تكثيف الاتصالات العربية والدولية لوقف حرب السودان

تأكيد سعودي ـ فرنسي على وقف العنف

لا تزال العاصمة السودانية تعاني من القتال المتواصل في وسط المدينة (أ.ف.ب)
لا تزال العاصمة السودانية تعاني من القتال المتواصل في وسط المدينة (أ.ف.ب)
TT

تكثيف الاتصالات العربية والدولية لوقف حرب السودان

لا تزال العاصمة السودانية تعاني من القتال المتواصل في وسط المدينة (أ.ف.ب)
لا تزال العاصمة السودانية تعاني من القتال المتواصل في وسط المدينة (أ.ف.ب)

أكدت السعودية وفرنسا على أهمية وقف التصعيد العسكري بين الأطراف المتنازعة في السودان، وإنهاء العنف وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضها، بما يضمن أمن واستقرار ورفاه السودان. جاءت تلك التأكيدات في اتصال هاتفي تلقاه الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي من كاثرين كولونا وزيرة الخارجية الفرنسية، ناقش خلاله الجانبان مجريات الأحداث في السودان.
من جانبها، جددت مصر تأكيدها على أهمية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السودان في أقرب وقت. وقال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، في اتصال هاتفي مع نظيره البريطاني جيمس كليفرلي، إنه «يتوجب على الطرفين المتنازعين الاستماع لصوت العقل وحقن دماء الشعب السوداني». واتفق الجانبان على استمرار التنسيق والتشاور خلال الفترة المقبلة لمتابعة جهود احتواء الأزمة.
ولبحث تطورات الأوضاع في السودان، أجرى وزير الخارجية المصري، يوم الأربعاء، اتصالات مع نظرائه في بريطانيا وتشاد وسلطنة عمان، في إطار تحركات واتصالات مصرية، تستهدف تقييم الوضع الراهن. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، أن وزير الخارجية البريطاني، جميس كليفرلي، أعرب خلال محادثة هاتفية عن «قلق بلاده البالغ من تطورات الأحداث، في ظل ما تشير إليه المؤشرات كافة من تدهور كبير للأوضاع الأمنية، طالباً التعرف على تقييم نظيره المصري لمجريات الأزمة». وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية أن «شكري استعرض محصلة الاتصالات والتقييم المصري للوضع الراهن في السودان بشكل مفصل»، منوهاً بـ«أهمية التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في أقرب وقت». كما شدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التحدث مع الطرفين المتنازعين للاستماع لصوت العقل وحقن دماء الشعب السوداني الشقيق».
- النزاع شأن داخلي
وجدد وزير الخارجية المصري التأكيد على «ضرورة التعامل مع النزاع القائم باعتباره شأناً داخلياً، وامتناع أي طرف خارجي عن التدخل بشكل يؤجج الصراع، بالإضافة إلى أهمية تكامل جهود ومساعي الأطراف الدولية والإقليمية لاحتواء الأزمة»، بحسب إفادة رسمية. كما بحث وزير الخارجية المصري، مع نظيره التشادي محمد صالح النضيف، تطورات الوضع في السودان. وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أن «المباحثات الهاتفية بين شكري والنضيف شهدت تبادل وجهات النظر حول تطورات الأزمة». وأشار إلى اتفاق الجانبين على «ضرورة العمل من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار على وجه السرعة، ما يضع حداً للخسائر في الأرواح والممتلكات، ويحقن دماء الشعب السوداني الشقيق».
