القارح يصمم أزياء مضيفات «طيران الشرق الأوسط» ونصب عينيه على الأناقة وحرية الحركة

الأزرق والتصاميم العملية العنوان الذي استدل به ليفرض بصمته

أنطوان القارح يتوسط مضيفات «طيران الشرق الأوسط» بتصاميمه
أنطوان القارح يتوسط مضيفات «طيران الشرق الأوسط» بتصاميمه
TT

القارح يصمم أزياء مضيفات «طيران الشرق الأوسط» ونصب عينيه على الأناقة وحرية الحركة

أنطوان القارح يتوسط مضيفات «طيران الشرق الأوسط» بتصاميمه
أنطوان القارح يتوسط مضيفات «طيران الشرق الأوسط» بتصاميمه

هل يختلف التصميم لامرأة تعيش في الأرض عن التصميم لامرأة تعيش في السماء؟ سؤال رد عليه المصمم اللبناني أنطوان القارح، بأنه من المهمات الصعبة وبأن هناك تفاصيل مهمة فرضت نفسها عليها عندما طلب منه تصميم أزياء مضيفات «طيران الشرق الأوسط»، الخطوط الجوية الوطنية اللبنانية. «كنت أود الخروج عن المألوف وابتكار إطلالة مختلفة تماما عما تعودنا عليه في مضيفات الطيران، إلا أن الواقع اضطرّني لتقديم الجديد لكن بصورة محدودة لأن هناك أمورا كثيرة فرضت نفسها علي». هكذا يصف أنطوان القارح أولى الصعوبات التي واجهته رغم أنه كان يدرك تماما أنها مهمة ليست بالسهلة، خصوصا أنه يأتي بعد كل من بابو لحود وزياد نصير، اللذين سبقاه وصمما أزياء راقية لنفس الشركة. المتعارف عليه في لبنان أن زي مضيفات الطيران لا يتغير سوى كل 10 أو 15 عاما، ومنذ سبعين عاما حتى اليوم تمّ تغييره 4 مرات. وعادة ما يتم تجديده من خلال تعديلات بسيطة، قد تقتصر أحيانا على تغيير القميص وحده.
أما أزياء مضيفي الطيران الرجال فبقيت كما هي: تتألف من بنطلون أسود وقميص أبيض، وربطة زرقاء، وإن كان أنطوان القارح يعمل حاليا على تغيير لون البنطلون ليصبح كحليا أكثر انسجاما مع ألوان الأزياء التي أبدعها للمضيفات، اللواتي لم يكتف القارح بتقديم إطلالة واحدة لهن بل قدم ثلاث، وهي البدلة الرسمية المؤلفة من جاكيت وتنورة وقميص، وفستان مع جاكيت، ومعطف لأيام الشتاء، من دون أن ينسى القبعة والحقيبة والحذاء. أما القاسم المشترك بين كل هذه القطع، فهو اللون الأزرق، الذي استلهمه من البحر المتوسط ومن تاريخ الشركة، كما يقول. «في الماضي كانت مقاعد الطائرة وديكورها بشكل عام معرّقة بالأصفر والبرتقالي، بينما هي اليوم، وبعد عدة تغييرات، تدور في فلك الأزرق، لذلك اخترت هذه الدرجة حتى تتناسب مع الأجواء، إضافة إلى هذا أنا أراه جذّابا وغير مستهلك في أزياء الطيران عموما».
القطعة الجديدة التي أضافها القارح هي «المريلة»، أو المئزر الذي يلفّ جسم مضيفة الطيران على طريقة الـ(Cache Coeur) أثناء تقديمها وجبات الطعام، وجاءت بطلب من إدارة «طيران الشرق الأوسط». لم ترق هذه الفكرة للكل، حسب تصريح القارح «فبعض المضيفات لم يرتحن لها بينما رحبت بها أخريات على أساس أنها عملية للحفاظ على نظافة الزي تحتها عند تقديم الطعام». بعد الكثير من الشد والجذب، الذي اعتبره المصمم صحيا وضروريا حتى تكون كل الأطراف راضية، تم تصميم المريلة. كان لا بد أن يسمع آراء الكل حتى تأتي الأزياء أنيقة وعملية في الوقت ذاته، وهذا ما يفسر الفتحات الموجودة على طرف التنورة الخلفي، والتي كان لا بد منها حتى تتيح لهن حرية الحركة عند مشيهن.
كان مهما بالنسبة له الابتعاد عن التنورة الضيقة التي كانت تعرقل سير المضيفات، وكذلك التنبه لتكون القصّات من الأطراف إلى ناحية الخلف، حتى لا تعلق التنورة بمسكة مقعد أو أي جسم معدني أو خشبي آخر. كما تم الأخذ في عين الاعتبار طول الأكمام بحيث لا تقيّد المضيفة أثناء رفعها حقيبة ما إلى الأعلى أو عند إقفال صندوق أو درج جارور ما.
طول الجاكيت بدوره خضع لنفس الفكرة العملية خصوصا أنه كان يعرف مسبقا بأن المضيفات ستستعملن هذا الجاكيت ليس مع التنورة فحسب بل أيضا مع الفستان. هذا الأخير تميز بقصّة محددة على الجسم وبحزام رفيع كحلي يضفي عليه المزيد من الأناقة، إضافة إلى فتحتين من الخلف، تماما كما التنورة ولنفس الغرض منهما. وحرص أنطوان القارح أن يزين الفستان، بإيشارب مربّع يعقد حول العنق.
أما المعطف فهو مصنوع من الكشمير ويتمتع بقصّة واسعة وياقة عريضة تسمح برفعها إلى الأعلى ولفها حول العنق عندما تدعو الحاجة وتنخفض درجات الحرارة.
«إذا أخذنا التصاميم الثلاثة (الفستان والبدلة والمعطف) فإننا نلاحظ انسجامها مع بعضها البعض حتى ينعكس هذا الانسجام على إطلالة المضيفات»، حسبما يشرح أنطوان القارح، مضيفا أنه حرص على أن تكون كل التفاصيل متناغمة مع بعض لمظهر سلس لا تشويش فيه، وذهب إلى درجة أنه صمم القبعة بشكل يتطلب تسريحة شعر واحدة ومشابهة.



دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
TT

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)
تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

في مجموعته من خط «الريزورت لعام 2020» أثار مصمم دار «كارولينا هيريرا» ويس غوردن موجة من الاستياء والغضب في المكسيك. اتُهم حينها بالسرقة الفنية والثقافية، لأنه استلهم من تطريزات تراثية مكسيكية بشكل شبه حرفي من دون أن يطلب الإذن من أصحابها ولا أشار إليهم. وصل الأمر إلى تدخل حكومي، جاء على لسان وزيرة الثقافة المكسيكية آليخاندرا فراوستو التي وجَهت رسالة تتهم فيها دار «كارولينا هيريرا» بالانتحال الثقافي وتطالبها بتفسير علني لاستخدامها رسوماً منسوخة من تراث الشعوب الأصلية المكسيكية، وما إذا كان هؤلاء سيستفيدون بأي شكل من الأشكال.

جاءت كل إطلالة وكأنها لوحة مرسومة بالأزهار والورود (كارولينا هيريرا)

كان رد المصمم سريعاً وهو أن فكرة الانتحال لم تكن تخطر بباله، وأن ما قصده كان تكريم الثقافة المكسيكية والاحتفال بها، مُعترفاً أنه لا ينفي أن «المكسيك بالفعل حاضرة بقوة في هذه المجموعة. لكن حرصي على إبراز هذا التراث هو دليل على المحبة التي أكنّها لهذا البلد ولإبداعاته الحرفية التي طالما أعجبت بها وكانت من أهم مصادر إلهامي».

ريزورت 2025

مرت أربع سنوات وأشهر عديدة، وها هو يؤكد أن قوله لم يكن لمجرد التبرير للخروج من ورطة غير محسوبة. هو فعلاً يحب الثقافة المكسيكية، وإلا ما عاد إليها في عرضه الجديد من خط «الريزورت لعام 2025». الاختلاف هذه المرة أنه اتخذ كل التدابير التي تقيه أي جدل أو هجوم. فالعرض كما تشرح الدار «رحلة من الاستكشاف تُعززها العلاقة الممتدة على مدى عقود طويلة بينها وبين المكسيك».

