارير دولية إخفاقات عدة للاتحاد الأفريقي في حسم نزاعات وأزمات بدول القارة؛ إذ يشير تقرير نشرته «مجموعة الأزمات الدولية» للأبحاث، العام الماضي، إلى أن نحو 22 دولة أفريقية على الأقل تعاني نزاعات مسلحة بشكل أو بآخر، دون وجود لأدوار مؤثرة للمنظمة الأفريقية الأبرز في حل تلك النزاعات. وأخفق الاتحاد في تحقيق الهدف الرئيس، بإنهاء الصراعات في القارة بحلول 2020، كما أخفق في إحداث أي اختراق يّذكر بشأن نزاع «سد النهضة» الإثيوبي، التي تواصلت المفاوضات بشأنه بين إثيوبيا وكل من مصر والسودان لأكثر من 10 سنوات دون التوصل إلى اتفاق.
إخفاقات أخرى رصدتها دراسة منشورة للدكتور باسم رزق، الباحث بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية، في جامعة القاهرة، أشارت فيها إلى إخفاقه في القيام بأدوار فاعلة في أزمات بدول مثل مالي، التي تواجه اضطرابات وتحديات سياسية وأمنية لأكثر من عقد كامل، وينطبق الأمر على دول مثل كل من ليبيا، وأفريقيا الوسطى، والكاميرون، ودول الساحل والصحراء، التي تواجه تحديات أمنية «بالغة التعقيد»، بحسب وصف الدراسة.
ورصدت الدراسة كذلك عدم قدرة الاتحاد الأفريقي على إحداث تغيير نوعي في أزمات مثل الوضع في دارفور، والتي تشكلت فيها منذ عام 2004 قوة أفريقية خاصة لحفظ الأمن، يُشار إليها اختصاراً باسم «AMIS»، وتكرر الأمر كذلك في الصومال، التي واجهت تدهوراً أمنياً واقتصادياً وسيطرة لـ«حركة الشباب»، وانتشاراً لأعمال القرصنة، رغم وجود بعثة تابعة لـ«الاتحاد» فيها منذ 2003. ورصدت الدراسة بعضاً من أسباب إخفاق أدوار الاتحاد الأفريقي في حل المنازعات بدول القارة، من بينها ارتباط الاتحاد بإرادة من يمول الحلول من الدول الكبرى، ووجود ازدواجية للمعايير في إدارة تلك الصراعات، وتنامي التدخلات الخارجية، فضلاً عن عدم فاعلية المنظمات والهيئات التابعة للاتحاد في كثير من الأحيان.
- الدور المنشود
وأبدى السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الأفريقية، اتفاقاً مع ما انتهت إليه الاستخلاصات السابقة؛ إذ أشار إلى «عدم قيام الاتحاد الأفريقي بالدور المنشود في العديد من الأزمات القارية»، لافتاً إلى ملفات مثل انتشار الإرهاب، وتزايد أزمات النزوح واللجوء والهجرة غير الشرعية، فضلاً عن انتشار الصراعات المسلحة داخل القارة. وأضاف حليمة لـ«الشرق الأوسط»، أن الاتحاد الأفريقي «ليس لديه الآليات الكافية في كثير من الأحيان لتنفيذ ما يتم التوصل إليه من قرارات أو مشاورات سياسية»، إضافة إلى تأثير التدخلات الإقليمية والدولية في العديد من الأزمات التي تشهدها دول القارة.
وأوضح، أن أي نجاحات يحققها الاتحاد الأفريقي دائماً ما تكون مرتبطة بتوافر الدعم الدولي، مشدداً على أن الموقف في السودان «لن يكون استثناءً من تلك القاعدة»؛ إذ ينبغي أن تتوافر إرادة دولية وتنسيق مع الأمم المتحدة والقوى الكبرى المهتمة بالأزمة مثل الولايات المتحدة، حتى يمكن للاتحاد الأفريقي القيام بدور فاعل على الأرض.