وفي اتصال آخر، مع وزير خارجية سلطنة عمان، بدر بن حمد بن حمود البوسعيدي، «حرص وزير الخارجية المصري على استعراض الجهود التي تقوم بها مصر لاحتواء الأزمة، والاتصالات التي تقوم بها مع الأطراف الفاعلة إقليمياً ودولياً، وعلى الساحتين العربية والأفريقية من أجل ضمان وحدة الرسالة التي يتم توجيهها للأطراف». وأكد، بحسب إفادة رسمية، على «خطورة استمرار المواجهات الحالية التي تصيب جميع أبناء الشعب السوداني بأضرار بالغة». واتفق الجانبان على ضرورة دفع الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في السودان، بما يحفظ أرواح وممتلكات الشعب السوداني الشقيق، بحسب المتحدث الرسمي للخارجية المصرية، الذي أشار إلى أن «المباحثات الهاتفية تناولت ضرورة العمل على تنفيذ نتائج وتوصيات الاجتماع الطارئ الأخير لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين».
من جهة أخرى، دعت تركيا طرفي النزاع في السودان إلى الهدوء لتجنب إراقة مزيد من الدماء، وإلى الحوار والمصالحة لإيجاد حل دائم لمشكلات البلاد. وأكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان استعداد بلاده لتوفير كل وسائل الدعم للمساهمة في استقرار وسلام السودان، قائلاً: «نتابع بقلق تطورات الأوضاع في السودان وتباحثت مع شقيقي رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس جامعة الدول العربية، وسأجري مباحثات مع الجانبين في الخرطوم (قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو، الذي يقود قوات الدعم السريع)».
- إردوغان وتبون
وحثّ إردوغان، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التركي (تي آر تي) الشعب السوداني على الاستمرار في بناء مستقبل البلاد معاً من خلال تنحية الخلافات. وبحث إردوغان ونظيره الجزائري عبد المجيد تبون، في اتصال هاتفي الثلاثاء، تطورات الوضع في السودان، إضافة إلى العلاقات بين بلديهما. وبحسب بيان للرئاسة الجزائرية، نقلته وكالة الأناضول التركية، «بحث الرئيسان تطورات الوضع الأمني الخطير والمؤسف بالسودان وسبل إيجاد حل لاحتواء الوضع سياسياً ووقف الاقتتال». وشدد الجانبان في هذا الشأن على «أهمية الحوار وإعلاء المصلحة العليا».
واقترح تبون، الثلاثاء، تحركاً رباعياً من الجامعة العربية والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية لشرق أفريقيا (إيغاد)، لوقف القتال بالسودان، وذلك في رسائل بعث بها إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي رئيس جزر القمر، عثمان غزالي، والأمين التنفيذي لـ«إيغاد»، ورقته جبيهو.
وبحسب الرئاسة الجزائرية، تضمنت الرسائل دعوة إلى «التفكير في مسعى مشترك وموحد بين المنظمات الأربع من أجل مساندة السودان، لتجاوز الأزمة الراهنة».
ودعت وزارة الخارجية التركية، في بيان، الثلاثاء، طرفي النزاع في السودان إلى الهدوء لتجنب إراقة مزيد من دماء الإخوة، وإلى الحوار والمصالحة لإيجاد حل دائم للمشكلات.
وقالت الوزارة: «نتابع بقلق الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في جمهورية السودان، الدائرة منذ 15 أبريل (نيسان) الحالي. في هذه الأيام مع اقتراب عيد الفطر المبارك، ندعو الطرفين إلى الهدوء حتى لا تسفك دماء الإخوة أكثر، ولا يتضرر المدنيون... نؤمن أن السبيل الوحيد لحل المشكلات القائمة بشكل دائم يمر عبر الحوار والمصالحة».
وشدد البيان على أهمية الإعلان بشكل عاجل عن وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية والامتثال لوقف إطلاق النار من أجل مدّ يد العون إلى المدنيين المتضررين من الاشتباكات، وعلى استعداد تركيا لتقديم جميع أنواع الدعم.
وأكدت الخارجية التركية أنها تتابع عن كثب أوضاع المواطنين الأتراك في السودان، مشيرة إلى أن «الظروف الأمنية الراهنة في البلاد غير مناسبة للسفر، ومن الأهمية أن يواصل مواطنونا البقاء في الأماكن المغلقة خلال هذه المرحلة». لافتة إلى أنه في حال وجود ظروف أمنية ولوجستية مناسبة، سيتم توفير التوجيه اللازم للمواطنين الأتراك الذين يرغبون في مغادرة السودان.


