أحكام حادثة خلدة تجدد النقاش حول المحكمة العسكرية في لبنان

نائب في «الاشتراكي»: آن الأوان لوقف العمل بالمحاكم الاستثنائية

شبان يقطعون طريق خلدة احتجاجاً على أحكام عسكرية (الوكالة المركزية)
شبان يقطعون طريق خلدة احتجاجاً على أحكام عسكرية (الوكالة المركزية)
TT

أحكام حادثة خلدة تجدد النقاش حول المحكمة العسكرية في لبنان

شبان يقطعون طريق خلدة احتجاجاً على أحكام عسكرية (الوكالة المركزية)
شبان يقطعون طريق خلدة احتجاجاً على أحكام عسكرية (الوكالة المركزية)

جددت الأحكام القضائية بحق أبناء عرب خلدة الواقعة في جنوب بيروت، النقاش حول المحكمة العسكرية في لبنان، حيث وجهت اتهامات للمحكمة بالانحياز كونها لم تجرم أياً من مناصري «حزب الله» المتورطين في الإشكال. وتعزز هذا الأمر ميدانياً، بعد إقفال شبان من عرب خلدة أوتوستراد بيروت - الجنوب احتجاجاً.
وأصدرت المحكمة العسكرية الأربعاء، أحكاماً بحق المتهمين بأحداث خلدة التي وقعت بين عرب المنطقة ومناصرين لـ«حزب الله» في عام 2021. وكان أبناء العشائر نفذوا في أغسطس (آب) 2021 جريمة ثأرية بحق متهم بقتل أحد أبنائهم في عام 2020. وعندما ذهب موكب تشييعه إلى المنطقة في اليوم التالي، اعتبر العشائر أن هناك استفزازاً لهم من قبل مسلحين من الحزب شاركوا في التشييع، فأطلق أبناء العشائر النار على موكب التشييع ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص من مناصري الحزب.
وألقى الجيش اللبناني القبض آنذاك على المتورطين بإطلاق النار، وبدأت إجراءات محاكماتهم في المحكمة العسكرية بالتوازي مع جهود مصالحة قام بها «الحزب التقدمي الاشتراكي» ورئيسه وليد جنبلاط، وبوساطة مخابرات الجيش اللبناني، لكنها لم تحقق أي نتيجة قبل صدور الأحكام القضائية. ورأى سياسيون لبنانيون أن الأحكام جاءت متحيزة لصالح «حزب الله»؛ كونها لم تدن أياً من عناصره المسلحين والمشاركين في الاشتباكات، بينما جاءت الإدانات من طرف واحد.
وسادت حالة من التوتر في منطقة خلدة، مساء أول من أمس (الأربعاء)، إثر قطع عدد من المحتجين العرب الأوتوستراد بالاتجاهين، وتوترت الأجواء بعد قطع الطريق، كما سُجل إطلاق نار في الهواء.
وتطورت الاعتراضات إلى المستوى السياسي، حيث عبر نواب لبنانيون، ومن ضمنهم أعضاء في كتلة «اللقاء الديمقراطي»، عن استغرابهم للأحكام. وقال عضو «اللقاء الديمقراطي»، النائب فيصل الصايغ، عبر حسابه على «تويتر»: «ما يدعو للاستغراب الشديد هو صدور أحكام قاسية جداً في حق شباب العرب حصراً، رغم وجود فريقين في الإشكال، ‏ورغم المساعي الصادقة للتسوية من قبل أهلنا العرب وممثلين عن دار الفتوى وقوى سياسية فاعلة».
ورأى النائب مارك ضو أن «هذه الأحكام ظالمة، وهي قمع منهجي لفئة ظن (حزب الله) أنهم مواطنون لبنانيون مستباحة حقوقهم، ومادة ليستقوي عليهم وعبرهم على اللبنانيين كافة والعدالة في الدولة. ومن المؤسف أن المحكمة العسكرية كانت مطية لتلك الأحكام المجحفة، رغم الدور الإيجابي الذي لعبته قيادة الجيش لإيجاد حلول تسمح بتحقيق العدالة الحقة، لكن يبدو أن الضغط الأمني السياسي من قبل (حزب الله) كان أقوى من تمسك المحكمة العسكرية بالعدالة والقانون».
وقال في بيان: «تبين خلال المحاكمات لدى المحكمة العسكرية معطيات الملف، ولو افترضنا أن هذه الأحكام هي محض قضائية، واستندت إلى القانون وحده، فهي يقيناً أحكام غير عادلة ومجافية للعدالة وتجاوزت ما يحكم به القانون بناء على الأدلة والحيثيات الموجودة في الملف، وبما بينته مجريات المحاكمة لدى المحكمة العسكرية».
وتجدد النقاش حول ملف المحكمة العسكرية، حيث قال عضو «تكتل الجمهورية القوية»، النائب غياث يزبك: «بعد أحكامِها بحق أهالي عرب خلدة أثبتت المحكمة العسكرية مرة جديدة بأنها محكمة - قناعٌ لـ(حزب الله)، تُصدِر أحكامَها باسمه وليس باسم الشعب. اقتراح القانون الذي قدمَه تكتل القوات لحصرِ مهامها بالعسكريين يجب أن يرى النور وإلا ظلَّ نورُ العدالة محجوباً».
بدوره، قال عضو «اللقاء الديمقراطي»، النائب بلال عبد الله، في «تويتر»: «ليست المرة الأولى التي تخطئ فيها المحكمة العسكرية في تعاطيها مع بعض الملفات الحساسة، وليس فقط ملف خلدة، وهي معروفة ولا ضرورة للتذكير بها. وقد آن الأوان لوقف العمل بالمحاكم الاستثنائية وحصر الملفات المولجة بها، وقد بدأنا في لجنة الإدارة والعدل درس اقتراحنا حول المحكمة العسكرية».
ويفيد قانون أصول المحاكمات الجزائية بأن المحاكم العادية لها صلاحية النظر في الدعاوى الجزائية جميعها، ما لم يوجد نص خاص يمنع عنها صلاحية النظر في قضايا معينة لدخولها في اختصاص محاكم استثنائية أو خاصة، كالمحكمة العسكرية أو المجلس العدلي. وغالباً ما تنشأ المحاكم الاستثنائية لمعالجة ظروف استثنائية تقتضي اتخاذ إجراءات سريعة ومؤقتة، ومن ثم العودة إلى الأصل.
وليست المرة الأولى التي ترتفع فيها المطالب بإلغاء المحاكم العسكرية وسائر المحاكم الاستثنائية، ويقول قانونيون إن أحكام المحكمة العسكرية غير معللة؛ ففي عام 2019، تصاعدت المطالب بإغلاق تلك المحاكم، بالنظر إلى أن «القضايا التي تسند إلى هذه المحاكم يُفترض أن تكون من صلاحية قضاء متخصص وليس قضاء خاصاً».
وكان وزير العدل الأسبق النائب أشرف ريفي أبرز المطالبين بإلغاء المحاكم الاستثنائية، وتقدم بهذا الطلب منذ عام 2019، استجابةً لمطالب الأمم المتحدة المتكررة، الداعية إلى تعديل قانون المحكمة العسكرية، التي لم يعد لها مثيل في العالم، وهي أُعطيت صلاحيات واسعة؛ حيث تتشكل من 4 ضباط وقاضٍ واحد، في حين أن المدنيين يجب أن يُحاكموا أمام هيئة قضائية.