مقالات ذات صلة

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

شمال افريقيا الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

الرياض تكثف اتصالاتها لوقف التصعيد في السودان

كثَّفت المملكة العربية السعودية، جهودَها الدبلوماسية لوقف التصعيد في السودان، إلى جانب مساعداتها لإجلاء آلاف الرعايا من أكثر من مائة دولة عبر ميناء بورتسودان. وأجرى وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أمس، اتصالات هاتفية، مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الخارجية الجيبوتي محمود علي يوسف، بحث خلالها الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف السودانية، وإنهاء العنف، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين، بما يضمن أمنَ واستقرار ورفاه السودان وشعبه.

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
TT

«النواب» الليبي يُصر على رفض محافظ «المركزي»... ويدعو للتهدئة

محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)
محافظ المصرف المركزي الجديد خلال اجتماع بمساعديه (المصرف المركزي)

دخلت أزمة المصرف المركزي الليبي مرحلة جديدة، اليوم (السبت)، وسط محاولة حكومة الوحدة المؤقتة في العاصمة طرابلس، احتواء انتقادات أميركية رسمية بشأن الإدارة الجديدة للمصرف، التي نصبها المجلس الرئاسي، بينما تمسك عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، بموقفه الرافض للاعتراف بها.

وعدّت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة أن بيان إدارة شؤون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأميركية، بشأن تطورات الوضع المتعلق بالمصرف، يعكس «التزام الولايات المتحدة بدعم الاستقرار المالي، وتعزيز الشفافية في مؤسساتنا المالية»، وعدّته خطوة إيجابية نحو توحيد وإصلاح المصرف المركزي.

واجهة مصرف ليبيا المركزي في طرابلس (رويترز)

وقالت «خارجية الوحدة»، اليوم (السبت): «نتفهم القلق حيال حملات التشويه والأكاذيب التي تستهدف مؤسسات الدولة الليبية، ونتفق على أن هذه المخاوف ستنتهي بمجرد زوال تلك الحملات، وتوحيد الصفوف خلف مؤسساتنا الوطنية». وأشارت إلى الحاجة المزدادة للتدقيق في المعاملات المالية خلال المراحل الانتقالية للمؤسسات النقدية، لافتة إلى أنها تعدّ هذه الإجراءات البروتوكولية «ضرورية لضمان الشفافية والمساءلة».

لقاء سابق بين رئيس مجلس النواب والسفير والمبعوث الأميركي الخاص (أرشيفية)

وأكدت الوزارة إعلان الإدارة الجديدة للمصرف «تسلم مهامها بسلاسة، ومباشرة تفعيل المنظومات المختلفة، والتجاوب الذي لاقته الإدارة الجديدة مع المنظومة المصرفية الدولية، بعد 9 سنوات من غياب الحوكمة والعمل الفردي، الأمر الذي كان مطلباً أساسياً لكل المنظمات الدولية المعنية. وهذه الخطوة تمثل تطوراً مهماً في مسيرة الإصلاح المالي والإداري في ليبيا».

وبعدما أكدت التزامها باحترام سيادة ليبيا، واستمرار ثقتها بالدولار الأميركي والمؤسسات الأميركية، خصوصاً في ظل التحديات الحالية والتجاذبات والصراع على النفوذ في أفريقيا، أعربت «خارجية الوحدة» عن التطلع لتعزيز التعاون الثنائي مع الولايات المتحدة، لتحقيق الاستقرار والنمو المستدام في ليبيا. وأوضحت أن المجلس الرئاسي، وفي خطوة لإضفاء مزيد من التوافق، أعلن التزامه بالانفتاح على الحوار برعاية بعثة الأمم المتحدة، مع منح فرصة أخيرة للمجلسين لتحقيق توافق بعد 10 سنوات من التخاذل، ما أدى لتعزيز الحكم الفردي وغياب الشفافية، وزيادة المخاطر المرتبطة بتنفيذ سياسات لا تعكس إرادة الدولة الليبية.

الصديق الكبير (رويترز)

وكانت «الخارجية» الأميركية قد أعلنت عبر مكتبها لشؤون الشرق الأدنى، أن البنوك الأميركية والدولية قامت بإعادة تقييم علاقاتها مع المصرف المركزي الليبي، وفي بعض الحالات وقف المعاملات المالية، حتى يكون هناك مزيد من الوضوح بشأن القيادة الشرعية لـ«المركزي».