مقالات ذات صلة

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

شمال افريقيا «أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

«أمانة» السعودية تجلي 1765 شخصاً لـ32 دولة من السودان

نقلت سفينة «أمانة» السعودية، اليوم (الخميس)، نحو 1765 شخصاً ينتمون لـ32 دولة، إلى جدة، ضمن عمليات الإجلاء التي تقوم بها المملكة لمواطنيها ورعايا الدول الشقيقة والصديقة من السودان، إنفاذاً لتوجيهات القيادة. ووصل على متن السفينة، مساء اليوم، مواطن سعودي و1765 شخصاً من رعايا «مصر، والعراق، وتونس، وسوريا، والأردن، واليمن، وإريتريا، والصومال، وأفغانستان، وباكستان، وأفغانستان، وجزر القمر، ونيجيريا، وبنغلاديش، وسيريلانكا، والفلبين، وأذربيجان، وماليزيا، وكينيا، وتنزانيا، والولايات المتحدة، وتشيك، والبرازيل، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وهولندا، والسويد، وكندا، والكاميرون، وسويسرا، والدنمارك، وألمانيا». و

«الشرق الأوسط» (جدة)
شمال افريقيا مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

مصريون يسهمون في إغاثة النازحين عند المعابر الحدودية

بعد 3 أيام عصيبة قضتها المسنة السودانية زينب عمر، بمعبر «أشكيت» من دون مياه نظيفة أو وجبات مُشبعة، فوجئت لدى وصولها إلى معبر «قسطل» المصري بوجود متطوعين مصريين يقدمون مياهاً وعصائر ووجبات جافة مكونة من «علب فول وتونة وحلاوة وجبن بجانب أكياس الشيبسي»، قبل الدخول إلى المكاتب المصرية وإنهاء إجراءات الدخول المكونة من عدة مراحل؛ من بينها «التفتيش، والجمارك، والجوازات، والحجر الصحي، والكشف الطبي»، والتي تستغرق عادة نحو 3 ساعات. ويسعى المتطوعون المصريون لتخفيف مُعاناة النازحين من السودان، وخصوصاً أبناء الخرطوم الفارين من الحرب والسيدات والأطفال والمسنات، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات أهلية مصرية، على غر

شمال افريقيا الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

الأمم المتحدة تطلب 445 مليون دولار لمساعدة الفارين من السودان

أعلنت الأمم المتحدة، الخميس، أنها تحتاج إلى 445 مليون دولار لمساعدة 860 ألف شخص توقعت أن يفروا بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل من القتال الدامي في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع. وأطلقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين هذا النداء لجمع الأموال من الدول المانحة، مضيفة أن مصر وجنوب السودان سيسجّلان أكبر عدد من الوافدين. وستتطلب الاستجابة للأزمة السودانية 445 مليون دولار حتى أكتوبر؛ لمواجهة ارتفاع عدد الفارين من السودان، بحسب المفوضية. وحتى قبل هذه الأزمة، كانت معظم العمليات الإنسانية في البلدان المجاورة للسودان، التي تستضيف حالياً الأشخاص الفارين من البلاد، تعاني نقصاً في التمو

«الشرق الأوسط» (جنيف)
شمال افريقيا الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

الصراع في الخرطوم يوجّه ضربة جديدة للاقتصاد

وجّه الصراع المحتدم الذي يعصف بالسودان ضربة قاصمة للمركز الرئيسي لاقتصاد البلاد في العاصمة الخرطوم. كما عطّل طرق التجارة الداخلية، مما يهدد الواردات ويتسبب في أزمة سيولة. وفي أنحاء مساحات مترامية من العاصمة، تعرضت مصانع كبرى ومصارف ومتاجر وأسواق للنهب أو التخريب أو لحقت بها أضرار بالغة وتعطلت إمدادات الكهرباء والمياه، وتحدث سكان عن ارتفاع حاد في الأسعار ونقص في السلع الأساسية. حتى قبل اندلاع القتال بين طرفي الصراع في 15 أبريل، عانى الاقتصاد السوداني من ركود عميق بسبب أزمة تعود للسنوات الأخيرة من حكم الرئيس السابق عمر البشير واضطرابات تلت الإطاحة به في عام 2019.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
شمال افريقيا فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