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
TT

​تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت

تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)
تصاعد الدخان جراء غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (رويترز)

تجددت الغارة الإسرائيلية، (الأحد)، على ضاحية بيروت الجنوبية، عقب إنذارات وجهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء موقعين.

ووجَّه المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إنذار إخلاء مرفقاً بخرائط إلى سكان منطقتي الحدث وبرج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت.

وقال: «أنتم توجدون بالقرب من منشآت ومصالح تابعة لـ(حزب الله)»، محذّراً من ضربات وشيكة على منطقة الغبيري.

وارتفعت وتيرة الغارات الإسرائيلية على مناطق عدة في لبنان منذ إنهاء المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، زيارته إلى بيروت، الأربعاء الماضي، في إطار وساطة يتولاها للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل.

وبعد تبادل القصف مع «حزب الله» مدة عام تقريباً، بدأت إسرائيل منذ 23 سبتمبر (أيلول)، حملة جوية واسعة تستهدف خصوصاً معاقل الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب البلاد وشرقها. وأعلنت منذ نهاية الشهر نفسه بدء عمليات توغل بري في جنوب لبنان. وأحصى لبنان مقتل 3583 شخصاً على الأقل بنيران إسرائيلية منذ بدء «حزب الله» وإسرائيل تبادل القصف.