وطالبت الجهات الفاعلة الليبية باتخاذ خطوات للحفاظ على مصداقية المصرف، وإيجاد حل لا يضر بسمعته، ومشاركته مع النظام المالي الدولي، معبرة عن شعورها بالقلق من أن مزيداً من الاضطرابات مع البنوك الدولية، يمكن أن يضر بالاقتصاد الليبي ورفاهية الأسر الليبية.

وشددت على دعوة مجلس الأمن للجهات الفاعلة الليبية للعمل بشكل عاجل معاً، ومع البعثة الأممية لإيجاد حل سياسي، يعيد القيادة المختصة وذات المصداقية للبنك المركزي الليبي.

بدوره، حذر رالف تاراف، سفير ألمانيا لدى ليبيا، من أن تؤدي ما وصفه بـ«الإجراءات أحادية الجانب» إلى الانحراف عن طريق الاستقرار والانتخابات الديمقراطية.

وأعرب في بيان مقتضب، اليوم (السبت)، عن دعم بلاده بقوة لدعوة البعثة الأممية لإجراء اجتماع عاجل لإيجاد حل للوضع الراهن.

في المقابل، دعا عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، إلى ضرورة الالتزام ببنود الإعلان الدستوري، والاتفاق السياسي، الذي ينص على صلاحيات واختصاصات مجلس النواب في التكليف بالمناصب السيادية بالتشاور مع مجلس الدولة، وعدّ القرار الصادر بتكليف محافظ ومجلس إدارة للمصرف معدوماً، لافتقاده للأسباب ومخالفاً للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، ولأنه جاء بعد جهود مضنية لتوحيد المصرف.

ورحب صالح، في بيان وزعه مركزه الإعلامي، مساء الجمعة، ببيان مجلس الأمن الدولي. وأكد «دعوة مختلف الأطراف للتهدئة، والتوقف عن إصدار قرارات والقيام بتصرفات من شأنها زعزعة الاستقرار، وتعميق الانقسام المؤسسي وتقويض الثقة بين الليبيين».

من جهته، نفى مصدر بالمجلس الرئاسي، لوسائل إعلام محلية، صحة بيان منسوب للمجلس، يعيد تكليف الصديق الكبير، المحافظ السابق للمصرف، في منصبه مجدداً، علماً بأن الكبير فر إلى خارج البلاد، مدعياً تلقيه تهديدات من مجموعات مسلحة، لم يحددها.

اجتماع نجل حفتر مع رئيس المجلس الحاكم في النيجر (القوات البرية بالجيش الوطني)

في غضون ذلك، أعلنت الإدارة الجديدة للمصرف استعادة العمل بجميع الأنظمة المستخدمة، بينما شدد محافظه المكلف، عبد الفتاح عبد الغفار، خلال اجتماعه مع مسؤولي المصرف، على ضرورة رفع وتيرة العمل في كل الإدارات بكفاءة عالية، لإنجاز الملفات في أسرع وقت ممكن، وتعهد بأن تعمل إدارة المصرف على حلحلة كل العراقيل التي تواجه العمل المصرفي.

إلى ذلك، قال الفريق صدام، نجل المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، إنه اجتمع، اليوم (السبت)، باعتباره مبعوثاً لوالده، ورئيس القوات البرية بالجيش، مع عبد الرحمن تشياني، رئيس المـجلس الحاكم في النيجر لتنسيق التعاون الثنائي بين الجانبين، ضمن جولة تشمل عدداً من الدول الأفريقية لتعزيز التعاون وأمن الحدود.

لقاء حماد مع الرئيس التشادي في إنجامينا (حكومة الاستقرار)

وكان أسامة حماد، رئيس حكومة الاستقرار، قد أوضح أن رئيس تشاد محمد إدريس ديبي، الذي التقاه مساء الجمعة بالعاصمة إنجامينا، أشاد بالمشير خليفة حفتر، ودعمه اللوجيستي لبلاده في تأمين الحدود المشتركة، ومكافحة ظاهرة «الهجرة غير المشروعة» والجريمة المنظمة بما يحمي السلم والاستقرار في البلدين الجارين.