فيصل بن فرحان وغوتيريش يبحثان وقف التصعيد في السودان

بحث الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، اليوم (الخميس)، الجهود المبذولة لوقف التصعيد العسكري بين الأطراف في السودان، وتوفير الحماية اللازمة للمدنيين السودانيين والمقيمين على أرضه. وأكد الأمير فيصل بن فرحان، خلال اتصال هاتفي أجراه بغوتيريش، على استمرار السعودية في مساعيها الحميدة بالعمل على إجلاء رعايا الدول التي تقدمت بطلب مساعدة بشأن ذلك. واستعرض الجانبان أوجه التعاون بين السعودية والأمم المتحدة، كما ناقشا آخر المستجدات والتطورات الدولية، والجهود الحثيثة لتعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)
جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)
TT

ليبيون يتخوفون من احتمال انهيار «اتفاق وقف النار» بين الحكومتين المتنازعتين

جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)
جل الليبيين عبّروا عن مخاوفهم من عودة الاقتتال إلى البلد (أ.ف.ب)

بات جل الليبيين، خلال الأيام القليلة الماضية، يعبّرون عن قلقهم وتخوفاتهم من احتمال عودة الاقتتال بين السلطتين المتنازعتين على السلطة في شرق البلاد وغربها، مما ينذر بانهيار «اتفاق وقف إطلاق النار»، الذي أُبرم بينهما منذ أكثر من 4 سنوات.

جانب من اجتماع سابق لـ«اللجنة العسكرية» الليبية (البعثة الأممية)

وتعود أسباب هذه التخوفات لعوامل عديدة، فإلى جانب استمرار حالة الجمود السياسي، وتنازع الحكومتين على السلطة، فوجئ الجميع بإعلان «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، اقتحام أحد المعسكرات في جنوب غربي البلاد، والسيطرة عليه من شخصية عسكرية موالية لحكومة «الوحدة» المؤقتة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ولم تمر سوى أيام قليلة على ذلك، حتى أعلنت حكومة الدبيبة شنّ عملية عسكرية بمدينة الزاوية (غرب)، تردد أن أهدافها لا تنحصر فقط على ضرب أوكار مهربي البشر والوقود، بل تمتد لـ«تصفية حسابات» مع مجموعات موالية لسلطات شرق ليبيا بتلك المدينة، خصوصاً شقيق وأقارب عصام أبو زريبة، وزير الداخلية بالحكومة المكلفة من البرلمان.

عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة» الوطنية (الوحدة)

إلا أن سياسيين وخبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» استبعدوا إقدام أي من القوى المسلحة في ليبيا على خطوة، يمكن أن تشكل خرقاً جدياً لاتفاق وقف إطلاق النار، الموقع في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 برعاية الأمم المتحدة، وأرجعوا ذلك لتوافق القوى الإقليمية والدولية، التي تتشارك مصالحها في هذا البلد الثري بالنفط، في الحفاظ على الاستقرار الراهن وتدعيمه، فضلاً عن رفض الليبيين أنفسهم إحياء شبح الحرب، التي أنهكتهم ويلاتها على مدار العقد الماضي.

في هذا السياق، يعتبر عضو مجلس النواب، طلال ميهوب، أن التحركات الراهنة لحكومة الدبيبة، وتحديداً عملية الزاوية «ليست أكثر من خطوة استباقية لعرقلة تنفيذ مبادرة المبعوثة الأممية لليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري، التي تستهدف إنهاء الجمود السياسي، وتشكيل حكومة موحدة بالبلاد».

أسامة حماد رئيس حكومة «الاستقرار» الموازية (الاستقرار)

وقال ميهوب لـ«الشرق الأوسط» إن الدبيبة وحكومته «يحاولان الإيحاء بأن هناك صراعاً على الأرض، وخرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، لكن الواقع أنه لا يوجد شيء».

وكان آمر منطقة الساحل الغربي العسكرية، التابعة لحكومة «الوحدة الوطنية»، الفريق صلاح النمروش، قد نفى «وجود أي أهداف سياسية خفية بعملية الزاوية».

وتتنازع على السلطة في ليبيا حكومتان: الأولى «الوحدة» التي تتخذ من العاصمة طرابلس (غرب) مقراً لها، والثانية مكلفة من البرلمان، ويترأسها أسامة حماد، وتحظى بدعم قائد «الجيش الوطني»، الذي تتمركز قواته في الشرق وبعض مناطق الجنوب.