استلهم المصمم ألوانه من غروب الشمس في مكسيكو سيتي والطبيعة المحيطة (كارولينا هيريرا)

عُرضت التشكيلة في منتصف شهر فبراير (شباط) الماضي. اختار لها المصمم غروب الشمس توقيتاً، ومتحف أناهواكالي، مكاناً.

اختيار متحف «اناكاهوالي» مسرحاً للعرض له دلالته. فهو يحتوي على قطع أثرية تعود إلى ما قبل كولومبوس وتحيطه مناظر خلابة تشكلها النباتات المحلية مما جعله مثالياً لعرض يزخر بالتاريخ والفن والجمال. يُعلَق المصمم غوردن «إن مكسيكو سيتي لها مكانة رائدة كمركز عالمي للفنون والإبداعات المعمارية وتجارب الطهو والثقافة، فضلاً عن المهارة العالية التي يتمتع بها الحرفيون المحليون».

اختار المصمم مزيجاً من الألوان التي تتناغم مع بعضها رغم تناقضها (كارولينا هيريرا)

كان واضحاً أنه اتبع هنا مبدأ «ابعد عن الشر وغني له». اكتفى بألوان الطبيعة المستلهمة تحديداً من غروب الشمس والصخور الركانية في مكسيكو سيتي والمناطق المجاورة لها، و تعاون مع أربع فنانات مكسيكيات، ليُرسِخ احتفاءه بالمهارة الفنية والثقافة المكسيكي من دون أن يتعرَض لأي هجوم أو انتقاد.

وهكذا على طول الفناء الأمامي للمتحف الذي تم بناؤه على حجر بركاني منحوت، تهادت العارضات وهن يتألق في تصاميم تراقصت فيها الألوان الزاهية مثل الأزرق والأخضر العشبي، والعنابي، والأصفر الساطع، إلى جانب قطع بالأبيض والأسود. لم يخف المصمم ويس غوردن أنها لوحة رسمها وطرَزها بالتعاون مع فنانات مكسيكيات لهن باع وشغف في مجالات متنوعة، ساهمت كل منهن بضخها بالألوان والديناميكية الجريئة التي تتميز بها الفنون المكسيكية، وهن:

الفنانة ناهنو Nähñu

فنانات برعن في التطريز لهن يد في تشكيل مجموعة من التصاميم (كارولينا هيريرا)

وهي خبيرة تطريز تعود أصولها إلى نانت في تينانجو دي دوريا في ولاية هيدالغو. تفنّنت في ابتكار ثماني قطع قطنية مطرزة مع تدرجات لونية متباينة ظهرت في قمصان وفساتين وسراويل. وتعليقاً على هذا الموضوع، علَقت الفنانة: «تمنحني الأقمشة مساحة للتعبير عن أسلوبي الإبداعي وحالتي المزاجية في مختلف الأوقات. فعندما أشعر بالسعادة أستخدم ألواناً حيوية، بينما أعتمد الألوان الداكنة للتعبير عن شعوري بالحزن». وأضافت ابنتها بيبيانا هيرنانديز، التي ساهمت هي الأخرى في هذه الإبداعات: «نجحنا في هذا المشروع بالتعبير عن أسلوبنا المميز في عالم التطريز. فهو الذي يفسح لنا المجال لإبراز مواهبنا والتعبير عن مشاعرنا المختلفة في الوقت ذاته».

فيرجينيا فيرونيكا آرسي آرسي

من الطبيعة والثقافة المحلية استلهمت الفنانات المتعاونات تطريزاتهن (كارولينا هيريرا)

هي أيضاً فنانة متخصصة في التطريز. أبدعت للدار تطريزات مستوحاة من جمال الطبيعة المحيطة بمدينتها، سان إيسيدرو بوين سوسيسو، بولاية تلاكسالا، التي تشتهر بامتداد منحدرات جبلها البركاني المعروف باسم لا مالينشي.

