مسؤولة أممية: اليمنيون بحاجة إلى سلام دائم أكثر من أي شيء آخر

أكدت تضرر 100 ألف شخص من سيول الأمطار خلال أسابيع

طفل يجلس إلى جوار تاجر يبيع الملابس بسوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
طفل يجلس إلى جوار تاجر يبيع الملابس بسوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
TT

مسؤولة أممية: اليمنيون بحاجة إلى سلام دائم أكثر من أي شيء آخر

طفل يجلس إلى جوار تاجر يبيع الملابس بسوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)
طفل يجلس إلى جوار تاجر يبيع الملابس بسوق وسط صنعاء (أ.ف.ب)

كشفت مسؤولة أممية عن تضرر أكثر من مائة ألف يمني جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على معظم أنحاء البلاد خلال الأسابيع الماضية، لكنها حذّرت من أن الأسوأ لم يأتِ بعد، مشددةً على حاجة اليمنيين إلى سلام دائم أكثر من أي شيء آخر، وأن الوقت الآن قد حان لذلك.
وكشفت نائبة مدير العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية غادة الطاهر، عن أن المنظمات الإغاثية تمكنت خلال الشهر الماضي من الوصول إلى المناطق المحرومة والنائية في اليمن إلا أن العمل الإغاثي لا يزال يواجه الكثير من القيود في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وفي الإفادة التي قدمتها الطاهر إلى مجلس الأمن ذكرت أنه خلال الشهر الماضي واصل المجتمع الإنساني إحراز تقدم في الوصول إلى المناطق المحرومة حيث قامت وكالات الأمم المتحدة بفتح مكتب في محافظة تعز وأنه يتم حالياً إرسال بعثات إلى مواقع نائية في جميع أنحاء البلاد.
وبيّنت المسؤولة الأممية أن الهدنة قدمت إغاثة ثمينة للمدنيين بعد سنوات كثيرة من الحرب القاتمة وأثارت الأمل في أن نهاية الصراع قد تكون في الأفق القريب.
وفي إشارة إلى التقدم الذي أحرزته اللقاءات التي أجراها الوسطاء من السعودية وسلطنة عمان مع قادة الحوثيين في صنعاء الأسبوع الماضي، ذكرت المسؤولة الأممية أن هناك فرصة غير مسبوقة لإحراز مزيد من التقدم نحو السلام، إذا تم استغلالها، إذ قد يساعد ذلك في تحسين حياة الناس بشكل كبير وتقليل معاناتهم.
- انسياب الواردات
حسبما جاء في إفادة الطاهر فقد شهدت الأسابيع الأخيرة، استمرار تخفيف قيود الاستيراد، وقد سمح هذا بدخول المزيد من السلع التجارية إلى البلاد، والتي يعتمد عليها اليمنيون للبقاء على قيد الحياة، حيث قامت آلية التحقق والتفتيش التابعة للأمم المتحدة خلال شهر مارس (آذار) الماضي بتفتيش 41 سفينة متجهة إلى موانئ البحر الأحمر، تحمل 825 ألف طن متري من المواد الغذائية التجارية والوقود والسلع الأخرى، وهذه الكمية تساوي ضعف الكميات المسجلة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
ومع إشارتها إلى وجود 21 مليون يمني بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة، ذكرت المسؤولة أن الأحداث التي وقعت في الأسابيع الأخيرة أضافت عبئاً إلى العبء الإنساني الهائل، حيث أثّرت الأمطار الغزيرة على أكثر من 100 ألف شخص في جميع أنحاء البلاد، مبينةً أن التأثير الإنساني وإن كان محدوداً نسبياً حتى الآن، لكنّ التوقعات تشير إلى أن سوء الأحوال الجوية لم يأتِ بعد.
وأعادت المسؤولة الأممية التذكير بتفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها مثل الحصبة وشلل الأطفال بوتيرة خطيرة، مما يعرّض صغار السن في اليمن لخطر أكبر، وعبّرت عن الخشية من اتساع رقعة هذه الأمراض وبسرعة، لا سيما في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، حيث توجد عوائق متزايدة أمام التحصين.
- قيود الحوثيين
كشفت المسؤولة الأممية عن مخاوف لدى الجهات المانحة بشأن القيود والتدخلات المتزايدة في الأعمال الإغاثية بخاصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقالت إنه خلال الشهر الماضي، واصل المجتمع الإنساني إحراز تقدم في الوصول إلى المناطق المحرومة، كما أن وكالات الأمم المتحدة افتتحت مكتباً في محافظة تعز، كما يجري إرسال بعثات إلى مواقع نائية في جميع أنحاء البلاد. ووصفت ذلك بأنها «خطوات إيجابية لكنها تأتي على خلفية معوقات كبيرة ومزمنة».
وأكدت أن وكالة الإغاثة أبلغت حتى هذا الوقت من العام الحالي عن 628 من القيود على الوصول، معظمها في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، وتشمل القيود على الحركة والتدخل في تقييم الاحتياجات والتعاقد، كما تم الإبلاغ عن حوادث في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بما في ذلك ما يتعلق بإصدار تصاريح العمل.
وبأسف، أبلغت نائبة شعبة العمليات الإنسانية مجلس الأمن الدولي بأن أحد المجالات التي لم يتم إحراز تقدم يُذكر فيها هي مسألة القيود المفروضة على حركة العاملات اليمنيات في مجال الإغاثة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وأكدت أن القيود الحالية لا تزال «تمنع الموظفات اليمنيات من المشاركة في الأنشطة الإنسانية الحيوية»، وهذا بدوره يعيق بشدة توفير الخدمات الحيوية التي لا يمكن تقديمها إلا من النساء، بينما يقوض أيضاً القدرة على الوصول إلى المجتمعات الأكثر ضعفاً.
وكررت الطاهر دعوة الأمم المتحدة أطراف النزاع، ولا سيما سلطات الأمر الواقع الحوثية، للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك تسهيل المرور السريع وغير المعوق للإغاثة الإنسانية وضمان حرية الحركة للعاملين في المجال الإنساني حتى يتمكنوا من تنفيذ وظائفهم الأساسية.
وعبّرت المسؤولة الأممية عن الشعور بالقلق إزاء بعض العوائق المستمرة، لا سيما النقل البري للبضائع التجارية من مناطق سيطرة الحكومة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون.
وقالت المسؤولة إنه يجب عمل الكثير لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد اليمني، مثل تعزيز دخل الناس، وتوسيع نطاق جهود إزالة الألغام واستعادة الخدمات الأساسية، وأكدت أن استئناف صادرات النفط من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة يعد أمراً بالغ الأهمية، لتعزيز احتياطيات العملات الأجنبية.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.