ووفقاً لتقديرات بعض الخبراء العسكريين، فإن تحركات الجانبين يعد محدود الأثر، وغير مؤثر على صمود اتفاق وقف إطلاق، الذي يحظى منذ توقيعه بدعم أممي ودولي واسع.

المشير خليفة حفتر خلال لقاء قيادات عسكرية في بنغازي (الجيش الوطني)

من جهته، أرجع مدير «المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، العميد خالد عكاشة، التجاذبات أو التوترات العسكرية، التي تحدث بالساحة الليبية بين حين وآخر إلى «استمرار وضعية الانقسام، وعدم حسم ملف الأزمة السياسية»، مقللاً من تأثير تلك التجاذبات على صمود اتفاق وقف إطلاق النار.

ورغم إقراره بأن التغيير في سوريا قد يدفع مجموعات مسلحة بالغرب الليبي للجوء لسيناريو الحسم العسكري، عبر شنّ هجوم على قوات «الجيش الوطني»، فإن عكاشة أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن توازن القوى القائم بين شرق البلاد وغربها «لا يدعم تنفيذ مثل هذا السيناريو»، مبرزاً أن المسرح الجغرافي الليبي «مختلف تماماً عن نظيره السوري، فضلاً عن أنه إلى جانب ما يتمتع به الجيش الوطني من ثقل عسكري، فهو يحظى أيضاً بدعم شعبي وسياسي واسع في البلاد. كما أن غالبية الليبيين باتوا يرفضون بشدة فكرة الاحتكام للسلاح لرسم مستقبل دولتهم».

ووفقاً لعكاشة فإن تركيا، رغم تواصلها مع بعض المجموعات المسلحة بغرب ليبيا، لن تدعم هذا السيناريو؛ وستكون أقرب لاحترام توافقاتها مع مصر في الملف الليبي، واحترام التزاماتها أمام المجتمع الدولي بدعم العملية السياسية، وصولاً إلى مرحلة الانتخابات»، لافتاً إلى أن عواصم غربية كبرى متدخلة بالساحة الليبية، وفي مقدمتها واشنطن ولندن وباريس، «ترصد من كثب كل ما يحدث في ليبيا؛ ومن المستبعد أن ترحب بأي محاولة من قبل أنقرة لتغيير المشهد وتوازناته الراهنة».

وانتهى عكاشة إلى أن الحديث عن الاستحقاق الانتخابي في ليبيا «أقرب بكثير جداً من الحديث عن تحرك أو تصعيد عسكري».

المحلل السياسي التركي، مهند حافظ أوغلو، لم يبتعد عن الآراء السابقة في الإشارة إلى تحركات القوى العسكرية الليبية شرقاً وغرباً، ورأى أنها «خطوات لإثبات وجود كل واحدة منها بمنطقة نفوذها». واستبعد أوغلو، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تسمح واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون بأن يتم اختراق اتفاق وقف إطلاق النار، بالتزامن مع كل طرح، وما تردد أخيراً عن نقل الروس ثقلهم العسكري من سوريا إلى الأراضي الليبية».

ويرى أوغلو أن «الاحتكام للسلاح في ليبيا أمر تجاوزه الزمن، خصوصاً مع وجود احتمالية كبيرة بأن التفاهمات الجديدة حول الملف السياسي، التي سيتم إشراك القوى الليبية وأنقرة والقاهرة بها، قد لا تتضمن ذات الأسماء المتصدرة للمشهد الراهن السياسي والعسكري».

إلا أن المحلل السياسي الليبي، محمد محفوظ، يرى أن «التغييرات التي حلت بسوريا، ليست وحدها التي أسهمت في إطلاق العديد من السيناريوهات بشأن احتمال ذهاب ليبيا لتصعيد عسكري؛ وإنما تعنت أفرقاء الأزمة، واستمرارهم في وضع العراقيل أمام الحلول السياسية».

ويعتقد محفوظ، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «المخاوف التي تُروج دون أدلة، قد تكون الخطر الحقيقي الذي يواجه هذا الاتفاق؛ خصوصاً أنه لم يتضمن آليات لمعاقبة من يخترقه، ولذا دأب أغلب المراقبين على وصفه بالهش طيلة السنوات الأربع الماضية».