اكتسبت فيرجينا مهارة التطريز من والدها وهي في سن الـ15، وتعهدت منذ ذلك الحين أن تحافظ على هذه الحرفة وتعمل على تطويرها كلغة فنية لما تُشكله من جزء هام من هوية المجتمع. وتبرز أعمالها في ثلاثة فساتين من الدانتيل المطرز.

جاكلين إسبانا

خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض كان حاضراً في هذه التشكيلة (كارولينا هيريرا)

مساهمتها تجلّت في تخصصها في خزف تالافيرا المُتميز باللونين الأزرق والأبيض، والذي يشكل جزءاً رئيسياً من النسيج الثقافي في سان بابلو ديل مونتي بولاية تلاكسالا.

عشقت جاكلين هذا النوع من الخزف منذ طفولتها، فعملت على استكشاف مزاياه الإبداعية بعد إنهاء دراستها في مجال الهندسة الكيميائية. وقالت في هذا الصدد أن خزف تالافيرا «يشكل في منطقتنا إرثاً عريقاً نحرص باستمرار على الحفاظ عليه واستخدامه كزينة في المناسبات الخاصة فقط. ولذا، وقع عليه اختياري لاستخدامه في أعمالي الفنية عموماً، وفي هذه التشكيلة خصوصاً».

استلهمت الفنانة من الخزف ألوانه ومن الطبيعة المكسيكية أشكالها (كارولينا هيريرا)

كان دورها أن تبتكر تفاصيل ومجوهرات من الخزف المرسوم يدوياً لتزين بها قطع أزياء وأقراط، كما تشرح: «بصفتي متخصصة بخزف تالافيرا، ألتزم بالحفاظ على إرث هذا الخزف المتوارث عبر الأجيال، والاحتفاء بجوهره والعمل على تطويره من خلال وضعه في أروع الإبداعات».

ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»

تعاونت الدار مع ورشات مكسيكية لإبداع إكسسوارات لافتة بألوانها (كارولينا هيريرا)

تعاونت الدار أيضاً مع ورشة «آراشيلي نيبرا ماتاداماس»، التي تتخذ من أواكساكا دي خواريز بمدينة أواكساكا مقراً لها. وتعتبر مركز الأعمال الحرفية في المكسيك، إذ تتعاون الورشة مع أبرز الفنانين لإعادة ابتكار بعض القطع التقليدية برؤية عصرية. لهذا المشروع عملت الورشة مع حدادين متخصصين في النحاس ومطرزين ورسامين لتزيين الخيكارا، وهي أوعية تقليدية مصممة من قشور القرع المجففة، تُستخدم فيها الألوان وفن التطريز وأنماط المقرمة وغيرها من المواد.

تقول مؤسسة الورشة نيبرا: «أستمد إلهامي من الطبيعة من حولي، بما تحمله من نباتات وأزهار حسب المواسم التي تظهر فيها، إضافة إلى ألوان غروب الشمس». لهذه التشكيلة، نجحت نيبرا وفريقها في ابتكار مجموعة من المجوهرات الملونة يدوياً تشبه أعمالها فن الخيكارا.

لمسات كارولينا هيريرا

حافظت التشكيلة على أسلوبها الراقص على نغمات من الفلامينكو (كارولينا هيريرا)

لم تكتف «كارولينا هيريرا» بهذه التعاونات. عرضت أيضاً مجموعة مصغرة من ألبسة الجينز بالتعاون مع شركة «فرايم دينم»، إلا أن مصممها وبالرغم من شغفه بالثقافة المكسيكية، لم يتجاهل جينات الدار الأساسية، التي ظهرت في أزياء المساء والسهرة. فهذه حافظت على أسلوبها المعروف بأناقتها الكلاسيكية الراقصة على نغمات من الفلامنكو، إضافة إلى تلك الفخامة التي تعتمد فيها دائماً على الأقمشة المترفة والأحجام السخية، والورود المتفتحة.